الرئيسية » » آخرُ صفحة | سلمى فايد

آخرُ صفحة | سلمى فايد

Written By غير معرف on الخميس، 30 مايو 2013 | مايو 30, 2013


آخرُ صفحة


ماذا سَأخسرُ 
لو عرفتُ نهايتي؟ 
وأنا كثيرًا ما توقّعتُ النّهايةَ، 
لم يزَلْ في وسعِ
عينيَّ البُكاءْ..
في وسعِ قلبي 
أن يقولَ لحظّهِ:
دع لي دقائقَ 
كي أُرتّبَ كلَّ ما حُمّلتُ في ركنٍ،
وأفرغَ ما تبقّى، 
ثمّ ألقِ جديدَكَ المُتوقّعَ المجهولَ فيهِ
متى تشاءْ..
سأكفُّ عن تأريقِ نومي،
بالكوابيسِ التي تجتاحُ حلْمي،
عن عقاربَ، أو سقوطٍ 
من على جبلٍ مهيبٍ،
أو حريقٍ، أو صُراخٍ 
دون صوتٍ تحتَ
أمواجِ الغرَقْ..
وسَأَستجيبُ لأمنياتي، أرتدي
ثوباً قصيراً، ث
مّ أخرج غير مهتمٍّ
بما سيُقالُ،
أصعدُ تلّةً كي ما أُغنّي 
ملءَ أضلاعي، وأرقصُ
حينما ستغوصُ أقدامي 
ونصفي كاملاً،
بين الضّبابِ 
على بداياتِ الشّفَقْ..
وأشدُّ آخرَ صفحةٍ بيضاءَ عندي،
أُخبرُ الشّخصَ الذي 
سيجيءُ يوماً ما،
ليفحصَ جثَّتي،
 أني ركضتُ وراءَ أسرابِ الفراشِ
لأقتفي أثَرَ الحياةِ
وما تعِبتُ..
وعشقتُ شكلَ طفولتي 
في الجدبِ والرملِ
الذي أُخرجتُ منهُ بلا سؤالٍ،
حين قالوا قد دنى منكِ الشبابُ،
وليتني يا رملُ ما يومًا شببْتُ..
سأقولُ إني كنتُ أمشي عكسَهُم..
ولكم كرهتُ الذكرياتِ لأنها
كانت تُعاوِدُ أمسَهم..
ماذا فعلتُ 
لتُشنقَ الأحلامُ أطفالي أمامي،
مالذي أخطأتُهُ 
كي يجلدوني كلّ صبحٍ
ألفَ سوطٍ حدّ أني قلتُ: 
هل ما زلتُ حُرّا..
ولكي يُداووا كلّ جرحٍ، 
يلهبوهُ بحدّ سكينٍ
جحيميٍّ، بحجّةِ أنّ 
جرثومًا تسلّلَ من خلالِ الجرحِ
كي يُلقي بذورَ خطيئةٍ أخرى لقلبي،
هكذا وهلُمّ جرّا..
سأقولُ إني يومَ أعلنتُ الهَربْ..
ورحلتُ للأرضِ الجديدةِ، 
قابلوني كلُّ سكّان المدينةِ،
منتشينَ بقصّتي،
وبلا عتَبْ..
هل يرحلُ الإنسانُ من أرضٍ 
لأرضٍ كي يموتْ..
هل يركضُ المسجونُ ألفًا 
ثمّ يُصدمُ بالحقيقةِ
أنّ هذا الدربَ من سجنٍ 
إلى سجنٍ يفوتْ..
ورأيتُهم يمشون في دربِ الذين تركتُهم،
إلا جموعًا سارَ من فيها كأنّ بهِم جنونا..
إذ يسلكونَ دوائراً لدوائرٍ، لا يخرجونَ،
وكلّما ضاقت بهِم تلك الدّوائرُ 
أسرعت خطواتُهم،
فأكادُ أُقسمُ أنهم 
لا يحملونَ على ملامِحِهم عيونا..
حتى تُصيبُ البعضَ منهم نوبةٌ دمويّةٌ،
تتفجّرُ الأوجاعُ فيهم، 
ثم تهوي منهمُ الأجسادُ
وتفرُّ الحياةْ..
فوقفتُ أنظرُ للوراءِ وللأمامِ، 
وأشعرُ الدورانَ يسري داخلي، 
هل 
من 
سبيلٍ
للنجاةْ..
هل من إلهٍ في عدَنْ؟
قد بثّ فيَّ الروحَ ث
مّ رمي بفلذتِهِ، لأبناءٍ
تربّوا في الخطيئةِ، 
منذ أن قتلَ ابنهُ الثاني أخاهُ
وورّثَ الدنيا الثّمنْ..
هل 
في 
الحقيقةِ 
من 
عدَنْ؟
سأقولُ إني 
طالما ساءلتُ نفسي
مالذي سأقولُهُ 
في خاتماتِ روايتي؟
ماذا 
سأخسرُ
لو عرفتُ نهايتي؟

سلمى فايد
أكتوبر 2012

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads