الرئيسية » » سامحني | جمال القصاص

سامحني | جمال القصاص

Written By Unknown on الاثنين، 16 فبراير 2015 | فبراير 16, 2015

سامحني

------- 
انتهت عطلةُ الحياة .. يمكنك أن تعودي ، يمكنك أن ترتدي ثوبك الليلي، تصفّي العنبَ بجوار المدفأة، وتقولي: أنا البنت التي خرجت من ضلعي، خدعتني رغبةٌ مجنونة في أن أرى يدي أبعدَ من ظلي، صندوقي الصّدفي لا يخزِّن الدموعَ ، امتلأ بعناكبَ سوداءَ وعواطفَ فاسدةٍ .. كنت أظن أن الدائرة جرحٌ مكتمل، أن البرتقالة قشرة الضوء .. حيواتي الصغيرة تجمّدت عند خط السُّرة ، لأعلى أو أسفل ، ليس مهما أن أحدّد.. للأشياء فورانها الرخو.. لكنني حزينة، سريري بارد، جسدي لا يعمل بهمة في حراسته . أقراص المهدِّئ تنتهك حريته، منذ زمن لم نسهر معا تحت شمعة العشب.. لم يخترق عصفورٌ حاجزه الهلامي.. أنا حزينة، والشاعر حزين، وعطلة الحياة مربكة، والقصيدة لا أعرف أين ذهبت، ربما سبقتنا إلى البحر ، أو تنتظر دورها فوق الحافة.
لا أحدَ يحبكِ مثلي، أعرف.. وأنا الفراشة التي حلمت بكَ في طفولتها، من أجلك فقط يمكن أن أدخل المصَّحة، لست مجنونة ولا مختلة عقليا، لكني أرتِّب للحياة دورةً أخرى في خصري.
أيها القروي الأعزل، سامحني، أنا لا أعرف كيف أن أنمو ببطء مثلك، دائما استعجل الثمرةَ، لا أريد أن أشربكَ في جرعة واحدة، ولا ألحق بأعضائي وهي تطير، أريد أن ننط الحبل معا، أن تطوحني فوق ظهر الأرجيحة كغيمة لم تبلغ سن الرشد ، وتدعي أن الكأس لم تحدِّد طريقة الخروج من المعبد.
سامحني، عربتي الطائشة تصاب بلوثة كلما سكبتُ في فمها قطرةً من نبيذكَ اللاذع ، كلما مسَّدتُ صدرَهَا بما تبقي في عروقكَ من زيت.. الأوهام طبقي المفضل، في الليل تتحول إلى جنيَّات بأجنحة مفضضة، تجلس حولي، تراقبني، وأنت تنزع عن جسدي صلاةَ التوست، تدوِّر رغوةَ الشيكولا في الفنجان، وتقول هنا ولدت الشاعرة، هنا رحلت، انطفأ فانوسُها الصغير .. أضحك حين تعقد صلحا نيئا بين فكيي العلوي والسفلي.. وأهتف: جمال الحقني ، عَلِقَتْ فراشةٌ بضرس العقل.
لم نلتق بعد ، لكنني أعيشك يوميا، أسكنك على طريقتي الخاصة، لا أعرف أي دروس أنا مقبلةٌ عليها في الحياة معك، أية قواعد، يمكن أن تحفظ غلاف الهواء منتعشا فوق الرّف .. أسلاكٌ شائكة رهيفة تختصر جسدي ، تحوطه بعجائنَ وحفائر ملوّنةٍ لا ترى، وحدي أمشي إليها، معصوبة العينين، لكنني حين أكزُّ على أسناني، أسمع ضحكتكَ تتأوَّه، أهبط أسفلَ ظلي، أجدكَ بشعرك الأشيب، عاريا إلا من خجلي، أتسلّق كتفيكَ، وأقول: هيا نطهو النوم ، حتى يكفَّ عن الثرثرة في ماضيه، أو نتركه مرميّا كسكير أبلهَ، يوحوح خلف الأريكة، ليعرف أن حبنا لا ينام، لكنه أحيانا يتظاهر بالنوم .
سامحني .. سأكون دائما بين يديك، في حضنك، في صوتك.. حين تجرحنا الوردة، حين تختل حرارتها في شفة الشمس، لن نضع رأسها تحت الصنبور ، سنلفلفها بأشرطة السَّتان، سنعمل بحب كي تعاود مهمتها في توثيق الرسائل، في فهرست البياض، في ضبط المسافة بين الحديقة وبين السرير.
===
** من ديوان جديد أعمل عليه حاليا
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads