الرئيسية » » إنه فخٌ | عبد الغفار العوضي

إنه فخٌ | عبد الغفار العوضي

Written By كتاب الشعر on الاثنين، 24 نوفمبر 2014 | نوفمبر 24, 2014


إنه فخٌ ،
تلك الحياةُ فخٌ متقنُ الصدفةِ ، 
أنظرُ فى تلك الهوة السحيقة فى جسدى ، مثلَ بيتٍ بأعمدة خرسانية فقط ، لا جدرانَ تغلف ضلوعَ صدرى المفتوحةِ على القصف العشوائىِّ فى الخارج 
أنا لستُ لى ،
أنا سلعةٌ ...يتداولُنى العالمُ كأسهمٍ فى البورصة ،
أنا المادةُ الخام التى تحتكرها الشركاتُ متعددةُ الجنسيات ،
أنا فريسةٌ ساذجة لذئابِ الدعايةِ الإستهلاكية ،
أنا ربحٌ مؤجل ،
أنا جندى إحتياطى ،
أنا رقم عشوائى فى أرشيفات المواليد ،
رقم فى كشوف الإنتخابات ،
جسدٌ مجانى يمكن اصطياده بسهولة فى أزمة المجاعة ،
أنا وطن للأوبئة ، خلايا مكدسةٌ بالفيروسات ، لحمٌ يأكله السرطانُ ،أنا جغرافيا مهمشة ،
أنا منفىٌّ فى الهامش ، أنا لغةُ العشوائيات ، مصباحٌ مكسورٌ فى زقاق معتم ، بركةٌ من الدماء فى ساحة جريمة افتراضية ، أنا فائضٌ من قطع الغيار البشرية ،
أنا جواز سفر محشور بين أنياب العواصم ، أنا رملُ الصحراواتِ الفاصل بين كل دولة ودولة ، أنا الدمُ المراق على الحدود السياسية للمستعمرات ، أنا لا أساوى ثمنَ قذيفة ، أنا رخيصٌ مقابل برميل من النفط ، أنا جاهز للإشتعال كفتيلِ حربٍ أهلية ، يتيمٌ فى مدينة من الثكلى والعجائز والأرامل ، 
لا اسم لى ، أخرس حين تستجوبنى الحياة : من أنت ؟!
أنا أعمى كرصاصةٍ فى مجزرة ،
أبكم كطفلٍ رضيع يبصر مجئ الموت فوق جنازير الدبابات ،
أفسحُ لكل تلك المقابر قلبى ، أنا أرضٌ شاسعة من الحزن ،
ودمى يكتب الآن كلَ أسماء المفقودين فى حرب وجودية مع العالم ،
أنا جغرافيا بديلة لكل المسحوقين الآن بوطأةِ الإغتراب ،
أدخلوا مدينةً خلقتُها من عظمِ جسدى ،
واكتبوا أسماءَكم على كل ضلعٍ ،
وانتظروا ...مثلَ صبارٍ عجوز ، مسندين ظهوركم على جذوعِ الوقت ،
أن يأتى اللهُ ، كطيرٍ خلقتموه من طينِ أصابعِكم .

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads