أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟
أحمد شوقي
أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟ | كفى عظة ً أيها المنزلُ؟ |
حكيْتَ الحياة وحالاتِها | فهلاَّ تخطَّيْتَ ما تنقل؟ |
أَمِن جنْحِ ليلٍ إلى فجرِه | حمّى يزدهي، وحمى يعطل؟ |
وذلك يوحش من ربة ٍ | وذلك من ربة ٍ يأهل؟ |
أجاب النعيُّ لديكَ البشيرَ | وذاقَ بكأسيهما المحفل |
وأطرق بينهما والدٌ | أَخو ترْحَة ٍ، ليلُه أَلْيَل |
يفىء ُ إلى العقل في أمره | ولكِنَّهُ القلبُ، لا يعقِل |
تهاوت عن الوردِ أَغصانُه | وطارَ عن البيضة البلبل |
وراحت حياة ٌ، وجاءت حياة ٌ | وأَظهرَ قدرتَه المُبْدِل |
وما غيرُ منْ قد أتى مدبرٌ | ولا غيرُ منْ قد مضى مقبل |
كأني بسامي هلوعُ الفؤادِ | إذا أَسمعَتْ همْسة ٌ يَعجَل |
يرى قدراً يأملُ اللطفَ فيه | وعادي الردى دون ما يأمل |
يُضيءُ لضِيفانه بِشْرُه | وبين الضلوعِ الغَضَى المُشْعَل |
ويَقْرِيهُمُ الأُنَس في منزلٍ | ويجمعهُ والأسى منزل |
|
إلى غادة ٍ داؤها معضل |
وذي في نفاستِهَا تَنطوي | وذي في نفائسها تَرفُل |
تَقسَّمَ بينهما قلبُه | وخانته عيناه والأرجل |
فيا نكدَ الحرِّ، هل تنقضي؟ | ويا فرح الحرِّ، هل تَكْمُل؟ |
ويا صبر سامي، بلغتَ المدى | ويا قلبه السهلَ، كم تحمل؟ |
لقد زدتَ من رقة ٍ كالصراط | ودون صَلابتِكَ الجَنْدَل |
يَمرّ عليك خليطُ الخُطوب | ويجتازك الخفُّ والمثقل |
ويا رجل الحِلْمِ، خُذ بالرضى | فذلك من متقٍ أجمل |
أتحسب شهدا إناءً الزمانِ | وطينتُه الصابُ والحَنْظَل؟ |
وما كان مِن مُرِّهِ يَعتلي | وما كان مِن حُلوهِ يسْفل |
وأَنت الذي شربَ المترَعاتِ | فأَيُّ البواقي به تَحفِل؟ |
أَفي ذا الجلالِ، وفي ذا الوقارِ | تُخِيفُك ضَراءُ أَو تُذهِل؟ |
أَلم تكن الملْكَ في عزِّه | وباعُك من باعه أَطْوَل؟ |
وقولك من فوق قولِ الرجالِ | وفعلك من فعلهم أنبل؟ |
ستعرفُ دنياك من ساومتْ | وأن وقارك لا يبذل |
كأنك شمشون لهذي الحياة ِ | وكلُّ حوادثها هيكل |