الرئيسية » » يمكنُ للشاعرِ أنْ يتحوَّلَ إلى ذئب | غياث المدهون

يمكنُ للشاعرِ أنْ يتحوَّلَ إلى ذئب | غياث المدهون

Written By هشام الصباحي on الأحد، 30 أبريل 2017 | أبريل 30, 2017

يمكنُ للشاعرِ أنْ يتحوَّلَ إلى ذئب



قالتْ لهم: انظروا إلى الجبلِ، كي تروني
نظروا إليها، كي يروا الجبلَ
وكانت دمشق تبدو أقربَ، كلّما حدّثتُكِ عنها
فالأجسامُ التي نراها في المرآة تبدو أقربَ ممّا هي عليهِ في الواقع
وتلك التي تحملُ أرواحنا ابتعدتْ كثيرًا
وصارَ لزامًا عليها أنْ تأخذَ أقربَ وسيلة مواصلاتٍ للعودة
وهكذا…
يمكنُ للشاعرِ أنْ يتحوَّلَ إلى ذئبٍ
إنْ هو فكَّرَ في المرأةِ التي يحبّها بطريقةٍ مُمنهجة
وقد يصيرُ مقعدًا في حديقة، إنْ مسَّهُ النثرُ
ويمكن للمدينةِ أنْ تصبحَ غرفةَ تبديلِ ملابسَ، في كواليس مسرحٍ صغيرٍ، في بلدةٍ، لم يسمعْ بها أحدٌ بلا أسباب مقنعة
ويمكن أيضًا أنْ أحبّكِ بلا أسبابٍ مُقْنِعةٍ
أو أنْ ألتقيكِ قبل الرجل الذي لمسَ قلبَكِ بخمس دقائق، لو كنتُ أملكُ جواز سفرٍ معترَفًا به في تلك الأيّام
وقد لا أجد تبريرات لرجل الأمن في المطار حول نحولي عن الصورة في جواز السفر إلاكِ
ويمكنُ أيضًا لجميعِ الكلماتِ التي همستُها في أذنكِ أنْ تُشكِّل قصيدة إيروتيكية مُحتمَلَة، إنْ تمّت إعادةُ جَمْعها وتدويرها في أذن امرأةٍ أُخرى
وأعتقدُ أنَّ هنالك بعضَ الأمل لأنْ يكون هنالك بعض الأمل
إذ حتّى تاريخ كتابة هذا النصّ لم تتوصّل أجهزة الاستشعار في الفيزياء الحديثة إلى أجوبة مقنعة حول التأثير الذي أحدثتْه الأمواج الصوتية لكلماتِكِ في أذنيّ على الشعر في الشرق الأوسط
كذلك يمكنُ أنْ أقعَ في حبَّكِ مرّةً أُخرى
فالتاريخُ يكرِّر نفسه، كما يقول ماركس
ويمكن لمنزلنا أنْ يكون رحبًا بالأصدقاء
أو أنْ يكون لطفلتنا ملامحُكِ وعيناي
ويمكن أنّني لم أغادرْ دمشق في ذلك المساء الخريفي من العام ٢٠٠٨
وذلك يعني أننا لم نلتقِ أصلًا
وأنني لن أكون قادرًا أن أقول لكِ إنكِ تبدين أقربَ كلّما حدّثتُكِ عن دمشقَ
أو كلّما حدّثتُ دمشقَ عنكِ
فالأجسامُ التي نراها في المرآة تبدو أقربَ ممّا هي عليه في الواقع
وتلك التي تحملُ أرواحنا أكلها حيوانٌ مفترسٌ، يُسمّى البحر الأبيض المتوسّط. 

٢٠١٦


القصيدة من ديوان أدرينالين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads