ما كان ينبغى لهم
صبحى موسى
قل لهم أن يعودوا
أصحابي الذين ضلوا الطريق
ولم ينظروا خلفهم
ليعرفوا المسافة بين الرقص
وانتفاضة الجرح
قل لهم أن يعودوا
لأننا منذ غادروا أماكنهم
ونحن نشعر بالفراغ الكئيب
نشعر أن ضلوعنا ناقصة
وخيماتنا بلا أعمدة
وأننا صواري تتحرك في الفراغ بلا وجوه
قل لهم أيضاً
كان ينبغي أن يتوقفوا
كي يلقوا خطبهم الجليلة على الجماهير
فاتحين صدورهم للرصاص
نافثين عنها
عشرات السنوات من الكبت المتواصل
كان ينبغي
أن يتحركوا نحو بيوتنا
كأسود تنشد غاباتها المسلوبة
منذ بداية الخلق وأسطورة التكوين .. ملوحة للصبية
والنسوة العبرات في ضوء الحديد المنصهر
قل أن الغبار مواريث
وأن الدموع مواكب العاجزين
وأننا شخنا من أجل انتظارهم
فلا البيوت احتضنتنا
ولا الطرقات اتسعت لخطانا الوئيدة
ولا الذين ماتوا على أكتافنا بالأمس
اعترفوا أننا منهم
قل لهم
العجلات البيض مازالت في انتظارهم
وتلك العبارات جهزناها بأعضائنا المبتورة
من أجل وصولهم
أما الميادين التي نامت على نفسها سنوات
فلم يكن لأصحابها أن يشهدوا الخلود
لأنهم كفروا بما بعد الموت
كفروا بالبعث
وجند الله المطهمة
وأحذية الفلاحين القادمين من قرى الجنوب
كفروا بما لم يصدق به غيرهم
ورحلوا إلى حيث كان ينبغي المجيء منه
حيث العيون الذاهلة عن مصيرها المعتم
والأرجل الساعية في فضاء الله بلا راية
رحلوا
دون أن ينتبهوا إلى أن قطارات الجنوب
لا تصل إلى الشمال أبداً
وأن المسافة بين رجفة الجرح
ليس بإمكانها
أن تكون رقصة الموعودين بالنصر