سارية الفجر
غبرت بي في صباح باكر | فتنة العين و شغل الخاطر |
شعرها الأشقر فيه وردة | لونها من شهوات الشّاعر |
و رشيقات الخطى في وقعها | منبئاتي بشباب ساحر |
و بعينيها رؤى حائرة | بين أسرار مساء غابر |
صوّرت من حاضر العيش و من | أمسها ، قصة حب عاثر |
قلت ، و الفجر سنى ياقوتة | لألأت خلف السّحاب الماطر : |
هذه السّاعة تسعى امرأة | حين لم يخفق جناح الطّائر ! |
من تراها ؟ و إلى أين ؟ و من | أيّ خدر طلعت أو سامر ؟ |
تقطع الإفريز من ناحيتي | كأسير هارب آسر |
تتّقي الأعين أن تبصرها | و هي لا تألو التفات الحائر |
لا تبالي بلل الثّوب و لا | لفحة الرد الشّفيف الثّائر |
أو تبالي قدماها خاضتا | مسرب الماء الدّفوف الهامر |
أنت يا سارية الفجر اسمعي | دعوة الرّوح البرئ الطّاهر |
مرّ بي مثلك لم يشعرنني | غير إشفاق الحفيّ النّاصر |
و أنا الشّاعر قلبي رحمة | لفريسات القضاء الجائر |
إن نأت دارك يا أخت فما | بعدت دار الغريب العابر |
شاطريني ذلك المأوى فما | أتقاضاك وفاء الشّاكر |
غرفة آلهة الفنّ بها | تتلقّاك لقاء الظافر |
و تغنّيك نشيدا مثله | ما تغنّت لحبيب زائر |
هات كفّيك و لا تضطربي ! | لا تخالي ريبة في ناظري ! |
سوف يؤويك جدار ساخر | من أباطيل الزّمان السّاخر |
سوف يحويك فراش صامت | لك فيه همسات الذّاكر |
سوف يطويك يكون لم يشب | صفوه لغو محبّ غادر |
و أناديك و أستدني يدا | لمست روحي و هزّت خاطري |
و أحيّيك و أيتحيي فما | حقّه قبلة ربّ غافر !! |