الرئيسية » » رواية سرير الرمان (27) | أسامة حبشي

رواية سرير الرمان (27) | أسامة حبشي

Written By هشام الصباحي on الخميس، 19 مايو 2016 | مايو 19, 2016

(27)
                                                                                                              
                        
   رائحة الطين، ورائحة التراب المبلول بالمطر، رائحة الجلوس فى دهليز منزل أمى الريفى، ومشاهدة الفئران تتسحب على الحائط  بين أعواد الحطب التى تمثل سقفنا ضد السماء والمطر، الراديو الصغير وإذاعة مونت كارلو وأول سماع للشاب خالد، البرنامج الموسيقى والغوص فى موسيقى موتسارت للنهاية، شرائط  محمد منير الأولى، الحلم بعالم آخر ومنازل أخرى،  المذاكرة سيراً على الأقدام  مع شريط القطار، وعبور بلاد وقرى تحيط بقريتنا، سرقة القصب ، و اختلاس رؤية أفخاذ الفلاحات ، التعجب من أبى الذى لايرتدى لباساً داخلياً  ومحاصرة الغيطان بخاصرته ،  لحظات الجلوس بالساعات فى منزل جار لنا عاد من السعودية ومعه جهاز الفيديو ورؤية فيلم "الأقزام قادمون"  الهروب لمنزل صديقى الشاعر من أجل معرفة العالم عبر السطور، قراءة  "أولاد حارتنا" كل تلك القفزات الذهنية الآن تعود بى لزمن أراه سحيقا داخلى، الغريب أن صديقى الشاعر عقب عودتى لمصرتغير . نعم استقر به الأمر كمدير تحرير لمجلة ،لكنه كان حزيناً ، وبرغم تزوجه ممن أحبها إلا أنه دخل فى غياهب خفية معها، ودخل عالم الأساطير والجان، مجنونة هى الحياة وعميقة وصعبة، أعرف أننى لدى الفرصة للعودة لأوربا، لكننى لم ولن اختار ذلك مرة أخرى، أعرف أننى يجب علىّ الكتابة بالعربية ، ويجب علىّ الموت هنا، أنا الذى بلا عائلة، ولا أصدقاء ، أموت من الحزن ومن الندم ،كثيراً ما أرى أننى ضيعت حياتى هباء وكثيراًما أجدنى راضياً عن خبراتى التى اكتسبتها من هذه الحياة، لاشىء ينقذ الإنسان من التفكير الدائم ومحاسبة الذات سوى الموت فقط، طفل أنا، عبث بكل ألعابه وحطمها والآن يخضع لذاكرة هذه الألعاب المحطمة.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads