(ذاكرةٌ بيضاء )
شعر / مؤمن سمير .مصر
وأنا صغير
كنت أغمض عيني
و أحاول اصطياد لحظةٍ سحريةٍ
أحملها بحرصٍ
وأخفيها تحت وسادتي
لأحلم بجارتنا التي سافرت بعيداً
لكنها نسيت جديلةً شقراءَ
تهيم فوق البيوت
وتندهُ الغيمةَ الباسمةَ
و قلوبها البيضاء..
و عندما كَبُرتْ عظامي
كنتُ أغمض عيني
و أدخل أَسِرَّة بنات القرية جميعاً
و أحاول صنع حكاياتٍ ملونةٍ
لكنَّ شياطينها
بيضاء..
كذلك كلما كنتُ أموتُ
كنتُ أُفِّتشُ
عن روحٍ ليست مراوغةٍ..
بيضاء..
لأسندَ فزعي الباهت
وهروبي الذي بلا لونٍ
ولا بصيرةٍ شفيفةٍ
و بيضاء..
...............
في آخر السِكَّةِ
صارت عيوني بيضاء
وشهقتي بيضاء
والأنهار على جلدي تهبطُ وتهبطُ
ثم تعلو في الساعةِ البيضاء
لكنَّ حفرتي، قريبتي
ظلت تغيمُ وترجع
و السماء، جارتي
ظلت تبيعُ ظلالاً
وتشتري ماضيها
وتُمسِكهُ من قرنِهِ
وتضحكُ لتقول
هذهِ سريرتي
البيضاء..