الرئيسية » » نشيدُ حُبٍّه المفقود | راؤول سوريتا | ترجمة غدير أبو سنينة

نشيدُ حُبٍّه المفقود | راؤول سوريتا | ترجمة غدير أبو سنينة

Written By هشام الصباحي on الخميس، 18 سبتمبر 2014 | سبتمبر 18, 2014

هذه القصيدة التي ترجمتها للشاعر راؤول سوريتا هي أقرب القصائد إلى قلبي. و أكثر القصائد التي أعود إليها من حين لآخر.

" المترجمة"


- نشيدُ حُبِّهِ المفقود

راؤول سوريتا
Raúl Zurita

نبذة:
وُلد راؤول سوريتا في سانتياغو تشيلي، في عائلة تسود فيها المرأة؛ إذ تربَّى على يد والدته وجدّته لأمه ذات الأصل الإيطالي التي قرأت له الكوميديا الإلهية منذ نعومة أظفاره، وهو العمل الذي شاهد العالم من خلاله وأسهم في تغذية أعماله الأخرى. تخرج من ثانوية لاستاريا، وبدأ دراسة الرياضيات في الجامعة، لكنه سرعان ما ترك دراسته ليكرّس نفسه للأدب ويلتحق بعدها لدراسة الهندسة المدنية في جامعة فرانسيسكو دي سانتا ماريّا في فالباراييسو ما بين الأعوام 1967 و1973، العام الذي تعرَّض فيه للقمع والاعتقال إثر الانقلاب العسكري في تشيلي على يد أوغستو بينوتشيه. 
كانت أعماله "تطهير ما قبل الجنة، 1982"، الانعكاس الحقيقي لما عايشه من عذاب في تلك الفترة. ولاحقاً حصل على منحة جون سايمون جوجينهايم وانتقل لتدريس الأدب في جامعة ولاية كاليفورنيا.

بدأ سوريتا كتابة الشعر خلال فترة دراسته في الجامعة من خلال مجموعة مثقفي فينيا دل مار. ولأن حياته لم تنفصل أبدا عن الوجع الإنساني وحضور المشهد التشيلي من المحيط الهادئ وجبال الإنديز حتى صحراء أتاكاما، فقد وضع حياته المهنية على الهامش.
في سن مبكرة جدا (23 عاما)، كان سوريتا قد أنهى دراسته، تزوج وانفصل عن زوجته التي أنجب منها ثلاثة أطفال.
خلال الحكم الديكتاتوري قام بعدة أعمال عبَّر فيها عن ثورته على واقعه الأليم كحرقه وجهه، أو محاولة تعمية عينيه من خلال إلقاء أمونيا عليهما. عام 1984، نشر "نشيدُ حبِّه المفقود".
بعد الانقلاب العسكري، سُجن في سفينة بحرية وقد أثرت به تلك التجربة وانعكست على أعماله, فالأدب هو الطريقة للكلام والخلق بعد الألم والعذاب.
بفضل منحة حصل عليها من مؤسسة الإنديز أقام لمدة عامين بين تيموكو وكويهايكي؛ حيث كتب هناك عملا جديدا كان أبطاله أنهار تشيلي وهناك تعرف إلى العديد من الشعراء المابوتشيس -وهم السكان الأصليون في تلك المناطق- واطلع على ثقافتهم.
كان عمله "حياة جديدة"، نقطةً فاصلةً في حياته كما يقول هو إنه: "خروج من الجحيم". وبدأ الانخراط بالحياة السياسية خلال حكومة أيلوين، حيث سيصبح الملحق الثقافي في روما، ثم سينشر قصائده النضالية بالتزامن مع فوز ريكاردو لاغوس في حملة الجمهورية الانتخابية، ما ساق إليه النقد الذي ضمها إلى جزء من الرسائل التشيلية التي جعلت منه شاعرا حكوميّا على حد تعبير النقاد.
حقق العديد من "الأعمال الفنية"، ككتابة قصائد في سماء نيويورك بدخان صادر عن طائرات؛ وفي صحراء تشيلي سجل بيت الشعر "بلا خوف أو وجل" الذي يمكن قراءته من السماء.
حاز جائزة بابلو نيرودا للشعر وجائزة بيريسلي دي أورو دي كالابريا الإيطالية، وعام 2000 حاز على الجائزة القومية للأدب التشيلي.
خلال أكثر من ثلاثين عاماَ من الإبداع الشعري، تمكنت أعمال سوريتا من أن تكون مرآة لتاريخ وجغرافيا تشيلي. وإضافة للشعر فقد نشر أعمالا نقدية وتُرجم للعديد من اللغات كالإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية واليونانية والعربية والهندية ويعتبر واحدا من اعظم شعراء تشيلي في جيله.
له من الأعمال: 
(عظةُ الجبل، 1971)، (المناطق الخضراء، 1974)، (ما قبل الجنة، 1982)، (نشيد حبه المفقود، 1985) وآخر أعماله كان عام 2003 بعنوان ((INRI.

توطئة:

كُتبت هذه القصيدة قبل عودة الديمقرطية لتشيلي بست سنوات تقريباً، وهي مُهداة للمفقودين خلال تلك الفترة والذين تجاوز عددهم الآلاف ليس في تشيلي فقط، بل في بلدان أخرى من أمريكا اللاتينية كالأرجنتين التي اكتوت بلهيب الحكم العسكري أيضا؛ حيث مورست في تلك الفترة أبشع مظاهر انتهاك حقوق الانسان، وطورد المثقفون، وشردوا ونفوا . أما المفقودون فقد كانت الدولة تمحو كل آثارهم، جثثهم، أوراقهم الثبوتية، وكل ما يدل عليهم فتتضاعف مأساة الأهل ليس لمجرد موت قريبهم، بل حتى بعدم استطاعتهم الحصول على جثته كي يتيقنوا من مقتله. لا دليل يؤكد الموت بل الفقدان.
"نشيد حبه المفقود"، قد يكون موجها لامرأة بعينها فُقدت خلال تلك الفترة أو للحب المفقود ذاته؛ فالقصيدة تمثل لحنا جنائزيا لأولئك المفقودين الذين لم يعثر على جثثهم. فعدم وجود جثة يعني عدم وجود قبر، وبالتالي تلغى الطقوس الجنائزية المعتادة في تلك المناسبات لتنشد الجموع المفجوعة جميعها ذلك اللحن الجنائزي.
هي قصيدة طويلة تتميز فيها ثلاثة أصوات تلتقي في نهاية المطاف. صوت شاهد لأحد المُعذَّبين، يسجل الأحداث بنبرة مذهولة عامية، أُخروية لاهوتية مع تشويش واضح في جنس الصوت. الصوت الآخر صوت حميمي يتحدث عن حبيبة مفقودة يعشقها لكنها ستكون ميتة فيما بعد. والصوت الثالث هو صوت المنشد نفسه الذي ينشد النشيد. 
يتخذ الصوت الأول شكل النثر الشعري بحيث تنفتح وتنغلق الديباجة وهي تشمل الأصوات الأخرى. الصوت الآخر، هو لشهادة مذهولة موضوعة في أبيات شعرية طويلة مسبوقة بشرطة كتسجيل لوقائع بعينها، في حين أن الصوت الثالث هو صوت العاشق، يأتي على شكل نثر شعري موضوع في فقرة مائلة، كأنما هو شهادة التعذيب والعنف والألم والضياع لحبٍّ صامد أمام الوجع والحنين. كما يظهر فيه صوت مؤنب ويبدو من أكثر الأصوات ألما واظهارا للعنف.


نشيدُ حُبٍّه المفقود



والآن، وقد ابتعد عنّي سوريتا، استطعتَ ببيت شعر نقيٍّ وتبجِّح أن تدخل هنا، في كوابيسنا؛ أيمكنك إذن أن تخبرني أين ابني؟

-للبايسا 
-لأمهات بلاسا دي مايو 
-لعائلات المفقودين
-لعذابات العالم، لحمائم الحب، للبلاد التشيلية والمجرمين:

نشيدُ حبٍّ مفقود

أنشدتُ، أنشدتُ حُبّاَ، بوجهٍ مغسولٍ أنشدت حُبّاَ وابتسمَ لي الشُّبُّان. أنشدتُ بصوتٍ أعلى، وضعتُ الوَلَهَ والحلم والدمع. أنشدتُ أنشودة الأقبية الإسمنتية القديمة. عشرات من الفسقيات ارتصت فوق بعضها البعض وملأتْها. في كل فسقيّة بلد، البلاد كأنها أطفال، الأطفال أموات. كلهم هنا يرقدون، البلاد السوداء، إفريقيا وأمريكا الجنوبية. وأنا من حبّي لهذه البلاد أنشدت الأسى. آلاف من الصلبان كانت تملأ الحقل حتى نهايته. هكذا أنشدتُ معشوقته الكاملة. أنشدتُ الحب:

كان تعذيباً وضُرِبنا، تكسرنا قطعاً.
استطعتُ أن أسمعكِ لكن النُّور كان يتلاشى.
بحثتُ عنكِ بين الحُطام، تحدثتُ معكِ.
رأتني بقاياكِ، وعانقتكِ.
كل شيءٍ انتهى. لم يبق شيء.
لكنني أحببتكِ وأنت ميتة، أحببنا بعضنا،
حتى لو لم يفهم أحد ذلك.
- نعم، نعم، آلاف من الصلبان كانت تملأ الحقل حتى النهاية.
- وصلتُ من الأماكن الأكثر بعداَ، مع أطنان من البيرة
في جوفي ورغبات بالاستفراغ.
- هكذا وصلتُ إلى الأقبية القديمة تحديداً.
- من قريبٍ كانت ثكنات مستطيلة، بزجاج مهشم
ورائحة بول، ومني، دم ومخاط يشق الهواء.
- رأيتُ أناسا شُعثاً، رجالا نخرهم الجدري وآلافا من الصلبان في الثلاجة، آه نعم، آه نعم.
- ذهبتُ إلى كل هؤلاء الأعمام الفاسدين واحتججت.

- كل شيء كان قد مُسح عدا الأقبية الملعونة.
- ملكٌ شرير، من خاصرتي أراد أن يشدني، لكنني وضعتُ على العشبِ رقم حارسي الأيماريِّ فهرب.
- وبعدها، عصبوا عيني. رأيتُ العذراء، رأيت المسيح، رأيت أمي تسلخ جلدي حتى الموت.
- في العتمة بحثتُ عنكِ، لكنّ الفتيةَ الوسيمين معصوبي الأعين، لا يرون شيئا.
- رأيتُ العذراء، الشيطان، والسيد "ك".
- كلُّ شيءٍ كان جافّاً أمام الفسقيات الإسمنتيّة.
- قال المُلازم "لنذهب"، لكنني بحثتُ وبكيتُ من أجل فتاي.
- آه يا حُبي
- اللعنة، قال الملازم، سنذهب لنلوِّن قليلاً.
- ابنتي ماتت، مات ابني، اختفى الجميع.
مقفرين من الحب

آه يا حبي، محطمينَ وقعنا وفي السقوط بكيتُ وأنا أنظرُ إليكِ.
كانت ضربة تلو أخرى، لكن آخر الضربات لم تكن مهمة.
بالكاد جرجرنا أنفسنا قليلا بين الأجساد المنهارة كي نبقى معاً،
كي نبقى جنباَ إلى جنب.
لا الجرجرة ولا الوحدة كانتا بالأمر الصعب.
لم يحدث شيء وحلمي يستيقظ ويسقط كالعادة. كما الأيام.
كالليل. بقي حبي هنا وما زال.
- عالقاً بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- عالقاَ، عالقاَ بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- تطوَّحتُ في أماكن كثيرة
- كان أصدقائي في الأقبية القديمة يتنهدون.
- كان الشُّبان يعوون
- هيا، ها قد وصلنا حيث كانوا يقولون لنا – صرختً على ابني الجميل.
- رافقني "السادة" ووجهي يقطر.
- لكنني لم ألتق أحدا كي أقول له "صباح الخير"، فقط بضعة سحرة ببنادق ماوزرد
يأمرونني بلهجة دمويًّة.
- قلت: -هم مجانين- قالوا: لا تصدق هذا.
- وحدها الصلبان كانت تظهر مع القبوين القديمين المغطَّيين بشيء ما.
- بحربةٍ قطعوا كتفي وشعرت بذراعي وأنا أسقط على العشب.
- ثم ضربوا بها أصدقائي.
- تابعوا وتابعوا ولكن عندما بدؤوا بطعن والدي ركضتُ وتقيأت في المرحاض.
- مروج هائلة تشكلت في كل قنطرة، الغيوم تُشقِّق السماء والتلال تقترب.
- سألوني ما اسمك؟ ماذا تفعل؟
- انظر لديك مؤخرة جيدة. ما اسمكِ أيتها المؤخرة الجميلة- يا بنت يا وغدة، سألوني.
- لكن قلبي بقي عالقاً بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- لكنني أقول لكِ إن حبي بقي متشبثا بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- فهي لم تكن تعرف تلك الأقبية اللعينة.
- هي على حالها. وأنا وصلتُ مهدوداً مع أصدقائي.
- جئتُ من أماكن كثيرة.
-جئت باكيا. أُدخن وأنضم للفتية.
- قلت: هذا جيد كي نرى ألوانا.
- لكنهم يحفرون مقابرنا أمام الأبواب.
- لكنهم شرَّحونا، قلت لك.
- آه، نعم، أيها الفتي الجميل.
- بالطبع، قال الحارس، لا بد من اقتلاعه من جذوره.
- آه نعم، آه نعم.
- الكتف المقطوعة كانت تنزف وكانت رائحة الدم غريبة.
- أدرتُ ظهري فرأيتُ الأقبية الكبيرة.
- ماركة تي ان تي، حراس وأسلاك شائكة تغطي زجاجها المحطم.
- إنما بالنسبة لنا، فهم لن يروننا مطلقا لأن حبّنا عالق بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- عالق، عالق بالصخور، بالبحر والجبال.
- عالق بالصخور، بالبحر والجبال.
- مات ابني، ماتت ابنتي، اختفى الجميع
مقفرين من الحب.

حمَّلونا الجير والأحجار، لوهلة، خشيت أنهم أذوكِ.
آه يا حبّي عندما شعرت بأول صخب تعلقتُ بكِ أكثر.
نعم، بالطبع كان هناك شيء ما.
شعرت بالحجارة تهرسك، واعتقدت أنك ستبكين، لكن لا.
الحب هو الأمور التي تحدث.
حبّنا الميت لا يحدث.

هو عذب ولا.
كانت الطقطقة الأخيرة ولم تكن هناك من حاجة للحراك.
كل شيء يتحرك الآن.
حدقتاك ساكنتان، لكن أربع عيون مفتوحة بشكل لا نهائي ترى أكثر مما تراه عينان اثنتان.
ولهذا رأينا بعضنا.
ولهذا تحدثنا، وأسندتُ ظهري إلى ظهرك.
وحتى لو لم يشاهد أحد ذلك، فقد خطر لي أن هذا قد يكون أمراً جيداً، بل إنه جيد.. ربما.

انهرت قربك، خلتُ أنني أنا من يرميني.
أتخيل أن العشب سينمو.
في الحقيقة اعتقدت أنني أحب الأحجار أكثر، لا، بل العشب.
اعتقدتُ أنك أنت أنت وأنني أنا.
وأنه وإن كنتُ ما زلتُ على قيد الحياة، فإنني حين أرحل نحوك، أمر ما يُكذّبني.
كانت لحظة واحدة فقط، طويتَ بعدها نفسك أنت أيضا، فيما حبّنا يزداد كالقتل.
الآن سقط الجميع ما عدا نحن الساقطين.
الآن الكون كله أنت وأنا عدا أنا وأنت.
إثر الضربات، ذهبنا، تزحزحنا قليلا وشعرتَ باقترابي وأنا مهشمة.
لن يعرف أحد القدر، لأنك أنت من أبحث عنه، من أعتني به.
بكاءة منك، لربما نصبح يوما شيئا واحدا.
الآن أدركت ذلك لكن لم يعد يهم.

- أواه، انهيارات جليدية كبرى تقترب، انهيارات جليدية كبرى فوق أسقف حبنا.
- آه يا ذات الصوت الأجش، صاح حبيبي، الديناصورات تستيقظ، طائرات الهيلوكبتر تهبط وتهبط.
- حيث تستلقي الأقبية القديمة، الجدران عالية جدا بأبراج تلفزيونية.
- كان بامكانك الظهور على الشاشات، نعم يا حبيبي.
- في حلمي أشعل زر التشغيل وهناك تظهر بالأبيض والأسود.
- أقول: -هذا هو الفتى الذي حلمت به، هذا هو الفتى الذي حلمت به.
- عندما أنهض، أرى فقط جرحى في فناء طويل وجلود بشعر كثيف معلق بهوائيات الارسال.
- اسمعوا يا أصدقاء –صرخت- هذه أزمنة مرَّت، سخروا مني.
- تركوا علامات على أجساد الرجال وبالحراب قصوا شعرهم.
- هل تدخن الماريجوانا؟ هل تتعاطى النيوبرين؟ أي خراء تدخن أيها الأحمر المقزز؟
- لكنهم جميلون، مع هذا فأنا أستمتع برؤيتهم، أبلل سريري وأدخن.
- أقع في هواهم، أصبح ملكة نفسي وأتزين كليا. أعود إلى الدموع وأحييهم،
- لكنهم حلموا جميعا اليوم بحلم الموت، آه نعم أيها الفتى الوسيم.
انهيارات جليدية آتية كي تحمل بقايا حبنا.-
- انهيارات جليدية آتية كي تبتلع منافذ حبنا.
- النيجيريات أمام بعضهن البعض.
- من بعيد يبدون كالكتل.
- رأيت كل شيء بينما كانوا يضربونني بعنف، لكنني التفت، ولم يستطع حارسي أن يوقفني.
- هناك عرفتُ الألوان ورأيت الرب الحقيقي يصيح داخل الأقبية الباردة، ينبح داخل أشباح الأقبية،
- بغلةٌ تشيلية –كانت تشتمني أمي- سيأتي أيضا أجلك.
- تلفّتُّ نحو أماكن كثيرة ولم أر أجدادي يخرجون من هناك.
- هم كالإله.
- لكنهم لا يعرفون أن جروَهُ يحتضر من الموت ومن الضربات في الأقبية العتيقة.
- الآن يبحث عني مسنون مساكين يرتعشون بردا.
- يحبّلوننا ببصاق غليظ، معاُ، شبابا وشيوخا.
- انفجرنا.
- نعم يا حبيبي، انفجرنا
- الجيل الجنوب أمريكي يغني الفولكلور، يرقص الروك، لكن الجميع يموت معصوب العينين في رحم الأقبية.
- في كل فسقيَّةٍ بلد، إنها هناك، البلاد الجنوب أمريكية.
- انهيارات جليدية كبرى جاءت تجرفها.
- انهيارات بيضاء، نعم يا أخي، تبلغ الأسقف.
- مات ابني، ماتت ابنتي، اختفى الجميع.
مقفرين من الحب.

هكذا بكيتُ وغنيت. بينما تنبح الكلاب وهي تلاحق الرجال والحراسُ يحاصرونهم.
بكيت بشدة أكثر بينما كانت الأجساد تتساقط.
بكيت النشيد بالأبيض والأسود، نشيد حبه المفقود.
بكيت كل قنوطي. والعشب ينمو ليصل النيجيريات.
رجال البايسا قلت له، 
خذ؛ خذ وجعي فانطفأ.
أنشدنا الحنين للبلاد وللبلد التشيلي.
كان موكبا دينيا وحُكما، عبرنا الفسقيات الأخرى، وأمام فسقية بلادنا، انفجر المزمور.
كل الألم.
كل المزمور وقع إذاً على حبه الذي لم يكن.
من الحنين أنشد لهم، للبلاد الميتة قلت لا، لم تعد تؤلم.

البلاد ماتت. قبوٌ يدعى أمريكا الجنوبية وآخر يُدعى إ فريقيا.
قلت وأنا أتفتح، العذاب من منحني بصري.
أنشدنا التراتيل. كان نجمي سيء لكنني أنشدت لحبي الذي كاد يرحل.
كلهم مدنيُّون قلتُ باكيا: لقد ذهب، رحل، وأنا لا أتألم ولست لا أتألم.
عالمية الدول الميتة نمت وارتفعت ووضعت حبي.
الحب كله بايسا، كل بكائي جمعته وعندها فقط ظهر جنرال البلاد الميتة
هكذا نزفت أنا الجريحة، وبمغادرتي احمرَّ لون النشيد لحبي المفقود.
كل الرسائل كانت تنفتح كحفر، ويبدأ الصراخ، أما البلاد فقلت لا. لم تعد تؤلم.

- أُنشدُ، أنشد لحبه المفقود.
- أنشدُ، أنشد لحبه المفقود.
- نعم يا فتاتي الحلوة، يا فتاي الوسيم، أنت كرامتي، أليس كذلك؟
- كل أسماء أوطاني الأم تنتمي لحبيبي، إنه عاشقي والهائم بي. آه نعم، آه نعم.
- كلهم هنا يَطفون على الفسقيات.
- كل رجالي محطمين، هذه كرامة لي، أليس كذلك؟
- أنقع نفسي كثيرا وأقول أحبك.
- أنشد، آه نعم، أنشد لحبه المفقود.
- أنشد، آه نعم، أنشد لحبه المفقود.

الأرجنتين، الأوروغواي من البلاد التشيلية ومن حبي المفقود.
بسلالم يمكن الصعود من بلد لآخر.
بمصاعد كهربائية يمكن الصعود أو بطائرات حبيبي الذي يُنزل أيضا الظلال وأحيانا يصعد.
هناك مشينا أنا وأنت، هناك مشينا، بين الفسقيات أنت وأنا كم تكلمنا: -هل أكلتني؟ لأنه كان لديك جوع تشيلي، أأكلتني؟

أحببتك، أحببتك كثيرا، يقول، فيصفر كل الليل الأسود، وأنا أمسكتكَ بين يدي فرأيتَهُ.
إنه أمر يخص الأموات فقط.
نعم، إنه أمر يخص الأموات فقط، أن يروا كل رسالة تنفتح كفسقية.
رسائل أصغر فأصغر، يقول، قبور حب راحل، يقول. وأنا أمسكتك بين يدي فرأيته. بلدان راحلة يقول.

ألم تتوجعي، زهور البلاد المركزية تغيرت وأنا من كان يحتضر.
على جانبك مت ووضعوني في الأعلى كالبلاد الأرجنتينية الواقعة فوق تشيلي.
كلهم يصعدون فوق بعضهم البعض.
فسقيات أقبية أمريكا الجنوبية، الذين يُسمَّون بالأموات.
أماتونا –قلت- من الألم وتسموا بالموت.

من الحب المفقود أيضا تسمى البلاد.
محاطين بالجدران يستلقون مثلنا.
ذبحوا الأطفال لكن البلاد بقيت.
نحن هم، زعمت، وكان ذلك صعبا.
بعضهم يوصف ببلاد الجوع. أو بالأحرى الولايات المتحدة في الفسقية الأفريقية، أقول.
أبعد من ذلك الآخرون. حبيبتي، نحن الآكلون بعضنا.

النهاية: وبعد ذلك

مشتعلةً بالحب، غنَّت لك فتاتك هناك. كانت أكثر عمقا؛ أكثر عمقا من الحفر السوداء، من الصيحات، من الكابوس. هناك تروي لك المرأة العاشقة القصة؛ إنه وصف، خرائط وبلاد مفجوعة، لكن فتاتك بكاملها أنشدت هنا. فاصل. صحراء حبك. فاصل. وماذا بعد:

هذه القصيدة التي ترجمتها للشاعر راؤول سوريتا هي أقرب القصائد إلى قلبي. و أكثر القصائد التي أعود إليها من حين لآخر.

نشيدُ حُبٍّ المفقود

والآن، وقد ابتعد عنّي سوريتا، استطعتَ ببيت شعر نقيٍّ وتبجِّح أن تدخل هنا، في كوابيسنا؛ أيمكنك إذن أن تخبرني أين ابني؟

-للبايسا 
-لأمهات بلاسا دي مايو 
-لعائلات المفقودين
-لعذابات العالم، لحمائم الحب، للبلاد التشيلية والمجرمين:

نشيدُ حبٍّ مفقود

أنشدتُ، أنشدتُ حُبّاَ، بوجهٍ مغسولٍ أنشدت حُبّاَ وابتسمَ لي الشُّبُّان. أنشدتُ بصوتٍ أعلى، وضعتُ الوَلَهَ والحلم والدمع. أنشدتُ أنشودة الأقبية الإسمنتية  القديمة. عشرات من الفسقيات ارتصت فوق بعضها البعض وملأتْها. في كل فسقيّة بلد، البلاد كأنها أطفال، الأطفال أموات. كلهم هنا يرقدون، البلاد السوداء، إفريقيا وأمريكا الجنوبية. وأنا من حبّي لهذه البلاد أنشدت الأسى. آلاف من الصلبان كانت تملأ الحقل حتى نهايته. هكذا أنشدتُ معشوقته الكاملة. أنشدتُ الحب:

كان تعذيباً وضُرِبنا، تكسرنا قطعاً.
استطعتُ أن أسمعكِ لكن النُّور كان يتلاشى.
بحثتُ عنكِ بين الحُطام، تحدثتُ معكِ.
رأتني بقاياكِ، وعانقتكِ.
كل شيءٍ انتهى. لم يبق شيء.
لكنني أحببتكِ وأنت ميتة، أحببنا بعضنا،
حتى لو لم يفهم أحد ذلك.
- نعم، نعم، آلاف من الصلبان كانت تملأ الحقل حتى النهاية.
- وصلتُ من الأماكن الأكثر بعداَ، مع أطنان من البيرة
في جوفي ورغبات بالاستفراغ.
- هكذا وصلتُ إلى الأقبية القديمة تحديداً.
- من قريبٍ كانت ثكنات مستطيلة، بزجاج مهشم
ورائحة بول، ومني، دم ومخاط يشق الهواء.
- رأيتُ أناسا شُعثاً، رجالا نخرهم الجدري وآلافا من الصلبان في الثلاجة، آه نعم، آه نعم.
- ذهبتُ إلى كل هؤلاء الأعمام الفاسدين واحتججت.

- كل شيء كان قد مُسح عدا الأقبية الملعونة.
- ملكٌ شرير، من خاصرتي أراد أن يشدني، لكنني وضعتُ على العشبِ رقم حارسي الأيماريِّ  فهرب.
- وبعدها، عصبوا عيني. رأيتُ العذراء، رأيت المسيح، رأيت أمي تسلخ جلدي حتى الموت.
- في العتمة بحثتُ عنكِ، لكنّ الفتيةَ الوسيمين معصوبي الأعين، لا يرون شيئا.
- رأيتُ العذراء، الشيطان، والسيد "ك".
- كلُّ شيءٍ كان جافّاً أمام الفسقيات الإسمنتيّة.
- قال المُلازم "لنذهب"، لكنني بحثتُ وبكيتُ من أجل فتاي.
- آه يا حُبي
- اللعنة، قال الملازم، سنذهب لنلوِّن قليلاً.
- ابنتي ماتت، مات ابني، اختفى الجميع.
مقفرين من الحب
  
آه يا حبي، محطمينَ وقعنا وفي السقوط بكيتُ وأنا أنظرُ إليكِ.
كانت ضربة تلو أخرى، لكن آخر الضربات لم تكن مهمة.
بالكاد جرجرنا أنفسنا قليلا بين الأجساد المنهارة كي نبقى معاً،
كي نبقى جنباَ إلى جنب.
لا الجرجرة ولا الوحدة كانتا بالأمر الصعب.
لم يحدث شيء وحلمي يستيقظ ويسقط كالعادة. كما الأيام.
كالليل. بقي حبي هنا وما زال.
- عالقاً بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- عالقاَ، عالقاَ بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- تطوَّحتُ في أماكن كثيرة
- كان أصدقائي في الأقبية القديمة يتنهدون.
- كان الشُّبان يعوون
- هيا، ها قد وصلنا حيث كانوا يقولون لنا – صرختً على ابني الجميل.
- رافقني "السادة" ووجهي يقطر.
- لكنني لم ألتق أحدا كي أقول له "صباح الخير"، فقط بضعة سحرة ببنادق ماوزرد
يأمرونني بلهجة دمويًّة.
- قلت: -هم مجانين- قالوا: لا تصدق هذا.
- وحدها الصلبان كانت تظهر مع القبوين  القديمين المغطَّيين بشيء ما.
- بحربةٍ قطعوا كتفي وشعرت بذراعي وأنا أسقط على العشب.
- ثم ضربوا بها أصدقائي.
- تابعوا وتابعوا ولكن عندما بدؤوا بطعن والدي ركضتُ وتقيأت في المرحاض.
- مروج هائلة تشكلت في كل قنطرة، الغيوم تُشقِّق السماء والتلال تقترب.
- سألوني ما اسمك؟ ماذا تفعل؟
- انظر لديك مؤخرة جيدة. ما اسمكِ أيتها المؤخرة الجميلة- يا بنت يا وغدة، سألوني.
- لكن قلبي بقي عالقاً بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- لكنني أقول لكِ إن حبي بقي متشبثا بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- فهي لم تكن تعرف تلك الأقبية اللعينة.
- هي على حالها. وأنا وصلتُ مهدوداً مع أصدقائي.
- جئتُ من أماكن كثيرة.
-جئت باكيا. أُدخن وأنضم للفتية.
- قلت: هذا جيد كي نرى ألوانا.
- لكنهم يحفرون مقابرنا أمام الأبواب.
- لكنهم شرَّحونا، قلت لك.
- آه، نعم، أيها الفتي الجميل.
- بالطبع، قال الحارس، لا بد من اقتلاعه من جذوره.
- آه نعم، آه نعم.
- الكتف المقطوعة كانت تنزف وكانت رائحة الدم غريبة.
- أدرتُ ظهري فرأيتُ الأقبية الكبيرة.
- ماركة تي ان تي، حراس وأسلاك شائكة تغطي زجاجها المحطم.
- إنما بالنسبة لنا، فهم لن يروننا مطلقا لأن حبّنا عالق بالصخور، بالبحر، بالجبال.
- عالق، عالق بالصخور، بالبحر والجبال.
- عالق بالصخور، بالبحر والجبال.
- مات ابني، ماتت ابنتي، اختفى الجميع
                                        مقفرين من الحب.

حمَّلونا الجير والأحجار، لوهلة، خشيت أنهم أذوكِ.
آه يا حبّي عندما شعرت بأول صخب تعلقتُ بكِ أكثر.
نعم، بالطبع كان هناك شيء ما.
شعرت بالحجارة تهرسك، واعتقدت أنك ستبكين، لكن لا.
الحب هو الأمور التي تحدث.
حبّنا الميت لا يحدث.

هو عذب ولا.
كانت الطقطقة الأخيرة ولم تكن هناك من حاجة للحراك.
كل شيء يتحرك الآن.
حدقتاك ساكنتان، لكن أربع عيون مفتوحة بشكل لا نهائي ترى أكثر مما تراه عينان اثنتان.
ولهذا رأينا بعضنا.
ولهذا تحدثنا، وأسندتُ ظهري إلى ظهرك.
وحتى لو لم يشاهد أحد ذلك، فقد خطر لي أن هذا قد يكون أمراً جيداً، بل إنه جيد.. ربما.

انهرت قربك، خلتُ أنني أنا من يرميني.
أتخيل أن العشب سينمو.
في الحقيقة اعتقدت أنني أحب الأحجار أكثر، لا، بل العشب.
اعتقدتُ أنك أنت أنت وأنني أنا.
وأنه وإن كنتُ ما زلتُ على قيد الحياة، فإنني حين أرحل نحوك، أمر ما يُكذّبني.
كانت لحظة واحدة فقط، طويتَ بعدها نفسك أنت أيضا، فيما حبّنا يزداد كالقتل.
الآن سقط الجميع ما عدا نحن الساقطين.
الآن الكون كله أنت وأنا عدا أنا وأنت.
 إثر الضربات، ذهبنا، تزحزحنا قليلا وشعرتَ باقترابي وأنا مهشمة.
لن يعرف أحد القدر، لأنك أنت من أبحث عنه، من أعتني به.
بكاءة منك، لربما نصبح يوما شيئا واحدا.
الآن أدركت ذلك لكن لم يعد يهم.

- أواه، انهيارات جليدية كبرى تقترب، انهيارات جليدية كبرى فوق أسقف حبنا.
- آه يا ذات الصوت الأجش، صاح حبيبي، الديناصورات تستيقظ، طائرات الهيلوكبتر تهبط وتهبط.
- حيث تستلقي الأقبية القديمة، الجدران عالية جدا بأبراج تلفزيونية.
- كان بامكانك الظهور على الشاشات، نعم يا حبيبي.
- في حلمي أشعل زر التشغيل وهناك تظهر بالأبيض والأسود.
- أقول: -هذا هو الفتى الذي حلمت به، هذا هو الفتى الذي حلمت به.
- عندما أنهض، أرى فقط جرحى في فناء طويل وجلود بشعر كثيف معلق بهوائيات الارسال.
- اسمعوا يا أصدقاء –صرخت- هذه أزمنة مرَّت، سخروا مني.
- تركوا علامات على أجساد الرجال وبالحراب قصوا شعرهم.
- هل تدخن الماريجوانا؟ هل تتعاطى النيوبرين؟ أي خراء تدخن أيها الأحمر المقزز؟
- لكنهم جميلون، مع هذا فأنا أستمتع برؤيتهم، أبلل سريري وأدخن.
- أقع في هواهم، أصبح ملكة نفسي وأتزين كليا. أعود  إلى الدموع وأحييهم،
- لكنهم حلموا جميعا اليوم بحلم الموت، آه نعم أيها الفتى الوسيم.
 انهيارات جليدية آتية كي تحمل بقايا حبنا.-
- انهيارات جليدية آتية كي تبتلع منافذ حبنا.
- النيجيريات أمام بعضهن البعض.
- من بعيد يبدون كالكتل.
- رأيت كل شيء بينما كانوا يضربونني بعنف، لكنني التفت، ولم يستطع حارسي أن يوقفني.
- هناك عرفتُ الألوان ورأيت الرب الحقيقي يصيح داخل الأقبية الباردة، ينبح داخل أشباح الأقبية،
- بغلةٌ تشيلية –كانت تشتمني أمي- سيأتي أيضا أجلك.
- تلفّتُّ نحو أماكن كثيرة ولم أر أجدادي يخرجون من هناك.
- هم كالإله.
- لكنهم لا يعرفون أن جروَهُ يحتضر من الموت ومن الضربات في الأقبية العتيقة.
- الآن يبحث عني مسنون مساكين يرتعشون بردا.
- يحبّلوننا ببصاق غليظ، معاُ، شبابا وشيوخا.
- انفجرنا.
- نعم يا حبيبي، انفجرنا
- الجيل الجنوب أمريكي يغني الفولكلور، يرقص الروك، لكن الجميع يموت معصوب العينين في رحم الأقبية.
- في كل فسقيَّةٍ بلد، إنها هناك، البلاد الجنوب أمريكية.
- انهيارات جليدية كبرى جاءت تجرفها.
- انهيارات بيضاء، نعم يا أخي، تبلغ الأسقف.
- مات ابني، ماتت ابنتي، اختفى الجميع.
  مقفرين من الحب.

هكذا بكيتُ وغنيت. بينما تنبح الكلاب وهي تلاحق الرجال والحراسُ يحاصرونهم.
بكيت بشدة أكثر بينما كانت الأجساد تتساقط.
بكيت النشيد بالأبيض والأسود، نشيد حبه المفقود.
بكيت كل قنوطي. والعشب ينمو ليصل النيجيريات.
رجال البايسا قلت له، 
خذ؛ خذ وجعي فانطفأ.
أنشدنا الحنين للبلاد وللبلد التشيلي.
كان موكبا دينيا وحُكما، عبرنا الفسقيات الأخرى، وأمام فسقية بلادنا، انفجر المزمور.
كل الألم.
كل المزمور وقع إذاً على حبه الذي لم يكن.
من الحنين أنشد لهم، للبلاد الميتة قلت لا، لم تعد تؤلم.

البلاد ماتت. قبوٌ يدعى أمريكا الجنوبية وآخر يُدعى إ فريقيا.
قلت وأنا أتفتح، العذاب من منحني بصري.
أنشدنا التراتيل. كان نجمي سيء لكنني أنشدت لحبي الذي كاد يرحل.
كلهم مدنيُّون قلتُ باكيا: لقد ذهب، رحل، وأنا لا أتألم ولست لا أتألم.
عالمية الدول الميتة نمت وارتفعت ووضعت حبي.
الحب كله بايسا، كل بكائي جمعته وعندها فقط ظهر جنرال البلاد الميتة
هكذا نزفت أنا الجريحة، وبمغادرتي احمرَّ لون النشيد لحبي المفقود.
كل الرسائل كانت تنفتح كحفر، ويبدأ الصراخ، أما البلاد فقلت لا. لم تعد تؤلم.

- أُنشدُ، أنشد لحبه المفقود.
- أنشدُ، أنشد لحبه المفقود.
- نعم يا فتاتي الحلوة، يا فتاي الوسيم، أنت كرامتي، أليس كذلك؟
- كل أسماء أوطاني الأم تنتمي لحبيبي، إنه عاشقي والهائم بي. آه نعم، آه نعم.
- كلهم هنا يَطفون على الفسقيات.
- كل رجالي محطمين، هذه كرامة لي، أليس كذلك؟
- أنقع نفسي كثيرا وأقول أحبك.
- أنشد، آه نعم، أنشد لحبه المفقود.
- أنشد، آه نعم، أنشد لحبه المفقود.

الأرجنتين، الأوروغواي من البلاد التشيلية  ومن حبي المفقود.
بسلالم يمكن الصعود من بلد لآخر.
بمصاعد كهربائية يمكن الصعود أو بطائرات حبيبي الذي يُنزل أيضا الظلال وأحيانا يصعد.
هناك مشينا أنا وأنت، هناك مشينا، بين الفسقيات أنت وأنا كم تكلمنا: -هل أكلتني؟ لأنه كان لديك جوع تشيلي، أأكلتني؟

أحببتك، أحببتك كثيرا، يقول، فيصفر كل الليل الأسود، وأنا أمسكتكَ بين يدي فرأيتَهُ.
إنه أمر يخص الأموات فقط.
نعم، إنه أمر يخص الأموات فقط، أن يروا كل رسالة تنفتح كفسقية.
رسائل أصغر فأصغر، يقول، قبور حب راحل، يقول. وأنا أمسكتك بين يدي فرأيته. بلدان راحلة يقول.

ألم تتوجعي، زهور البلاد المركزية تغيرت وأنا من كان يحتضر.
على جانبك مت ووضعوني في الأعلى كالبلاد الأرجنتينية الواقعة فوق تشيلي.
كلهم يصعدون فوق بعضهم البعض.
فسقيات أقبية أمريكا الجنوبية، الذين يُسمَّون بالأموات.
أماتونا –قلت- من الألم وتسموا بالموت.

من الحب المفقود أيضا تسمى البلاد.
محاطين بالجدران يستلقون مثلنا.
ذبحوا الأطفال لكن البلاد بقيت.
نحن هم، زعمت، وكان ذلك صعبا.
بعضهم يوصف ببلاد الجوع. أو بالأحرى الولايات المتحدة في الفسقية الأفريقية، أقول.
أبعد من ذلك الآخرون. حبيبتي، نحن الآكلون بعضنا.

النهاية: وبعد ذلك

مشتعلةً بالحب، غنَّت لك فتاتك هناك. كانت أكثر عمقا؛ أكثر عمقا من الحفر السوداء، من الصيحات، من الكابوس. هناك تروي لك المرأة العاشقة القصة؛ إنه وصف، خرائط وبلاد مفجوعة، لكن فتاتك بكاملها أنشدت هنا. فاصل. صحراء حبك. فاصل. وماذا بعد:
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads