الرئيسية » » ماجد عدّام | وجه الفردوس الشخصي

ماجد عدّام | وجه الفردوس الشخصي

Written By كتاب الشعر on الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014 | أكتوبر 28, 2014

ماجد عدام

 

 

وجهُ فاطمة الحليب في أفريقيا.

في السابع منهُ، 

لمعات فضّة خلل شقوق غيمٍ 

وأذرع أشجارِ السيد موسى

اعوادهِ الفارعة وأوراقه، محبوس خلفها

بئر ضوء تعمُّ فراغ الأبد.  

من نافذة مركبة نائمة، أتبصّرُ

كأن مشهودا، بثوبِ قصيدةِ سعدي، يتبرّق

..

وجهكِ ليل ذو قمرين، مع زنابق وزهرة النيل، يلهو، واحياء ماء السكون، ورد على فستان. وجه جاموسة في بركة فردوس، من الطبقة الاولى. يُظهّر حدّ براءة ثابتة.

فوق عنق الخليقة الغاطس في سحيق متوارث، قصة رسمتك ومرحلة التصوير.

..

حَجرة الشمس، لا تصلكِ زيوف سطوح ومباهج ضالة. فيض حبّ ربوبي ابتليتُ بهِ. ابتليتِ بيّ.

..

نزهة حبّ بصباح بارد. في الظهيرة اطبخ عصيدة لحم الضان. في المساء اقرأ من كتاب الحكيم الصيني والشاعر الفارسي للقمر في أول الشهر.

..

تأتين، أبكي خلف باب حجرة مزنّرة، أرى وجوه أهلي في الظلمة، دفئهم يبرّد أنفاسي وعيني والمعدة. 

..

تسيرين، خطواتك على الشارع، تنبت بها عيون ثلج، في الليل اتبعها الى بيتك، وزعت نفسي تحت عيون الثلج، لو أزهر في الصباح تحت ظلالك، ورود حمراء وانتِ تمرين ثانية، ورود تحبينها وتسحقينها، وَ تشعرين آسفا باردا في عينك، قلبكِ ساخن، أسمعهُ فوقي يدقّ بهدوءٍ، ينزل إلى حوضك، بين سيقانك هومة موقد داكنة، ما يتبعنا ويتعبنا إلى نهاية عمرنا، نأخذه معنا إلى القبر.

..

كأنني أراكِ، صوتك بين الناس، في الاسواق، في طيف المصابيح. أكتبُ فيكِ، أحبُّ تذكركِ يا صديقة روح، وأيام دراسة، أيام جفاء، أيام حكمة، أيام ضعف مع أبناء والعمر مضى. الآن، أنتِ قريبة، أراكِ. أقبّل الهواء وقطرات مطر نازلة على عيني، فيها طيفك وصوتك ورائحة نفسكِ الخزامى

..

كأنني لم أكتب، يوما، موضوعا عن الحب، صرتِ أنتِ اليوم، وأنا موضوع في يومكِ، وغدي فكركِ. أَمْ، أردتِ موضوعا أنا فيه غير موضوع، بفكركِ، أقل من شيء، أكون في فكرك، أيكفي، أقل من موضوعكِ الفكري

..

خلقت لآخرة، تلتقي بي، أثواب آلهة على دروب آمنة، ريحان وزعفران، مما شممته من طيفك في الدنيا، وَ مما أتاني به حلم عام بعد عام استقر بيّ ونما.

..

دقائق تمضي في قلبي، يوقفنهُ هُنَيَّهْ ويمرنَّ، دقائق أنتِ فيها، وجهكِ شمس في تنور..

نمضي بلا قيد، ولا شك، أنا وأنتِ، والشمس والتنور.

الى أين ترى سنمضي.. أنتِ والآه والشمس والتنور.

..

حبيبتي.. قلبي مليء بكِ وموجوع، أسئلة تأكل به وتجوع

الليلة قلبي معبر آهات، آهة بعد آهة، مصيرها مفزع، برأسي المأخوذ بكِ.

أذهب للنوم، نعم أنام، أنا منْ يمرّن النوم على الصحو.

..

هوائم، معهن زمن فيه علاجنا. لا أنازعهن، لأنزع عنهنّ ذا الشيء.

ثم نغرر ببعضنا، ونغادر، وجهة لا نعرفها، دوما، كانت وجهتنا.

..

ياه، كم أنتِ بعيدة، هذِهِ الكبرياء لكِ، ما هذي الكبرياء!

..

الحب يأتي بالغيب، الغيب، دائما، هو حب آتي.

..

اشتري هاء بألف ألف، وألف ألف قطعة ورق وذهب. إنما هاء لا تأبه ولا تذكر قصة ورق ودمع ونواح شعر، وهجر. هي هادئة، لا انبهها، علّي أحظّ بابتسام الشفّة الناحلة، أرى الأسنان الناعمة، ألثم رحيق الفم السماوي الطيب.

..

ما أجمل النوم بعد فراق، ليلة مع ذكريات مَنْ نُحبّ، عوالق من صوته ورائحته وحركاته وملابسه وأعماله. كم جميل أن ننام على حُبٍّ

 

 

٢

الحلم المنفوخ في جهات الصدر والوجه والأصابع، في أول الشباب، احسّهُ اليوم، هو ذاته وأنا ذاتي في أول الشباب منفوخ بأحلام، والشمس بهامة الأفق رابضة.

في مدينة السماء الباردة. أحلام تُنفخ فيّ فارتفع عن سرير باردٍ وأغطيةٍ صوفية، ثم أقع على الأرض، أجدُني مرات بحمام النزل افتلُ بشاربيّ، الحلم يأتي احسّهُ، انسرحُ معهُ، أرى بيوض وقبرة وظهيرة حارة، مكتبة وحبيبة ومعهدا وجامعة، بيتنا وأمي وأوراق شتاء بغداد، مدفئة وسجائر سومر فاخرة. يا ربّ، المحارة تحار بنفسها، لا بثمنها، وهي تهضم الرمل، تُخرج من منتبذٍ، إلى أين..

..

أسماء دون كيانات، ظلت، بعد رحيلهم، أسماء فارغة بها أجواف لا تملأ، قحوف  بها الأصوات لا تصدى، ونيات

..

لا تجلبي حظّ أهلكِ، لا تذكريهم، بلغةٍ أمامَ أولادي الأشداء، أشد من نار جبين مسخون بعراء، أشدّ من هواء عراء في نار المسخون، أشدّ من ذكرى عارية في نار مسخون وحيد. أشدّ من نار المسخون هذه الذكرى، تسربلها الشوارع وحيدة، تلم الحصى في حضنها، وتنزل الى برّ الخلد، ترمي أفراس فضية، عليها جلاس شمع نادمين.

..

أنا أيضاً، صديقتي، فيّ عصافير ذاكرة، تطيرُ، كلما غصصتُ بفقاعة نفوس غريقة.  

.. 

لمّا ادخلوني المشفى العقلي، أعطوني دفترا وقلما بعد حقن مهدئة.. كتبت فصلا من روايتك وقطع عمودية. نسيت قصيدة النثر

 ..

هواء مثقول بملامح جلادي العراق، في غرفة فردية، وضِعتُ، بنزل قرية حدودية، لا أحدَ يصلهُ أو يوصل لهُ رسائل تعاون، لا ستلايت.

..

مجنون يجيء بعربة، رأسه ضعف جسدي، رجلاه بلا قدمين، يشكو سوء الحياة، لا استجيب له، كأنه غول بحر يحلّ شفاها عريضة على جسد سمكة رشيقة، تتدرب على الرقص.

..

حشودٌ نساء وأولاد وأصدقاء، طوابير تقف بالعرض، كلما حلمتُ بكِ  حقاً يقفون!

..

هلّا أريكِ وجه الفردوس الشخصي، شعراء نادرون جيل لجيل، يورثونه، أصواته تكتب بيد النادر الجديد، الشعر الجيد صوت النادرون الراحلون بالنادرين الجدد. إرث رؤى وطرائق عذاب.

..

عبد الوهاب يغني لي. أشربُ النبيذ متأملا عطركِ، أستمع إلى مُحَمَّدٍ رفقة عودهِ.

الشاعر يحترم المغني لمّا يكون وحده، المغني يغني للشاعر لمّا يكون وحده.

استمع للمغني وأطفأ الكأس دون رفقة، المغني يخلص لي، مادمت أسمعُه بإخلاص، وإن كان ميتا منذُ قرن. المغني يغني لمنْ يسمعه، حيا كان أم ميتا.

..

أيام السّلام، يُقزّم الموت، فلا يقطف غير ما يسقط عليه

..

يوم فكّر علماء أفاضل بموت جماعي، أقاموا لهُ، طقوس غيب وصلاة نكاح، وانضغطوا وَ امتزجوا وسيّلوا، وسالوا بين شقوق الأرض، انكشف منهم بخار في تلافيف غيمة، حبلى يشفّ من جوفها تلاوين بشرية مدموغة، وأصوات مخنوقة. بعدها، لم تُسقط مخلوقا، آلاف سنين، تمرّ وحدها، حامل شاحبة سمراء.

آب (أغسطس) 2014

 

شاعر عراقي، نيوزيلندا

majidaddam@hotmail.com

 

خاص كيكا


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads