يا صَارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالمُهَجِ
يا صَارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالمُهَجِ | حَتَّى فَتَكْتَ بها ظُلْماً بلا حَرَجِ |
ما زالَ يَخْدَعُ نَفْسِي وهْيَ لاهِيَة ٌ | حَتَّى أَصابَ سَوادَ الْقَلْبِ بِالدَّعَجِ |
طَرفٌ ، لو انَّ الظُّبا كانت كلحظتِهِ | يومَ الكريهة ِ ، ما أبقت على وَدَج |
أوحى إلى القلبِ ، فانقادَت أزِّمتهُ | طَوْعاً إِلَيْهِ، وخَلاَّنِي وَلَمْ يَعُجِ |
فكيفَ لى بتلافيهِ ؟ وقَد علِقَتْ | بهِ حَبائلُ ذاكَ الشادنِ الغَنجِ |
كادَتْ تُذِيبُ فُؤادِي نارُ لَوْعَتِهِ | لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مَسِيلِ الدَّمْعِ فِي لُجَجِ |
لَوْلا الْفَوَاتِنُ مِنْ غِزْلانِ «كاظِمَة ٍ» | ما كانَ للحبِّ سُلطانٌ علَى المُهَجِ |
فَهَل إلى صِلَة ٍ مِنْ غادِرٍ عِدَة ٌ | تَشْفِي تَبارِيحَ قَلْبٍ بِالْفِراقِ شَجِ |
أَبيتُ أرعى نُجومَ اللَّيلِ فى ظُلَمٍ | يَخْشَى الضَّلاَلَة َ فيها كُلُّ مُدَّلِجِ |
كَأَنَّ أَنْجُمَهُ والْجَوُّ مُعْتَكِرٌ | غِيدٌ بِأَخبِيَة ٍ يَنْظُرْنَ مِنْ فُرَجِ |
لَيْلٌ غَياهِبُهُ حَيْرَى ، وأَنْجُمُهُ | حَسْرَى ، وساعاتُهُ في الطُّولِ كالْحِجَجِ |
كأنَّما الصبحُ خافَ اللَّيلَ حينَ رأى | ظَلْماءَهُ ذاتَ أَسْدادٍ، فَلَمْ يَلِجِ |
فَلَيْتَ مَنْ لامَنِي لانَتْ شَكِيمَتُهُ | فَكَفَّ عَنِّي فُضُولَ الْمَنْطِقِ السَّمِجِ |
يظنُّ بى سفهاً أنِّى على سرفٍ | ولا يَكادُ يَرَى ما فيهِ مِنْ عِوَجِ |
فاعْدِلْ عَنِ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً | فاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَوَجِ |
هيهاتَ يسلكُ لومَ العاذلينَ إلى | قلبٍ بحبِّ رسولِ اللهِ ممتزجِ |
هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَوْلاَ هِدَايَتُهُ | لَكانَ أَعْلَمُ مَنْ فِي الأَرْضِ كَالهَمَجِ |
أنا الَّذى بتُّ من وجدى بروضتهِ | أَحِنُّ شَوْقاً كَطَيْرِ الْبَانَة ِ الْهَزِجِ |
هاجَتْ بذِكْرَاهُ نَفْسِي، فاكتَسَتْ وَلَهاً | وأى ُّ صبٍّ بذكرِ الشَّوقِ لمْ يهجِ ؟ |
فَمَا احْتِيَالِي؟ ونَفْسِي غَيْرُ صابِرَة ٍ | على البعادِ ، وهمِّى غيرُ منفرجِ |
لا أستطيعُ براحاً إن هممتُ ، ولا | أَقْوَى عَلَى دَفْعِ ما بالنَّفْسِ مِنْ حوَجِ |
لَوْ كانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ في تَنَقُّلِهِ | ما كان إلاَّ إلى مغناهُ منعرَجِى |
فهل إلى صلة ِ الآمالِ من سببٍ ؟ | أم هل إلى ضيقة ِ الأحزانِ من فرجِ ؟ |
يا ربِّ بالمصطفى هب لى -وإن عظُمَت | جَرائِمِي رحْمَة ً تُغْنِي عَنِ الحُجَجِ |
ولا تكلنى إلى نفسى فإنَّ يدى | مغلولة ٌ ، وصباحى غيرُ منبلجِ |
ما لي سِواكَ، وأَنْتَ الْمُسْتعانُ إِذَا | ضَاقَ الزِّحامُ غَدَاة َ المَوْقِفِ الْحَرِجِ |
لم يَبْقَ لِي أَمَلٌ إِلاَّ إِلَيْكَ، فَلاَ | تَقْطَعْ رَجائي، فَقَدْ أَشْفَقْتُ مِنْ حَرَجِي |