صمت المرايا
فى طفولتى كانت النجوم تلمع فى السماء
فى طفولتى لم أقدر الموت حق قدره
والآن أجلس على السجادة ، وأشيائى مبعثرة حولى : الموبايل وأشرطة ومفاتيح وإيصالات وريموت كونترول وأجندات واسطوانات وحقائب صغيرة وإكلاسيرات ، دوامة من الأشياء تدور بى .
فى المقهى يجلس الرجل حاملاً بيده ثلاث ورقات من الكوتشينة
وعلى يده اليمنى وشم عريض ،
يظل يدقق النظر فى الورق باحثاً عن الحظ ،
وبجواره جلست قطة لها نظرات الثعلب
والطريق الترابية خلف المقهى تلتوى ، وتمتد حتى الأفق .
كان ضجيج الكون خلف الحائط الهش
وكل الآدميين صالحون للألم .
يناورنا المستقبل
ولا نعرف عنه سوى طشاش ،
وها أنا أنظر من النافذة ، فأرى الفتاة ، مبتعدة فى طريقها
بشعرها الكستنائى السمين
الشعر الذى يترجرج فى صورة ذيل حصـان غير عادى
فأنظر حولى ، متأملاً صمت المرايا .
الإنسان ليس عقلاً كله .
المقاهى على امتداد الشارع أخرجت كراسيها ، والزبائن يرصون حجارة الدومينو
والأحداث العارمة لا توحى إلا بالعدم .
عندما شغلت التلفاز بدأ المذيع يقرأ الأخبار
وبدأت الشاشة
تعرض صور القنابل وهى تلقى على السكان العزل ،
وبدأت الحجرة تمتلىء بالدخان ، حتى كدت أختنق .
ظللت أمشى على أطراف أصابعى ، وأنا أبلع ريقى مستنداً على حواف الموبيليا
ومن النافذة أرى فى الأفق الحصان الطائر
حاملاً المرأة العارية
نائمة فى استسلام ،
وأنا آخذ الشهيق الطويل ، وأسال نفسى :
غداً حين أموت ، هل سيبكى أحد على ؟