أنا ربة منزل تتلطخ يداي يوميا من عصير الطماطم.. لا أتأفف وأنا أعجن البيتزا دون قفازات ..أتذوق الأرز النئ قبل أن أحشو به بطون الحمائم المنتفخه..وبقلب قاس أغرز خلات الأسنان المدببه في نهاية الحمامة حتى لا ينفرط الأرز..لا أهتم بحماقات الرفق بالحيوان ولا يشغلني شعور السمكة عندما يعلق بحلقها الخطاف..أهتم أكثر بضبط مكيال الملح والتوابل في الطعام وبتنظيف الأرضيات جيدا حتى تحبو صغيرتي بأمان
..أفعل كل هذا بمها رة وسرعة لكي يتبقى وقت كاف أسجل فيه هذه السطور لتقرأها أخريات بعد موتي ويقلن أوووه كانت تجيد حشو الحمام وخبز البيتزا ..مسكينة خطفها الموت خطفا..بينما في الحقيقة الموت لم يخطفني..كنت أنتظره ﻷحكي هناك حكايات للموتى القدامى
عن امرأة لا تجيد حشو الحمام أو خبز البيتزا تحفظ أرقام الديليفري في جيب الكفن الخلفي وأقلام الكحل الملونة في طيات الكفن الأمامية..امرأة كانت تفعل كل اﻷشياء بدون حماس ..ﻷنها تدرك أن الموت سيباغتها دون أن تحمل معها أيا من أشيائها المفضلة وتتمنى فقط أن يمهلها عزرائيل دقيقة تغلق فيها الصنبور المفتوح حتى لا يغرق المنزل بالماء وتتأفف عائلتها من أفعالها الخرقاء في موتها وحياتها..وينسى الجميع واجبهم في الحزن لانشغالهم في كسح الماء وتجفيف الأ رضيات.
