الرئيسية » » ما دامت يداي تصلحان لشيء ما | محمد رشو

ما دامت يداي تصلحان لشيء ما | محمد رشو

Written By Lyly on الثلاثاء، 13 يناير 2015 | يناير 13, 2015

1

أجرّب حياةً سهلة، رخوة ونظيفة لكنها ليست بيضاء، أفكر في الثعالب والدجاج والكلاب التي تنبح وتركض دون فائدة، أفكر في الحارس الذي لا يرى، أقول: الغفران سبب السماء، وبعينيْ يهوديّ أحيا في كامب اللجوء الذي كان معسكراً نازياً في ما سبق، وأرى أنه كلما قلَّ الغفرانُ اتسعت السماء، يعجبني أن أتعلم اللغة من الأمثال، وأن أقول بالهولندية ما يعني أن الرابحين هم في الحقيقة خاسرون لا يستسلمون، تعجبني فكرة الحدود هنا، وأن الجنس لا يستدعي سوى البيرة وأن توقفك فتاة في الكريسماس لتقول لك: هل لديك فايبر؟
بتُّ قديماً
وفاسداً
وأسبب لنفسي ليس قليلاً من الألم بدون سبب،
البيت دافئ تماماً والشاي لذيذ
لكني لا أستطيع أن أصدّق فرانك سيناترا،
فهناك شيء ليس على ما يرام.


2

في النهار
أظن أنني لم أعد أخاف الموت،
لكن كلما قبّلتُ ميتةً في الليل،
أمسّها خفيفاً،
لا أضغط بفمي، ولا أفتح فمها،
أخشى أن يجرّ لسانها لساني فأموت.


3

لا أنوي أن أحبَّ أحداً كي لا أقتله في يوم ما،
لا أنوي أن أقضي أيامي وأنا أندم كلما نظرتُ إلى يدي.


4

لشدة ما أندم أنكر الحبّ، ولشدة ما أُحبّ أندم.


5

في الحب وفي الحرب،
نعرف أننا كأسلافنا تماماً،
لم نخلق سوى من تراب الخطأ وماء الندم.


6

أعرف ما أخفي ولا أعرف ما ترى
كلما أخفيتُ شيئاً أقوله
كلما قلت شيئاً أخفيت خلفه شيئاً دون أن أدري.


7

أرى يدي ولا أرى قلبي،
بذور الغفران لا تنبت إلا في أرض الخطيئة.


8

نجوت، أعرف، لكن كلما نظرت في عيني لا أرى سوى البحر.


9

إنها الحرب،
ولا حاجة للتذكر، فقد قتلتُ من أحببت،
ولا حاجة للندم، أيضاً،
فكلما كنت أنهمك في قتل أحد ما، كنت أحبه.


10

ذات يوم،
سأرتجف وأنا أقول اسمكِ لامرأة أخرى،
ذات يوم،
سأستعير مفاتيح غيري
لأنهمك دون جدوى في الباب الذي أغلقته بيدي.


11

كنت أخشى أن تصحو ولا تراني،
فكيف أصحو وأراك ستنام إلى الأبد.


12

على كتفك تركت فمي،
فلا أتكلم لتراني، ولا تستدير فأراك.


13

كلانا لا يعرف ما هو الحب،
لكن على كتفك شجرة تفاح لا يراها سواي،
على كتفي طير لا يراه سواك.


14

استعملي يدي حمالة صدر ولا تقلقي،
لا عمل لدي أيتها المستعجلة وأنتظرك هنا،
ستركضين في محطة المترو دون حرج
وتكونين سعيدة،
وسأكون سعيداً أيضاً ما دامت يداي تصلحان لشيء ما.


15

وحين تحكّين رقبتك في حركة ملل،
ويتمطى جسمك في القميص ذي الأكمام القصيرة،
تلتمع إبطك الحليقة
وتومئ إلى جدل هو الآخر سيدوم طويلاً،
فأربيل ليست بيزنطة،
ونحن لسنا فلاسفة.


16

بألم أنظر إليكِ تسندين وركك على طاولة المطبخ،
على قدم واحدة،
تراقبين شجرة الرمان وتسهين
عن مقبض السكين يختفي تحت مؤخرتك،
حين تعودين من الممر
انفخي على وجهي
لأعرف أنني ما أزال هنا
وما أزال أنظر إليك بألم.


17

لا أزال أحبّ النميمة من فمك،
وكلما كنت تلمسين ركبتي
وأنت تتكلمين عن بطن ميتة أو خيانة ميت،
كان ينتصب معي
ولا أعود أعرف في الفجر أين أنا،
وتزوغ عيناي
حتى لا أتبين خيط الموت من إبرة الحياة.


18

بفمكِ ضحكتُ اليوم
حين رويت لأصدقاء جدد النكتة نفسها،
إنها تثلج منذ ثلاثة أيام،
وكلما رأيت غراباً على الثلج تذكرت عظامك في الليل.


19

كلما نظرت إلى الضوء على سكين، أرى دماً على الأرض.
كنت أعرف أني سأندم كالوحوش،
حينما سأشتهيك ذات يوم كلصّ،
لم تدعني الموسيقى لا مبالياً في السلم،
وفي الحرب لا بد أن أنام بين القتلة كيلا أدرك الطمأنينة،
لا بد من أي شيء لأفعله،
كي لا أرى دماً على الأرض كلما نظرت إلى سكين.


20

أسلك الطريق بين الغابات لأستدل بصوتك تحت وشيش الماء في
آخر الممر،
تفعلينها مرة أخرى، ولا تغلقين الباب خلفك،
لا شيء يرى في الظلام، لا شيء،
لقد امتلأت بما تتركينه للآخرين،
برائحة يدك تحت الآباط،
بأنفاسك على الأعناق،
تفتحين أزرار البرنس ولا أرى سوى عظامك،
بيضاء بيضاء
بيضاء وجميلة
كما ينبغي أن تكون الذكريات.


خيوط زرقاء
لا تقل لي ماذا فعلت أو ستفعل، احتملني كحياة، اهتكني كفاسق واهجرني لأبقى أتألم من الحب، اكذبْ كصادق وصلني كما في الأغاني، انهك جسدي لينام، اشتم اسمي كي لا يغفو، أنكر دمي وخنّي لأعرفك، تكلم في الظلام لأراك، انزف في المنام لأعرف أنك لم تمت، حنّ علي كغريب ولا تدعني أحنّ لغريب، لاتكن طيباً وتتذكرني حين تخاف، لا تختبئ مني كنهاية، أنا هنا وفمي في مدينة أخرى يغني لعيد في مدينة أخرى، أنا هنا وعيناي في الجبال تلاحق نمراً يلاحق ظبياً سيقع بطلقة غفران، كن شجرة فاسدة يلتقي تحتها رجل في حلم امرأة مع امرأة أخرى في حلم رجل آخر، كن حرباً حيث مشيت تنتش بذور الخطيئة، حيث نمت تفقس بيوض الشر، كن ضيفاً، واسألني:

هل دقة الكاميرا ٨ بيكسيل حقيقية وهل تكفيك شحن بطارية السامسونغ ليومين؟
هل جيرانك جيدون؟
هل ماستريخت بعيدة من هنا؟
تعال لأعرفك على من يسكن هنا،
زوجان غير كلاسيكيين، متقاربان في العمر والملامح، لديهما سرير أطفال بطابقين، العلوي يخصّ من كان يسوق دراجته في الطريق والسفلي لابنهما المتوحد الذي يتمدد عليه، صديقان في هدنة طويلة الأمد، تتكلم بعينين أشد حقداً عن تنزيلات الشتاء في 2011، ويتكلم بفم ممصوص عن جردة حساب سريعة للحرب، ويشربان الشاي ليمضي النهار سالماً قبل أن ينتبها أن الملاك يلعب بما بين فخذيه، فيلعبان هما لعبتهما المفضلة، ضبط النفس، هو يغسل له يده، نونو لا، هي تجلب له من الخزانة كبكوبة خيوط زرقاء، قبل أن تناوله تنظر إلينا لتقول: هذه رابع واحدة خلال هذا الأسبوع وسترون، وتقع الكبكوبة في يده، ويركض وتقع من يده، ويركض ويخرج الخيط من الخيط، ويدخل الخيط في الخيط، أرجوك، لا تقف هكذا، انفخ على وجهي، تمتم: العدم هو الموجود الوحيد، لا لتقول شيئاً، بل لتضبط الموسيقى التي تفلت من فمي، ارحمني بما تبقى لديك من الرقة، ولا تقل لي.


* شاعر من سوريا يقيم في هولندا



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads