الرئيسية » » ‹ السُّقوطُ إلى داخلِ النَّص › | محمد الشموتي

‹ السُّقوطُ إلى داخلِ النَّص › | محمد الشموتي

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 24 مايو 2017 | مايو 24, 2017


‹ السُّقوطُ إلى داخلِ النَّص ›
















 

I
مُفتَتَحٌ أول.

أستشعرُ اللغةَ القديمةَ في القرونِ
الغابرة. صرخةٌ أولى زلزلتْ
سكونَ الليلِ، فارتعشتْ عروقُ
الكونِ، وُلدَ الشعرُ، وابتدأ الزمان.
تشكلت أولى الجدارياتِ
وانطلق النشيد.

II
تاريخُ السقوط.

الرواةُ:

آدمُ: حينَ تركتُ السماءَ انفصلتُ عن داخلي،
تركتُ قليلاً من المعنى هناك، ثم سقطتُ.

المتنبي: عَلى قَلقٍ كَأنَّ الرِّيحَ تحتي.

محمود درويش: في وُسعنا أن نُغَـيِّرَ حَتمِيَّةَ
الهَاوِية.

نيتشه: لا تُحَدِّق كَثِيراً في الهاويةِ؛ حَتى لا تَلتَفِتَ
إلَيكْ.

مُخْتَلٌّ حقيقي: أنا كَالدُّميَةِ التي سَقَطتْ عَينَاها
إلى الدَّاخلِ.

غادة السَّمان: أريد أن أسقط في هاويتك
لأكتشف النجوم عن قرب.

تَعليقُ الرَّاوي:

قُل لاَ ثَباتَ ولا سُقوط،
كُلُّ مَا في الأمرِ
حَدْسٌ يَستَثِيرُ بَلاغةَ المَعنَى،
ويكسرُ فِي دَواخِلنَا المَكانْ.

قُل لا صعودَ، ولا عُلوَّ
فالنفسُ هاويةٌ لعدمٍ
لا يكونُ، ولا يزول.



III
لُعبة.

بلا مآثرَ نعيش،
كيفَ نصنعُ مَا مَضى،
وننجو من الآتي؟

بلا قيودَ نمشي،
كيفَ استطابَ الإنسانُ
حُرِّيتَهُ، فآمنَ بها؟

بلا إلهٍ نُصلِّي،
نَغُضُّ أعيُنَنَا عن السماء،
ليتفشَّى الخيالُ في الْمَلحَمةِ.

بلا إيمانَ نُؤمنُ،
كيفَ نجحَ علمُ النفسِ الحديثِ
في ترويضِ غريزةِ القاتل؟

بلا نهايةٍ أخرى،
إذا كانَ الموتُ أنانياً ومُرعباً
لهذا الحدِّ؛ فَمَا أجملَ تخييبَ
أَمَلِهِ.

بلا مَعرفةٍ نَتعلمُ،
لماذا يُدْرَسُ الجنونُ في منهجِ
الأمراضِ العقلية؟

بلا سَكنيةٍ نتأمل،
كيفَ تُودَعُ العينُ الْمُبيَضَّةُ
مَصحَّةَ العميان، ألأنها لا تَرى
حِجارةَ الرصيف؟

بلا غيبٍ نَتنبَّأ،
العلمُ مُهَرِّجٌ لا يَملُّ
من إلقاءِ النكاتِ الْمُسلية.

بلا لغةٍ أكتبُ؛
ومَصائِري تنتظرُنِي عندَ
نهايةِ الجملةِ، في احتشادٍ
غاضبٍ لنقاطِ انقطاع...
IV

إعادةُ قيد لِهُويةِ المعنى.

النفسُ: قِرانٌ أبديٌّ للسقوطِ،
وشهوةٌ مُطلقةٌ للوُلوج.

المرأةُ: رأفةُ اللهِ بالغريبِ،
نَدمٌ يُلغيهِ الحنينُ.


القصيدةُ: قَمرٌ ينبجسُ منه المعنى،
وإغواءٌ يفضُّ.

الوطنُ، فكرةٌ يرابطُ القلبُ على ثَغرها،
ويشهقُ للوراء.

الذاتُ، موضوعٌ تشتبهُ فيه الروايةُ،
وتُعالِجُهُ البلاغةُ.

القولُ، حَتميةُ الفكرةِ، لا ضَرُورَةُ
الكَلام.

الفلسفةُ، جَماليةُ العقلِ في أشكَالِهِ وصِفاتِهِ،
خُيَلاءٌ فاضلة.

الحزنُ، لذةُ البحثِ عَمَّا يَنقُصُنَا
حَقاً.

الله، حنينُ الإنسانِ الأزلي، الوِجهةُ
الأصليةُ للرحيلِ.

اللغةُ، هاويةٌ تُوجزُ المعنى، وتسألُ:
هل أنا سببُ السقوط؟

V
 نظرية.

الإنسانُ باعتبارهِ سراً،
السرُّ باعتبارهِ لُغزاً،
اللغزُ باعتبارهِ قابلاً للحل،
الحلُ باعتبارهِ سقوطاً،
السقوطُ باعتبارهِ أصلُ الإنسان.

VI
الرحلة.

سفرٌ إلى الداخلِ،
مرهوناً بي     أرحلُ،
أفكارٌ تتجَسدُ، معاني هباءٌ،
رمادٌ أرتديه، وأقطفُ حكمتي
شعوراً لا فِكرةً،
إدرَاكٌ حِسِّيٌ يُفضي إلى العقلِ.
عشقُ الوقتِ، إهمالُ التوقيتِ.
مَعرفةُ الله، المرورُ على آثارِه.
التَّولهُ بالأنوثةِ، مباركةُ الأنثى.
تجاوزُ جدرانِ الخلايا،
سريانُ الروحِ في الأشياء.

في الفكرةِ السفرِ، تمتزجُ الأجسادُ
بمحيطِ المادةِ الأصليةِ للكونِ؛
الدُّخانُ.
أغمضُ عينيَّ، وأرى.





VII
بيني والقارئُ: مُفتتحٌ متأخرٌ للنصِّ.

-                   هل أكتُبُ مَوتَاً؟
-                   اْكُتبْ مَوتَاً.
-                   هل أضَعُهُ في قَصيدةٍ؟
-                   ضَعهُ في جُملَةٍ اعتِراضيةٍ.
-                   هل هذا يشفينا؟
-                   رُبما يفعل !
-                   هَل أنتَ واثق؟
-                   سأحاولُ أن أتظاهرَ بالثقة.
-                   لكن إياكَ أن تَتَظاهرَ بالشِّفاء.
-                   لَن أفعلَ ذلك.
-                   إذن نَلتقي في السطرِ الأخير.
-                   نلتقي.

مُلاحظة: لا يُوجدُ سَطرٌ أخير !




التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads