لك في الأرض والسماءِ مآتمْ
لك في الأرض والسماءِ مآتمْ | قام فيها أَبو الملائِكِ هاشمْ |
قعد الآلُ للعزاءِ، وقامتْ | باكياتٍ على الحُسين الفَواطم |
يا أَبا العِلْيَة ِ البَهاليلِ، سَلْ آ | باءك الزُّهرَ: هل من الموتِ عاصم؟ |
المنايا نَوازلُ الشّعَرِ الأَبـ | ـيضِ، جاراتُ كلِّ أسودَ فاحم |
ما الليالي إلا قِصارٌ، ولا الدُّنـ | ـيا سوى ما رأيتَ أحلام نائم |
انحسارُ الشفاهِ عن سنِّ جذلا | نَ وراءَ الكرى إلى سنِّ نادِم |
سنة ٌ أَفرحَتْ، وأُخرى أَساءَتْ | لم يدم في النعيم والكربِ حالم |
المَناحاتُ في مَمالِكِ أَبنا | ئكَ بدرية ُ العزاءِ قوائم |
تلك بغدادُ في الدموعِ، وعمّا | نُ وراءَ السَّوادِ، والشامُ واجم |
والحِجَازُ النبيلُ رَبْعٌ مُصَلٍّ | من رُبوعِ الهُدى ، وآخرُ صائم |
واشتركنا، فمصرُ عبرى ، ولبنا | نُ سَكُوبُ العيونِ باكي الحمائم |
قمْ تأملْ بينك في الشرق زينُ التـ | ـاجِ، مِلْءُ السَّرِيرِ، نورُالعواصم |
الزكيّون عُنْصُراً مثل إبرا | هيمَ، والطيبون مثل القاسم |
وعليهم إذا العيونُ رمتهم | عُوَذٌ من محمدٍ وتَمائم |
قد بنى الله بينهم فهو باقٍ | ما بنى الله ما له من هادِم |
دبَّروا الملكَ في العراقِ وفي الشا | مِ، فسَنّوا الهدى ، ورَدّوا المظالم |
أمنَ الناسُ في ذراهم، وطابت | عربُ الأرضِ تحتهم والأعاجم |
وبنوا دولة ً وراءَ فلسطـ | ـينَ، كعابَ الهدى ، فتاة َ العزائم |
سَاسَها بالأَناة ِ أَرْوَعُ كالدا | خل، ماضي الجنانِ يقظانُ، حازم |
قبرصٌ كانت الحديدَ، وقد تنـ | ـزل قضبانهُ الليوثُ الضراغم |
كره الدهرُ أن يقومَ لواءٌ | تُحْشَر البيدُ تحتَه والعماعِم |
قم تحدثْ أبا عليٍّ إلينا | كيف غامرتَ في جوار الأراقمُ؟ |
لم تبال النُّيوبَ في الهامِ خشناً | وتعلقتَ بالحواشي النواعمِ |
هاتِ حدثْ عن العوانِ وصفها | لا تُرَعْ في التراب، ما أَنا لائم! |
كلُّنا واردُ السَّرابِ، وكلٌّ | حمَلٌ في وَلِيمَة ِ الذئبِ طاعم |
قد رجوْنا من المغانم حَظّاً | ووَرَدْنا الوَغَى ، فكُنَّا الغنائم |
قد بَعثْتَ القضية َ اليومَ مَيْتاً | رُبّ عظمٍ أَتى الأُمورَ العظائم |
أَنتَ كالحقِّ أَلَّف الناسَ يَقظا | نَ، وزادَ ائتلافهم وهو نائم |
إنما الهمّة ُ البعيدة ُ غرسٌ | متأتي الجنى ، بطيءُ الكمائم |
ربّما غابَ عن يدٍ غَرَستْهُ | وحوته على المدى يدُ قادم |
حبَّذا موْقِفٌ غُلِبْتَ عليه | لم يقفهُ للعربِ قبلك خادم |
ذائداً عن ممالكٍ وشعوبٍ | نُقِلتْ في الأَكفِّ نقلَ الدراهم |
كلُّ ماءٍ لهم، وكلُّ سماءٍ | مَوْطِىء ُ الخيلِ، أَو مَطارُ القَشاعم |
لِمَ لَمْ تَدْعُهم إلى الهمّة ِ الشَّـ | ـماءِ والعلمِ والطِّماحِ المُزاحم؟ |
وركوبِ اللجاجِ وهي طواغٍ | والسمواتِ وهيَ هوجُ الشكائم؟ |
وإلى القطب والجليدُ عليه | والصّحارى وما بها من سمائم؟ |
اغسلوه بطيِّبٍ من وَضوءِ الرُّسلِ، | كالوَرْدِ في رُباه البواسم |
وخذوا من وِسادِهم في المُصَلَّى | رُقْعة ً كَفِّنوا بها فرعَ هاشم |
واستعيروا لِنعشِه من ذرى المنـ | ـبرِ عوداً، ومن شريفِ القوائم |
واحملوه على البراق إن اسطعـ | ـتم، فقد جلّ عن ظهور الرواسم |
وأديروا إلى العتيق حسيناً | يبتهلْ ركنه، وتدعو الدعائم |
واذكروا للأَمير مكَّة ، والقصـ | ـرَ، وعهدَ الصفا، وطيبَ المواسم |
ظمىء الحرُّ للديار، وإن كا | ن على منهلٍ من الخلد دائم |
نقِّلوا النعشَ ساعة ً في ربا الفتـ | ـح، وطوفوا بربِّهِ في المعالم |
وقفوا ساعة ً به في ثرى الأقـ | ـار من قومِه وتُرْب الغمائم |
وادفِنوه في القُدس بين سُليما | ن وداودَ والملوكِ الأَكارم |
إنما القدسُ منزلُ الوحي، مغنى | كلِّ حَبْرٍ من الأَوائل عالم |
كنفتْ بالغيوب، فالأرضُ أسرا | رٌ مدى الدهرِ، والسماءُ طلاسم |
وتَحلَّتْ من البُراقِ بطُغرا | ءَ، ومِن حافر البُراقِ بخاتم |