الرئيسية » » أنشودة الحياة | الجّزء الثَّامن | صبرى يوسف | كتاب الشعر | العدد الخامس والأربعون

أنشودة الحياة | الجّزء الثَّامن | صبرى يوسف | كتاب الشعر | العدد الخامس والأربعون

Written By غير معرف on الجمعة، 10 مايو 2013 | مايو 10, 2013


أنشودة الحياة



الجّزء الثَّامن



نصّ مفتوح
      




صبري يوسف                        شعر

اسم المؤلِّف: صبري يوسف 
عنوان الكتاب: أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّامن
نصّ مفتوح ـ شعر 
الطَّبعة الأولى: ستوكهولم 2012
الإخراج والتَّصميم ولوحة الغلاف والرُّسوم الدَّاخليّة (المؤلِّف)
حقوق الطَّبع والنَّشر محفوظة للمؤلِّف








دار نشـر صبري يوسف
sabriyousef1@hotmail.com
www.sabriyousef.com
صدر للأديب والشَّاعر

1 ـ "احتراق حافّات الروح"  مجموعة قصصـيّة، ستـوكهولم 1997
2 ـ "روحي شراعٌ مسافر"، شعر، بالعربيّة والسُّـويدية ـ ستوكهولم 
      1998 (ترجمة الكاتب نفسه).
3 ـ "حصار الأطفال..قباحات آخر زمان!" ـ شعر ـ ستوكهولم 1999 
4 ـ "ذاكرتي مفروشة بالبكـاء" ـ قصـائد ـ ستـوكـهولم  2000  
5 ـ "السَّلام أعمق مـن البحار" ـ شـعر ـ  ستـوكهـولـم  2000  
6 ـ "طقوس فرحي"، قصائد ـ بالعربيّة والسُّـويديّة ـ ستـوكـهولم 
      2000  (ترجمة الكاتب نفسه).
7 ـ "الإنسان ـ الأرض، جنون الصَّولجان"، شعر ـ ستوكهولم 2000 
8 ـ مائة لوحة تشكيليّة ومائة قصيدة، تشكيل وشعر/ستوكهولم 2012     
9 ـ  أنشودة الحياة ـ الجّزء الأوَّل، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012
10 ـ ترتيـلة الـرَّحيـل ـ مجموعة قصصيّة، ستـوكـهولم 2012 
11 ـ شهادة في الإشراقة الشِّعريّة، التَّرجـمة، مـقوّمـات النّهوض                                                          
        بتوزيع الكتاب وسيـكولوجيـا الأدب ـ سـتـوكـهولم 2012   
12ـ أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّاني، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012  
13ـ أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّالث، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012     
14 ـ حوار د. ليساندرو مع صبري يوسف ـ 1 ـ ستوكهولم 2012  
15 ـ ديـريك يا شـهقةَ الرُّوح ـ نصوص أدبيّة، ستوكهولم 2012

16 ـ حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة والفنّية ـ 2 ـ 
       ستوكهولم 2012
17 ـ حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة والفنّية ـ 3 ـ 
       ستوكهولم 2012
18 ـ مقالات أدبيّة سياسـيّة اجتـماعيّة ـ 1 ـ  ستوكهولـم 2012
19 ـ مقالات أدبيّة سياسـيّة اجتـماعيّة ـ 2 ـ ستوكـهولم 2012
20 ـ رحـلة فسيـحة في رحـاب بنـاء القصـيدة عنـد الشَّاعـر                                                                                                                                                                                                                                                                        
        الأب يوسف سعيد ...................... ستـوكهولم ـ 2012
21 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الرَّابع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012   
22 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الخامس، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012   
23 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء السَّادس، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012
24 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء السَّابع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012
25 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الثَّامن، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012








إهداء:

إلى الفنّانة المبدعة السّيّدة فيروز
أهديك هذا الدِّيوان، "فيروز صديقةُ براري الرُّوح" عربون مودّتي وإمتناني لما قدّمْتِ من إبداعٍ راقٍ في الغناءِ الأصيل، وقد استوحيتُ فضاءاته من خلال استماعي إلى أغانيكِ الرَّائعة، خلال محطَّات غربتي الطَّويلة في الحياة!      





لوحة الغلاف: "أزاهيرُ حبٍّ تعانقُ حمائمَ السَّلام" للمؤلِّف. 
أنشودة الحياة 
الجّزء الثَّامن
فيروز صديقةُ براري الرُّوح
 نصّ مفتوح

غنَّتْ ملكةُ الحنينِ 
أغاني الصَّباحِ للأرضِ 
     لروحِ البحرِ 
ملكةُ أغانٍ ممهورةٍ بالطُّفولةِ 
     بذكرياتِ العيدِ 
غنَّتْ على إيقاعِ هدهداتِ المهودِ 
غنَّتْ على مقامِ الحلمِ البعيدِ 
فيروز حنينُ غيماتِ الصَّباحِ 
     لأزهارِ اللَّوزِ
     لأغصانِ البيلسانِ

دندنَ الفجرُ 
كلَّما سمعَ حبورَ الأغاني
كلَّما غفا القمرُ 
     فوقَ وجنةِ السَّماءِ
كلَّما وشوشَ المطرُ لأجنحةِ العصافيرِ 
فيروز غابةُ فرحٍ في كنوزِ البحارِ 
     في بحبوحةِ الأحلامِ
بسمةُ وردةٍ من خيوطِ الشَّمسِ 
تسطعُ علينا 
كلَّما تهطلُ علينا غيومُ الخيرِ

حلَّقَتْ عصافيرُ حوشِنا عالياً
موسيقى نايٍ حزينٍ
توغَّلَتْ في روحِ الصَّباحِ
أيقَظَتْ حنينَ القرنفلِ 
طهَّرَتِ القلبَ 
     من أوجاعِ المسافاتِ 

فيروز أسطورةُ غناءٍ مجبولٍ 
     من طينِ المحبَّة 
     من طيورِ أحلامِ الطُّفولةِ 

خَشْخَشَتِ الرِّيحُ 
     بكلِّ رعونةٍ  
مؤذنةً بانسيابِ 
     دمعةٍ طازجةٍ
     من نكهةِ الشَّوقِ!
دمعةُ عشقٍ 
     فوقَ بوبؤِ الرُّوحِ 
دمعةُ شوقٍ إلى طينِ الأزقّةِ
     إلى ذاكرةٍ معتّقةٍ بالرَّمادِ 
     إلى أختي الحنونة!

يفرُّ العمرُ كالنَّسيمِ
عابراً دكنةَ اللَّيلِ
وجعٌ في ظلالِ الأمانِ
وجعٌ على شساعةِ اليراعِ
وجعٌ لا يفارقُ شِعري

وحدُها فيروز تزرعُ بهجةً
     في هاجسِ الأنباضِ
فيروز اخضرارُ بستانٍ مكلَّلٍ
     بأزهارِ الجنّةِ

رحَلَتْ سنونوةُ الرُّوحِ 
     عندَ بسمةِ الشَّفقِ
رحَلَتْ مودِّعةً 
     بحسرةٍ حارقةٍ 
          أحلى الأغاني!
تاهَ العمرُ فوقَ هضابِ الدُّنيا
تاركاً خلفه دموعاً منسابة
     على خدودِ اللَّيلِ 

حلَّقَتِ الأحلامُ فوقَ البحارِ
تبحثُ عن أسبابِ هديرِ الرُّوحِ
عبَرَتْ في مهبِّ التِّيهِ
قمّطتها الغربة بين أجنحةِ الرِّيحِ!

طائرُ الحبِّ 
يحلِّقُ فوقَ عرشٍ
لا يجاري مخالبَ العصرِ
يتوارى بعيداً عن أجيجِ النَّارِ 
يلتحفُ بكلِّ انتعاشٍ 
     بشهوةِ الحرفِ
بعيداً عن خفرِ الولاءِ
     عن سيوفِ القومِ!

عرشي مملكةُ عشقٍ محبوكٍ 
مِنْ تبرِ الحرفِ
مِنْ حنينِ الأرضِ 
     لمهجةِ السَّماءِ!
عرشي على شاكلةِ النَّحلِ 
مملكةٌ مبرعمةٌ
     من دهشةِ الحرفِ
شامخةٌ على وجنةِ الموجِ  
تصطفي كنوزَ البحرِ
     مِنْ أشواكِ الغدرِ 

عرشي مملكةُ فرحٍ
بحثاً عن ابتساماتِ الأطفالِ
بحثاً عن شهوةِ الغيومِ 
     لإخضرارِ المروجِ

فيروز حلمٌ مصفّى من مرجانِ البحرِ 
هديةٌ من الأعالي
تغنِّي لأغصانِ الرُّوحِ
تغنِّي ألحانَ فرحٍ 
     على إيقاعِ ابتهالاتِ الصَّباحِ
صديقةُ غمامَ اللَّيلِ
منارةُ دربٍ إلى شِراعِ الخلاصِ!

خلاصُ الرُّوحِ من ضجرِ العمرِ 
     من خطرِ الانزلاقِ!
فرحٌ يلوحُ في غمائمِ الأفقِ
يهفو القلبُ إلى بحيراتِ الصِّبا
     إلى مشاكساتِ الطُّفولةِ
     إلى تلألؤاتِ الأماسي البعيدة!

فرحٌ مستطيرٌ من حبورِ الأغاني
كيفَ فاتنا أن ننهضَ باكراً
ونستنشقَ عذوبةَ النَّسيمِ المندّى
بنكهةِ العسلِ المضمَّخِ ببوحِ الزُّهورِ
فيروز رحيقُ فرحٍ 
تبلسمُ أغانيها جراحَ الرُّوحِ
تطهِّرُ القلبَ من أحزانِ السِّنينِ!

تستنهضُ في أعماقي جموحَ الشِّعرِ
أطيرُ فرحاً
كأنّي على موعدٍ 
     معَ عناقِ النُّجومِ!
     
أرسمُ البحرَ قبلةً هائجةً
أغفو بينَ مآقي الموجِ
     على إيقاعِ الابتهالِ 
يهفو يراعي إلى شموخِ الجِّبالِ
تفرُّ الأيّامُ من أجنحةِ العمرِ
عابرةً زرقةَ السَّماءِ
تخورُ بينَ طلاسمِ الزَّمنِ 
     بينَ قهقهاتِ السِّنينِ!

زمنٌ معلَّقٌ من أذنيهِ
ملولبٌ في غبارِ الحياةِ
زمنٌ مِنْ فيضِ البكاءِ 
أينَ سترسو تلافيفُ الغبارِ
كَمْ مِنَ الضَّجرِ
     حتّى تشقَّقَ
          جبينُ الانتظارِ!

يرخي اللَّيلُ صدرَهُ
     على أشواكِ القنافذِ
تتكوَّرُ كَكُراتٍ مرميّةٍ
     على أطرافِ الأراجيحِ!
     
طفولتي نوارجٌ مزدانةٌ بباقاتِ السَّنابلِ
شجرةٌ مبلَّلةٌ بحبَّاتِ التُّوتِ 
تنسابُ كشلالِ فرحٍ من نسيمِ الصَّباحِ 
     على أغصانِ العمرِ!
تنهضُ القصيدةُ بكلِّ شموخٍ
كأنَّها مندلقةٌ
     من حفاوةِ المروجِ
وحدُهُ حرفي يسطعُ
     في قبّةِ الرُّوحِ
يمنحني فرحاً 
أسمو فوقَ خفقةِ الموجِ 
     مِنْ ألقِ الجّموحِ!

تتراكمُ الأيّامُ فوقَ غشاوةِ الحلمِ
تذوبُ مثلَ الثَّلجِ 
     بينَ توقِ الحنينِ 
     ورغوةِ الألمِ!

تشتعلُ الذَّاكرةُ شوقاً
     إلى معابرِ الصِّبا
     إلى بيادرِ الرُّوحِ 
إلى فيروز وهي تغنّي 
     لنجيماتِ الصَّباحِ
يرقصُ قلبي طرباً 
كلَّما تناهى إلى كينونتي 
     روعةُ الأغاني!

فيروز يا موجةَ فرحي
يا غصناً دائمَ الاخضرارِ
يا صديقةَ المحبّةِ والسَّلامِ
يا صديقةَ الأشجارِ والعصافيرِ
يا وجعَ الإنسانِ المضرّجِ
     بغبارِ الحروبِ!

فيروز شمعةٌ متلألئةٌ
من زخّاتِ مطرٍ
     من نداءِ ذاكرةٍ موشَّحةٍ
          بخيوطِ الصَّباحِ!

بستانٌ مكتنزٌ بأزاهيرَ الكرزِ 
     بكنوزِ البحرِ
     بحبّاتِ اللَّوزِ
     بحفاوةِ الحياةِ!

فيروز ترتيلةٌ منبعثةٌ
     من ظلالِ الجنّةِ
     من الحلمِ الآفلِ 
غفوةُ طفلٍ حالمٍ
     فوقَ زغبِ الغيومِ! 

فيروز صديقةُ تدفٌّقاتِ شلالٍ
بسمةُ محبَّةٍ شامخةٍ 
     في ضرعِ السَّماءِ 
غنَّتْ على إيقاعِ مطرٍ متهاطلٍ 
     فوقَ خدودِ الغاباتِ 
غنَّتْ للأملِ القادِمِ 
     على أنغامِ رفرفاتِ القطا
     على أنغامِ وشوشاتِ البحرِ

فيروز وردةٌ يانعة 
     في عروةِ الرُّوحِ 
غنَّتْ استجابةً لابتهالاتِ عشَّاقٍ
استجابةً لبسمةِ أطفالٍ
يمرحونَ في الصَّباحاتِ الباكرة

رقصَتِ الأشجارُ من وهجِ 
    انتعاشِ نسيمِ السَّوسنِ 

لآلئُ الرُّوحِ تنمو فوقَ حنينِ البحرِ
تهفو إلى عذوبةِ الماءِ
     إلى تجلّياتِ الحرفِ
     إلى هطولِ خيراتِ السَّماءِ!
تنسَّمَ القلبُ بلسمَ الأغاني
فيروز صديقةُ السَّنابل
صديقةُ النَّارنج والنَّفلِ البرّي
فيروز أسرابُ بلابلٍ مغرَّدةٍ
في صباحاتٍ مبلَّلةٍ بحنينِ المطرِ!

تغنِّي لجراحٍ البلادِ 
     للسلامِ 
     للجبالِ البعيدةِ
لإشراقِ شموعِ الأملِ!

فيروز باقاتُ وردٍ 
محبوكةٍ من تاجِ المحبّةِ
أنغامٌ مرفرفةٌ بأضواءِ الشُّموعِ
هديةُ أطفالٍ لأسرابِ الطُّيورِ
شراعٌ معرَّشٌ بأجنحةِ السَّلامِ!

فيروز بشارةُ خيرٍ ساطعٍ
     من أجراسِ النوَّاقيسِ
غنَّتْ للقلوبِ المكلومةِ
للمدائنِ اللائذةِ من لهيبِ النَّارِ 

فيروز ترتيلةُ حياةٍ
     منذورةٍ 
     لتخفيفِ آهاتِ الحزانى
فيروز رايةُ حقٍّ 
     في دنيا مِنْ رمادٍ!

رايةُ مدنٍ متعرِّجةِ الهمومِ
رايةُ أرضٍ مظلَّلةٍ بالخيرِ 
رايةٌ مستفيضةٌ بأجراسِ اليمامِ!


فيروز صديقةُ براري الرُّوحِ
ترفرفُ مثلَ النَّسيمِ
     فوقَ تواشيحَ الفجرِ
     فوقَ أسرارِ اللَّيلِ
تغفو على حفيفِ الموجِ
     على ألوانِ الوفاءِ!

فيروز كنزٌ معبّقٌ 
     بمرجانِ البحرِ
صوتُ الضّياءِ المتهاطلِ
     فوقَ شهوةِ النُّجومِ
      فوقَ ترانيمِ البهاءِ!  
جاءني انسيابُ الصَّوتِ
     على إيقاعِ رفرفاتِ الموجِ
صوتٌ تشكَّلَ
     من حناجرِ البحرِ
صوتٌ متناغمٌ
     معَ حبقِ السَّوسنِ
يتماهى بفرحٍ
     معَ بتلاتِ الطُّفولةِ
     معَ شموخِ الجِّبالِ 
     معَ اشراقةِ الشَّفقِ!

فيروز يا أميرةَ التَّراتيلِ
يا بحراً في سماءِ الغناءِ 
كيفَ عبَرْتِ رحابَ الأغاني
تزرعينَ في ظلالِ القلبِ
     أبهجَ الأماني؟!
     
كيفَ تطاوعينَ أمواجَ البحرِ
     اهتياجَ الرِّيحِ
صوتُكِ على عناقٍ معَ دوحةِ الأحلامِ 
ترسمينَ أغصانَ الزَّيتونِ 
     على أجنحةِ الكونِ
موجةٌ تغازلُ موجةً
نسمةٌ مهتاجةٌ
تنتظرُ خيراتِ الغيومِ
صوتٌ ينبعُ من رحمِ الحياةِ 
يرتسمُ فوقَ بسمةِ أملٍ 
     فوقَ رذاذاتِ الشَّوقِ
     فوقَ جبينِ البقاءِ!

فرحٌ عندَ بزوغِ الشَّفقِ
     عندَ انبعاثِ التَّجلِّي
فرحٌ عندَ انشراحِ الدِّيارِ 
حيثُ شراعُ القلبِ
يهتفُ لأزاهيرَ اللَّيلِ
     لحفيفِ البراري! 
      
فرحٌ عندَ هبوطِ اللَّيلِ
     عندَ عناقِ البدرِ
فرحٌ من نقاوةِ الموجِ 
     من نكهةِ النَّارنجِ    
فرحٌ على مساحاتِ الشِّعرِ  
     على تمايلاتِ النَّفلِ
     على ثراءِ البذارِ!
فيروز أنشودةُ فرحٍ 
     على رحابِ البراري
فرحٌ رغمَ جراحِ السِّنينِ
      رغمَ غبارِ الحروبِ
      رغمَ أحزانِ البنينِ
شمعةٌ تضيءُ القلبَ 
      على مدى النّهارِ!

فرحٌ فوقَ قبّةِ الرُّوحِ  
فرحٌ ينمو في سماءِ يومي 
كلّما تصدحينَ لأجنحةِ الرِّيحِ
     لاخضرارِ الجنينِ
     لأسرابِ العصافيرِ
كلَّما تنشدينَ للغدِ الآتي
للحبِّ السَّاطعِ في جبينِ الحياةِ!

فيروز يا هديةَ السَّماءِ
يا وجعي المزنَّرِ 
     بعشبةِ الخلاصِ 
يا رسولةَ البحرِ
يا صديقةَ الشَّمسِ 
     في أوجِ الانبلاجِ!
تروينَ عطشَ الفيافي
     ثغورَ البساتينِ 
     حنينَ المسافاتِ
بعذوبةٍ يداعبُ صوتُكِ 
     أهدابَ البنينِ!

فيروز يا زهوةَ الرُّوحِ
يا لونَ البياضِ
يا شجرةَ قلبٍ وارفٍ
     بأقراصِ العسلِ
     بحبقِ النّعناعِ! 
    
أيّتها الصَّوت المتلألئ بحفيفِ الملائكة
     ببسمةِ الطُّفولةِ
     بأسرارِ البحرِ
     بأجنحةِ الرِّيحِ
     بخصوبةِ الحنينِ!

يا لونَ البداياتِ
     وأريجَ النَّهاياتِ
يا لبَّ الأناشيدِ
يا شهدَ الأماني في صباحِ العيدِ!

تموجينَ بانتعاشٍ
     في غَبَشِ الصَّباحاتِ 
     في وجوهِ الأطفالِ
كأنَّكِ حلمٌ متطايرٌ من سديمِ السَّماءِ 
تهطلينَ عذوبةً
     فوقَ نسائمِ الشَّفقِ
     فوقَ مروجِ العناقِ! 

تصدحينَ مثلَ طيورِ النَّعيمِ 
     مثلَ حفيفِ الرّوضِ 
فيرقصُ البحرُ رقصةَ التَّجلّي
يخفقُ قلبي 
من بهجةِ الدُّفءِ المتهاطلِ 
     من ثغرِ السَّماءِ! 

يزدادُ الطَّّلُّ نضارةً
     من حُبورِ الغناءِ
     من جموحِ الموجِ
     من روعةِ العناقِ 
عناقُ الأرضِ لزخّاتِ الوفاءِ
عناقُ البحرِ لبيادرِ المحبّة
     لنورِ الضّياءِ!
فيروز يا بسمةَ بدرٍ  
تعانقُ خيوطَ الشَّمسِ
تسمو نحوَ ضياءِ الأعالي
     نحوَ أبراجِ السَّماءِ!

تسترخي زنابقُ الرّوضِ
     من وهجِ الانتعاشِ
تعلو في قبّةِ الشَّوقِ
تغفو على نضارةِ النَّدى 
     على جبينِ المساءِ!

يا موجةَ فرحٍ
تظلِّلُ نداوةَ الوردِ
يا خفقةَ طائرٍ 
يحلّقُ في ضبابِ اللَّيلِ
يا بهجةَ الرَّبيعِ
يا هديلَ اليمامِ!

هَلْ تقمَّصَكِ أريجُ الزُّهورِ
أم تغلغلَتْ نسائمُ الرَّبيعِ
     في أسرارِ البحرِ
ثمَّ استقرَّتْ في شهقةِ الآهِ؟!
آهاتُكِ من لونِ الحياةِ
     من بسمةِ البساتينِ
تغفو على أنغامِكِ أسرابُ القطا
     أشواقُ البنينِ!

أحملُ أغانيكِ فوقَ أزاهيرَ الرُّوحِ
تطهِّرني مِنْ زَمهريرِ الغربةِ
     مِنْ صقيعِ المنافي
تنقذني من ضجرِ الرَّحيلِ!

رحيلُ الإنسانِ في متاهاتِ الحياةِ
     في خضابِ اللَّيلِ
     في جمرِ الصّحارى
     في ظلالِ السِّنينِ!

كَمْ مِنَ اللَّيالي
كَمْ مِنَ الصَّباحاتِ
     مِنَ الآهاتِ
كَمْ مِنَ الجِّراحِ
وأنتِ ما تزالينَ أنتِ
سيّدةُ الشَّفقِ
روعةُ الغسقِ عندَ إندلاعِ العناقِ!
ترنو نجيماتُ الصَّباحِ 
     إلى بهاءِ الشُّموخِ
     إلى الصَّوتِ المبلَّلِ 
          بحبقِ الأزاهيرِ 
          بأريجِ الوفاءِ!

يا بحراً مغطّى بالنَّارنجِ
يا شوقَ العصافيرِ 
     إلى بيادرِ العمرِ
     إلى الذَّاكرةِ الغافيةِ
          فوقَ تخومِ المروجِ 
          فوقَ أكوامِ السَّنابلِ!

يا حديقةً مكتنزةً بنداوةِ الظِّلالِ
     بعناقيدَ العنبِ 
     بجموحِ غزالةٍ برّية 
     بحمائمِ السَّلامِ!

يا لونَ البخورِ
يا رنينَ الأجراسِ
كم من الأغاني حتّى انتعشَتْ
     قلوبُ النّاسِ!
أحبُّكِ أكثرَ من البحرِ 
     أكثرَ من حلمي 
     أكثرَ من سُفُنِ الحبِّ
أكثرَ من حنينِ العشبِ
     إلى اكتنافِ الضَّبابِ
أكثرَ من أريجِ الورودِ 
أكثرَ من غفوةِ الرُّوحِ
      يينَ خمائلِ الأملِ
أكثرَ من جولةِ الشِّعرِ 
     في بحارِ المزاميرِ!

يا صديقةَ الأرضِ
يا صوتاً يضاهي  
     بلابلَ الرَّوضِ 
يا فرحي المفتوح 
     على هديرِ الرِّيحِ
     على رحابِ الجنَّاتِ!

أحبُّكِ أكثرَ من وهجِ الصَّباحِ
أكثرَ من حنينِ الأمواجِ
     إلى خيوطِ الشَّفقِ
     إلى خدودِ الهلالِ!
تغفينَ فوقَ مرافئِ سُفُني
     فوقَ دفاترِ حلمي
     فوقَ بسمةِ الشَّوقِ
     فوقَ نضارةِ النَّدى
     فوقَ غمائمِ اللَّيلِ
     فوقَ هدهداتِ الرُّوحِ
     فوقَ أرجوحةِ الشَّجنِ!

تعبرينَ تواشيحَ الدُّفءِ
     كنوزَ القلبِ
      خمائلَ القصيدةِ
حتّى الثَّلجُ لا ينجو 
     من وهجِ الأغاني
ينامُ فوقَ بياضِ الوئامِ
     فوقَ ربوعِ القِمَمِ!

يرقصُ القمرُ طرباً
     على أنغامِ المحبّة
     على هدهداتِ الغناءِ
تهفو القصيدةُ بكلٍّ حبورٍ
     إلى روعةِ الأنغامِ
     إلى بشائرِ القلمِ!
تولدُ القصيدةُ على أريجِ أغانيكِ
     على حكايا الأزاهيرِ
     على رنينِ النَّواقيسِ
     على معابرِ الألمِ!

أجرامُ السَّماءِ تهتاجُ
تستحمُّ بالماءِ الزّلالِ
     بأشجارِ الرّوحِ 
     بالبخورِ المتصاعدة
     من رحابِ الحلمِ!

يا بياضَ الأثيرِ
يا قصيدةً مختومةً بأغصانِ الوفاءِ 
     بحروفٍ متناثرةٍ من نُدَفِ الثَّلجِ
يا صوتاً منبعثاً من حنينِ الورودِ 
     إلى اشراقةِ الهُدُبِ!

تنتشي الكلماتُ
فيرقصُ الحرفُ ألقاً
     من تمايلاتِ روعةِ الزَّنبقِ 
     من عذوبةِ الشَّفقِ
     من بهجةِ ايقاعِ الطَّربِ!
السَّماءُ شامخةٌ 
تضحكُ للبحارِ الحنونةِ 
تسقي عطشَ الصَّحارى

تزغردُ الطيورُ من حبورِ الأغاني
ينتعشُ القلبُ سموّاً
فرحٌ يسترخي 
     فوقَ بيادرِ الطُّموحِ
خفقةُ الرّوحِ تزهو
تسمو إلى أعماقِ التجلِّي!

تنزاحُ غشاوةُ حزنٍ
كلّما أسمعُ ترانيمَكِ 
كلَّما أسمعُ هدهداتِ الحنينِ
كلَّما تنامُ عصافيرُ الخميلةِ
     فوقَ أعشابِ شبّاكي!

تموجُ أغانيكِ مثلَ خفقةِ طائرٍ
     بين أحلامِ الصَّباحِ
ترقصُ موجةُ الحبِّ طرباً
     على إيقاعِ الأماني
     على تجلِّياتِ ليلاكِ!
بلسمُ الرُّوحِ أنتِ
يا خمرةَ الكرومِ
يا انتعاشةَ القلبِ
يا خفقةَ الدُّفءِ
     في رضابِ القصيدة
     في سموِّ دنياكِ!

فيروز بستانُ محبّة
شجرةٌ باسقةٌ 
مكلَّلةٌ بالزَّنابقِ
     بخمائلِ اللّوتس
بشوقِ الإنسانِ
     إلى ضياءِ القمرِ
     إلى قداسةِ المعابدِ !

تنبعُ من أغانيكِ
     بحيراتُ أمانٍ
أنغامُكِ ملَّونة 
     مثلَ قوسِ قزحٍ
     مثلَ هديلِ البحرِ 
مثلَ اندلاعِ شوقِ النّجومِ
     إلى شهوةِ النّيازكِ!
صوتٌ متهاطلٌ من بيادرِ الطُّفولةِ
     من كرومِ ماردين
     من باقاتِ الحنطةِ
     من ينابيعَ الماضي
     من أوجاعِ المسافاتِ!

تكبرُ فيروز ويكبرُ حبُّنا
     لأحلى الأغاني
ترقصُ أزاهيرُ الصَّباحِ
     أعشابُ البراري
تحلِّقُ الطُّيورُ جذلى
      في أعماقِ السَّماءِ!

لملمَتْ فيروز بقايا حياتنا المبعثرة
غنَّتْ لثلوجنا المترنِّحة
     فوقَ سفوحِ العمرِ 
غنَّتْ للمحبِّينِ 
     على إيقاعِ النَّواقيسِ
فيروز شموخُ طفلٍ 
     في وجهِ الرِّيحِ 
منارةُ أملٍ في صباحِ العيدِ 
شمعةُ حبٍّ في قلوبِ العصافيرِ 
تحكي فيروز حكايةَ سديمٍ متطايرٍ 
     على وجهِ القمرِ 
حكايةَ بلابلٍ رحلَتْ بعيداً 
حكايةَ دُموعٍ منسابةٍ
     في قيظِ الظَّهيرةِ
حكايةَ نَارِ متأجِّجةٍ 
     في مآقي الطُّفولةِ 
حكايةَ جنونِ هذا الزَّمان!

وجعٌ غزيرُ الانشطارِ
     في سماءِ بيروتَ
وجعُ  ولا كلَّ الأوجاعِ

حروبٌ منذُ بزوغِ العمرِ
     حتّى انطفاءِ الجمرِ
     حتَّى اندلاعِ البكاءِ!
  
حروبٌ على مدى البحرِ
     على شراعِ القهرِ
حروبٌ من لونِ الجُّنونِ
     من شراهةِ الغوصِ 
          في ذرّاتِ السُّمومِ!
حروبٌ مشرئبّة بالشَّوكِ
     بشظايا العارِ 
     بسماكاتِ الغبارِ 
بالتهابِ سحايا الجنونِ!

حروبٌ سقيمةٌ
     من لونِ دكنةِ الثَّعابينِ
فتِّتَتْ ظهرَ التِّلالِ
     خاصراتِ الجِّبالِ
     صلابةَ الصَّخرِ!

حروبٌ حارقةٌ 
أحرقَتْ بهاءَ الرُّوحِ 
حروبٌ مسترخيةٌ على ضجرِ العمرِ 
     على شخيرِ الزَّنازينِ!

حروبٌ فاقعةٌ 
لا لونَ لها ..
تقصفُ حبقَ الحياةِ
تقضمُ ليالي الزَّفافِ
تحوِّلُ هديلَ اليمامِ إلى نداءِ السُّمومِ
     إلى زعيقِ المجانينِ!
وحدُها فيروز
تعبرُ بياضَ الرُّوحِ
تمسحُ عن جبهةِ العمرِ
     ضراوةَ الأنينِ
تخلخلُ بعبقِ الأغاني
     أحزانَ السَّنينِ!

فيروز يا صديقةَ البدرِ
يا شهقةَ البحرِ
يا عبقَ الشِّعرِ
يا لونَ الأملِ 
     في سماءِ البنينِ! 

صوتُكِ من لونِ الحنينِ 
     من لونِ الأماني
صوتُكِ منسابٌ كأحلامٍ 
     مورقةٍ في بساتينَ الجَّنةِ 
ينبوعٌ شامخٌ
     بأجنحةِ المحبَّةِ 
يهطلُ فوقَ وميضِ العيونِ 
     فوقَ أبراجِ الشِّعرِ 
     فوقَ أعلى الجبينِ!
تعالي نرسمُ ليلةَ الميلادِ
     على أجنحةِ نسيمٍ
     على وجنةِ قصيدةٍ  
     على شراعِ الأماني  
     على شهقاتِ السِّنينِ
نشكو همَّنا لأسرارِ المجرّاتِ 
     لغمامِ اللَّيلِ! 

تعالي نغنِّي لبسمةِ الشَّمسِ
     في أوجِ الانبلاجِ!

تعالي يا بشرى الخلاصِ
نزرعُ حبَّاتِ المطرِ فوقَ دكنةِ اللَّيلِ
     فوقَ براري الصَّحارى
نوشِّحُ وجهَ القمرِ بأنغامِ الوفاءِ!

أيّتها الطِّفلة المترعرعة
     في ظلالِ المحبّةِ
صوتُكِ يتناغمُ معَ أنينِ البحرِ
     معَ شوقِ الرُّوحِ
معَ ضياءِ الهلالِ     
     فوقَ ربوعِ البساتينِ!
تعالي يا أنشودةَ الأناشيدِ 
يا نسيماً معطَّراً ببكاءِ البحرِ
يا حبقَ الزَّهرِ
يا وردةً منبعثةً
     من حفيفِ الكونِ!

يا صديقةَ البرِّ والبحرِ
يا لونَ الهدايةِ
     إلى بواطنِ الحلمِ
     إلى مروجِ الرَّبيعِ 
     إلى لواعجِ القلمِ!

يغفو صوتُكِ فوقَ بهاءِ القمرِ
     فوقَ آهاتِ الأزقَّةِ
     فوقَ خدودِ الغاباتِ
حافراً فوقَ روعةِ اللَّونِ
إيقاعاً منساباً 
     معَ عذوبةِ التَّرانيمِ!    

قلبي ينضحُ حبَّاً
يهفو إلى عرينِ الشِّعرِ
     إلى صفاءِ الإنسانِ!
تورقُ ليالي الشّتاءِ
براعمَ حبٍّ
تتناثرُ فوقَ خمائلِ العمرِ
مبدِّدةً طلاسمَ الأرقِ
     عتمةَ الضّجرِ
     مرابعَ الألمِ!

هل نَبَعْتِ من زحامِ الآهاتِ
     من أنينِ غربةِ الرُّوحِ 
أمْ أنّكِ سنبلة مترعرعة
     فوقَ روابي الحلمِ
     منذُ الأزلِ!

هل نبتَتتْ جذورُكِ     
     في حقولِ الأرزِ
أمْ في مروجِ ماردين
حيثُ تلامسُ الشُّموعُ
     مهجةَ الأفُقِ؟!

تنبعُ من مقلتيكِ حفاوةُ حبَّاتِ الحنطةِ
ضفائرُ الاخضرارِ 
أنتِ ضياءُ شمعةٍ في شغافِ القلبِ!
أيّّتها المنسابة من ظلالِ البدرِ 
تحلِّقينَ عالياً مثلَ نسائمِ البحرِ
     مثلَ حبّاتِ المطرِ
كأنَّكِ شهقة قرنفلة
متدلِّية من أحلامِ الطُّفولةِ
     من أهازيجِ البساتينِ!

هَلْ زارَكِ يوماً بريقُ الشُّهبِ
أمْ أنَّكِ ومضةُ عشقٍ
متطايرة مِنْ هدوءِ اللَّيلِ
     مِنْ مغائرِ الألقِ
     مِنْ دموعِ الملايينِ؟!

يا صديقةَ الحياةِ
يا لونَ القصيدةِ المتهاطلةِ
     مِنْ غمائمِ الرُّوحِ
كَمْ مِنَ الابتهالِ
حتَّى تبرعمَ النَّفلُ في مآقي الضّياءِ
يا شمعةَ السَّلامِ
يا شهقةً مفتوحةً
     على تواشيحَ الأفقِ
     على مساحاتِ التِّلالِ!
تعالي نرسمُ حنينَ الأمَّهاتِ
     فوقَ جبينِ الحبِّ
     فوقَ مهودِ الأطفالِ!

كَمْ مِنَ الدُّفءِ تنامى
     مِنْ ضرعِ الأغاني
كَمْ مِنَ التَّوقِ تسامى
     مِنْ روضِ الأماني!

تلالُ المحبّةِ 
موشورٌ يتناثرُ عبقَهُ
     فوقَ مرابعِ النَّهارِ
     فوقَ أغصانِ القصيدةِ
     فوقَ ضياءِ الشَّفقِ!

يا بيدراً مكتنزاً بخفايا البحرِ
     بأعذبِ ألوانِ العطاءِ
     ببهجةِ الأراجيحِ!

أيّتها الزُّهرة المعبّقة بعطاءاتِ الغيومِ
يا مطراً هاطلاً من توقِ النَّسيمِ 
     من ألحانِ الوئامِ!
هل تحنّينَ إلى ماردين
أم أنّكِ غِصْتِ في رحابِ الغناءِ
فتهْتِ في عوالمِ الشُّموعِ
شموعُ الميلادِ
شموعُ السُّموِّ 
     مع بخورِ الصَّفاءِ!

صفاءُ الرُّوحِ مع خمائلِ الإنسانِ
     مع أنغامِ الطُّيورِ 
     معَ انبهارِ البراري
صفاءُ الرُّوحِ معَ مرامي الأرضِ
     معَ كلِّ الكائناتِ!

تصدحينَ لطفلِ المغارةِ
لأطفالٍ من نكهةِ البرارةِ 
يتوغَّلُ صوتُكِ في تجلِّياتِ الصَّلاةِ
     في تماوجاتِ لجينِ البحرِ
يا صديقةَ اللَّونِ والكونِ 
يا نسمةً مسترخية
     في تخومِ الصَّحارى
يا وردةً مسربلةً
     بأريجِ الغاباتِ!
يا همسةَ الحزانى 
يا عطشَ الحبِّ
يا شوقاً مخضَّباً بالدُّموعِ
كيفَ عبَرْتِ عوالمَ الدَّندناتِ
تكبحينَ بمهارةٍ لذيذةٍ
     جموحَ الآهاتِ؟!

يا نغمةً تتراقصُ
     معَ زقزقاتِ العصافيرِ
     معَ أنغامِ الطُّيورِ
     معَ خيراتِ الأرضِ
     معَ بشائرِ الحياةِ!

صوتُكِ مهجةُ عشقٍ
     على ايقاعِ العناقِ
عناقُ الرّوحِ والقلبِ
عناقُ الشِّعرِ معَ ضوعِ الألحانِ
عناقُ تجلِّياتِ الرُّوحِ معَ سموِّ الغناءِ 
عناقٌ مبرعمٌ في سماءِ لبنانَ
     في سماءِ الشَّرقِ
     في سماءِ الغربِ
     في صفاءِ السَّماءِ!
تنتعشُ غربتي انتعاشاً عميقاً
     مِنْ بسمةِ الوفاءِ
وفاءُ الحرفِ معَ عذوبةِ الأداءِ
وفاءُ روحِكِ لغيومِ الصَّباحِ
     لنداءِ أسرارِ الغناءِ!

يا مجدَ الحرفِ
يا ترنيمةَ العيدِ
يا بهجةَ الميلادِ
يا بحرَ الأمنياتِ  
تؤنسينَ الرُّوحَ
تكبحينَ أحزانَ اللَّيالي
تخفِّفينَ من خشونةِ الأنسِ 
     مِنْ افتراسِ الوحوشِ 
     مِنْ هديرِ البراري!

يا عطشي المفتوحِ 
     إلى تفَّاحِ اللَّيلِ
تنبعينَ مِنْ حبٍّ مدبَّقٍ 
     بأريجِ النَّارنجِ
مِنْ حبٍّ مسربلٍ بنكهةِ الرّوحِ 
     في بحارِ الأشواقِ!
يا قبلةَ الرُّوحِ
يا بلسماً يشفي الجِّراحَ
تموجينَ في ثنايا القلبِ
يا جنّةَ القلبِ المضمَّخِ
     بأشرعةِ السَّلامِ!

يا صديقةَ الشِّعرِ
يا روضةً مزدانةً 
بأبهى ما تُوِّجَ مِنْ سلامٍ
     في مناقيرَ اليمامِ!

تنسجينَ بخفّةِ النَّسمةِ
     خيوطَ الحنينِ
     شعلةَ الأماني
ترسمينَ فوقَ جبينِ العمرِ
     تجلِّياتِ أغاني الهيامِ!

ينابيعُ الدُّفءِ تسطعُ
     من شموخِ التَّجلِّي
     من روعةِ الأنغامِ
     من أصالةِ اللَّونِ
     من براعةِ الانسجامِ!
أحبُّكِ أكثرَ من البحرِ
     أكثرَ من الحبِّ
     أكثرَ من الأرضَ
يا رسولةَ الماءِ
يا خصوبةَ الفرحِ الآتي!

تشبهينَ حفاوةَ الجمرِ 
     رفرفاتِ الطَّيرِ
يا نداوةَ حلمي 
يا حبقَ الشِّعرِ
يا ترتيلةً منبعثةً 
     من وشاحِ الغمامِ!

هَلْ راودَكِ أنْ تغنّي 
     لبسماتِ النُّجومِ
     لوميضِ الشُّهبِ
     لجموحِ الغزالِ 
أمْ أنَّكِ ترغبينَ
أنْ تفرشي حنينَ صوتِكِ
     فوقَ أزهارِ القلبِ 
     فوقَ أعشابِ الرّوحِ 
     فوقَ هاماتِ الجِّبالِ؟!
أنتِ موجةُ حبٍّ مفتوحٍ 
     على ينابيعَ الرّوضِ
     على هاماتِ القصائد
صديقةُ صباحاتٍ مشرقةٍ
     على صدرِ المروجِ
تتألَّقينَ مثلَ نجومِ اللَّيلِ 
     حولَ ثغرِ الهلالِ! 

ترفرفينَ عالياً 
     فوقَ قبَّةِ السَّماءِ
     فوقَ قداساتِ المزارِ! 

أنتِ لونُ البياضِ
لونُ العطاءِ الغافي 
     على أجنحةِ الحلمِ
     على أسرارِ الغمامِ!

وحدُهُ صوتُكِ خفَّفَ
     من أنينِ حزني
     من ارتصاصاتِ غربتي
     من ضراوةِ المكائدِ
     من أحقادِ الأشرارِ 
يا لونَ الأرضِ البكرِ
يا وجعَ البحرِ
يا طيرَ المحبّة
يا نسمةً مخضّبةً 
     بدفءِ الشَّرقِ!

يا نغمةَ الرّوحِ
تزرعينَ 
موسيقى عذبة
     في ظلالِ القلبِ
أنغاماً متلألئةً 
     بضياءِ النُّجومِ
أنغاماً منبعثةً 
     من حفاوةِ المطرِ 
صوتُكِ منارةُ خلاصٍ
     من ضجرِ الحياةِ!

خلاصُنا من مللِ المساءاتِ 
     من غربةِ هذا الزّمان
     من انشراخِ اللَّيلِ
     من غربةِ الرُّوحِ
     من مَلَلِ الصَّباحِ!
تعالي يا صديقةَ البحرِ
نرسمُ أنشودةَ الأملِ 
     على شفاهِ الطُّفولةِ
     على صهيلِ البرقِ
     على بتلاتِ الزُّهورِ!

هَلْ كنتِ يوماً زهرةً برّيةً 
     موجةً هائجةً 
مستنبتةً من نداوةِ غيمةٍ
أم أنّكِ رسالةُ فرحٍ متطايرٍ 
     من خيوطِ الضّياءِ؟!

هلْ كنتِ نسمةً هائمةً
     فوقَ أمواجِ البحرِ
موجةً من المحبّةِ 
     في رحابِ المروجِ
     في كبدِ السَّماءِ؟!

ما هذا الفرح المنبعث
     من حقولِ اللَّوزِ
     من أراجيحَ الطُّفولةِ
     من أزاهيرَ الصَّباحِ؟!
يزدادُ الصَّباحُ ضياءً
     على اِيقاعِ البهاءِ
تشبهينَ نضارةَ المروجِ
لونُ المطرِ أثناءَ الغروبِ
رسالةُ أمَلٍ إلى خلفِ البحارِ
     إلى غربتي المحفوفةِ 
          بشهوةِ الشِّعرِ!

صوتُكِ باقةُ عشقٍ 
شموخُ جبلٍ 
صوتُكِ معبّقٌ بندى الحنينِ
     برحيقِ العشبِ
     بأنغامِ النّارنجِ!

صوتُكِ يغدقُ عليّ 
     ألقَ الإبتهاجِ
يفرشُ دربي 
     بكلّ أنواعِ الرَّخاءِ
صوتُكِ فرحي الآتي
لونُ حرفي في دوحةِ الشِّعرِ   
مهمازُ سموِّي
    نحوَ قلاعِ السَّماءِ!
أيتها المكلَّلة بأريجِ التِّينِ
هل تبَلْسَمَتْ 
جذورُكِ المعرّشة في ماردين
     بصفاءِ الرّوحِ
بهفهفاتِ أغاني 
     (مارْ) أفرام السَّرياني؟!

أيّتها الملفّحة بعشقِ الكرومِ 
     بأرجوحةِ الرَّحيلِ
زهرةٌ من ماردين
تحلِّقُ في سماءِ بيروتَ
تمتدُّ حتّى أقاصي الكونِ! 

كَمْ مِنَ الأغاني
     حتّى ابتسمَتِ الرِّيحُ 
     لآهاتِ الحزانى
     لهفهفاتِ الطُّفولةِ
     لوجهِ الضّياءِ!

كَمْ مِنَ الحبورِ 
     حتَّى حلََّقتِ الرُّوحُ 
     في أبراجِ الهناءِ!
تدورُ طاحونةُ العمرِ 
طاحِنةً نداوةَ اللَّيالي
فارشةً أجنحةَ الصَّمتِ
     فوقَ سُفُنِ البحرِ
     تحتَ هلالاتِ الهلالِ!

تفرُّ الشُّهورُ والسُّنونُ 
متوغِّلةً في أجنحةِ اللَّيلِ
     في رحلةِ التِّيهِ 
     في خيوطِ الشّمسِ!

يموجُ الحلمُ في رحابِ الرَّحيلِ
     في انسيابِ الغديرِ
يبحثُ عن بسمةِ السَّماءِ
     عن حنينِ الوردِ 
          إلى أبراجِ الغناءِ!

ثمَّةَ أملٌ يترعرَعُ بينَ مفارقِ العمرِ
     بينَ خيوطِ الشَّوقِ
بحثاً عن بهجةِ الأيّامِ
     عن إيقاعِ المطرِ
     عن أغوارِ البراءِ!
موسيقى مهتاجة 
تندلعُ من جوانحي
     مثلَ هديرِ اللَّيلِ 
     مثلَ بكاءِ النّهرِ
موسيقى معتَّقة 
     بأصالةِ الألحانِ 
كأنّها بلسمُ الرُّوحِ 
تشفي جراحاً مستعصية
     عن الشّفاءِ

أسمعُ خفقةَ قلبي
تناجي قصصَ البحرِ 
     أراجيحَ الطُّفولةِ
أبهى ما رُسِّخَ 
     في جبينِ البقاءِ!

موسيقى منسابة كرهافةِ الأقاحي
تستأصلُ أنينَنا مِنْ أغوارِ الجِّراحِ
تحملُ إيقاعَ حبورِ الشّلالِ
كأنّها مِنْ رحمِ الحنينِ
     مِنْ أجيجِ النّارِ
     مِنْ غيومِ الشِّتاءِ!
ألوذُ إلى محرابِ الهدوءِ
يستقبلُني كهفي 
     على حفيفِ السُّكونِ
تزرعُ فيروزُ ليلي فرحاً
تبدِّدُ أنينَ غربتي
غربةٌ مفتوحةٌ على مساحاتِ الشِّعرِ
     على ينابيعَ الأنينِ!

تغنِّي فيروز 
     على هدهداتِ الطُّفولةِ 
تغنِّي لأحزانِ الشِّتاءاتِ الطَّويلة
تطهِّرُ الرُّوحَ 
     من أنينِ الحياةِ 
تغدقُ أملاً 
     على خدودِ الشَّفقِ

مفرقعاتٌ في كلِّ الأزقَّةِ
     في أعماقِ المدنِ 
أطفالٌ من كلِّ الأعمارِ 
يلعبونَ بمرحٍ
شبابٌ في قمّةِ المتعةِ
وآخرونَ تائهونَ في غمارِ التَّعبِ!
تعبٌ عندَ انبلاجِ الفجرِ
     عندَ الولادةِ
     عندَ صباحِ العيدِ 
تعبٌ فسيحُ المدى 
يمتدُّ على رحابةِ العمرِ
يفرشُ رذاذاتِهِ 
     في ليلةِ الميلادِ
يتناثرُ فوقَ أحلامِنا 
     في كلِّ الأحايينِ!

تعبٌ من لونِ الهديرِ
     من خشونةِ العمرِ
     من لظى القلبِ
     من غرابةِ الرّؤى
كأنَّنا نعيشُ 
     في زمنِ الأساطيرِ!

مفرقعاتٌ 
تفرقعُ قلوبَ الحزانى
ملايينُ الأمّهاتِ
يبحثْنَ عن كسرةِ خبزٍ
     عن بقايا الحطبِ!
نفورٌ من تفاقماتِ الصِّراعِ
     من هولِ الغباءِ
عصرٌ تعلو أبراجَهُ
     فوقَ جماجمِ العمرِ
عصرٌ مهتاجٌ من فحيحِ الذَّرّةِ
     من لونِ الفقاقيعِ
تورّمَ من خباثةِ الثَّعالبِ
عصرٌ مبقّعٌ بالتكلُّسِ
     بطغيانِ تلالِ الرَّمادِ!

تيهٌ مبرقعٌ بخريرِ الدِّماءِ
     بأجيجِ الجمرِ 
غربةٌ من دكنةِ اللَّيلِ
تتمايلُ على جماجمِ الفقراءِ!

زمنٌ أدهى 
     من شرخِ الجنونِ
     من غدرِ الثَّعابينِ

زمنٌ مفهرسٌ 
     بتجاويفِ القيرِ
     بخلخلةِ أجنحةِ العصافيرِ!
موسيقى في رحابِ السَّاحاتِ
     في أبهى الأجواءِ
تحاكي طيورَ الغاباتِ
تتفتَّحُ بتلاتُ الوردِ 
تزدادُ اخضراراً أغصانُ الدَّالياتِ 
زهرةٌ تغفو على خدودِ أخرى
عبقٌ مستطيرٌ في حفاوةِ المكانِ
طفلٌ منشرحُ الصَّدْرِ
يصغي إلى البوحِ الحنونِ! 

موسيقى مزدانة بالحبورِ
ملايينُ الأطفالِ
تنامُ بينَ مخالبِ الألمِ
مشرَّدينَ على شفيرِ الكونِ!     

عجباً أرى
يفرحونَ بقدومِ الميلادِ
بهدايا الأعيادِ
وهناكَ! 
عندَ مفارقِ الدُّنيا
حروبٌ من لونِ السُّمومِ
     من لونِ الجنونِ!
إنسانُ هذا الزَّمان
ممسوخٌ ببريقِ الحضارةِ
     بإنشراخِ الرُّؤى
لا يعي أبعادَ تلظِّي الرُّوحِ
ولا تفاقمَ الآهاتِ!

إنسانٌ معفّرٌ بأنيابِ الضَّواري
لا يبالي إلا بعلوِّ الأبراجِ
     على جماجمِ الطُّفولةِ
     على رقابِ الأبرارِ!

يهرُّ العمرُ سريعاً
     مثلَ أوراقِ الخريفِ
قهقهاتٌ تشقُّ صمتَ اللَّيلِ
عمرٌ يتآكلُ مثلَ سفوحِ الجِّبالِ!

كلّما تقتربُ ليلةُ رأس السّنة
تستنفرُ كينونتي حزناً
أكبرُ عاماً آخرَ
أزدادُ اقتراباً من أَجَلِي
     من كنفِ الترُّابِ
     من عتمةِ الصَّمتِ!
كيفَ يتجاهلُ المرءُ
     تصحُّرَ البدنِ
     تراخي خيوطَ الدّفءِ
كيفَ ينامُ والحروبُ من حولِه
تهرسُ جماجمَ البشرِ؟! 

وحدُهُ الشِّعرُ
يخفِّفُ من هولِ الفجائعِ 
     من انشراخِ الألمِ
يمحقُ ضراوةَ الأسى
     وانشطارَ الآهاتِ!

لا أفرحُ أبداً 
     في ليلةِ رأسِ السّنة
تهزُّني مثلَ هديرِ الرِّيحِ
من فروةِ الرأسِ
     حتّى أخمصِ القدمِ! 

هَلْ في ربوعِ العمرِ
بهجةً أرقى مِنْ سموِّ الرُّوحِ
     مِنْ نشوةِ التَّجلّي
     بينَ رحابِ القلمِ؟! 
تعالَ يا جنّتي
يا حرفي المتطايرِ
     من حنينِ الموجةِ
يا صديقَ الرُّوحِ
يا بلسماً يشفي خفايا الألمِ!

يتناهى إلى مسامعي
     أنينُ اللَّيلِ
     من شظايا العمرِ
فأهرعُ إلى قلمي
     ماسحاً سطوةَ الصَّنمِ!

أرسمُ وجنةَ القمرِ
     على شاكلةِ امرأةٍ
منبعثةٍ من ضلوعِ البحرِ
     من دموعِ السَّماءِ
     من جموحِ البدنِ!

أكتبُ شعراً من توهُّجاتِ نجمةِ النَّغمِ  
شغفُ الرُّوحِ يستميلُ
     إلى بهاءِ التَّجلِّي 
     إلى منارةِ الألقِ!
حلمي يمتدُّ 
من سماءِ المالكيّة
     حتّى صقيعِ الشِّمالِ 
من الذَّاكرةِ البعيدةِ
حيثُ أكوامُ الحنطة
تعانقُ قصائدَ الشَّجَنِ!

رمتني الرِّيحُ 
     فوقَ أرصفةِ الغربةِ
     فوقَ أبراجِ المدائنِ

تعالَ يا حرفي 
ننسجُ دفءَ الوطنِ
     فوقَ رحابِ القلبِ
     مثلَ خطوطِ الوشَمِ!

وطني قصيدتي
شهقتي الأولى 
حلمي المعرَّش في هديرِ البحرِ
وطني أنشودةٌ وديعةٌ 
تنمو فوقَ ظلالِ الشِّعرِ
     فوقَ أعلى القِمَمِ!
يهمسُ العشّاقُ 
فتضحكُ الشُّموعُ
     من جموحِ المدائنِ
     من بزوغِ شهقةِ الحلمِ

غريبةٌ الشَّوارعُ ..
الوجوهُ الملوّنة في الزُّحامِ
تنمو غربتي 
     مثلَ أعشابِ الرَّبيع
     مثلَ زخّاتِ الأمطارِ
تغفو فوقَ رحابِ الآهاتِ!

كَمْ مِنَ الحروبِ 
     مِنْ تلالِ الحزنِ
     مِنْ تخشُّباتِ العمرِ 
     مِنْ انشراخِ الوفاءِ!

عبرْتُ خضمَّ البحرِ
تائهاً بينَ أجيجِ الغربةِ
     بينَ تلافيفِ الدَّهاءِ
أينَ المفرُّ مِنْ دهاءِ 
     هذا الزَّمان؟!
كَمْ مِنَ الحنينِ تبرعمَ 
     فوقَ خدودِ الغوالي
كَمْ مِنَ الأوجاعِ تلظّتْ
    فوقَ صُدورِ الأحبّةِ
          ولا نُبالي؟! 

تنمو في القلبِ غصّتان
غصّةُ الشَّوقِ 
     إلى تلالِ العمرِ البعيدِ
وغصّةُ الغربةِ 
     في ليالي العيدِ السَّعيدِ!

كَمْ مِنَ الآهاتِ عبَرْنا
كَمْ مِنَ الأحزانِ شرَبْنا
كَمْ مِنَ العظامِ دفَنَّا
هَلْ مِنْ أحجارِ الصّوانِ جُبِلْنَا؟!

لَمْ يرمشْ لنا جفنٌ
حُلُمٌ  تغلغلَ 
     في أعماقِ الزُّهورِ
هاجسٌ تفشّى 
     نحوَ أقاصي البحورِ!
يخفقُ القلبُ تارةً
     مِنْ وطأةِ دهاليزَ العبورِ
وطوراً من النَّومِ 
     فوقَ أسرَّةٍ 
     أنعمَ منَ الحريرِ!

لا يرتوي 
     من اندلاقِ الحرفِ
ولا مِنْ شموخِ الحضورِِ

لماذا يا قلبي 
تركْتَ خلفكَ بيادرَ الحبِّ 
تناجي نصالَ النَّوارجِ
تائهاً بينَ وهادِ الحرفِ
ووجعِ الشَّوقِ 
     إلى أريجِ البخورِ؟!

أيّها القلب
لماذا تناسيتَ ينابيعَ الحبِّ 
     عذوبةَ المياهِ 
مثلَ بسمةِ طفلٍ 
تناغي سواحلَ الرُّوحِ؟!
تداعبُ غربتي هبوبَ النَّسيمِ
ماءٌ يحملُ بينَ جناحيهِ 
    نقاءَ السلسبيلِ!

تغمرُنُي آهاتٌ 
أعلى من قممِ الجِّبالِ
آهاتٌ لا تتحمّلُها 
     قاماتُ الأشجارِ
أكثرَ اهتياجاً 
     من أمواجِ البحارِ!

كيفَ سأهدِّئُ من رَوعِ الدُّموعِ
وقبلتي غرقى في هطولِ 
     قطراتِ الحنينِ
     حولَ خاصراتِ الشُّموعِ؟!

تلوحُ حولي بهجةُ العيدِ 
     من بعيدٍ
فأرى أمّي في بصيرةِ روحي
وأغفو هناكَ 
     فوقَ أعشابِ العرزالِ  
بينَ أحضانِ الهواءِ العليلِ!
كَمْ من الشَّوقِ تلظّى
     بينَ سفوحِ القلبِ
وكَمْ مِنَ العشقِ تماهى 
بينَ أوجاعِ الغربةِ
     تحتَ ظلالِ الأرخبيلِ؟! 

رَحَلْتُ دونَ أنْ أضعَ 
     في الاعتبارِ
خشونةَ الآهاتِ 
عظامَ الأحبّةِ 
قبورَ الآباءِ
وشهقةَ الشَّوقِ عندَ الأمّهاتِ! 

ما هي الغلالُ الَّتي جنينا 
كَمْ منَ الغرباتِ عَبَرْنَا
ما هي فراديسُ النّعمةِ 
     الّتي في كنفاتِها ارتمينا؟!

كَمْ مِنَ الدُّموعِ ذرفْنَا 
أينَ سنخبّئُ دمعةَ الشَّوقِ 
    الطَّافحةِ في ليلةِ الميلادِ
          مِنْ مَآقينا؟! 
هَلْ في ربوعِ الكونِ 
     كنوزٌ
تعادلُ اِحتضانَ الأمِّ
     في صباحِ العيدِ 
أو تضاهي قبلةَ 
     الأبِّ الحنونِ؟!

يراودُني في أعماقِ الحلمِ
أنّي قصيدةُ عشقٍ
     فوقَ شهقةِ الكونِ!

قبلتان! 
على وجنةِ الرُّوحِ قبلةٌ
     أعذبَ مِنْ ندى الرّيحانِ
وعلى وجنةِ الشَّوقِ عطرٌ
     أعبقَ من نكهةِ البيلسانِ!

تهتُ في ربوعِ الحلمِ 
     في أسرارِ القصيدِ 
أزرعُ أزاهيرَ عشقٍ 
     فوقَ وجنةِ الحنينِ
تاركاً خلفي أوجاعَ السَّنينِ!
آهٍ ..
ما كنتُ أدري 
أنَّ أوجاعي 
ستولدُ مثلَ زهرةٍ يانعة 
تضاهي أوجاعَ البنينِ!

أينَ المفرّ من دموعي السّاخناتِ
     من برازخِ الحزنِ
     من جفوةِ التَّلاقي؟!

كَمْ من الآهاتِ
حتّى تصدّعَتْ 
     خواصرُ الجِّبالِ!
كَمْ من الشَّوقِ 
حتّى تهدّلَتْ 
     أعناقُ التِّلالِ! 

أنا جمرةُ عشقٍ متطايرة
     من تلافيفَ الطِّينِ
أنا وَهَجُ عاشقٍ تائهٍ 
ضلَّ طريقاً 
     إلى بحيراتِ الحنينِ! 
تقلّصَتْ جبهةُ الصَّباحِ
من وَخزِ الانتظارِ
أينَ سأخبِّئُ أجيجَ القلبِ
وأنا متناثرٌ مثلَ جموحِ طائرٍ
     خلفَ البحارِ؟!

تعالي يا أنشودتي المفتوحة 
     على توهُّجاتِ القلبِ
تعالي يا شهقتي الشَّفيفة
     وبلسمي جراحَ الرُّوحِ
لعلّي أتوازنُ 
ولو قليلاً 
     مع أنينِ الجِّراحِ! 

أيّتها الموسيقى المزنّرة 
     برذاذاتِ الحنينِ
لماذا تواريتِ فجأةً
     بينَ طيّاتِ الغمامِ؟!

كَمْ مِنَ الهديلِ تناغى
     مِنْ إيقاعِ الحبِّ
     من مناقيرِ الحمامِ؟!
أين أنتِ يا وشاحاً مذهّباً 
     بخصوباتِ القصائد؟ 

لا أظنُّ أنّكِ نَسَيْتِ 
     دقَّاتِ القلبِ تتناثرُ
          فوقَ أجنحةِ الهداهد!

تكبرُ أوجاعي 
كلّما اقتربُ من هلالاتِ 
     ليلةِ رأسِ السَّنة
ليلةٌ ولا كلّ اللَّيلاتِ!

تزهرُ أحزاني 
     مثل بتلاتِ الزُّهورِ
أعزفُ وأغنّي أغانٍ 
     مندلقة من وميضِ الآهاتِ!

يرنُّ صوتُكِ الطَّريّ 
     بين أهدابِ ليلي
فأتوهُ شوقاً إلى موسيقى 
     تنضحُ من أناملي 
موسيقى مبلَّلة بنكهةِ الرُّوحِ
أنا وسكونُ اللَّيلِ
ووجهُكِ يسطعُ 
     بينَ وميضِ النُّجومِ
     بينَ هدوءِ المساءِ

تعالي أيَّتها الممهورة 
     فوق جفونِ الرُّوحِ 
تعالي ننقشُ شهقةَ غربتنا
     فوقَ نضارةِ السَّماءِ

كَمْ مِنَ العمرِ يعيشُ المرءُ 
     بينَ خمائلِ الأرضِ
يعبرُ الإنسانُ 
     أعماقَ الصَّحارى
يزرعُ فوقَ جبهةِ الرُّوحِ
     بخورَ البرارة!

قلبي يزدادُ اشتعالاً
تاهَ عنّي وميضُ الدُّفءِ
ولَمْ يتناثرْ بينَ نسيمِ الصَّباحِ
          أريجُ البشارة!
      
نامَ اللَّيلُ على جناحِ الذَّاكرة
فأشطحُ صوبَ "ديريكَ العتيقة"
حيثُ لواعجُ الشَّوقِ
تزهو فوقَ حنينِ الصَّديقة!

قبلتان، 
على خدودِ اللَّيلِ قبلةٌ
وعلى رذاذاتِ البحرِ أخرى
أنقى من شهقةِ الابتهاجِ!

لا أنسى أبداً ليالٍ غافية
     بين تلالِ الذَّاكرة
نعبرُ أعماقَ اللَّيلِ
نحجبُ وجوهنا 
     "بالشِّيكو بيكو"
وعلى رؤوسِنا قبَّعاتٍ من الورقِ
مدبَّبةٌ من الأعلى
نرقصُ ببهجةٍ عميقةٍ
مردِّدينَ أنشودةً 
لا تفارقُ ظلالَ الرُّوحِ 
ولا تبارحُ عذوبةَ الميلادِ
     أو دُفءَ العناقِ
أنشودةً غافيةً 
     بينَ جناحِ القصيدةِ
     بينَ أعماقِ الهلالِ
     بينَ جموحِ الموجةِ!

تموجُ في ظلالِ الذَّاكرة 
عَبْرَ أكثر من أربعةِ عقودٍ
نقشْتُ تواشيحها
     فوقَ لواعجِ القلبِ
     فوقَ جبهةِ الرُّوحِ
تطنُّ كلماتُها في أذني
كلّما تقتربُ ليلةُ رأسِ السَّنة
كأنّها أنشودةُ عشقٍ
تهاطلَتْ مِنْ هديلِ الحمامِ

كَمْ مِنَ السّنينِ تراخَتْ
     بينَ تلالِ العمرِ
وهذهِ الأنشودةُ 
تزدادُ سطوعاً
كأنّها رذاذاتُ تبرٍ متناثرٍ 
     مِنْ ضياءِ القمرِ
          مِنْ هدايا السَّماءِ!
من هنا 
من سماءِ غربتي الفسيحة
أنا وليلُ استوكهولم الطَّويل
وفيروز تغنّي 
"زوروني كلّ سنة مرّة"

أَخائنٌ أنا
     بحقِّ فيروز 
          وبحقِّ القصيدة؟!

أين سأهربُ 
     من حنانِ الأحبّة 
     من دفءِ القصيدة؟!

أين سأخبِّئُ شوقي
قلبي مدمى أكثر 
     من قلبِ الشَّريدة!

ضبابٌ ينمو 
     فوقَ وهادِ الغربةِ
أتوهُ بينَ أزقّةِ المدائنِ 
     كأنّي غزالة طريدة!  
مِنْ هُنا  
مِنْ رِحابِ أوجاعِ الحنينِ
نهضْتُ معانقاً عبقَ الياسمينِ

تهتُ بعيداً 
 مرتمياً تحتَ ظلالِ الدَّالياتِ
     بينَ وريقاتِ التِّينِ!

تناثرَتْ دقّاتُ القلبِ فوقَ بيادرِ غربتي
مَنْ يستطيعُ أنْ يخفِّفَ
     مِنْ زمهريرِ ليلي الطَّويلِ؟
تتوارى الأيامُ 
     الشُّهورُ
     السُّنونُ
مختبئةً بينَ شواطئِ الحلمِ

يغفو الحلمُ 
     بينَ دقَّاتِ أجراسِ العيدِ
          وجفولِ الجفونِ
حيثُ حبقُ الطُّفولةِ 
يسطعُ مثل بتلاتِ وردٍ 
     فوقَ خدِّي الحنونِ!
تشمخُ في خميلةِ الذَّاكرة  
 تلالُ معارجِ الصِّبا
     وشقاوةُ الطُّفولةِ 
     بينَ أحضانِ الشَّقيقِ

تزنِّرُ وهجَ الشَّوقِ
فأزدادُ شوقاً 
     إلى زنابقِ بيتِنا العتيقِ!

ننمو فتنمو أحزانُنا  
     مثلَ براعمِ نيسان
تحفرُ جذورَها 
     في شواطئِ القلبِ
     في أعماقِ الإنسانِ
شامخة رغمَ ضجرِ الغربةِ
     شموخَ قممِ البنيانِ

أحزاني تشطحُ 
     فوقَ جبهةِ الحرفِ
مبدِّدةً جلاوزةَ العصرِ 
     من كلِّ زُهُوٍّ أو بهتان!

آهٍ .. 
كَمْ أرغبُ أنْ أخلخلَ أجنحةَ الغدرِ 
أنْ أكبحَ انشراخاتِ الزَّمانِ! 

مَنْ يستطيعُ أنْ يخفِّفَ 
     مِنْ أوجاعِ الشَّوقِ ..
     مِنْ صقيعِ الغربةِ
     مِنْ خفايا غدرِ الانبهارِ؟!

مَنْ يستطيعُ أن يهدِّئَ 
     مِنْ جموحِ الرُّوحِ
أوْ يخفِّفَ مِنْ تراكماتِ الانكسارِ؟!

لماذا تقفُ أيّها الإنسان 
     في وجهِ الرّيحِ؟! ..
أواهٍ .. 
لِمَ كلّ هذا الانشطار؟!

وترحلُ السّنونُ
تاركةً فوقَ صدورِنا 
أوجاعاً لا تطاق
انشراخاً في طريقِ الانحدارِ!
ثمّةَ أوجاعٌ متغلغلةٌ
     في معابرِ ليلي
ثمّةَ غربةٌ مستشريةٌ
     في شواطئِ روحي
ثمّةَ تساؤلات حارقة
تشعلُ خدودَ الحنينِ!

وحدُها الكلمة تهدِّئ 
     من ضجرِ الأيّامِ
     من أحزانِ الشُّهورِ
     من رعونةِ السّنينِ!

الحياةُ بسمةُ طفلٍ 
يتلألأ بين أحضانِ أمِّهِ
بخورُ محبّة مخضوضرة 
     بشهقةِ الشَّفقِ
ارتعاشُ عاشقة 
     من وهجِ الاشتعال ..
اشتعالُ القلبِ 
      نحوَ 
          هلالاتِ 
               الرُّوحِ!
شجرةُ الحياةِ تتبرعمُ 
     في أريجِ العمرِ
تزدانُ باخضرارِ الطُّفولةِ
وترنُّ بعذوبةٍ مبهجةٍ 
     أجراسُ الغدِ الآتي

الرِّياحُ هائجةٌ 
شموعُ اللَّيلِ تتمايلُ بمرحٍ
كأنّها تناغي تغريدَ البلابلِ 
ترقصُ مثل نجمةِ الصَّباحِ
     رقصةَ الإبحارِ!

بحارٌ مسربلة بعطشٍ مفتوحٍ
شوقاً إلى بيادرِ الذَّاكرة البعيدة!

ألملمُ أوجاعي
     حنيني
     جراحي الخفيّة
رذاذاتُ الشَّوقِ المتناثرة من قبّةِ الرُّوحِ
موجّهاً أنظاري إلى نجمةِ الصَّباحِ
حيثُ خمائل الذَّاكرة 
تتلألأُ بنضارةِ اللَّيالي القمراء
كَمْ مرَّةً عبرْنَا هناكَ 
     قميصَ اللَّيلِ 
     وما مللنا من المللِ! 

تعالي يا طفولتي 
كي أفرشَ 
     فوقَ وجنتيكِ حبورَ المحبّةِ

تعالي يا صديقتي المفهرسة
     بينَ غلاصمِ الغربةِ

تعالي أيّتها السَّاطعة
     بينَ موشورِ القصائدِ

نكبرُ فتنمو أوجاعُنا
كما تنمو الورودُ
     فوقَ جسدِ المدائنِ!

أغفو فوقَ اِشتعالاتِ الحنينِ
     فوقَ خدودِ الشِّعرِ
     فوقَ صمتِ المعابدِ

كَمْ مِنَ العمرِ بقي لدينا
تمهّلْ 
لا تسرعَ الخطى
امشِ الهوينى
لَمْ يبقَ مِنَ العمرِ عمراً 
يستحقُّ اندلاقَ الشَّظايا
     فوقَ شطآني الحزينة!

تعالي يا طفولتي
خبِّئيني بينَ أحضانِ المدينة
     بينَ تلكَ التَّلالِ 
     بينَ أسراري الدَّفينة!

كَمْ مِنَ الشَّوقِ حتّى اشتعلنا
كَمْ مِنَ الحنينِ حتّى بكينا

كَمْ مِنَ الجُّموحِ حتّى تهنا 
   في سماءِ الحرفِ
نرشرشُ عشقاً من نكهةِ الجمرِ
    وما ارتوينا
تعالي يا خمرةَ الرُّوحِ
     بينَ طراوةِ العشقِ سَرْبِلينا! 
آهٍ .. يا "أنشودةَ الحياة"
لا أملكُ في الدُّنيا 
     أبهى من وجنتيكِ
تعالي هدهدينا! 
            
جراحي مخضّبة 
     بنداوةِ الحنينِ 
آهٍ .. شهقةُ الشَّوقِ لن تلينا!
    
وحدُها القصيدةُ
تنثرُ على وجهِ الدُّنيا 
     حبقَ اللَّيلِ!

وشوشاتُ البحرِ
تبلسمُ صباحي
تمنحني ألقَ البقاءِ! 

وحدُهَا القصيدةُ 
تهمسُ لخبايا الرُّوحِ أسرارَ الموجِ
تفسّرُ للزهورِ المتراقصةِ 
     على إيقاعاتِ العبيرِ 
          تغريدَ البلابل!
تغدقُ على تلالِ الحنينِ
     بهجةَ الإرتقاءِ!

وحدُها القصيدةُ 
تغمرُ سفوحَ القلبِ 
     رعشةَ عشقٍ
تكلِّلُ هلالاتِ الرُّوحِ 
     بأزهى أراجيحَ الهناءِ!

تنثرُ زهورَ الخطميّة
فوقَ ينابيعَ الشَّوقِ
تقفُ في وجهِ الرِّيحِ 
     في وجهِ الأعاصيرِ
تخفِّفُ من أجيجِ النَّارِ 
    من أنينِ الفقراءِ!

وحدُهَا القصيدةُ 
تجاري شموخَ الجِّبالِ
تشعلُ شموعَ الأحبّةِ
تلوِّنُ رحلةَ العمرِ
     بأبهى ألوانِ الصَّفاءِ!

وحدُهَا القصيدة
تزرعُ في رحابِ الحلمِ
أنشودةَ الغدِ الآتي
فرحاً 
وفاءً من أصفى أنواعِ الوفاءِ!

وحدُهَا القصيدةُ
ترسمُ مرابعَ الطُّفولةِ 
طلاً يسقي بساتينَ العشقِ
نسيماً منعشاً
يسمو نحوَ الأعالي
جامحاً نحوَ زرقةِ السَّماءِ! 

وحدُهَا القصيدةُ صديقةُ عشقي 
صديقةُ ليلي
تخفِّفُ من لظى غربتي
تحميني من صقيعِ الجَّفاءِ!

وحدُهَا القصيدة تعرفُ أسرارَ الرُّوحِ 
جمرةُ الشَّوقِ إلى رضابِ الأزقّةِ
     إلى فسحةِ الحوشِ العتيقِ
     إلى اللَّيلِ المضاءِ!
أزقّةٌ ولا كلّ الأزقّةِ ..
تغدقُ عليّ رحيقَ القصائد
أزقّةٌ كريمةٌ
غارقةٌ في بحيراتِ العطاءِ!

وحدُهَا القصيدةُ 
تخفِّفُ من ضجرِ السّنينِ
     من هولِ الزَّلازلِ
     من شراراتِ جنونِ الحروبِ
     من تفاقماتِ البلاءِ!

وحدُهَا القصيدةُ 
تزيّنُ بساتينَ القلبِ  
     بأبهى ألوانِ العطاءِ!

نهضَ الصَّباحُ مغرورقَ العينينِ
دمعةُ حزنٍ طافية
     فوقَ براكينَ الدِّماءِ!

مَنْ يستطيعُ 
أن يصدَّ زلازلَ الموجِ
عندما يجنُّ جنونَ الماءِ؟!
وحدُهَا القصيدةُ
تمتصُّ شرورَ الكونِ
     على امتدادِ الشِّتاءِ! 

وحدُهَا القصيدةُ 
تحضنُ سكرةَ الموتِ
منغصّاتِ الغربةِ 
     وشفيرَ الجفاءِ!

الحياةُ موجةُ بحرٍ هائجٍ
رحلةُ بحثٍ في دنيا من رمادٍ
شهقةٌ عاشقةٍ 
     فوقَ وجنةِ القصائد!

أيّها الإنسان إلى أين؟
آهٍ .. لِمَ يتوالدُ 
     في زمنِ الرَّخاءِ
     شظايا الشَّقاءِ؟!

يرحلُ الإنسانُ 
كأنّه فراشة مشتعلة
     من وهجِ الضّياءِ!
يرحلُ 
حاملاً فوقَ صدرِهِ 
     كمشاتِ العذابِ
رحلةٌ خاويةٌ
خاليةٌ مِنَ الحكمةِ ..
     مِنْ حساباتِ السّنينِ! 

آهٍ .. 
أينَ تاهَ الحكماءُ؟
وحدُهَا القصيدةُ 
تبذرُ بخورَ المحبّةِ
     في رحابِ العمرِ
     في أرخبيلاتِ اللِّقاءِ!

هل ثمةَ أمل في اللِّقاءِ؟
لقاءُ الإنسانِ 
     معَ دفءِ الشَّمسِ
بعيداً عن أنينِ البكاءِ! 

لماذا ينبعثُ من الأبراجِ العاجيّة
     شراراتُ طيشٍ 
     مِنْ أعتى أنواعِ الدَّهاءِ! 
أنا وسكونُ اللَّيلِ 
وبهجةُ الرُّوحِ 
نعانقُ حبقَ السَّماءِ!

تعالي يا ذاكرتي المبعثرة 
     على وجه الدُّنيا
واهطلي عليّ جموحاً
     في خفايا القصيدة!

تعالي عندما ينامُ اللَّيلُ
كي نزرعَ حولَ الشُّموعِ
     بهجةَ الارتقاءِ!

تعالي فقد آنَ الأوان
أن نرقصَ للبحرِ 
رقصةً من لونِ الصَّفاءِ!

تاهَ العمرُ 
     بينَ غلاصمِ الحربِ
     بينَ دهاءِ الرّياءِ!


مَنْ يستطيعُ أنْ يخفِّفَ 
     مِنْ ضجرِ اللَّيالي
     مِنْ لظى النّيرانِ المبرعمة 
          في سماءِ الحلقِ
     مِنْ سَماكاتِ الدِّماءِ؟!

وحدُهَا القصيدةُ
تزيحُ دخانَ الأسى 
     من دروبِ العمرِ 
تخفِّفُ من لهيبِ السُّمومِ العالقةِ
     بينَ رذاذاتِ الهواءِ

تعالي يا ملاذي
وازرعي فوقَ شهقتي 
     شراعَ الخلاصِ
     خيوطَ الوفاءِ! 

وقفَ الحزنُ طاحشاً
     فوقَ خميلةِ الرُّوحِ
غيرُ مبالٍ ببكاءِ الطُّفولةِ
     ولا بشوقِ الأزقّةِ
     إلى شراعِ الدُّعاءِ!
أينَ أنتَ يا أنكيدو 
أين توارَتْ عشبةُ الخلاصِ؟!
وأنتَ يا جلجامش
ألا ترى 
كيف تهدّلَتْ أجنحةُ بابل
وتصدّعَ صدرُ نينوى 
حزناً
     فوقَ شهيقِ الأصدقاءِ! 

عجباً أرى
سرقوا شريعةَ حمورابي 
هدّموا ما تبقّى من عجائبِ الدُّنيا 
دمّروا كلّ المعابد
 منذهلٌ من نومِ الأنبياءِ؟! 

إلى متى سيعبثُ الضالّون
     عَنْ وهجِ الخيرِ
          بقبورِ الأتقياءِ؟!

وحدُهَا القصيدةُ 
تمنحُني شموخَ السَّنابل
أملاً في انبلاجِ خيوطِ الضّياءِ!
أريدُ أنْ أزرعَ
فوقَ وجنةِ الطُّفولةِ 
وردةً من لونِ الصَّفاءِ!

أريدُ أنٍ أزرعَ
     فوقَ اخضرارِ الخميلةِ 
حرفاً مِنْ لَونِ البهاءِ!

تعفّرَ وجهُ الدُّنيا
     من احترابِ جلاوزةِ العصرِ
     من جورِ البلداءِ!

مَن يستطيعُ أنْ يخلخلَ 
     جموحَ الطُّوفانِ؟
فسادٌ يدمي جبهةَ الشَّفقِ
     صدرَ الضُّحى
فسادٌ معفّرٌ بأنيابِ الدَّهاءِ!

تطهّري يا روحي تطهّري
كي أنقشَ جموحَ الرُّوحِ
     في ليلةٍ مزدانةٍ
     بأبهى أنغامِ الضّياءِ!
هل في ربوعِ الكونِ قصيدةً 
أكثرَ انتعاشاً 
     من حبرِ السَّماءِ؟!

تهطلُ السَّماءُ محبّةً
ويهطلُ الإنسانُ مغبّةً
تَبَّاً لخباثاتِ الرَّياءِ!

تعالي أيَّتها الأحلامُ الوارفة 
     في مهبِّ العناقِ
بَلْسِمِي وجنةَ القصيدةِ
بارتعاشاتِ دفءِ الوفاءِ!

توغَّلي في خمائلِ القلبِ
     في روعةِ زهورِ اللَّيلِ 
     في أصفى ألوانِ السَّناءِ! 

ألوذُ إلى كهفي
     إلى بهجةِ الرَّوضِ
أكتبُ شعراً من لجينِ البحرِ
     من هبوبِ الهواءِ!

يفرشُ الحرفُ شهقةَ عشقٍ 
     فوقَ مسارِ الأحلامِ
فيولدُ النَّصُّ من عذوبةِ النَّدى
     من ابتهالاتِ اللِّقاءِ!

أموجُ بين شهقةِ الألوانِ
غائصاً بينَ وجناتِ الزُّهورِ
مسترخياً بينَ أحضانِ الحنانِ!

تتنامى بهجةُ حبٍّ  
     على مساحاتِ الرُّوحِ
تمشِّطُ أحزانَ العمرِ 
تزرعُ في قلبي الأماني!

تعبرُ أهازيجُ ليلي 
     بيادرَ العمرِ 
تقمّطُ قلبي بأريجِ القصائد
تنثرُ فرحاً في دنيا المكانِ!

غمائمُ حزني  انقشعَتْ 
تبدَّدَتْ 
تحوّلَتْ إلى شقائقِ النّعمانِ!
أنتِ حلمٌ مفتوح 
     على بوَّاباتِ الجنّة 
بهجةُ الرُّوحِ أنتِ
مِنْ لونِ الأرجوانِ!

تعالي يا مزارَ فرحي 
لعلّكِ تخفِّفي 
     من أوجاعِ غربتي
قبلَ أن يبلعَنَا هديرُ الطُّوفانِ!

تعالي ننثرُ 
     فوقَ غلاصمِ الرُّوحِ 
زهوراً من نكهةِ البيلسانِ!

تعالي قبلَ أنْ تغفو 
     ورودُ الخميلةِ
قبلَ أنْ يجفَّ خمرُ الدِّنانِ!

تعالي يا رحيقَ حبري
نزرعُ فوقَ بحارِ الشِّعرِ 
ألقاً مخضوضرَ الأغصانِ!

تعالي نغنّي للطفولةِ
     أغنيةً عذبةً
تضاهي عذوبةَ الرّمّانِ!

تعالي يا رمَّانتي
أزرعُكِ في روحي برعماً 
     قبلَ مرورِ الأوانِ!

تعالي أكتبُكِ شعراً بحبرِ البحرِ
أنتِ أبهى قصيدةُ ابتهالٍ
تبَرْعَمَتْ بيراعِ الأمانِ!

تعالي يا سوسنتي 
نطيرُ فرحاً فوقَ ربوعِ الشّطآنِ!

تعالي نزرعُ رحيقَ الخيرِ
لعلّهُ ينمو زهوراً
بينَ شرايينِ الإنسانِ!

أحنُّ إلى نوارجِ الطُّفولةِ
     إلى هديلِ الحمائمِ
     إلى دفءِ الحنانِ!
تعالي يا غيمتي الهائجة
ننقشُ على شراعِ الحبِّ 
أخصبَ ما ينمو 
     في يراعِ الإنسانِ!

تعالي يا وجعي البعيدِ 
نلملمُ باقاتِ السَّنابلِ
ثمَّ ننثرُها فوقَ خدودِ المروجِ
حيثُ يتراقصُ عندَ المدى 
     بهاءَ النُّورِ!
   
تعالي يا موجةَ ليلي
عندَما تبزغُ هلالاتُ الفرحِ
عندَما ترقصُ نجومُ اللَّيلِ 
تعالي يا جنَّةَ عمري
سربليني بينَ تضاريسَ الهناءِ

تعالي عندَ اهتياجِ الفجرِ  
عندَ هطولِ المطرِ 
تعالي عندما ينتعشُ قلبي
     مِنْ سموِّ الرُّوحِ
          مِنْ تجلِّياتِ الغناءِ!
تعالي قبلَ أنْ تغفو 
     أزهارُ الخميلةِ 
قبلَ شروقِ الشَّمسِ 
عندَ انبلاجِ العشقِ 
حيثُ نسائمُ الرُّوحِ 
تتمايلُ بانتعاشٍ 
     فوقَ خدودِ اللَّيلِ!

تعالي يا بهجةَ البهجاتِ
وازرعي فوقَ شواطئِ ليلي
ترتيلةَ فرحٍ
     من حبورِ السَّماءِ!

تعالي أزرعُكِ بينَ زبدِ البحرِ 
          برعماً شهيّاً

يا قصيدتي المفتوحة 
     على بهجةِ الغاباتِ
على صدرِكِ ينمو
     العشبُ البرّي
وعلى خدّيكِ
تزهو وريقاتُ النَّفلِ!
يا بوّابةَ حبِّي الهائم 
     فوقَ نواقيسَ المدائنِ
منكِ أستمدُّ وشائجَ لوني
     شموخَ الحرفِ

أنتِ سفينةُ قلبي
مزارُ خلاصي
عليكِ يا أنشودةَ حبِّي 
وضَعْتُ كلَّ الرّهانِ!

أنا في حضرةِ المحبّةِ
     بينَ أحضانِ القصيدةِ
     بينَ بهجةِ المروجِ 
أسمعُ فيروز
ترتِّلُ لأمواجِ البحرِ
     ترتيلةَ العيدِ

فيروز يا وشاحاً مذهّباً 
 ببخورِ المحبّةِ
غنَّي يا صديقةَ غربتي غنَّي
هدهدي رحيقَ الطُّفولةِ 
     في صباحِ العيدِ!
رتّلي أريجَ المحبّة 
     في ليلةِ الميلادِ!

فيروز زهرةُ قرنفل 
شامخة على قمَّة الرُّوحِ

هَلْ تعلمي يا فيروز
أيّتها الحرف المذهّب 
     في روحِ القصائد 
عندما عبرْتُ المسافات 
     فوقَ أمواجِ البحارِ
حملْتُ بينَ جوارحي أغانيكِ
كي تحمِِيني مِنْ صقيعِ الشِّمالِ 
كي أنقشَ مِنْ وهجِ الأغاني
شعراً مِنْ لونِ الوئامِ
كي أرسمَ خدودَ الطُّفولةِ
     فوقَ مرابعِ الأحلامِ!

فيروز يا صديقةَ الرُّوحِ
يا صديقةَ غربتي 
الغارقة في غمارِ الإبداعِ
     في حبقِ الابتهالِ!
كَمْ مِنَ الأغاني
كَمْ مِنَ الانتعاشِ 
حتّى تبرعمَتْ زهرةٌ 
     فوقَ خدودِ التِّلالِ!

كم من الدُّفءِ 
حتّى انقشعَ سديمُ الارتحالِ!

فيروز يا بهجةَ القلبِ
يا صديقةَ اليمامِ 
يا نغماً منبعثاً
     من أجنحةِ البلابلِ
     من ضياءِ اللَّيالي!

فيروز يا زهرةً شامخةً 
     في بساتينَ الغربةِ
يا موجةَ فرحٍ هائمٍ 
     فوقَ وجنةِ الرُّوحِ
أحبُّ صوتَكِ المتلألئ 
     ببريقِ الحنطةِ
     باخضرارِ الآمالِ!

أحبُّ خيوطَ الصَّباحِ
لأنَّها تتمايلُ 
     معَ إيقاعِ الأغاني
تتمايلُ معَ انعكاسِ موشورِ البحرِ
     في قبّةِ السَّماءَِ 

يا صديقةَ النَّسيمِ
يا وردةً هاطلةً علينا
مثلَ تواشيحَ النَّعيمِ!

أحِبُّكِ يا صديقةَ المدائنِ
يا وردةَ المدائنِ
يا أجملَ من كلِّ المدائنِ!

ليلةُ الميلادِ
مساءٌ مِنْ  فرحٍ
مساءٌ مِنْ نكهةِ الطُّفولةِ 
     مِنْ صفاءِ الماءِ!

يا صديقةَ الشِّعرِ 
يا خصوبةَ العشقِ 
     وأرجوحةَ البهاءِ!
تحيّةً من لونِ عينيكِ 
     من لونِ الحنينِ 
     المبرعمِ في روحِكِ 
تحيّةً إلى شموخِ الرُّوحِ 

أحببتُكِ يا صديقةَ موجي
قبلَ أنْ تأتي للحياةِ 
لأنَّكِ نكهةُ ما قبلَ الحياةِ 
     وما بعدَ الحياةِ!

تشبهينَ حلماً هائجاً 
في ليلةٍ متلألئةٍ 
     بألقِ الهناءِ!

ألملمُكِ 
أغطِّي نداوةَ الحنينِ المسترخي
فوقَ جفونِكِ المتوهجةِ 
     إبداعاً جامحاً 

عندما تستسلمينَ للنومِ 
حاولي أنْ تستسلمي للشعرِ 
كي يحملَكِ فوقَ أجنحةِ المحبَّةِ
     فوقَ طوقِ النَّجاةِ!
الشِّعرُ طريقُنا إلى الخلاصِ 
خلاصُنا من ضجرِ الحياةِ 
هو بيلسانُ الرّوحِ في رحلةٍ 
تتراقصُ عبرها السَّنابل

الشِّعرُ صديقي الأوحد 
فرحي الأزلي

ألملمُ حبقَ العشقِ 
أفرشُه فوقَ جراحِ القصيدةِ
استقبلُ الشِّعرَ 
     على حفيفِ الفراشاتِ
أنقشُهُ على براعمِ ليلي

تهتاجُ خمائلُ الحرفِ
     مثلَ غزالةٍ جامحة
في أعماقِ البراري!

أنثرُ أريجَ الشِّعرِ 
فوقَ مسائي الحنون
فوقَ جنونِ الحربِ
لعلّي أخفِّفُ من سماكاتِ الأنينِ!
تعالي على أجنحةِ الرِّيحِ 
عانقيني عناقاً إلهياً   
كي أتوحَّدَ معَ تجلِّياتِ الحرفِ

يبدو أنّكِ غائصة في عوالِمٍ منسابةٍ 
     معَ بهاءِ الشُّموعِ 
معَ حلمٍ مكتنفٍ بخيوطِ السُّطوعِ

سطوعُ النُّورِ 
     فوقَ حدائقِ الرُّوحِ
     فوقَ بشائرِ القلبِ

سطوعُ الوئامِ عندَ الصَّباحِ 
     عندَ المساءِ
سطوعُ المحبّةِ 
     على امتدادِ الكونِ

هذا الكونُ صديقي
فرحي الأزليّ
مخدّةٌ مريحةٌ 
     لأوجاعِ الرّوحِ

صداقتي مع الكونِ
صداقةٌ من نقاوةِ الماءِ 
     مِنْ طراوةِ العشبِ
     مِنْ رحيقِ الزُّهورِ
     مِنْ بسمةِ النُّجومِ! 

صداقةٌ متغلغلة في بواطنِ الأرضِ
     في شهقةِ السّماءِ!

صداقةٌ من لونِ العطاءِ
     من بهجةِ الأراجيحِ
صداقةُ متناغمة 
     مع صوتِ فيروز
     معَ نداءِ الشِّعرِ
تهطلُ فوقَ كينونتي 
ألقاً مثلَ حبّاتِ الضّياءِ!

فيروز يا وجعي البعيدِ
يا نورَ القصيدةِ
يا حلماً خصيباً 
مكتنفاً بعذوبةِ البوحِ 
     بحفيفِ المساءِ!
فيروز يا لونَ البداياتِ 
غنَّيتِ أجملَ الأغاني
لوَّنتِ شهقةَ الصَّباحِ 
     بأحلى الأماني

تنسابينَ في كياني
كعبقِ الأزاهيرِ
كهديلِ اليمامِ

تبلسمينَ جراحَ غربتي
تخفِّفينَ من أنينِ السِّنينِ 
     من لهيبِ الشَّوقِ
يزهرُ حرفي ألقاً 
     في لجينِ الحنينِ 

تفجِّرينَ في أعماقي
جموحاً شعريَّاً
ينبوعاً من الدُّفءِ
حُبَّاً عميقاً 
بحراً من المروجِ
عناقاً مفتوحاً
إلى قاماتِ البنينِ!
فيروز بوَّابةُ فرحٍ منبعثٍ 
     مِنْ يخضورِ السَّماءِ
رسالةُ حبٍّ متهاطلٍ مِنْ ينبوعِ الأماني
تسمو عالياً في بهاءِ الشِّعرِ 
  في أرقى تجلِّياتِ الأغاني!
نهاية الجّزء الثَّامن!
يُتْبَعْ الجّزء التَّاسع!

ستوكهولم:  ليلة رأس السَّنة: 2001، 2002، 2003، 2004، 2005، 2006
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم sabriyousef1@hotmail.com      

أنشودة الحياة ـ (الجّزء الثَّامن): نصّ مفتوح، قصيدة شعريّة ذات نَفَس ملحمي، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء (مائة صفحة) بمثابة ديوان مستقل، ومرتبط مع الأجزاء اللاحقة. أنجزتُ المجلَّد الأوَّل، (عشرة أجزاء). يتناول النَّص قضايا إنسانيِّة وحياتيّة عديدة، مركِّزاً على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، مع الطَّبيعة، مع الكائنات، مع الأرضِ والسَّماء كمحور لبناء هذا النَّصّ ـ الأنشودة المرفرفة فوقَ وجنةِ الحياة. 
استلهمْتُ فضاءات هذا الجِّزء من وحي استماعي إلى أغاني فيروز، حيث رافقتني في الوطن الأم وفي ديار الغربة أيضاً، وساهَمَتْ أغانيها في تبديدِ شطرٍ غير يسير من غربتي الفسيحة، وتغلغلَتْ أغاني فيروز في أعماق مهجة الرّوح، لهذا راودني بعمق منذ بداية الألفية الجِّديدة 2001 فكرة استلهام نصٍّ شعري من وحي عوالمها الغنائيّة البديعة، وبدأتُ أكتبُ في ليالي رأس السَّنة 2001، 2002، 2003، 2004، 2005، 2006، حيث كنتُ أتفرَّغ في يوم رأس السّنة لسماع أغاني فيروز، وأكتبُ شعراً من وحي أغانيها، وهكذا على مدى ستةِ أيام من أيام رؤوس السِّنين المتعاقبة السَّابقة كتبْتُ هذا النّصّ، وكنتُ أعودُ إليه لاحقاً، لأصيغه صياغة نهائيّة إلى أن رأى النُّور بهذه الطلَّة النَّهائيّة، وقد حمل النّصّ عنواناً فرعياً: 
فيروز صديقة براري الرُّوح
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads