ما عبقرٌ بقدير أن يصوغ هوى
ما عبقرٌ بقدير أن يصوغ هوى | كمثل روحك يا بلبال أحلامي |
طابت لقلبي الليالي بعد ما عصفت | وأزهرت بك في الأيام أيامي |
عيناك ترسل بالأقباس صافية | كالزهر يشرق في آصال نيسان |
إن السننا من سناها قد أثار دمي | عيناك يا فاتني بالحسن عينان |
كأس الرحيق صدعته | وللربيع وهبتُه |
رحيق روحي عرفتهُ | صهباء ذاك الرضاب |
معايب هذا الزهر أن فنونهُ | صبايا غرامٍ لا يقمن على عهدِ |
لكل فتىً منه نصيبٌ كأنه | وليد تناجيه النواظر في المهد |
يحوم عليه العاشقون وإنهم | لأمهر خلق اللَه في صنعة الصيد |
أتيت لهذا الزهر أبغى وصاله | فأظهر ما عند الحرائر من كيدِ |
ومن أنت يا زهر الربيع ولم تكن | سوى وجنة مقبوسة النار من وجدى |
صباياك يا زهر الربيع كثيرةٌ | وأفتكها ما يؤذن العين بالسهد |
تمنيت لو أني اعتصرت خدودها | جميعا لأحيا بالعصير من الورد |
وهل في حياة المرء إلا لحيظةٌ | إذا لطفت كانت شراباً من الخد |
سلوا زهرة التفاح عما تريده | ستنجب مولوداً له صورة النهد |
سلوا الأقحوان الغض عما يرومه | فإن لم يجب طوعاً فأخباره عندي |
شقائق بيض باكيات من الندى | لها عند أهل العشق حظ من الود |
يعدّونها عدّا عساهم يرونها | تخبرهم أن الحبيب على وعد |
سلوا زهرات يجهل الناس وسمها | وينسون ما تسديه للنيل عن عمد |
أزاهير مصر لا تعدّ وإنها | لأخطر من أن يشتارها المرء بالعد |
سلوا شعراء النيل عما أصابهم | من الحقد في عصر يعيش على الحقد |
يريد دسوقي أن ينوه باسمهم | بحفل كزهر الغار في ساحة المجد |
أديبٌ أباظيّ كريمٌ سميذعٌ | يجنّ من الآداب أضعاف ما يبدى |
ولكننا من عبقر إن عبقراً | له في مغازيه الوف من الجند |
إذا الوزراء استحمدوا الناس فضلهم | فإن جمال الشعر غان عن الحمد |
ملكنا بأسرار البيان وسحره | ممالك منها جبهة الأسد الورد |
خلعنا على الدنيا الجمال فأصبحت | طرائف من نسج اليمانين للبرد |
وصلنا فصيرّنا الوجود كريهةً | تشبّ لظاها في الوغى اسيف الهند |
إني إلى الورد عدت | وفي حماه نزلت |
أصليته نار قلبي | فراعهُ ما صنعتُ |
فالجمر في وجنتيه | مما عليه خلعتُ |
من اللظى بات يشكو | يا ليتني ما فعلت |
قد يقفر القلب والروض المحيط به | يزدان بالورد والسوسان والآس |
لا يزهر القلب إلا يوم يحرسه | روح جميل لأجراح الجوى آسى |
ما قيمة الزهر ترنو لي لواحظه | إن لم يجد بلماه ذلك القاسى |
أراه في كل حسن يستهام به | بين الخلائق من جنّ ومن ناس |
متى تعود وللأكواب وسوسةٌ | من فورة الراح يا وسواس وسواسى |
هذا مثالك في يوم من دون ضحى | وأنت أجمل خطّار وميّاس |
تهيم بالروض تجنى من أطايبه | وأنت في الروض أسنى من سنا الماس |
شحرورةٌ تلك أم روحٌ معطّرةٌ | كأنها في شذاها نفحة الكاس |
زاد الظباء من الأعشاب يانعةٌ | وزاد روحك من شعري وأنفاسي |