الرئيسية » , , » كل شيء يغرق في الرياء - قصائد للشاعر الروسي بوريس باسترناك

كل شيء يغرق في الرياء - قصائد للشاعر الروسي بوريس باسترناك

Written By هشام الصباحي on السبت، 5 ديسمبر 2015 | ديسمبر 05, 2015


بمناسبة عيد ميلاده الذي صادف في 10 شباط الماضي
و بمناسبة اليوم العالمي للشعر 

كتبت الشاعرة الروسية الرائعة مارينا تسفيتاييفا : " .. تأثير باسترناك يعادل تأثير النوم . نحن لا نفهمه . نحن نسقط فيه . نقع تحت تأثيره . نغرق فيه... نحن نفهم باسترناك كما تفهمنا الحيوانات .. "
I

هاملت
( من كتاب " دكتور جيفاغو " )




همَدَ الدويُّ . 
خرجتُ إلى المنصة . 
مستنداً إلى قائمة الباب ، 
رحت التقط بعيداً في الصدى ، 
ما سوف يحدث في عصري . 

عتمةُ الليلِّ مصوَّبةٌ عليَّ 
بقوةِ ألفِ مكبّرٍ في المحور . 
إذا كان بإمكانك ، Avva Otche ، 
فاعفني من هذه الكأس . 

أنا أحبُّ قصدْكَ الجموح ، 
وموافق أن العب الدور . 
لكن دراما أخرى تجري الآن ، 
لذلك اطردني هذه المرة . 

غير أن ترتيب الفصول مُقررٌ ، 
و نهايةُ الدربِ حتمية . 
أنا وحيدٌ ، كلُّ شيءٍ يغرقُ في الرياء . 
أن تعيشَ الحياة – ليس كما أن تعبرَ الدرب . 

II
طفلة
غفت غيمة ذهبية
على صدر جلمود عملاق .

من الروضة ، من الأراجيح ، فجأة 
يدخل راكضاً غصن في مرآة ! 
ضخمٌ ، حميميٌّ ، مع قطرة زمرّد 
على طرف إصبع ممدود . 
الجنينة مفترشة ، غابت خلف فوضاها ، 
خلف هرج ومرج يصفع الوجه .
غالية ، هائلة ، كما الجنينة ، و أما الطبع – 
كالأختِ ! مرآة ثانية ! 
لكن ها هو الغصن يُحمَل في كأس 
ويوضع إلى حرف المرآة . 
مَن الذي ، - يخمِّن – يغطي لي عينيَّ 
بكبوة الإنسان المسجون ؟ 
***

III
ارتجال

سربَ المفاتيح* أنا بيدي أطعمتْ 
على وقْعِ صفْقِ الأجنحة ، طبطبةِ الماءْ 
و صياحِ عقابْ . 
مددتُ يداي ، وقفتُ على رؤوس قدميَّ ، 
التفّتِ الأكمامُ ، و لامسَ الليلُ مرفقي . 

وكان ظلام . و كانت هي البحيرةْ 
و الأمواج . – و طيور من فصيلة احبك ، 
كانت مستعدة ،على الأرجح لتميتك ،
قبل أن تموت ، 
تلك المناقيرُ السود المتينة الصاخبة . 

وكانت هي البحيرةُ . وكان ظلام . 
وكانت تتوهج نساءٌ ممتلئة 
وقد دُهنت بقطران منتصف الليل . 
وكانت موجة قد قضمت قعر 
المركب . وطيور تتشاحن على مرفقي . 

والليل يلعب بالماء في خليج السد . 
وبدا ، ما لم تُزقّ الأفراخ كفاية ، 
فالإناث ستُميتُ على الأرجح ،
من أن تموت ، 
تلك الترانيم في الحلق المشوه الصاخب . 
1915 
__________________________
* هنا مفاتيح الأكورديون ( المترجم ) 
IV
إلى آنّا آخماتوفا


يبدو لي ، أنني سأنتقي كلمات ، 
تشبه تكوينك ِ الأول . 
لا فرق عندي - إن أخطأت ، 
فأنا لن أتخلص من عادتي أن اخطأ . 

إني اسمع أصوات السطوح المبلولة ، 
والضربات المنتقاة للنقش على الخشب .
ومدينة ما ، معروفة من الأحرف الأولى ، 
تنمو و تتردد في كل مقطع . 

الربيع من حولنا ، لكن
الخروج من المدينة ممنوع . 
لا زالت الزبونة البخيلة قاسية. 
العينان تدمعان من التطرّيز على ضوء القنديل ، 
ينهض الفجر ، و لا يستقيم الظهر . 
تتنفس رحابات لادوج الملساء 
تسرع إلى الماء ، مستسلمة لوهن قوتها . 
لا فائدة من تلك المشاوير . 
فالقنوات تفوح برائحة فاسدة من المجارير . 
فيها يغطس ، كما الجوز الفارغ ، 
الهواء الساخن وهو يهزّ أجفان 
الأغصان ، و النجوم ، و المصابيح ، والعصور ، 
وخياطة البياضات وهي تنظر 
في البعيد من فوق الجسر . 

قد تكون للنظرة حدة مختلفة . 
قد يختلف وضوح الصورة . 
لكن الذي يحلّ أقسى القلاع – 
رحابٌ ليليٌّ تحت نظر ليلةٍ بيضاء . 

هكذا أتخيل نظرتك و خيالك . 
هو بالنسبة لي مهيبٌ 
ليس بسبب عمود الملح ذاك ، 
الذي به أنتِ منذ خمس سنوات 
قتلتِ الخوفَ من الهرب إلى القافية . 

لكن ، انطلاقاً ، من كتبكِ الأولى ، 
حيث نَمَتْ حبات النثر الثاقب ، 
هو في كل شيء ، كما الشرارة الدليل ، 
يُجبر على محاربة ما كان من أحداث .
1929
*****
V
فالس مع دمعة



كم أحبها في الأيام الأولى 
للتو من الغابة أو من الزوبعة 
و الأغصان لم تتغلب على قلة الحيلة !
خيوط كسولة ، بدون تململ 
تسيل على الجسد ببطء ، 
تتدلى بخيوط فضية . 
جذمورٌ تحت غطاء أصمّ . 

اطلوها بماء الذهب ، أسعِدوها ، - 
و لن يرفَّ لها جفن ،
لكنْ ، المتواضعةَ الخجولةَ في رقائق 
مفضضة من الميناء الزرقاء و الليلكية ، 
ستتذكرونها حتى نهاية القرن . 
كم أحبها في الأيام الأولى ، 
كلها في خيوط العنكبوت أو في الظل !

فقط بالقياس مع النجوم و الرايات ، 
لم يضعوا النبيذ في الكارميلا . 
الشميعات ليست بالشميعات ، بل هي 
مسامير للماكياج ، وليست نيران . 
هي ممثلة تبعث القلق 
مع الأكثر قرباً في يوم البينيفيس** . 
كم أحبها في الأيام الأولى 
وسط حشد من الأهل أمام الكواليس ! 

لشجر التفاح – التفاح ، 
و لشجرة الميلاد – الأكواز . 
لكن ليس لهذه . هذه في حالة سكون . 
هذه ليست من مثل هكذا حلل .

هذه – مختارة منتقاة . 
مساؤها يمتد إلى الأبد . 
هي لا تخيفها الأمثال مثقال ذرة . 
لها تُحضَّرُ نهاية غير مسبوقة : 

في ذهب التفاح ، كما النبي إلى السماء ، 
تجمحُ كضيفة نارية إلى السقف .
كم أحبها في الأيام الأولى ، 
عندما تكون فقط أحاديث 
عن شجرة رأس السنة . 
1941

*****

جــائزة نوبل

لقد تهتُ كوحشٍ في زريبة . 
في مكان ما - بشرٌ ، ضوء و قرارْ ، 
خلفي ضجيجُ المطاردة ، 
و ليس لي إلى الخارج ممرْ . 

غابةٌ ظليلة و شاطئ بحيرة ، 
و جذعُ شجرةِ شوح مرمية . 
الدرب مغلق من كل الجهات . 
ليكن ما يكون ، لا فرق . 

أية فظاعة أنا ارتكبتْ ، 
أنا القاتل والشرير ؟ 
على جَمال بلادي ،
أن يبكي العالمَ أجبرتْ . 

لكن ، و أنا على حافة القبر ، 
واثقٌ أنه سيأتي زمن – 
ينتصر فيه الخير 
على الشر والضغينة . 

1959


إعداد و ترجمة
د . إبراهيم إستنبولي / سوريا 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads