الرئيسية » » قصيدة تنتظر نهاية العالم محمد ابو زيد

قصيدة تنتظر نهاية العالم محمد ابو زيد

Written By غير معرف on الأحد، 17 فبراير 2013 | فبراير 17, 2013


قصيدة تنتظر نهاية العالم
محمد ابو زيد
1
لم أعد أذكر متى استيقظت، فوجتني وحيداً مثل كلب ضال. بنطلون واحد ممزق. حقيبة كتف متسخة أخزن فيها ذكرياتي، سحابة بوجه مومياء تظللني. وديناصور أمتطيه إلى العمل.
2
الموت الذي انتظرته في موقف الباص تأخر ساعتين، حتى برد النسكافيه وجاء الشتاء. الموت الذي ربيته خذلني من أجل من يدفع أكثر. كنت أريد أن أموت مبكراً هذا الأسبوع. حدقتاي تتحركان مثل حوض السمك، أزحزح الأهرامات من فوق صدري وأنهض، أفتح القفص الصدري مثل جناحين وأطير. من الذي قال إن المستقبل خلفنا؟ ليس ثمة مستقبل من الأساس. كما أنه ليس هناك ديناصور أيضاً.
3
في عيد الأم أرسم قصيدة، وفي يوم اليتيم أكتب لوحة، وهكذا تسير الحياة. مرتبكة مثل حب المراهقين. أعد خسائري وأنا أنظف المنزل، أزيحها جانباً وأواصل طريقي. الماضي أحمله معي في الصور. وأسأل فلاش الكاميرا: ماذا تخبئ عني؟ إما أنني لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم، أو أن الكاميرا لا تجيب. لكنني لا أمل من التكرار.
4
ذات يوم رأيت البيت يحترق، وذات يوم آخر رأيت الموت يتأبط ذراعي، وذات يوم نسيته فقدت عيني فلم أعد أتذكر شيئاً، ولم أعد أعرف أين تركت الموت آخر مرة.
5
أبحث عن النظارة التي أرتديها لأدرك أن التجاعيد حفرت ممراً جديداً تحت عيني. أخلع النظارة كي أتأكد أنني تقدمت في العمر، مثل مصعد عجوز حين يصل إلى الطابق الأخير، يفتح الباب ويخرج إلى الفراغ، حيث لا أم ولا أب، لا مستقبل ولا ماض، لا ركاب ولا أزرار. فقط الحياة معلقة في الفراغ كأنها عنقود عنب مر.
6
في الأفلام القديمة: يتقاتل بطل الفيلم مع العصابة الشريرة، فيما تستمر الفرقة الموسيقية في العزف. كان هذا درس الحياة الأول. أبصق المرارة دون أن آكل. أغني لأمي دون أن أراها. أتحسس ما ضاع مني في الزحام وأنا أعرف أنني لن أجده.
7
يمتلك أصدقائي ذكريات كثيرة يحكونها لمقاعد المقهي. لكنني مثل الحوائط أفضل الاستماع. فقط أراقب الجير يتساقط مني. أخبئ سري: أنني بلا ذكريات؛ أطوي الطريق بمجرد أن أقطعه وأقذفه في الفراغ. الفراغ الذي يحاصرني كجيوش النمل. تغادرني مقاعد المقهى فأرسم على الرمال "ا ل م ل ل". وأواصل القفز من حرف إلى حرف بلا نهاية.
8
وأنا صغير، حلمت أن يشق الملائكة صدري. فجاءت الكائنات الفضائية ووضعت زجاجة مولوتوف مكان قلبي وأخذت أمي. سرت في الجنازة وأنا أطير فوق رءوس المشيعين، أخطف أغطية رءوسهم وأصنع بها كفناً لي.
9
لن يقف المترو القادم في هذه المحطة. مثل سابقه. ومثل الباص والقطار والسيارة ومركبة الفضاء والأصدقاء. ليس ثمة محطة هنا من الأصل. أنا الذي أخطئ المكان والزمان والحكاية عن عمد. أقف أسفل الغيمة وأقول لها: ألق إلىّ بمائك فتواصل السير، تعقرني الكلاب الضالة، وتغني: ليس مسموحاً هنا بالموتى.
10
هل أبدو لكم كئيباً؟ أنا كذلك بالفعل.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads