الرئيسية » » إن كنت َ وحيداً في سانتوريني | عبد الله الناصر

إن كنت َ وحيداً في سانتوريني | عبد الله الناصر

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 26 أغسطس 2014 | أغسطس 26, 2014

إنْ كنتَ وحيداً في سانتوريني فامشِ في البحر. أو كنتَ غريباً في سانتوريني. غنِّ للبحر. فالبحر من كثرة العشاق وحيدٌ في سانتوريني. ووحيدٌ أنتَ من قلة الموت.
البحر من كثرة الجميلات في سانتوريني .. أرَقٌ أزرقٌ ووشومٌ تسيل. والبحر لطول ما أعطى كتفيهِ يتيم.  لا المراكبُ تسندُ البحر، ولا الحزنُ في لهجة البحر يشيخ. 
البحر محبرة الخسائر. ونحن نسينا كيف نكتب بالبحر بعد أن نقلنا البحر إلى مجلد الصور في الهاتف. لم نعد منذ نوحٍ نفهم البحر، تكررت أخطاؤنا في الحب، وانتظرنا عبثاً غصن زيتونٍ، ولم تأت الحمامة. لا يهم. لعلّ الحمائم جاءت ونحن في النوم. حملتْ لنا هواتفنا الذكية لا الغصنَ. ولم نعرف بعدها كيف نكتب بالبحر، ولا مثلاً كيف نأخذه للتمشية قبل المغيب. ووحيداً أصبح البحر. 


إنْ كنتَ في حانةٍ  أو مقهى في سانتوريني.. فلا تبكِ بظهرٍ مكشوف. لا تعط ظهركَ لامرأةٍ أو لشمسٍ أو أغنية. فالعيون الزرقُ المعلقةُ في الحوانيت، والعيون الزرق الطافحةُ في الحانات لا تحفظان الوحيدَ من السوء. 

إنْ كنتَ مثل تلك الألوف جئتَ ترصدُ الشمسَ في سانتوريني. إنْ جئتَ من أقصى الأرض، وتسلقتَ وصعدتَ، لتنال في العشيّات نسختكَ اليوميةَ من صورة شمسٍ تموت ، فابكِ وحيداً، وليكن ظهرك َ للحائط. ابكِ ولا تدع يداً غريبة تحطّ على كتفيك. فيك ما فيك. والغرباء كشمس سانتوريني ، ظلٌ فاتنٌ من هدأة البراكين يفيض ثم يغيب. الغرباء نبيذٌ عابرٌ وشموسٌ معتقةٌ في خوابي السماء. والسماء حاكمةٌ. والنبيذ طريقةٌ وليس طريقاً. والغريب وردةٌ على كتف الطريق، لكنه ليس الطريق. 

إن كنتَ وحيداً  في سانتوريني فتقبّل نظرةَ النادلِ حين تطلب طاولةً لشخص واحدٍ، ولا تتضايق من نظرة سائق الحافلة حين تقطع تذكرةً واحدةً ، ولا من دهشة القبطان حين تكون الوحيدَ الذي يخرق مبدأ الزوجين الاثنين. لكنكَ حتماً محظوظٌ، لأنك تنجو من قُبَلِ  العشاق وقت الغروب. فالقُبلةُ أمام شمسٍ تموتُ فقدٌ قريب. وأنتَ فيك ما فيك. والبحر في سانتوريني أصبح الآن فيك. 


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads