في رثاء الشيخ الجليل سعيد عثمان إدريس (عمدوي) ــ رحمه الله ــ
بِمَوْتِكَ أمْـــسَى مَنْ تــرَكْتَ مُيَتَّماً
سيبْــكِي على فُرْقَــاكَ مِنْ حُرْقَةٍ دَمَا
كئـيـباً كَيَــومٍ جَــنَّ فِيـــِه ظَــلَامُــهُ
فــأْصْـــبَحَ مَخْـــسُوفَا وأضْحَى مُعَتَّمَا
فَمَنْذَا الذَّي يُدْنِي المُرُوءاتِ إذْ نَأتْ
ويَحْــمِـــي عِـمَـادَ الحَّيْ أنْ يَتَهـــدَّمَا
سِوَاكَ، ومَنْ يَسْعَى كَسَعْيـِكَ حَافِـيَاً
إلــى الله بالخيــراتِ بِــرَّاً وَمَــغْــنَمَاً
(حَلِيفُ النَّدَى) مَا كُنتَ يوما مُقَـصِّرًا
وكَفَّــاكَ مَا أبْقَــتْ مِنَ الخَّيْــرِ دِرْهَـمَـا
تَصُولُ إذَا عَــزَّ المُصَالُ وإنْ بَــدَتْ
حِيَاضُ الرَّدَى أبْلَــيْتَ فِـيَهـــا مُقــَدَّمَا
تَحَمَّــلَتَ أقْـدَارَ الـــرِّجَالِ جَــــدَارَةً
ومَــا كُــنْـــتَ إلّا لـِلــفِعَـالِ مُـتَـــمِّــمَا
سَيَبْكِيِكَ مَنْ يَبْكِي عَلَيْكَ ومَنْ يَكُــنْ
كَمِـثـْلَـكَ تَبْكــِيِه الأرَاضِيِـــنُ والسَّـمــَا
(سَعِيدٌ) وسِيـِمَاءُ السَّعَـادَةِ لَــمْ تـَـزَلْ
عَــليـَـكَ مُــحَــيَّــاً طّيـِّــبَــاً مُتَبَـسِّــمَــا
لَـئِــنْ كُنْتَ مَحْمُـــودَاً بِفِعْلَــكَ إنـَّـمَا
فِــعَـالُــكَ أبقـــتْ لِـلْمَــحَامِـدِ مَــعْـلَــمَا
* * * * *
أبٌ لِلـيَتَامَى في ذِرَاعَيْكَ مَحْـــضَنٌ
وكَــفٌّ تَكُــفُّ الـدَّمَعَ عَنْهُــمْ تَكـــَّــرُمَا
وأنْتَ أخُو المِسْكِيِنِ فِي كِـــلِّ حَالَــةٍ
ومَــأْوَى عِطَاشِ النَّاسِ فِي مَوْرِدِ الظَّـمَا
ومَا كُنْتَ مُسْتَبْقٍ لَهُــمْ غَيْرَ حَــاجَــةٍ
تـُـفُيضُ النَـدَّىَ فِيِهِــمْ سخَـــاءً مُعَــمَّــمَا
تَـمُــدُّ الـــذَّي نَالَــتْ يَمِيـنـُكَ بـِالــذّي
تَــجُــوُدُ بِــهِ يُسْـرَاكَ عَــفْـــوَا مُــكَـرَّمَا
* * * * * *
رَمَــى قَوْسَ أيَّــامِي بَلَاءٌ مُخَــــيـِّـمٌ
أصَابَ كِـرَامَ الـنَّاسِ فَضْلاً ومَيـْـسَمَـا
فَمَنْ لِي بِجَــدٍّ1 مِثْلِكَ اليَــوْمَ إذْ نَـأتْ
يـَـدُ الخَيْـرِ واسْـوَدَّ الـــزَّمَانُ وأظْلَـمَا
لَكَ الغـَايَةُ الكُبْرَى إذا رُمْـتَ مَطْلــَبًا
وتَسْمُـو لَهَا إنْ شِئْتَ فِيِهَـــا مُـيَمِّــمَا
كَــرِيــمٌ حَـبَاكَ اللهُ فَــصْلَاً ومَنْــطِقَـاً
وقِــيِلاَ ـ إذَا عَــزَّ الـمَـقَالُ ـ مُـحَـكَّـمَـا
سَلِيلُ كِرَامٍ قَـــدْ نَمَــتـْكَ عُــرُوقُـهُــمْ
وسَيِّــدُ قَـوْمٍ مُنْــذُ أنْ كُــنْتَ بُــرْعُمــَا
لَئِنْ كَانَ فِي (عَمْدَوْيَ)2نَجْمُكَ سَاطِعٌ
فَـكَمْ أنْجَـبَتْ (عَمْدَوْيَ) لِلنَّاسِ أنْجُـمَـا
عَلِيِمٌ، ومَنْ يَــعْلَــمْ سِوَاكَ إذا رَوَى
سُلَاسِلَ أنْـسَابِ القَبـَائِـلِ وانْــتَــمــى؟3
وَمَنْ ذَا الذّي يَدْرِي دِرَايَــةَ عَارِفٍ
إذا قــال قــولاً كَـــانَ للــنَّاسِ مُلْهـِـمَا؟
لئــن باتَ في مثواكَ شَخْصٌ مُغَيـَّبٌ
فَكَــمْ كُنتَ مِلْءَ العَيــْنِ شَخْصاً مُفَخَّمَا
سَقَى اللهُ قَبْرَاً أنتَ فِــيِه وأيْنَعَــتْ
لَــهُ الرَّوْضُ والجَنَّــاتُ غُـصْنَاً مُنَعَّـمَا
هوامش
1 الفقيد هو جدُّ كاتب هذه الأبيات (عمّ والدته).
2عَمْدَوْي : الفرع الذي ينتمي إليه الفقيد من قبيلة الحباب بشرق السودان .
3 : كان رحمه الله ، من أعلم العارفين بأنساب قبائل الحباب وأشعارهم وأخبارهم.
