الرئيسية » » مثل قوقعة تصغي إلى نفسها | عبد الله الناصر

مثل قوقعة تصغي إلى نفسها | عبد الله الناصر

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 25 أغسطس 2014 | أغسطس 25, 2014

مثل قوقعة تصغي إلى نفسها، قرطاكِ يشربان النداءات الأخيرة للرجال الذين أغلقتِ على أصابعهم الماء والليل.

تحدث أشياءٌ مذ عدتِ من البحر: تختنقين بالورد والريحان. وتبدأين باقتناء القطط بعدما تجاوزتِ الثلاثين.  

تحدثُ أشياءٌ بعد أن عدتِ  من البحر: تفقدين غمازةً واحدةً، ولا إلى أحدٍ تشتاقين. وكأنما الأشواق دفنتِها في نقرة الخد. 

تحدثُ أشياءٌ مذ عدتِ من البحر: تمطرُ أكثرَ من المعتاد في الصيف. تفضّلين الفضة على الذهب، وتفقدين القدرة على الحزن. 

ومثلَ قوقعةٍ تصغي إلى نفسها: تحفظين كلَّ قصص البحر، لكنكِ لا تفهمين أبداً جزعَ الذين ينتظرون على البحر. تعرفين قبلي كل أغنيات البحر، لكنكِ تجهلينَ أثرَ الملح في الحنجرة. 

تحدثُ أشياءٌ مذ عدتِ من البحر: تزدادين جمالاً، ولا تمرضين، لكنكِ تفقدين القدرة على الحب. أما عيناكِ الطيبتانِ فباتتا لعنةَ من يراك، ومذبحاً صغيراً للذين انتظروا طويلاً على البحر. 

تحدثُ أشياءٌ مذ عدتِ من البحر: صوتكِ يضيءُ في الجريدة، في التلفاز، ووسائل التواصل، لكنني لا أراه. وكأنّ صوتكِ الذي أجيدُ  قدْ دفَنَهُ نواخذة في عَرضِ البحر. 

ومثلَ قوقعةٍ تصغي إلى نفسها: تؤتَين الحكمة، وتسافرين كل ليلة، ولا يؤثرُ موت القريبين فيك. 

فجأة أصبح لكِ شعرٌ قصيرٌ وجناحانِ من فضةٍ وصمت. وكأنكِ اصطدتي في رحلتكِ البحرية أعشاب اللامبالاة والكلام المهذب الذي يطيل ساقيكِ وسالفيك، تاركةً إيّايَ أتحدثُ بإعجابٍ وأسى عن بسالتكِ في التَرك. ويا إلهي.. كيف لم أنتبه أنكِ صرتِ قدّيسةً بعدما عدتِ من البحر، وأنّ عينكِ التي لا ترفّ قد حوّلتني إلى سائحٍ يبحث عنكِ في (التحولات) ، ويجمع من أزقة أثينا تماثيلكِ الرائعة. 


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads