"إلَى سارة يُوْسُف ؛ قُرْبَ يَدي "
كَمَا تَرَكْتِنِيْ أرْعَى نُجُومِي فِي السَّدِيْمِ ؛ يَدَايَ بَارِدَتَانِ بَعْدَكِ. حُزْنِيْ عَمِيْقٌ عُمْقَ الظَّلامِ، يَسْتَأنِسُ بِبَصِيْرتِي فِيْ غِيَابِكِ، مَعَ أنَّنِي أَخْشَى تَعْلِيْقَ حَياَتِيْ عَلَى ظَهْرِكِ، بَعْدَ أنْ أَيْقَظَنِي المُسْتَحِيْلُ مِنْ مَوْتِي مَرَّتَيْنَ، وَقَبْلَ أَنْ أشْعُرَ بِبَروْدَةِ جَبينكِ قُبَالَتي، عِنْدَمَا جَلَسْتِ لَيْلَةً كَامِلَةً عَلَى حَافِّةِ سَرِيرْي، مُبْتَسِمَةً بِشَفَتَيْنِ مِنْ بَلادٍ. شَعْرُكِ الَّذي حَرَمَني مِنَ النَّوْمِ سَنَوَاتٍ، كَانَ دَلِيْلي فِي رِحْلَة الغَسَق عَبْرَ عَينيكِ اليَقِظتيْنِ. كُنْتُ أَخْشَى أنْ ألْمَسَكِ فَأبْكِي، فالسَّاعَاتُ المُبَكِّرةُ لَمْ تَتْرُكْ لِيْ مَسَافةً لتَحْيِيد كَآبتي. لَمْ تَتأكَّدِ العَصَافيْرُ مِنَ ارْتَبَاكِي أَمَامَ أَسْلَاكِ الكَهْرُبَاء ؛ ظلَّتْ تَدوْرُ حَوْلَ أَصَابعِي. وَمِنْ حِيْنِها أَخَذتْ رئِتايَ تَشْهَقانِ عَبْرَ دُرُوبٍ وَعِرةٍ، ظَنَّاً أنَّني جَدِيرٌ بِسَرْدِ طُفُولتي عَلَى العَصَافِيْرِ والفَرَاشَات. فَحِيْنَ رافَقَتْني مِنْ مَكْتَبَةِ المَدْرَسَةِ حَمَلتْ مَعَها عَالَمَها الصَّغِيْرَ عَبْرَ مَسَافاتٍ ضَوْئِيَّةٍ ؛ ارْتَدَّ ضَوْؤها إلَى جُدْرَانِ غُرْفتي. كَانَ ظِلُّكِ هُنَاك يَنْمُو مَعَ ظِلَالٍ شَاقّةٍ، عَبْرَ انْفَجَاراتٍ مُتَتَاليةٍ. شَجَرةٌ تُحَيِّيْني بِغُصُونِهَا مِنْ بَعِيْدٍ، أَوْ مَنْزِلٌ يَبْتَسِمُ بِلَا سَبَبٍ سِوَى أنَّني تَرَكْتُ قُبْلَةً عَلَى بَابِهِ المُتَعَاطِفِ مَعِي لِسَنين. وَكَمَا غَرِقْتُ فِي قَلْبِي، وَلَمْ يُنقذني أحَدٌ. عَشِقْتُ سَوَادِي ؛ كَهْفِي الَّذي يُقْنعُني بِلا جَدْوَى، حِيْنَمَا أُقفِلَتْ البُيُوتُ فِيْ وَجْهِي ؛ مَرثيَّتي الَّتي أتْلُوْهَا عَلَى نَفْسِي مَرَّاتٍ بِلا ضَجَرٍ. وَحِيْنَ تَسلَّلَ مِنْ جَسَدي الأحِبَّاءُ ؛ أَخَذوا رُوْحِي عَبْرَ شَوَارِعَ حَزيْنَةٍ. أعَدَّوا أشْجَارَ فايكس عَدِيْدَةً لِعَيْنَيْنَ، زَحَفَتَا عَبْرَ السَّرَادِيْبِ إلَى مُفَاجَآتٍ مُتَقَاطِعَةٍ، تَظْهَرِيْنَ دَائِمَاً مِنْ خِلَالَهَا.