الرئيسية » » عميـقٌ وواسـعٌ كمَقْـبرةٍ جَمَـاعيَّة | فارس خضر

عميـقٌ وواسـعٌ كمَقْـبرةٍ جَمَـاعيَّة | فارس خضر

Written By هشام الصباحي on الجمعة، 1 مارس 2013 | مارس 01, 2013

عميـقٌ وواسـعٌ كمَقْـبرةٍ جَمَـاعيَّة


فارس خضر


خنَاجِرِي 
لا تكفي لصدرِكَ 
يا ..
أيُّها الحُزن.


أنا ابْنُ الْبُكَاءِ
صامِتٌ بلا أذُنَـيْنِ
ولا إيقاعاتٍ مُوسيقيَّةٍ
ولا دُمُوع.

أجْهَشْتُ بِدَمٍ وسكاكِينَ
واخْتَزَلْتُ آلاتِ التعذيبِ كُلَّها 
فى هَوَاءٍ منغَّمٍ 
يَخْرُجُ مِنْ فَمِي

أطْلَقَنِي أبي في الْعَرَاء 
بعدَ أن فقَدَ صَوْتَهُ 
في جِنَازة.
ثم وزَّعَ نفسَهُ 
في السَّوَاقي والطواحينِ
في صَفِيرِ الرِّيحِ
وهْيَ تَجْلِدُ البُيُـوتَ 
وقالَ لي:
اُتْـرُكْ دُمُوعي لِلْمَطَر
اُتْـرُكْ دُمُوعي للينابيع. 

تعَلَّقْتُ بِجِلْبَابِهِ المشروخِ
مِنْ كَـثْرَةِ النَّحِيبِ
وصَحَوْتُ 
وأنينُ أَسْـمَالِهِ
مَحْشُـورٌ بينَ أظَافِرِي.

أنا ابْنُ الْبُكَاءِ
أَجْمَعُ أشْلاءَهُ 
مِنْ أفْوَاهِ الْيَتَـامَى، 
وأنامُ 
بِأَحضانِ الأرَامِلِ
ودَمُهُ عَلَى صَدْرِي.

رأسُهُ مَطْهُوٌّ
على مَوَائِدِ الْجُوعِ،
ويداهُ تُهَيِّجَانِ 
أَسِرَّة الحنينِ
في ليالي الشتاءِ الحزينة،

قدَمَاهُ تتَحَرَّكانِ بِخِفَّةٍ 
بـينَ غَدْرِ حَبِيبَةٍ والظلام،
وصدْرُهُ 
مُوَزَّعٌ مَعَ الأنْفَـاسِ
"يبكي ويَضْحَكُ
لا حُزْنًا ولا فَرَحًا"

أنا ابْنُ الْبُكَاءِ
ابْنُكَ يا أبي
سأحْرِقُ جُثَّتَكَ 
وأُكَفِّنُ رَمَادَكَ بِالصَّمْتِ
سأَدْفِنُكَ إلى الأبَدِ
بَيْنَ جَفْنَـيْنِ
بِلا رَجْفَةٍ
ونظرةٍ مَيِّتَـة.


*من ديوان:"بعين واحدة..وبصيرتين"
يصدر قريبا عن سلسلة أصوات بالهيئة العامة لقصور الثقافة 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads