الرئيسية » » أنشودة الحياة | الجّزء السَّابع | صبري يوسف | كتاب الشعر | العدد الثانى والأربعون

أنشودة الحياة | الجّزء السَّابع | صبري يوسف | كتاب الشعر | العدد الثانى والأربعون

Written By غير معرف on الاثنين، 29 أبريل 2013 | أبريل 29, 2013


أنشودة الحياة




الجّزء السَّابع



نصّ مفتوح
      




صبري يوسف                        شعر

اسم المؤلِّف: صبري يوسف 
عنوان الكتاب: أنشودة الحياة ـ الجّزء السَّابع
نصّ مفتوح ـ شعر 
الطَّبعة الأولى: ستوكهولم 2012
الإخراج والتَّصميم ولوحة الغلاف والرُّسوم الدَّاخليّة (المؤلِّف)
حقوق الطَّبع والنَّشر محفوظة للمؤلِّف








دار نشـر صبري يوسف
sabriyousef1@hotmail.com
www.sabriyousef.com
صدر للأديب والشَّاعر

1 ـ "احتراق حافّات الروح"  مجموعة قصصـيّة، ستـوكهولم 1997
2 ـ "روحي شراعٌ مسافر"، شعر، بالعربيّة والسُّـويدية ـ ستوكهولم 
      1998 (ترجمة الكاتب نفسه).
3 ـ "حصار الأطفال..قباحات آخر زمان!" ـ شعر ـ ستوكهولم 1999 
4 ـ "ذاكرتي مفروشة بالبكـاء" ـ قصـائد ـ ستـوكـهولم  2000  
5 ـ "السَّلام أعمق مـن البحار" ـ شـعر ـ  ستـوكهـولـم  2000  
6 ـ "طقوس فرحي"، قصائد ـ بالعربيّة والسُّـويديّة ـ ستـوكـهولم 
      2000  (ترجمة الكاتب نفسه).
7 ـ "الإنسان ـ الأرض، جنون الصَّولجان"، شعر ـ ستوكهولم 2000 
8 ـ مائة لوحة تشكيليّة ومائة قصيدة، تشكيل وشعر/ستوكهولم 2012     
9 ـ  أنشودة الحياة ـ الجّزء الأوَّل، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012
10 ـ ترتيـلة الـرَّحيـل ـ مجموعة قصصيّة، ستـوكـهولم 2012 
11 ـ شهادة في الإشراقة الشِّعريّة، التَّرجـمة، مـقوّمـات النّهوض                                                          
        بتوزيع الكتاب وسيـكولوجيـا الأدب ـ سـتـوكـهولم 2012   
12ـ أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّاني، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012  
13ـ أنشودة الحياة ـ الجّزء الثَّالث، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012     
14 ـ حوار د. ليساندرو مع صبري يوسف ـ 1 ـ ستوكهولم 2012  
15 ـ ديـريك يا شـهقةَ الرُّوح ـ نصوص أدبيّة، ستوكهولم 2012

16 ـ حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة والفنّية ـ 2 ـ 
       ستوكهولم 2012
17 ـ حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة والفنّية ـ 3 ـ 
       ستوكهولم 2012
18 ـ مقالات أدبيّة سياسـيّة اجتـماعيّة ـ 1 ـ  ستوكهولـم 2012
19 ـ مقالات أدبيّة سياسـيّة اجتـماعيّة ـ 2 ـ ستوكـهولم 2012
20 ـ رحـلة فسيـحة في رحـاب بنـاء القصـيدة عنـد الشَّاعـر                                                                                                                                                                                                                                                                        
        الأب يوسف سعيد ...................... ستـوكهولم ـ 2012
21 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الرَّابع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012   
22 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء الخامس، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012   
23 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء السَّادس، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012
24 ـ أنشودة الحياة ـ الجزء السَّابع، نصّ مفتوح، ستوكهولم 2012







إهداء:


إلى الشَّاعرة الدَّافئة ببهجةِ الشّعر جمانة حدَّاد







لوحة الغلاف: "فرحٌ يعانقُ وجهَ ليليت" للمؤلِّف. 

أنشودة الحياة 
بخورُ الأساطيرِ القديمة
 الجّزء السَّابع
 [نصّ مفتوح]
استلهمتُ الومضة الأولى، الشَّرارة الأولى لهذا النّص 
من وحي قراءتي نصّ: عودة ليليت*، لجمانة حدّاد

أيّتها المبرعمة من رحمِ الغابات
أيّتها القدر المفهرس 
     على قميصِ اللَّيلِ
     على مساحاتِ المناهل!

أيّتها الوشم الباذخ فوقَ روحِ آدم
أيّتها القمر الرَّاعش فوقَ خدودِ النَّسيمِ
     فوقَ أرتالِ القوافل!

تشبهينَ ومضةً هائجةً 
مندلعةً من بوّاباتِ الجنّة
نجمةً حُبلى بالشُّموعِ 
ساطعةً مثلَ ضياءِ الرُّوحِ
     مثلَ خيوطِ الهلاهل!
أيّتها الجنّة الدَّافئة 
     بوشاحِ التَّمرُّدِ
     بوشاحِ الدُّفءِ والبهاءِ
أيّتها المعطّرة بأريجِ السُّموِّ 
     بتغريدِ البلابل!

تشمخينَ مثلَ نداواتِ المروجِ
     مثلَ ابتساماتِ الطُّفولةِ
تلوِّنينَ وجهَ الدُّنيا عطاءً
كأنَّكِ مبرعمة
     من اخضرارِ السَّنابل!

ليليتْ يا شهقةَ الأرضِ
يا أنوثةَ الأزلِ
يا قدراً مفروشَ الجِّناحينِ
يا أنيسةَ القلبِ
يا روحَ البواسل!

لا يفلتُ باشقٌ 
     من خصوبةِ نهديكِ
     من بريقِ عينيكِ
يا عسلاً منثوراً
     فوقَ أغصانِ الخمائل!
مَنْ يستطيعُ أنْ يفلَتَ 
     من بهجةِ المجونِ
     من خدِّكِ الحنونِ
تنسابينَ إلى أعماقِ القلبِ
     مثلَ إنسيابِ الجَّدائل؟!

يا أطيبَ الموائد
يا جبهةَ الرُّوحِ
تزدهي خمائلكِ الوارفة
     بحفيفِ الجنِّ
     بهديرِ الزَّلازل!

أيَّتها الرَّغبة المشبّعة 
     بشراراتِ البرقِ
يا شفيعةَ الأماني
يا رسولةَ الصَّبرِ
يا شراعَ الأفاضل!

كم من العناقِ 
كم من التَّجلّي في لذائذِ الدُّفءِ
تسترخينَ بينَ شهوةِ الموجِ
     بينَ دفءِ الرَّسائل!
أيَّتها المسربلة بنكهةِ البخورِ
بخورُ الأساطيرِ القديمة
بخورٌ متصاعدة 
     نحوَ غيمةٍ ضاحكة
     نحوَ ضياءِ المشاعِل!

سئمْتِ من بيارقِ الخضوعِ 
     من اشتعالِ الشُّموعِ
غير منصاعة لِلِواءِ الطَّاعةِ
عابرةً مروجَ البراري
بحثاً عن عرينِ البواسِل!

تلملمينَ أزاهيرَ اللَّيلِ
وعندَ الصَّباحِ
تستنشقينَ نقاوةَ الحنينِ
لا تستجيبينَ إلا لخيراتِ المناجِل!

وحيدةً تعبرينَ القفارَ
غير مستجابة 
 لخضوعِ أوامرِ العُلى 
ولا لقوانينِ الهدى
     إلى أبجدياتِ الأوائِل!
وجهٌ حافلٌ بالتَّمرُّدِ
بكلّ قوى العصيانِ
لا تهابينَ الطَّردَ 
     من جَنَّاتِ الخلدِ
     إلى سهولِ السَّنابِل!

ليليتْ يا تفّاحةَ الجنّة
مِنَ التُّرابِ جُبِلْتِ
لا مِنْ ضِلعِ الانصياعِ
أنتِ أصلُ البدءِ 
أُولى المراسِل! 

أيّتها المخضَّبة
     بنكهةِ الغواية
الشَّامخة شموخَ الحقيقة
أيّتها الملفّحة بعبقِ الأساطيرِ
     برماحِ المقاتِل!

أغويتِ آدمَ على التهامِ التُّفَّاحِ
عابرةً براري القفرِ
لا يقلقُكِ جراحَ الرِّماحِ 
ولا اندلاعَ الزَّلازل!
أيّتها الغافية بين سديمِ الصَّباحِ
     بينَ غلاصمِ اللَّيلِ
     بينَ لظى النَّارِ 
     بينَ شقوقِ المعابِر!

يا موجةً هائجةً 
     فوقَ شجيراتِ التِّينِ
     فوقَ غمائمِ الشَّوقِ
 يا دفءَ العشقِ
     فوقَ شموخِ القناطِر 

تشبهينَ براعمَ نديّة
مسترخية فوقَ قبّةِ الرُّوحِ
هائمة فوقَ جموحِ العناقِ 
     بينَ جوانحِ الدُّفءِ 
     فوقَ أعلى المنائِر!

تشمخينَ عالياً كأسوارِ الجنّةِ 
ساطعةً فوقَ مساراتِ النُّجومِ
ينمو في قلبِكِ شوقُ الأمِّ 
     إلى أراجيحَ الطُّفولةِ
     إلى اِنسدالِ الضّفائِر!
تسمو روحُكِ نحوَ خضابِ الرَّبيعِ
     نحوَ براري العناقِ
ذاكرة مخضّبة بتفاحةِ الرُّوحِ
تسطعُ في جموحاتِ الخيالِ 
هائجةٌ مثلَ اشراقةِ الشَّمسِ 
     مثلَ اندلاعِ المجامر!

تتناثَرِينَ مثلَ الأزاهيرِ
     فوقَ وجنةِ الشِّعرِ
     فوقَ دوحةِ البوحِ
     فوقَ زرقةِ المدى
     فوقَ غلالِ البيادِر!

تعالي ننقشُ 
     فوقَ قرصِ الشَّمسِ
وهجاً من لونِ المحبّة
     من لونِ الوفاءِ
نرسمُ بسمةَ الطُّفولة
     على هلالاتِ القمرِ
وجنتاك خميلةُ فرحٍ 
     من دفءِ الوفاءِ
     من لونِ البشائِر!
تعالي نداعِبُ خدودَ اللَّيلِ
نعانقُ نسمةً راعشةً
نزرعُ حنينَ القصيدةِ
     فوقَ شهوةِ غيمةٍ
     في أعلى المنابِر!

أيّتها الثَّمرة اللَّذيذة
المتهاطلة من عيونِ السَّماءِ
     من خدودِ اللَّيلِ
أيّتها النقيّة مثلَ الفرحِ 
     مثلَ نقاواتِ الضَّمائِر!

حلمٌ من وهجِ اللَّيلِ
شوقٌ أزهى من الماءِ الزُّلالِ
تنعشينَ قلبي كأنّكِ 
     من عبقِ العطورِ!

تعبرينَ أعماقَ الرِّيحِ
     قيعانَ البحرِ
تزدادينَ سُمُوَّاً
     في تواشيحَ اللَّونِ
     على مدى الدُّهورِ!
تتناثرُ براعمُ روحِكِ
     فوقَ بسمةِ السَّماءِ
تغفو البراعِمُ فوقَ موجاتِ الحلمِ    
     فوقَ بتلاتِ الزُّهورِ!

نضحَ العشقُ بخورَ حبٍّ
     من دفءِ المروجِ
تعالَتْ موجاتُ الحنين
     أكثرَ من الشّلالِ
     أكثرَ من جموحِ الصُّقورِ!

قلبٌ يخفقُ لهذا الزَّمان
يهفو إلى موسيقى الرَّحيلِ
صباحٌ من عبيقِ النَّدى
تغفو الرُّوحُ كانسيابِ الماءِ 
     فوقَ حبورِ الصُّدورِ!

تفورُ نقاطُ دمي حنيناً
     إلى ضوءِ القناديلِ 
تعزفُ على أوتارِ الرُّوحِ   
     ألحانَ الهناءِ 
 كأنّها من أبراجِ السُّرورِ!
تشتهي أن تغفو
     فوقَ رمالِ الصَّحارى
ترسمُ ضياءَ القمرِ
     فوقَ أعشابِ الرُّوحِ
تنشرُ اخضرارَ القلبِ
     فوقَ عذوبةِ النَّدى
     فوقَ أمواجِ البُحورِ!

تعالي نرقصُ مثلَ زوربا
     على اِيقاعِ التَّجلّي
     على هدى الأحلامِ 
ننتشي من بهجةِ البدرِ
نشربُ كأسَ المحبّة     
     من معتَّقاتِ الخمورِ!     

أيَّتها الشَّهيّة .. 
المبلسمة بنكهةِ البحرِ
تحلِّقينَ مثلَ فراشةٍ 
     مثلَ عبقِ النَّسيمِ
تبزغينَ مثلَ شهوةِ الشَّمسِ
     مثلَ براعاتِ النُّسورِ!

رفرفي أيّتها الرُّوح الوارفة
     في ظلالِ الغاباتِ
     في أعماقِ المروجِ
لا تهابي أبراجَ السَّماءِ
     ولا عتمةَ القبورِ!

تعالي نعبرُ وهادَ الأرضِ
ننشدُ أغنيةَ الحلمِ الآتي
نرقصُ فرحاً على ايقاعِ الغيومِ 
     على نغماتِ الحبورِ!

كم من التَّشرُّدِ والآهاتِ
وأنتِ ما تزالينَ هائجةً
مثلَ نسمةٍ حُبلى 
     بأريجِ البساتينِ 
     بينابيعَ العبورِ!

لا تهابينَ غضبَ السَّماءِ
ولا عبورَ دكنةَ اللَّيلِ
واثقةٌ من ثمارِ العصيانِ
     من صلابةِ التمرُّدِ
متعرِّشةٌ في أعماقِ الجذورِ!
ألا تحنّينَ إلى رحابِ الجنّاتِ
أم أنّكِ جنَّةُ عشقٍ متهاطلة
     فوقَ القلوبِ العطشى
     فوقَ هاماتِ العصورِ!    

رفرفي يا صديقةَ الرُّوحِ 
فقد آنَ الأوان
أن تعبري ينابيعَ العشقِ
منتعشةً ببهجةِ التجلِّي
     بهالاتِ البخورِ!

يكبرُ الشَّوقُ إلى هامَتِكِ
     إلى بيادرِ الضَّوءِ
تشبهينَ غمائمَ الرّغباتِ
إليكِ يقدِّمُ العشَّاقُ الهدايا
     وأغلى النُّذورِ!

تتربَّعينَ على جنائنِ الأرضِ
يا ملكةَ البساتينِ
يا قامةً شامخة 
     في روابي الحلمِ
     في صدورِ القصورِ!

تتلألئينَ مثلَ نجمةِ الصَّباحِ
     مثلَ غمامةِ عشقٍ
     مثلَ عذوبةِ اللَّيلِ
تغفينَ فوقَ لواعجِ القلبِ
     يا بدرَ البدورِ!

هل من الطِّينِ جُبِلْتِ
أم انبعثْتِ من شهقةِ نيزكٍ 
تثورينَ مثلَ اهتياجِ البحرِ
     مثلَ أفواجِ النُّمورِ!

جريئةُ القلبِ والرُّوحِ
لا تأبهينَ جنوحَ الطَّاغوتِ
ولا غطرسةَ الذُّكورةِ
كأنّكِ أجنحةُ صخرةٍ 
     من أقوى الصُّخورِ! 

تحلّقينَ عالياً مثلَ بلابلِ العشقِ
     مثلَ نسائمِ اللَّيلِ العليلِ
كأنَّكِ جموحُ عاشقة
متدفِّقة من صدغِ الكونِ 
     منبعثة من فيضِ الحبورِ!
هل كنتِ يوماً زهرةً معرَّشة
     في جفونِ المدائن
نسمةً هائمةً
     فوقَ وجنةِ البحرِ
أم أنَّكِ حبقُ الدُّنيا
     وأمُّ البذورِ؟!

تعالي يا رفيقةَ حلمي
يا خفقةَ طينٍ
مستولدة على مدى العمرِ 
نزرعُ على وجهِ الدُّنيا
     شقاواتِ الطُّفولةِ
نسبحُ في ينابيعَ المحبّة
نرتمي فوقَ ربوعِ الغديرِ!

تعالي نرسمُ وجهَ غيمةٍ 
     حُبلى بالمطرِ
نضعُ حدّاً لأحزانِ الخميلةِ
نرسمُ بسمةَ أملٍ 
     فوقَ أحلامِ الطُّفولةِ
     فوقَ شفاهِ الضَّريرِ!

ضجرٌ على مدى اللَّيلِ
     على مدى النَّهارِ 
ضجرٌ منذُ بواكيرَ العمرِ
منذُ أنْ اشتعلَتْ جفونُ النَّهارِ
منذُ أنْ تعفَّرَ ماءُ الغديرِ

ما هذا الأسى الطَّاغي 
     على غبشِ الصَّباحِ
     على جبينِ اللَّيلِ 
     على وجهِ الأميرِ؟!

مَن يستطيعُ أن يبدِّدَ 
     غربةَ الرَّوحِ
سماكاتِ الأنينِ 
إلاكِ يا سيّدةَ العصيانِ
يا دفءَ الحريرِ!

كم من اللَّظى
كم من الآهاتِ 
حتّى تورّمتْ خدودَ الكونِ
     من غضبِ البراكينِ
     من أنينِ المصيرِ!
يا وشماً متناثراً
     فوقَ وجهِ الرِّيحِ
يا تفاحةَ الرّوحِ 
يا عطراً فوَّاحاً 
     في قلبِ الأثيرِ!

تعلو أمواجُكِ فوقَ خضمِّ الزَّوابعِ
لا تهابينَ البراكينَ
تنضحينَ اهتياجاً
     مثلَ موجاتِ الهديرِ!

تزغردُ هداهدُ القلبِ
كُلًّما تلوحُ في الأفقِ خيوطَ الفجرِ
     غمائمَ الضُّحى
     براعمَ وردٍ
كأنّها من فصوصِ الحريرِ!

يزدهي أجيجُ الجَّمرِ
     فوقَ غضارِ المدائنِ
هسهساتُ دبيبِ الأرضِ
تتناهى إلى أسماعِ الهلالِ
منسابةً كإيقاعِ الشَّخيرِ!

ينبعُ العصيانُ من شموخِ القوامِ
     من نضارةِ الأنوثةِ
تسطعُ في هلالاتِ الرُّوحِ
     تلاوينُ القديرِ!

تنمو الشُّرورُ 
مثلَ أنيابِ الضَّواري
     على بيارقِ اللَّيلِ
     على مشارفِ الدُّجى
     على نتوءاتِ الشَّفيرِ!

تحرقُ خيوطُ الشَّمسِ
    أنيابَ الأفاعي
كهوفٌ حُبلى بالعناكبِ
     بزمهريرِ اللَّيالي
     بضمورِ المعاييرِ!

أرسمُ خدودَ البهاءِ
     بصمةَ الأقاحي
     فوقَ طربِ الرُّوحِ
تهمسينَ لصحارى العمرِ
    أسرارَ الأساطيرِ!
يغفو بخارُ الشَّوقِ
     فوقَ ضياءِ القناديلِ 
تسكرُ أشجارُ الحنينِ
     من تجلّياتِ الابتهالِ
     من الانتظارِ المريرِ!

أيّتها الحلمُ المرتَّقُ بدهشةِ السُّؤالِ 
     بخفايا اللَّيلِ
أيَّها المكتنزُ بعطشٍ مفتوحٍ
     نحوَ عذوبةِ الآبارِ!

تنسابينَ مثلَ أغاني الطُّفولةِ
     على إيقاعِ الأراجيحِ
فرحٌ على إيقاعِ التَّراتيلِ
     عندَ بزوغِ الصَّباحِ
     على أنغامِ الهزارِ! 

هَلْ في ربوعِ الكونِ أحلى 
     من وجهِكِ النَّضيرِ 
     من قلبِكِ المفعمِ
     بتجلِّياتِ عاشقة هائمة 
          بين أعماقِ القفارِ؟!
أنتِ وردةٌ معشوشبة
     في قلبِ الإنسانِ
ياسمينةٌ يانعة في خواصرِ التِّلالِ
     في ظلالِ الأسوارِ!

تعالي أيّتها العطشى 
     إلى خصوبةِ موجي
     إلى بساتينَ القلبِ
أراكِ تزدادينَ شموخاً
تواجهينَ اهتياجَ التيّارِ!

تعالي يا صديقةَ المدِّ والجَّزرِ
يا صديقةَ الضَّوءِ والعتمةِ
يا غصناً ممزوجاً بنكهةِ العبقِ
ممتدَّة في تلافيفِ البخارِ!

غوصي في بئرِ غلاصمي
     في رحابِ الطِّينِ
غوصي في نسائمِ اللَّيلِ
غوصي عميقاً 
إلى أن تغفي فوقَ شواطئِ قلبي
     فوقَ أحلى المحارِ!
هل تطايرَتْ روحُكِ 
     من نداوةِ اللَّيلِ
أمْ مِنْ وهجِ الشَّمسِ
     من حلمِ الشَّوقِ
     من وميضِ الأنوارِ؟!

هل اِنبعثْتِ في ليلةٍ قمراء
     من خفقةِ البرقِ
     من شراراتِ النَّيازِكِ
أم أنَّكِ 
بسمةُ فرحٍ  
مهتاجة مثلَ جموحِ الرِّيحِ   
متطايرة من عبقِ الأزهارِ؟!

تتلألئينَ بتيجانِ العشقِ
معكِ تستأنسُ
حتّى ضواري الصَّحارى
كيفَ تروِّضينَ 
     وحشيَّةَ الضَّواري
قلبُكِ ينيرُ دكنةَ اللَّيلِ
يدجِّنُ وحوشَ البراري؟!

هل نِمْتِ يوماً 
     بين أحضانِ عشتار
أم أنَّكِ ترَعْرَعْتِ 
     بينَ مرابعِ هيلانة
تنتظرينَ أسرابَ الطُّيورِ
تحلِّقُ بكلِّ حبورٍ
     بينَ مروجِ الأنهارِ؟!

ما هذه النَّضارة المتناثرة
     فوقَ رشاقةِ الانحناءِ
     فوقَ نداوةِ الرُّوحِ
تهطلينَ خمائلَ عشقٍ
     مثلَ بياضِ الثَّلجِ
     مثلَ زخّاتِ الأمطارِ؟!

هل تحنّينِ 
     إلى عناقِ أسرارِ اللَّيلِ
أمْ أنَّكِ توّاقة إلى مرامي الأماني؟
هل تحلَمين أن تغفي
     بينَ أحضانِ عاشقٍ 
     بينَ بيادرٍ مائجة بالأغاني
أم في قاعِ البحرِ حولَ لجينِ الأسرارِ؟!
يا وجهاً مكحَّلاً
     بصهيلِ الرِّيحِ
يا ترتيلةَ العيدِ
كم منَ الأنبهارِ 
حتَّى تلألأتْ قبّةُ السَّماءِ 
يا نغمةَ الرَّوضِ المنسابة
     بينَ مروجِ الأشعارِ!

انبلجَ شعاعُ الدُّفءِ
     من أغصانِ السَّماءِ
     من ألعابِ الطُّفولةِ
     من نورِ الوفاءِ
ألا يروقُ لكِ 
     ظلالَ البساتينِ
يهفو إلى محيّاكِ 
     حنينُ الانتظارِ!

يا قيثارةَ الرُّوحِ
يا بشرى الخلاصِ
     من ضجرِ اللَّيالي
تعالي ننشدُ معاً
     أناشيدَ الأحرارِ!
حلمٌ ينمو في شغافِ القصيدةِ
حلمٌ مهتاجٌ 
     مثلَ اندلاعِ الجمرِ
عصيانٌ قبلَ العبورِ
قدرٌ عميقُ الأغوارِ!

تعبرينَ أقاصي الجِّبالِ
     بوّاباتِ المغائرِ المسكونة
     بحكايا الجنِّ 
لا تهابينَ أسرارَ اللَّيلِ
     ولا طلاسمَ النَّهارِ!

وجهٌ معجونٌ من طينِ الأزلِ 
 يتهادى معَ منعرجاتِ التِّلالِ
وشمٌ مدموغٌ 
     على إيقاعِ الأقدارِ!

وجهٌ يزدادُ شُموخَاً 
كأنَّهُ من فصائلِ الرِّيحِ
     من رسوخِ الجِّبالِ
وجهٌ مكلَّلٌ بالنَّدى
     بنضارةِ الاخضرارِ!
تنمو في أجنحتِكِ 
     ثمارَ الحصادِ
وكلّ أنواعِ العطاءِ
مطرٌ يتهاطلُ 
     فوقَ أحاجي المزارِ!

بحرٌ مِنَ الألغازِ
انجذابُ القلبِ نحوَ وميضِ مآقيكِ
هل انبعثْتِ مِنْ هديرِ البحرِ
    مِنْ أحلامِ الأشجارِ؟!
   
تعالي ننامُ بينَ جفونِ اللَّيلِ
     بينَ أسرارِ الغمامِ
تعالي نرسمُ قيثارةَ الحبِّ
     فوقَ اندلاعِ اليراعِ
     فوقَ شموخِ النَّارِ!

تحنُّ عشتار 
     إلى أغصانِ الخصوبةِ
     إلى إشراقةِ الشَّمسِ
     إلى منابعِ الحبِّ
     إلى خريرِ الأنهارِ!
تفيضُ جراحُ اللَّيلِ
     من رمادِ اليباسِ
تتوارى الأحلامُ بعيداً
     عن ثلوجِ الحياةِ
     عن جناحِ المدارِ!  

تنمو في أعماقي ملايينُ الرّغباتِ
تورقينَ مثلَ نسائمِ الجنّةِ
     مثلَ نصاعةِ النَّدى
     مثلَ أنغامِ الجيتارِ!

يا أوّلَ البدءِ
يا بتلَّةَ الوردِ
يا صديقةَ الكونِ 
يا بشرى المروجِ
يا أرجوحةَ الغارِ!

متجذِّرةٌ في تلافيفَ العمرِ
     في قبّةِ الرّوحِ
من وجنتيكِ يتصاعدُ
     بخارُ الدُّفءِ
     نداءُ البحارِ!
تحنّينَ إلى نفرتيتي
     إلى ممالكِ الوفاءِ
     إلى ضياءِ الشُّموعِ
     إلى ثمارٍ طيّبة 
     إلى أشهى الخصالِ!

يكبرُ شوقُكِ إلى أعماقِ الصَّحارى
     إلى هدوءِ اللَّيلِ
     إلى تنهيدةِ الفجرِ 
     إلى أغوارِ الوصالِ!

يسمو اخضرارُ الرُّوحِ عالياً
حيثُ رحيقُ السَّلامِ 
يتغلغلُ بعذوبةٍ
     في غيمةٍ ماطرة
     في حبورِ الابتهالِ!

كم مرّةً عبرْتِ عوالم سالومي
حيثُ بهجةُ الغيومِ
تنثرُ عبقها بطراوةٍ لذيذةٍ 
     فوقَ شفاهِ الكونِ
     فوقَ كنوزِ الأطلالِ!
كم مرَّةً امتطيتِ حصانَ طروادة
وغمزْتِ هيلانة غمزاتٍ ماكرة
أيَّتها المكحّلة بحفيفِ الجنِّ
     بكنوزِ المرسالِ!

تنمو في خمائِلكِ زرقةُ البحرِ
     تلاوينُ البراري
هل تستحمّينَ برحيقِ الزُّهورِ
أم أنّكِ بتلاتُ زهرةٍ منبعثة
     من تخومِ الآزالِ؟!

نهدانِ مدبّقانِ برحيقِ العشبِ
     بعذوبةِ العسلِ البرّي
شَعرُكِ شلالُ عشقٍ
يتمايلُ حولَ ثغرِ الرِّيحِ
     حولَ نسيمِ الظِّلالِ!

برعمانِ شامخانِ
يعانقانِ أشجارَ الدُّنيا
يرفرفانِ في فراديسَ القصيدةِ
كَمْ مِنَ التَّوقِ حتَّى تبرْعَمَ العشقُ 
     في محارِ البحارِ!
كَمْ مِنَ العشقِ 
     حتّى ترعْرَعَ الدِّفءُ
          في مآقي الأشجارِ

وجهُكِ في الحلمِ
يضاهي نسيمَ الشِّعرِ 
أبهى من ضوعِ الأزهارِ!

وجهُكِ معراجُ خلاصٍ
    من أغلالِ الشَّقاءِ
أيَّتها المستمطرة نبيذاً لذيذاً
     كانتشاءِ شهقةِ الشَّبقِ
أيَّتها المهتاجة كأمواجِ البحرِ
     كلهيبِ النَّارِ!

تنسابُ أشعاري فوقَ وميضِ عينيكِ
كأنَّني أحلِّقُ في حلمٍ
أفرشُ أجنحتي فوقَ أحزانِ الكونِ
ماسحاً رغوةَ الأسى
المتطايرة من لهيبِ المجونِ
     فوقَ ضروعِ اللَّيلِ
     فوقَ مدارِ الأسرارِ! 
ثمَّةَ عشقٌ 
     من لونِ العذوبةِ 
يضاهي شموخَ الجِّبالِ
يندلعُ من ينابيعَ الرُّوحِ 
     من تلكَ التِّلالِ!

تلالُكِ يا عشقي السَّرمدي 
معراجُ عشقٍ إلى بهاءِ الضَّوءِ
تلالُكِ يا عطرَ الرَّوضِ
     أبهى من كلِّ التِّلالِ!

هل كنتِ في الأعالي 
     منذُ الأزلِ
أمْ أنّكِ تلألأتِ
     من أجنحةِ الآلهة
     من ضياءِ الكمالِ؟!

تتربّعينَ فوقَ نداوةِ الوردِ
     فوقَ جنائنِ العشقِ
تندلقُ من محيّاكِ
      نكهةُ التِّينِ
     ينابيعُ الجَّمالِ!
هل تبرعَمْتِ مِنْ وَهَجِ الحبِّ
     من عناقِ الرِّيحِ للمطرِ
أم أنَّكِ ثمرةُ عشقِ النُّجومِ 
     لبسمةِ الشَّفقِ
     لهالاتِ الهلالِ!

أيّتها المنسابة من ثغرِ السَّماءِ    
كيفَ تتواصلينَ 
     مع خشونةِ الأنسِ
وأنتِ من ثمارِ الجَّلالِ؟!

يا أبهى ما في الأنسِ
يا غابةَ فرحٍ
كيفَ تشكَّلَتْ خمائلكِ
أيّتها المندلقة من جنّةِ الخلدِ
     من ينابيعَ الخيالِ!

تعالي يا نغمةَ خافقي
تعالي فقد آنَ الأوان 
أنْ أرسمَ فوقَ نهديكِ 
     بهجةَ الحنينِ
     معالمَ الأطفالِ!
أيّتها الرِّيحُ الجَّامحة
تعالي نسبحُ 
     في أعماقِ السَّديمِ
حيثُ نداوةُ اللَّيلِ 
     تعانقُ بشائرَ الآمالِ!

هل زارَكِ يوماً بلبلٌ 
     من براعمِ الجنّةِ
أم أنّكِ مَلَلْتِ 
     من روتينِ الفرحِ
     من  أوزارِ الأغلالِ؟!

أيُّ طينٍ هذا المبرعم 
     في طراوةِ محيَّاكِ؟
أنتِ موسيقى
     من نكهةِ الحنطة
     من ايقاعِ الجَّمالِ!

أنتِ عشبةُ الخلاصِ
هل حلمْتِ يوماً 
أن تعشقي من جنسِ أكّاد
أم تهوينَ شموخَ الأنبالِ؟!
تبرعمْتِ بين حدائقِ العشقِ
     بين رحابِ جنّةِ الخلدِ
تبتهلينَ لزرقةِ السَّماءِ
     في أوجِ العناقِ
تتألَّقينَ شموخاً
كجبالِ طوروس
     على مدى الأجيالِ؟!

جسدٌ مفهرسٌ بشهقاتِ الطِّينِ
أبهى من ينابيعَ الحلمِ الآتي
أبهى من امتصاصِ النّّحلِ 
     رحيقَ الرَّوضِ
أنتِ يا غزالةَ العشقِ
يا بهجةَ الموجِ
خميرةُ أغلى الغلالِ!

تسطعينَ مثلَ الشُّهبِ
كأنَّكِ غزالةُ حلمي
تحلِّقينَ عالياً مثلَ البازِ
     مثلَ عبقِ الوردِ
تمهِّدينَ بليونةٍ وارفة
     معابرَ الأدغالِ!
هل راودكِ أنْ تعبري عبابَ البحرِ
     رحابَ الرَّوضِ
جموحُكِ يا سفينةَ العشقِ
يضاهي جموحَ الغزالِ!

أيّتها الرُّغبة الهائمة 
     فوقَ هلالاتِ الرُّوحِ
لماذا لا تزرعينَ ينابيعَ القلبِ 
     بأعشابٍ يانعةٍ
     على إيقاعِ الموَّالِ؟!

أراكِ نجمةً هائمة 
     فوقَ أراجيحَ الحقولِ
غيمةً هائجة 
     فوقَ زنابقِ القلبِ
     فوقَ أغصانِ الأشبالِ!

تعالي عندما تفوحُ الأزاهيرُ
عندما يضحكُ اللُّيلُ
عندما تحنُّ الصُّخورُ
     إلى حبيباتِ الأرضِ 
     إلى بهجاتِ الوصالِ!
تغفو الفراشاتُ 
فوقَ شطآنِكِ العطشى
     إلى بهاءِ المروجِ 
يا شمعةَ الرُّوحِ المضيئة
     بينَ مروجِ الأنفالِ!  
  
كَمْ مرّةً حلمْتِ أنْ ترتمي 
     بينَ أحضانِ العشقِ 
     بينَ أكوامِ السَّنابلِ
     بينَ أنغامِ الأغاني
يا أعذبَ مِنَ الماءِ الزُّلالِ!
     
ضلّتْ معراجُ البوصلة
     من ضجرِ النّهارِ
     من غربةِ العمرِ
اكفهرَّ وجهُ القصيدة 
     من هولِ الأهوالِ!

تَخلْخَلَتْ أجنحةُ الأحلامِ
     من صدى الفقاعاتِ 
     من جورِ الخناجرِ
     من صقيعِ الرُّؤى
     من قباحةِ الأفعالِ!
تقفينَ في وجهِ العتمةِ
شامخةً 
     مثلَ تكويرةِ النَّهدِ
     مثلَ وجهِ الضُّحى
شغوفةٌ في شراعِ التِّرحالِ!

لا يرمشُ جفنكِ
     من غضبِ السَّماءِ
هل انبَعَثْتِ من ألسنةِ النَّارِ
أم تبرعَمْتِ من أحشاءِ الجِّبالِ؟

وجهٌ مُدمى من أوجاعِ المسافاتِ
     من هديرِ الموجِ
     من حنينِ اليراعِ 
وجهٌ يغتسلُ بكلِّ انتعاشٍ
     تحتَ بهاءِ الشّلالِ!

تورّمَتْ خاصرةُ الرُّوحِ
اغبرّتِ الرُّؤى
     من تفاقماتِ الرّدى
مَن يستطيعُ أن يخمدَ
     نيرانَ الزُّلزالِ؟!        
صراعٌ مندلعٌ 
     بينَ حيرةِ الأبِّ
     ويقينِ العاشقِ 
تراخَت خيوطُ المحبّة
      من صراعِ الأبطالِ!

تمنحينَ عذوبةً 
لنسيماتِ الصَّباحِ
لدقَّاتِ القلبِ
للآهاتِ المتماهية
     في تلافيفَ الصّلصالِ!

أيّتها المستنبتة 
     من عجينِ الطِّينِ
ليليت يا أسطورةَ التمرُّدِ 
يا ملكةَ الإغواءِ
أنتِ منارةُ حقٍّ 
     في جفونِ الحياةِ 
صديقةُ البرِّ والبحرِ 
أنيسةُ القفرِ 
ومروِّضةُ الوحوشِ
     في كهوفِ الأدغالِ!
أيَّتها الينبوع المتهاطل
     من جفونِ السَّماءِ
هل كنتِ يوماً حلماً
مجنَّحاً في أوجِ الأعالي
أم قيثارةَ عاشقٍ 
ترنِّمُ ترانيمَ الأنبالِ؟! 

ليليت يا نسغَ الانعتاقِ 
     من كبحِ الذُكورةِ
بحثاً عن مروجِ الإنتشاءِ
يداكِ شجرتا طيبِ 
يبلسمانِ جراحَ الأغلالِ!

ليليت لبوءةٌ شرسة
     في وجْهِ الغدرِ
مقمّطةٌ بالعنفِ منذُ الأزلِ 
بركانُ نارٍ 
     في وجهِ السَّلاطينِ
هبطْتِ من الأعالي
كي تكوني 
سيفَ الجَّائعينِ
     في وجهِ الأنذالِ!
هل أنتِ جنّيةٌ مطرودةٌ 
     مِنَ الجنّةِ
ضياءُ وَجْهِكِ ينضحُ 
     مثلَ وميضِ البرقِ
لا يختلفُ 
     عن وهجِ الجنّةِ
يا أحلى من جنّةِ الجنّاتِ! 

أيّتها الأنثى المتناغمة 
     معَ موشورِ البهجةِ
أيّتها الوردة المترقرقة 
     مَعَ انسيابِ الماءِ
     مَعَ رغبةِ الرَّغباتِ!

يا شفيعةَ القلوبِ المنكسرة
نهداكِ موجتا فرحٍ
يرقصانِ معَ خيوطِ الحنينِ
يموجانِ حولَ أسرارِ الرُّوحِ
أنتِ لونُ البداياتِ
مسارُ القصيدةِ نحوَ لبِّ السَّماءِ
رضابُ ثغرٍ من نكهةِ الشَّهدِ
لذّةٌ ولا كلَّ اللِّذّاتِ!
عشقٌ لا يكتملُ إلا عندَ ضياءِ البدرِ
أنتِ باقةُ حنطة
مخضّبة بخصوبةِ القلبِ
باقةٌ من أزهى الباقاتِ! 

أنتِ أنشودةُ الرُّوحِ
رسالةُ فرحٍ منبعثة
     من ظلالِ السَّماءِ
ترتيلةُ الزَّمنِ الآتي
     نهايةُ النّهاياتِ!

ما هذا العسلُ المتدفّقُ 
     من وجنتيكِ
سحرُكِ يشبهُ زخّاتِ الأمطارِ
يمسحُ أحزانَ الطُّفولةِ
     وأوزارَ الآهاتِ!

تغفو نسائمُ الصَّباحِ 
     بينَ هضابِكِ النَّديّة
عاشقة مسترخية
     فوقَ زبدِ البحرِ
شهوةٌ مفتونةُ الواحاتِ!
يكبرُ الحلمُ فوقَ نضارةِ خدّيكِ
     فوقَ وشاحِ الرُّوحِ
يزدادُ سطوعاً
كأنَّه مطرٌ كثيفُ الزَّخَّاتِ!

وجعٌ ينمو فوقَ تنهيدةِ الحنينِ
     فوقَ بساتينَ العمرِ
تعالي يا مطراً هاطلاً
     من قبابِ النِّعماتِ!

صراعٌ منذُ فجرِ التَّكوينِ 
وقبلَ التَّكوينِ
تكوينُ النَّهدِ 
     على صورةِ الارتقاءِ 
تكوينُ حربٍ 
     على اهتياجِ الرَّغباتِ!

أنتِ يا وهجَ الكونِ
يا صديقةَ الثَّلجِ
يا صوتَ الرِّيحِ
أنتِ بوّابةُ الرُّوحِ 
     إلى ظلالِ الغاباتِ!
تتيبَّسُ شرايينُ الدُّفءِ
     كلّما يغيبُ محيَّاكِ
منازلاتٌ لا تحصى
     بينَ أمواجِ البحرِ
     وجفافِ القارَّاتِ!

هبَطَتِ الطُّيورُ قريباً
     من مرافئِ دنياكِ
تداعبُ براعمَ الأزاهيرِ 
المتدلِّية فرحاً
     فوقَ أهازيجَ السّاحاتِ!

هلْ تلألأتِ من بخورِ الرُّوحِ 
أم أنّكِ شهقةُ حبٍّ منشطرة
     من حنانِ اللَّيلِ
     من عطشِ الغاباتِ؟!
      
أنتِ قدري الغارق 
     في بهجةِ الانتعاشِ
أنشودةُ فرحٍ 
مكحَّلة بأبهى الألحانِ
     باهتياجِ الموجاتِ!
موجةُ سُرورٍ 
يتراقصُ فوقها زبدُ البحرِ
دهشةٌ معطَّرة بعذوبةِ الحنينِ 
قصيدةٌ هائمة 
     فوقَ أغصانِ الخيراتِ!

تبدَّدي يا صحارى العمرِ
لا تهابي نعيقَ البومِ
ولا فحيحَ الأفاعي
اشمخي فوقَ بساتينِ اللَّوزِ
يا أمَّ الأمَّهاتِ!

أنتِ أوّلُ جنّةٍ عشقتها
     منذُ فجرِ التَّكوينِ
أرقى ما صيغَ فوقَ روابي الزَّمانِ
نصيرةُ كلَّ البركاتِ!

أيّتها العناق الأزليّ 
تعالي أفرشُكِ نسيماً راعشاً 
     فوقَ جموحِ اللَّيلِ
     فوقَ أريجِ الحنينِ
     فوقَ رحابِ اللَّوحاتِ!
أيّتها الطّاعة المستعصية على الانصياعِ
أيّتها الخارجة من أسوارِ الجنّةِ
ألا تعجبُكِ بيادرَ الخلودِ
     يا بهجةَ الجنّاتِ!

تسترخينَ مثلَ عشبةٍ نديّةٍ
     فوقَ شفاهِ الكونِ
أيّتها الضَّوء المتماهي 
     معَ شهوةِ الخصوبةِ
     معَ أسرارِ الحياةِ!

كم من الوحوشِ الضَّارية
تآلفَتْ مع عذوبةِ خدّيكِ
كم من الفراشاتِ تاهَتْ 
     حولَ وميضِ عينيكِ
     حولَ اِندلاعِ الجَّمراتِ!

عندما تسبحينَ 
     في ينابيعَ العشقِ
تتراقصُ خصلات شعركِ
     فوقَ نسائمِ الدُّفءِ
     مثلَ هبوبِ الفراشاتِ!
ترتعشُ مفاصلُ الرُّوحِ شوقاً
     إلى بهاءِ مقلتيكِ
     إلى ضفافِ الأنهارِ
     إلى طائرِ الفينيقِ
     إلى خبايا الشَّهواتِ! 

تغرقُ الآمالُ
     في رحابِ الصَّحارى
تبحثُ عن مواعيدَ الرَّحيلِ
     عن بزّةِ النَّجاةِ
     عن ارتصاصِ الغصّاتِ!

عطشٌ مفتوح 
يقودُني إلى دنياكِ 
     إلى مرافئِ الدُّفءِ
لا أشبعُ أبداً 
     من سموِّ البهجاتِ!
     
أيّتها التَّائهة في أدغالِ العشقِ
     في بيادرِ الحلمِ
آهٍ .. تواريتِ بعيداً
     عن نعيمِ اللِّذَّاتِ!
أيّتها اللاهية 
     بينَ رعشةِ اللَّيلِ
أحنُّ إليكِ كأنَّكِ قدري
هل أنتِ شهقتي الأولى 
     ولا أدري؟

آهٍ لو تعلمينَ كم من اللَّظى
كَمْ مِنَ الثَّلجِ
كَمْ مِنَ الرِّيحِ هبَّتْ
     فوقَ مغائرِ العمرِ!

كَمْ مِنَ الارتعاشِ 
كَمْ مِنَ الأغاني
وأنتِ ماتزالينَ أنتِ 
تهطلينَ فوقَ بيارقِ الحلمِ
     فوقَ لواعجِ الجَّمرِ!

ينمو نداءُ الاشتعالِ
أكثرَ مِنْ ريحِ الشِّمالِ 
أكثرَ مِنْ اشراقةِ الشَّفقِ
يركضُ نحوَ نزوةِ الغيمِ
     نحوَ غمائمِ النَّهرِ!
يتضاءلُ مجرى الصِّراعِ
     سُكونُ الفيافي
رمالُ البحارِ تزغردُ
     على اِيقاعِ الدُّفوفِ
     أنشودةَ البحرِ!

تحنُّ المراكبُ إلى وميضِ عينيكِ
     إلى دفءِ العناقِ
تفوحينَ مثلَ وُرُودِ الصَّباحِ
     مثلَ عوسجِ القصرِ!

أكتبُ على قرصِ الشَّمسِ قصائدي
عيناكِ ينبوعا ألقي
قنديلا دربي
     في جموحِ الشِّعرِ!

موسيقى أحلى 
     من خريرِ السَّواقي
     من حفيفِ البراري
تنبعثُ مِنْ محيّاكِ
     مِنْ شهقةِ الرُّوحِ
كأنَّها تسبيحةُ عشقٍ لضياءِ الفجرِ!
أحنُّ إليكِ     
أكثرَ من حنيني 
     إلى عبقِ الوردِ
تطفحُ من خدّيكِ قطرات ندى 
متماهية معَ غمامِ اللَّيلِ
وجهُكِ أحلى من تكويرةِ البدرِ! 

أيَّتها القصيدة العصيّة 
     عنِ الانصياعِ
عذبةٌ أنتِ مثل النَّدى
     مثلَ تغريدةِ الهدى
تُنعشينَ بواطنَ الصَّدرِ!

ألا تحنّينَ إلى جنّتي
أيّتها الطَّريدة 
     في أعماقِ البراري
كيفَ تتواءمينَ مع عوالمِ القفرِ؟!

تروِّضينَ رعونةَ الوحوشِ
ولا تأبهينَ أنيابَ الضَّواري
هل تنسابُ في شرايينكِ
بلاسِمُ الحياةِ أم خضابُ الشِّعرِ؟! 
أيّتها الزَّنبقة المتطايرة 
     من شهقةِ الشَّمسِ  
     من شهوةِ الغيمِ
     من خيوطِ اللَّيلِ 
     من غبارِ التِّبرِ!

مَنْ يستطيعُ أنْ يقودَكِ
     إلى معابرِ الهدى
     إلى كنوزِ البحرِ
إلا خيوطَ الوصالِ
     وبسمةَ الفجرِ؟!

ليليتْ يا صديقةَ حرفي
أنتِ أصلُ البرِّ والبحرِ 
يا تاجَ الحياةِ
يا وردةً تائهة 
     بين شفيرِ الرِّيحِ
تقدحُ عيناكِ شرَرَاًَ
     في عرينِ الغاباتِ
كأنَّكِ لبوءةٌ 
تضاهي شراسةَ النَّمرِ!

وحدُهُ الشِّعرِ قادرٌ
أنْ يخلخلَ ضجري
     من أوجاعِ الصَّباحِ
     من كآباتِ اللَّيلِ
يزوِّدنُي بشحنةِ طاقاتٍ 
أصدُّ عبرها فخاخَ الغدرِ!

ليليتْ يا شمعةً منيرة
     في سماءِ الصَّقيعِ
     في هدوءِ اللَّيلِ
يا شراعَ الأماني
يا أشهى من الشَّهدِ     
يا خليلةَ البرِّ والبحرِ!

ليليتْ قصيدةٌ مفتوحةٌ
     على أكتافِ الجنِّ
نجمةٌ ساطعةٌ فوقَ أسوارِ الرُّوحِ
ليليتْ صديقةُ الشِّعرِ
صديقةُ بيروت 
صديقةُ الأنسِ والفنِّ
عيناكِ مكحّلتان بالعصيانِ
     بجموحاتِ الصَّقرِ!
هل تحلمينَ بشموخٍ 
     على مساحاتِ القصيدةِ
أَمْ أنّكِ سيفُ حقٍّ
     في جبينِ الطُّغاةِ
     في شفيرِ الهدرِ؟!

تنحني وحوشُ البراري
     عندَ نورِ عينيكِ
كأنَّكِ مزارُ ديرٍ
يشفي أسقامَ الحياةِ 
كأنَّكِ معراجُ خلاصٍ
     من لهيبِ الجمرِ!

وجهُكِ أيقونةُ خيرٍ
تضيءُ عتمةَ القلبِ
تفرشُ دروبَ الغدِ الآتي
     بماءِ الحياةِ
تزيحُ عَنْ غشاوةِ العينِ
     ضراوةَ السِّنينِ
تمحقُ آفاتِ الشَّقاءِ
وتبيدُ 
     أنينَ القهرِ!
تتمايلينَ فرحاً 
مثلَ غمامةٍ مهتاجةٍ 
     في وجهِ الرِّيحِ
تهطلينَ ألقاً في رحابِ الهدى!

أحبُّكِ أكثرَ 
     من فضاءاتِ الحنينِ
أنتِ حبقُ الشَّوقِ
     بتلاتُ وردٍ
     أنقى من نضارةِ النّدى!

يا إلهةَ الخصبِ والعشقِ 
يا إلهةَ الرَّوضِ والزَّهرِ 
يا أبهى بلوةٍ صادفتُهَا 
     تحتَ قبّةِ السَّماءِ
     فوقَ ربوعِ المدى!

يا صديقةَ البحرِ 
     وأمواجَ المساءِ
يا أيَّتها الذِّكرى الوارفة
     بين أغصانِ الحياةِ
     بينَ أغوارِ الصَّدى!
أيَّتها الغارقة في ينابيعَ الحياةِ
تشبهينَ أعشابَ الجنّة
     رحيقَ الزُّهورِ
     بشائرَ الرِّضى!

يتلظّى المرءُ بعيداً 
     عن موجةِ دنياكِ
يكبرُ العشقُ 
ولا يخشى المرءُ 
     من هولِ الرَّدى!

يا قصيدةَ القصائد
يا أنثى الأزل
تنمو حولَ ضفائركِ 
     نداوةُ الرِّيحِ
كأنَّها من مآقي الأقاحي!

أيّتها المستعصية عَنِ الفهمِ
يا أعمقَ من مفاهيمَ هذا الزّمان
يا خفقةَ قلبٍ مندَّى بالإخضرارِ 
معجونةٌ بعبقٍ شهيٍّ 
     من طراوةِ التُّفّاحِ!
يا أقدمَ من الزّمانِ
     من تضاريسَ الكونِ
     من رعشاتِ القصائد
يا هديراً ساطعاً في قلبِ الرِّياحِ!

أنتِ أولى الرَّعشاتِ 
     وأطيبَ الرَّعشاتِ
يا سفينةَ العمرِ
يا وسادةً مبلَّلةً
     بوشاحِ الارتياحِ!

أنتِ شهيقُ روحٍ متلألئة 
     في بيارقِ السَّماءِ 
فَرَرْتِ من الجنّةِ
تبحثينَ عن سطوعِ الشَّمسِ
    عن بهجةِ الاشراقِ! 

أنتِ وميضُ العشقِ المتناثرِ 
     من جموحِ الضّياءِ
تهتاجينَ مثلَ الجمرِ
     مثلَ خمائلِ الوردِ
بحثاً عن بذورِ العناقِ!
تخلخلين رتابةَ الصَّوتِ
     شُرورَ الشِّجارِ
تسبحينَ في لجينِ الموجِ
حلمٌ من لونِ الحنينِ
     من أحلى المذاقِ!

لا تأبهينَ الموتَ
ولا مهاميزَ الغدِ الآتي
وحدُهُ البحرُ قادرٌ 
أن يغدقَ على الدُّنيا أثمنَ الأرزاقِ!

تمسحينَ أنينَ الأرضِ
     برحيقِ بخورِ العمرِ 
 تتوارى جذوةُ النّارِ
بعيداً عن دنانِ الخمرِ
     عن شراعِ الفراقِ!

تلبسينَ قلنسوةً 
     من وبرِ وحوشٍ برّية
تقيكِ من غضبِ الأرضِ
     من لهيبِ الغدرِ
     من هجومِ التُّرياقِ!
تعالي يا نسغَ الحياةِ
نزرعُ بذورَ الشّعرِ 
     فوقَ وجهِ الغمرِ 
     فوقَ وجنةِ الغمامِ
     فوقَ رحابِ الآفاقِ!

لا تقلقي يا صديقةَ اللّيلِ
يا سيّدةَ الغاباتِ
وجهُكِ باقةُ قرنفلٍ
يزدانُ مثلَ الأزاهيرِ
     من وهجِ الأشواقِ!

أنتِ شهقةُ عشقٍ
مندلعة من رحمِ الكونِ
صديقةُ الماءِ والأرضِ
صديقةُ اللَّيلِ والنَّهارِ
صديقةُ الغرامِ الرَّاقي!

خشوعٌ يهفو إليكِ
يحومُ حولكِ كأنَّكِ ركنُ خلاصٍ  
     من أركانِ المعابدِ
     من تخومِ الأعماقِ!
تنثرينَ حُبيباتِ الرُّوحِ
     حولَ فناءِ الحوشِ
     حولَ تيجانِ الطُّفولةِ 
فتنمو براعمُ النَّدى
     في رحابِ القصائدِ
     فوقَ أعشابِ السَّواقي! 

يتفاقمُ الحنينُ إلى لقياكِ 
     إلى غمرةِ التحدِّي          
تنسابينَ بعذوبةٍ وارفة
     في بيادرِ الدُّفءِ 
كأنَّكِ ربيعُ عشقٍ مخضَّلٍ 
     بأمواجِ البحرِ 
كانسيابِ الماءِ الرَّقراقِ!

هل تقمّطتكِ المحبّة 
     من نضارةِ الرُّوحِ
     من تغاريدَ الهداهدِ
أَمْ مِنْ بركاتِ الأعالي 
تزرعينَ 
حبورَ السَّماءِ على الأرضِ
     مِنْ وميضِ الأحداقِ!
لا تخضعينَ إلا لاندلاعِ الاشتعالِ 
أيّتها المكتنفة بخمرةِ الانتشاءِ
     بهالةِ البدرِ
     بأريجِ الرِّيحانِ!

أيّتها المخضّبة بيخضورِ الحياةِ
كيفَ يستطيعُ آدم 
أن يعيشَ بعيداً عن دفئكِ 
     يا عبيرَ البيلسانِ؟!

وشمُ آزالِ العشقِ 
موشومٌ على نضارةِ خدِّيكِ 
     على إيقاعِ البقاءِ
هل تحنّينَ كثيراً إلى ظلالِ البستانِ؟!

كيفَ تُطرحُ الذُّكورةُ قوّةً
والذُّكورُ تخورُ حالما تسطعُ رقّةَ النِّساءِ؟
لا أؤمنُ إلا بقوّةِ العشقِ ونقاءِ الوجدانِ!

قوّةُ الحبِّ لا يضاهيها إلا رحابةَ الصَّدرِ
     إلا براءةَ الوردِ 
          إلا إنسانيّةَ الإنسانِ!
قوّةٌ الحبِّ 
قوّةٌ من وهجِ الجمرِ 
     من نسغِ الاشتهاءِ
تنسابُ كإيقاع المزاميرِ
     كأمواجِ الألحانِ!

أيّتها الحقيقة السَّابحة 
     فوقَ سديمِ المدائن
     فوقَ بحارِ العمرِ
تعالي أرسـمُكِ برعماً
     فوقَ دموعِ الأوطانِ!

أيّتها الأمُّ الملوّنة 
     بإخضرارِ الجنائن
أيّتها الغاوية المتعرّشة
     بأجنحةِ الحمائمِ
أهلاً بنسيمِ الإيمانِ! 

طيرٌ من طيورِ الجنّة
أسطورةُ الزَّمنِ الآتي
أسطورةُ الأساطيرِ
قصيدةُ فرحٍ من أبهى الأفنانِ!
يخفتُ حنانُ الرِّجالِ
     إلى أحضانِ اللَّيلِ
كلّما تغيبُ بعيداً طراوةُ نهدَيكِ 
كأنَّكِ لهيبُ أنثى 
مستولدة مِنْ عناقِ الأبدانِ! 

تشمخينَ نحوَ الأعالي 
     مثلَ جبالِ هيمالايا
     مثلَ ألوانِ معلولا
بلسمُ الرُّوحِ أنتِ
على يديكِ تُشفى كلَّ الأحزانِ!

هل نبتَتْ أجنحتُكِ 
     من غضارِ الرِّيحِ 
أم أنّكِ معجونة من وميضِ الآلهة
     من رذاذِ الصّوّانِ؟!

هل تتقمّصُكِ أحياناً 
     تجلّيات نسّاك الهندوسِ
أم أنّكِ تتواصلينَ 
كلَّما يهبطُ اللَّيلُ
     معَ أغوارِ البركان؟!
هل ترعْرَعْتِ
     مع راهباتِ المغائرِ 
المعبّقةِ ببخورِ المحبّةِ
أَمْ أنَّكِ شهقة أنثى
     من موشورِ الألوانِ؟!

هل زارَتْكِ يوماً جنّيةٌ
     مخضّبةٌ بالنّارِ
أَمْ أنّكِ محصّنة 
     بضياءِ القمرِ
     بغاباتِ المرجانِ؟

كيفَ تنسجينَ جموحَكِ العشقيّ
يا صديقةَ البحرِ
يا لونَ البداياتِ
يا جناحَ البنيانِ!

تتكوَّرينَ حولَ هالاتِ البدرِ 
مسترخيةً بكلِّ انتعاشٍ
كأنَّكِ في حلمٍ شفيفٍ 
تنتظرينَ باقاتِ السَّنابل
لمعانقةِ سموِّ الإنسانِ!
تنمو ارتعاشاتُ الحرفِ 
     بينَ أجنحَتِكِ النَّديةِ
أيَّتها الموشَّحة
     ببهاءِ الأناقةِ
     بجموحِ الإقدامِ!

أيَّتها المنسابة كحبقِ السَّوسنِ
      في رحابِ الرَّشاقةِ 
رشاقةُ عشقٍ مفتوحٍ 
     على شهقةِ البحرِ
     على خريرِ الغرامِ!
  
يا صديقةَ الجِّبالِ 
يا زهرةً يانعة 
     فوقَ تخومِ الوديانِ
نسائمُ البحرِ أنتِ
     في خضمِّ الأنغامِ!
   
كم من الأوجاعِ 
     حتّى اندلعَتِ النِّيران
     فوقَ خاصراتِ التِّلالِ
كم من البوحِ
     حتّى انقشعَ أنينُ الآلامِ!
أيّتها التَّائهة 
     بين براري الرُّوحِ
هل تخضّبَتْ جوانِحُكِ 
     من تلألؤاتِ النُّجومِ
     أَمْ مِنْ جموحاتِ الهيامِ؟

كَمْ مرّة غفوتِ
     تحتَ ظلالِ الكرومِ
تنتظرينَ شروقَ الشَّمسِ
     خيوطَ النَّهارِ
     اندحارَ الخصامِ؟!

كم مرّةً عانقْتِ اهتياجاتِ البحارِ
     خشخشاتِ الرِّيحِ
تحلمينَ برذاذاتِ الثَّلجِ
     ببشائر الأحلامِ؟!

تبدِّدينَ زمهريرَ الصَّحارى 
     بشهقةٍ راعشةٍ
     من وهجِِ الاخضرارِ
     من سموِّ التَّجلِّي
     من نِعَمِ السَّلامِ!
أيّتها الأنثى المعتَّقة 
     بنكهةِ التفَّاحِ
تزدادينَ ألقاً
     منذُ بزوغِ الفجرِ
     مثل رفرفاتِ اليمامِ!

لماذا يرتعشُ خافقُ الرِّجالِ 
     عندما يرتمي أشجعهم 
     بينَ تلالِكِ المعشوشبة
حيثُ دفءِ الحياةِ
يتهاطلُ مثلَ هديلِ الحمامِ؟! 

قرأتُ بشهيّةٍ مفتوحةٍ 
     "عودةُ ليليت"*
عودةٌ ولا كلّ العوداتِ
قصيدةُ انذهالٍ 
     من أبهى الكلامِ!

جمانة حدّاد 
فارسةُ حرفٍ دائم الاشتعالِ 
يتراقصُ حرفُها على إيقاعِ اللَّيلِ
     على طقوسِ الوئامِ!
تكتبُ من وهجِ الحنينِ 
     من بحرِ الأماني 
تنقشُ حرفها
     فوق تضاريسِ الارتقاءِ 
     فوقَ أسوارِ المرامِ!

تنبشُ ميادينَ البدءِ
تعانقُ ارتقاءَ القلبِ 
ترفعُهُ إلى مصافِّ الشَّمسِ
     إلى رعشةِ الرُّوحِ
     إلى أرقى المقامِ!

يا صديقةَ الحرفِ
كيفَ تلتقطينَ جموحاتِ "ليليت"
وأنتَِ غارقة في دموعِ بيروت
     في بؤرةِ الموتِ الزُّؤامِ!

بيروت يا بهجةَ اللَّيلِ 
     وضجرَ النَّهارِ
بيروت يا بسمةَ الحنينِ 
     إلى تلاوينَ الغيومِ
     إلى أبراجِ العظامِ!
ليليتْ أنثى من بخورِ المحبّةِ
     من ضوءِ الأماني
مفتاحُ المجونِ 
     نحوَ ينبوعِ الحياةِ 
أيّتها المنبعثة 
     من شهيقِ الآلهة 
     من طينِ الكرامِ!

لماذا هربَتْ ليليت 
     من جنّةِ الخلودِ 
     من نضارةِ السَّماءِ
هل هربَتْ من القنوطِ
     من ضجرِ الانبهارِ 
      من سياطِ الأحكامِ!

هل ثمّةَ خلودٌ أكثرَ 
     من خلودِ ليليت
أكثر من روضِ الجَّناتِ
ليليتْ منارةُ ألقٍ من نورِ العشقٍ 
أيّّتها الجامحة 
     نحوَ وميضِ الشُّهبِ
     نحوَ أقاصي الغمامِ!
أيّتها الأنثى التَّائهة 
     في ضجرِ الصَّحارى 
تفرّينَ من روضِ الفراديسِ
بحثاً عن غرامٍ 
     بينَ نسيمِ الخيامِ! 

ليليت يا ليليت
يخرُّون أمامَ شموخِ نهديكِ
وأنتِ ما تزالينَ أنتِ
هائجةٌ كَأمواجِ البحرِ 
      أبهى من نجومِ اللَّيلِ!

أحبُّكِ أكثرَ من وردةِ الرُّوحِ
أكثرَ من اللَّيلِ الحنونِ
أحبُّكِ أيَّتها المزدانة 
     بسموِّ الوقارِ الجَّليلِ!

أحبُّكِ أيَّتها السَّارحة
     في براري الحلمِ
أيّتها النَّابتة فوقَ قمّةِ القممِ 
أيَّتها المبرعمة
     في تموّجاتِ الهواءِ العليلِ!
جفّتِ البحارُ 
     من خشونةِ الرِّيحِ
     من جلافةِ هذا الزَّمان
تاهَت ليليت بينَ ظلالِ النَّخيلِ!

يا صديقةَ اللَّيلِ 
     وندى الصَّباحِ
يا موجةَ فرحٍ 
تسطعُ مثلَ الهلالِ
تشفي أعماقَ الغليلِ!

يا موشورَ العشقِ 
يا زغبَ البحرِ
ترسمينَ معالمَ البدرِ
     أجنحةَ العمرِ 
كأنَّكِ حماةُ أسرى الحروبِ
حماةُ الدَّخيلِ!

هل أنتِ أنثى من لحمٍ ودم 
أم أنّكِ غابةُ وردٍ 
     أبهى ألفَ مرّةٍ 
     من مروجِ الخميلِ؟!
ليليت يا أمَّ البهاءِ
تحنُّ إليكِ ظلالُ الأدغالِ
رمالُ الصَّحارى
يا أحلى 
     من أحلى العطاءِ
يا ترتيلةَ الخلاصِ
يا غزالةَ الفجرِ الجَّميلِ!

أيّتها القمر المندلع 
     من قيثارةِ الحلمِ
     من تواشيحَ الضّياءِ
يطفحُ من خدَّيكِ الشَّهدُ البرِّي
تنسابينَ مثلَ شهقةِ طفلٍ  
     معَ أغاني الرَّحيلِ!

أيّتها الغيمة الحبلى 
     بأريجِ الجنّةِ  
يا موجةَ حلمي الآتي
يا ترتيلةَ فرحٍ 
تزهو في أفواهِ الصَّبايا
تعالي نغزلُ حنينَ الرُّوحِ
     على ضوءِ القناديلِ!  
تشبهينَ مدىً مفتوحاً 
     على غاباتِ القلبِ
     على شهقاتِ الوفاءِ
أهلاً بعروسِ البحرِ
     بنسيماتِ العشقِ البليلِ!

تسطعُ من رحابِكِ لذَّةٌ راعشة 
تجنحُ نحوَ أسرارِ الفضاءِ
     نحوَ أعشابِ المروجِ
     نحوَ روضِ الخميلِ!

يا بسمةَ الأملِ
يا نسيماً هائجاً 
     فوقَ وجنةِ القدرِ 
تزهرُ الدُّنيا عطوراً
     فوقَ خدّكِ الجَّميلِ!

شهقتُكِ مخضَّبة
     بشرارةِ برقٍ 
تهاطلْتِ من غضبِ السَّماءِ
لعلَّها تستأصلُ شوائبَ الحياةِ
     قبلَ اشتعالِ الخضيلِ!

ليليت مزيجُ أنثى مضمّخة 
     من النُّورِ والنَّارِ
معجونةٌ من طينِ البقاءِ

أسطورةُ عشقٍ متطايرة 
     من غيمةٍ حبلى بيراعِ الشِّعرِ
بأحلامِ الطِّينِ
أسطورةٌ مستنبةٌ
     من شهوةِ الماءِ!

أيّتها القدرُ الحنون
يا وجعي الأزليّ 
يا روحي العطشى 
     إلى خصوبةِ الكونِ 
     إلى أعماقِ الهناءِ!

أيّتها الرّغبة الأزليَّة 
المزروعة في هدى أجنحتي
رذاذاتُ فرحٍ 
تتناثرُ جذلى 
     فوقَ رحابِ العمرِ
    فوقَ اخضرارِ الوفاءِ! 
منكِ ينبعثُ ضياءُ الحياةِ
     لذائذُ ارتعاشاتِ البدنِ
يا خميرةَ البحرِ
يا حرفاً مخضوضراً
     في ربوعِ اليراعِ!

تزدهي في دنانِكِ خمورٌ 
     من زهورِ التَّجلّي
     من  حبيباتِ التُّوتِ
شرخٌ في سماءِ الوجدِ
     من قيظِ الضّياعِ!

تهطلينَ حبوراً
     من لونِ المروجِ
عذوبةً أشهى
     من نوافيرَ السُّدودِ
     من عناقاتِ الوداعِ!

تقتلعينَ الشّوكَ من وجنةِ اللَّيلِ
كاقتلاعِ السُّمِّ
     من وميضِ البروقِ 
     من أنيابِ الأفاعي!  
يا موجةَ عشقٍ ساطعة 
     من أطيافِ الشُّروقِ
يا وشاحَ الحقولِ
يا فراشةً تائهة 
     فوقَ راياتِ القلاعِ!

تندلعين مثلَ اللَّظى
     فوقَ شراعِ العبورِ 
تشبهينَ خيوطَ الشَّمسِ
قبلَ أن تغفو بينَ أقاحي المراعي!

تهتاجينَ مثلَ الجَّمرِ
     مثلَ غيمةٍ هائمةٍ
هل تنقضّين على فرائسكِ
     مثلَ ذئابِ البراري
     مثل إنقضاضِ الضِّباعِ!

أيّتها الوردة الغافية 
     بينَ حفيفِ الرِّيحِ 
     بينَ ثغورِ البحورِ
أنتِ شراعُ الأماني
 نداءُ حرفٍ في هدى الإبداعِ!
تتلألئين مثلَ عذوبةِ النَّدى
     مثلَ شموعِ النُّذورِ
تعالي نَزْرعُ في جوانِحِكِ 
بذورَ عشقٍ مهجَّنٍ 
    بتكويرةٍ حرفٍ 
   من أصفى اليراع!

تختالُ يوماً بعدُ يومٍ
 موبقاتُ الشُّرورِ
     رعونةُ الصَّولجانِ
 وجعٌ في سماءِ الحلقِ
      في أعماقِ النِّخاعِ!

هَلْ تحنّينَ إلى بيارِقِ السَّماءِ
حيثُ شجيراتُ الجنّة 
تنشرُ ظلالَهَا
     فوقَ عنادِ العصيانِ
     فوقَ  شفيرِ الوديانِ
تنشرُ عبقَها في سهوبِ الرُّوحِ
تبلسمُ القلبَ بنقاوةِ النَّدى
     بأريجِ النّعناعِ؟

عصيانٌ في وجهِ جلاوزةِ 
         هذا الزَّمان
باهتةٌ الدُّنيا لو خَلَتْ من محيّاكِ
     من ليالي الأعيادِ!

أيَّتها المتربّعة 
     فوقَ بتلاتِ الأحلامِ
كَمْ من البهاءِ 
     حتّى تلألأتْ بينَ مقلتيكِ 
     خُطوطُ المِدادِ! 

أنتِ خميلةُ وردٍ مزدانة
     فوقَ رحابِ الرّوحِ
     فوقَ مراكبِ العبورِ
يا درّةً ضائعة
     بينَ أكوامِ الرَّمادِ!

تعبرينَ اهتياجَ الرِّيحِ
كأنَّكِ شراعُ الأماني
     على امتدادِ الدُّهورِ 
سيّدةُ القلاعِ
صديقةُ كلَّ العبادِ!
لا تهابينَ مكائدَ الزَّمانِ
     ولا تفاقماتِ القحطِ
          في أدغالِ المكانِ 
بديعةُ الردِّ في وجهِ الأندادِ!

نبتةٌ معرَّشةٌ
     في شهيقِ الإنسانِ 
نبيذٌ لذيذٌ
يفورُ شوقاً 
     إلى خدودِ البلادِ!

يزدهي مُحيَّاكِ 
مثلَ روضةٍ متراميةِ الدُّفءِ
      بينَ جموحِ الأحضانِ 
أراكِ روضةً جانحةً 
     نحوَ شراعِ الشِّعرِ
تعالي نحلِّقُ معاً 
     فوقَ وشاحِ الحِدادِ!

ليليتْ يا أميرةَ الجنّاتِ 
تعيدينَ آدمَ إلى قصورِ الهدى
     إلى قلاعِ السَّلامِ 
     إلى صدارةِ الأسيادِ!
أيّتها المتشرِّدة 
     في جوفِ البراري 
كَمْ من التِّيهِ
     حتّى ضلَّ القلبُ
     عَنْ مهمازِ المدادِ!

عطشٌ على مساحاتِ الحلمِ 
     على  حافّاتِ الحنينِ 
أكثرَ من روحِ العصيانِ
عطشٌ على مدى الصَّحارى
     على قبورِ الأجدادِ!

أيّّتها السُّنبلة الجَّامحة 
     نحوَ وميضِ الشُّهبِ
 كَمْ أنتِ منعشةٌ لخاصراتِ الجِّبالِ
     لرؤى الأحفادِ!

لماذا هربْتِ مِنَ الجَّنّة
أيّتها المتمرّدة
يا وشماً مدموغاً 
     فوقَ وجنةِ الغاباتِ
     فوقَ طموحِ الرّوّادِ!
يا نصيرةَ التُّرابِ
يا وهجاً راعشاً
يبدِّدُ اندلاعَ الآهاتِ 
مِنْ ذرَّاتِ الطَّينِ عُجِنْتِ
     مِنْ عَطَشِ البوادي!

ليليتْ يا خميرةَ الأرضِ
هل في ربوعِ الكونِ
طينٌ ينمو مِنْ دونِ انشطارٍ
     نحوَ قاعِ الفسادِ!

يا نصيرةَ الماءِ
يا وجهَ الخصوبةِ المتهاطلِ
     فوقَ جراحِ القارَّاتِ  
يا ظلالَ اللّوزِ 
يا قبلةَ الرُّوحِ 
يا تاجَ البلادِ!  
  
تعالي ننثرُ بابتهالٍ 
ضياءَ الرُّوحِ فوقَ جراحِ العمرِ
     فوقَ بسماتِ البنينِ
     فوقَ هاماتِ الوِهَادِ!
سموُّكِ ينبعُ من خمائلِ القلبِ
     من بيادرِ الحياةِ
يشمخُ عالياً 
     مثلَ ثمارِ الحصادِ!

يا نصيرةَ الأرضِ
يا صديقةَ البرِّ والبحرِ
     وكلَّ الكائناتِ
يا بوّابةَ الضَّوءِ
     رغمَ تفاقمِ الاسودادِ!

يا نصيرةَ السَّماءِ
يا صديقةَ النَّسيمِ والطَّيرِ
يا أمّ الأمّهاتِ 
كم من الدّفءِ والعيشِ الرَّغيدِ!

تشتعلينَ مثلَ شموعِ الرُّوحِ
تحرقينَ سمومَ العمرِ
ترمينَ بعيداً كلّ الترّهاتِ
لا يقلقُكِ إلا العطاءَ
     إلا بريقَ الشِّعرِ 
     إلا انبعاثَ الوليدِ!
تهطلينَ عبقاً مصفّى 
     مثلَ غيمةٍ حُبلى
     بدفءِ الواحاتِ 
بيلسانُ العشقِ أنتِ
بلسمٌ في نسغِ الوريدِ!

تعالي يا غزالةَ الرُّوحِ
يا بسمةَ عشقٍ مندلعة
     من ثُغورِ الآلهاتِ 
هديّةٌ من السَّماءِ أنتِ   
     مِنَ الضّياءِ البعيدِ! 

تعالي قبل أن تغضبَ نسائمُ الصَّباحِ
قبلَ أن تحومَ حولي 
     أسرابُ الفراشاتِ 
قبلَ انصهارِ الحديدِ!

أيّتها الخصوبةُ الوارفة
     بينَ ثنايا الحروفِ
     بينَ جموحِ اللُّغاتِ 
صراعٌ في لبِّ الحياةِ أنتِ
     في البيتِ العتيدِ!
كَمْ مِنَ التَّشرُّدِ 
كَمْ مِنَ الدُّموعِ
كَمْ مِنَ الآهاتِ 
وأنتِ ما تزالينَ أنتِ
مثلَ عذوبةِ الفجرِ المجيدِ!

تشمخينَ عالياً
     مثلَ حفيفِ النَّسماتِ 
     مثلَ عذارى الموجاتِ
رقَصَتِ الطَّبيعةُ فرحاً
     لقدومِ الطِّفلِ الوليدِ!

تمطرينَ نعمةً وبهاءً
كأنَّكِ منبعثة من مروجِ الجنّاتِ
     من ظلالِ الأرزِ
     من بشائرِ العيدِ! 

أيّتها القبلة النَّابتة
     فوقَ وجنةِ الحقيقة 
يا نسيماً فائراً 
     من ربوعِ الأساطيرِ
     من عنفوانِ الصَّناضيدِ!
يا سيَّدةَ العتمةِ
يا وهجَ النُّورِ
حلمٌ فسيحُ المدى
صورةُ الشَّمسِ أنتِ
     في أوجِ الضّياءِ!

يا سيّدةَ السيِّداتِ
يا شريكةَ الغمرِ
يا شهيقَ الأرضِ 
ضلعُكِ شامخٌ 
يستعصي عنِ سيوفِ الدَّهاءِ!

ضلعُكِ يتسامى نحوَ الأعالي 
ضلعُكِ من أرقى     
     حالاتِ التجلّي
     من تلاوينِ السَّماءِ!

أيّتها المتربِّعة
     فوقَ مروجِ الكونِ 
يتناثرُ حبقُكِ كتبرٍ مصفّى
     فوقَ حنينِ العيونِ
     فوقَ لواءِ البقاءِ!
تتوالى التفاسيرُ
     في كلِّ اللُّغاتِ
أنّكِ من الطِّينِ 
     إلى الطِّينِ
     إلى رحابِ الانتشاءِ!

يا عطرَ الفيافي
يا أصلَ الكائناتِ
تزدهي في ربوعِكِ
     أزاهيرُ حبٍّ
     من رضابِ الهناءِ!

يا أشهى ما في البساتينِ   
يا تفّاحةَ الرّوحِ 
يا رعشةَ الإشراقِ
تعالي تحتَ جنحِ اللَّيلِ
     على ضوءِ الوفاءِ!

تعالي يا صديقةَ الشِّعرِ
ارسميني قبلةً 
     فوقَ معابرِ الرُّوحِ
لعلّي أخفِّفُ من أنينِ الشَّقاءِ!
انصهارُ الذُّكورةِ 
     في شعلةِ الأنوثةِ
سحرٌ قويٌّ الانجذابِ
سحرٌ من أعذبِ ما جاءَ 
     في موشورِ النِّساءِ!

تنامَتْ في دنيا الصّحارى
     أغصانُ الخصوبةِ
     حالما وطأتها قدماكِ
حالما أشرَقَتِ الرّوحُ
     في خفايا المساءِ!

لا تكترثينَ إلا لقوانينَ 
     الصدِّ والردَّ
وكلّ أنواعِ التحدِّي
تجابهينَ ريحاً مهتاجة
كأنَّكِ من خيوطِ الضّياءِ!

نورُكِ منبعثٌ من مرمى الأعالي
     من أحلامِ اللَّيلِ 
نورٌ من جذوعِ الطَّبيعة
     من ثغرِ السَّماءِ!

يا بهجةَ الغدِ الآتي
يا سفينةَ الكونِ 
يا مطراً هاطلاً 
     فوقَ برازخِ الرُّوحِ
     فوقَ دفءِ اللِّقاءِ!

تآلَفَتْ معَ راحتيكِ
     أنيابُ الضَّواري
وجهُكِ من لونِ الشَّمسِ
     من رنينِ النَّواقيسِ
     من موشورِ البراءِ!

كيفَ تنبُتُ توهُّجاتُ الشَّوقِ
     في أريجِ دنياكِ؟!
عذبةٌ أنتِ أكثرَ
     من نصاعةِ الماءِ!

هَلْ في ربوعِ الكونِ
طراوةً أبهى 
     من ضفافِ نهديكِ
     من روعةِ خدَّيكِ
     من خريرِ الاشتهاءِ؟!
يا وسادةَ آدمَ الأولى
يا سفينةَ الخلاصِ
تخضَّبَ الشَّفقُ 
     من وميضِ عينيكِ
     من تجلّياتِ العطاءِ!

تعالي قبلَ هطولِ الثَّلجِ
وبعدَ هطولِ الثَّلجِ 
تعالي عندما تغنّي الرُّوحُ
     لواحاتِ المروجِ
     أغاني الوفاءِ!

يا أغنيةَ البدرِ  
يا بلسمَ الرَّوضِ
أنتِ نقاوةُ الاخضرارِ
بسمةُ النَّدى 
     فوقَ صمتِ المساءِ!

يا سرَّ الخليقةِ
يا ضوءاً منبعثاً 
     من مخاضِ الأعالي
يا جنّةً مفتوحةً على رحابِ الفضاءِ! 
أحبُّكِ أكثرَ من مساحاتِ المدى
يا يراعَ العشَّاقِ
يا حبرَ الشِّعرِ
     في كنوزِ الخفاءِ!

أحبُّكِ رغمِ أنفِ الرِّيحِ
     رغمَ تفاقمِ البراكينِ
     رغم أنفِ الرَّدى
     رغمَ توالي السِّنينِ
     رغمَ صقيعِ الجفاءِ!

أنتِ لونُ البداياتِ
جمرةُ العشقِ مستنبتةٌ 
     من راحتيكِ
     من طراوةِ الرُّوحِ
     من تجلّياتِ الدُّعاءِ!

يا نبتةَ الوصالِ
يا بسمةَ اللَّيلِ 
يا قبلةَ الرُّوحِ الهائمة
     في ثغرِ الهلالِ
     في أوجِ الضّياءِ!
لواءُ العشقِ لا يضاهيهِ لواءٌ
إلا لواءَ الشِّعرِ
لواءَ الحرفِ
بعيداً عن حبرِ الرِّياءِ!

يا قبّةً شامخةً 
     فوقَ أعالي الأبراجِ
يا شمعةَ القلبِ
هدِّئي من روعِكِ
     من هدرِ الدِّماءِ!

يا جسراً مكتنفاً بالبركاتِ
يا هديلَ السَّلامِ
يا غيمةً هاطلةً
     فوقَ أراجيحَ الصَّباحِ
     فوقَ بيتِنَا العتيقِ!

تعالي نحلِّقُ عالياً 
     مثلَ طيورِ الحنينِ
قبلَ أنْ تصحو 
     أزاهيرُ اللَّقاءِ
     من الحلمِ العميقِ!
     
نعبرُ خفايا الرَّحيلِ  
     إلى ينابيعَ أبهى 
          من أحلى الجنّاتِ
     إلى كنوزِ المرجانِ 
     إلى كهوفِ العقيقِ!  
  
كم من البهجاتِ حتّى تبرعَمَتْ 
     وريقاتُ السَّنابلِ
      فوقَ خدودِ المدائن
 كأنّها حنينُ الشَّقيقِ!

يا بيدرَ الرُّوحِ
أيّتها المحفوفة 
     بأرجوحةِ الدَّهشةِ
يا عشبةَ الخلاصِ
يا دواءَ الغريقِ! 
   
هل يراودُكِ أنْ تنامي
     فوقَ أحضانِ البراري
أم أنّكِ تنتظرينَ 
     اشراقةَ الشّمسِ
     أو بحّاتِ الشَّهيقِ؟!
اكفهرَّ وجهُ الشَّفقِ من دهشةِ الانذهالِ
تبحثينَ عن معابرِ الأسرارِ 
     عن بسمةِ اللَّيلِ
     عن صوتِ الرَّفيقِ!

بياضُ روحِكِ يجتاحُ دكنةَ اللَّيلِ
يصبُّ في شقوقِ الصَّحارى
لا يرتوي إلا من رضابِ العشيقِ! 

أيّتها المندلعة من وهجِ الحياةِ
تنامَت فوقَ خدّيكِ خمائلُ الشِّعرِ
      مثلَ ذرّاتِ العبيقِ!

كم منَ اللَّعناتِ حتّى انشقَّتِ السّماءُ
     عن وميضِ الفجرِ
حتّى تاهتِ النُّجومُ
     عن مدارِ البروقِ!

كم من الدَّهاءِ
حتّى تقلَّصَتْ 
     بسمةُ البدرِ
حتّى توارَتْ مروجُ الشُّروقِ!
كم منَ اللَّومِ 
     من وجاهاتِ القومِ
وأنتِ ما تزالينَ 
غائصةً في غفوةِ
     أحلامِ الياسمينِ! 

طاقةٌ  كثيرةُ الاهتياجِ 
تندلعُ من خدّيكِ
كأنّها تصدرُ من قاماتِ الجِّبالِ 
     من بحارِ الحنينِ!

تحتفي عروسُ البحرِ
تطيرُ مِنْ حفيفِ البوحِ
     مِنْ حفاوةِ السَّماءِ
تنقشُ على جفونِ اللَّيلِ
     اندفاعَ الطّواحينِ! 

تنضحُ منكِ نداوةُ القمحِ
     زهوةُ الألقِ
تبتسمينَ مثلَ عبّادِ الشَّمسِ
     مثلَ نضارةِ الماءِ
     مثلَ أنغامِ التَّلاوينِ!
يفرُّ العمرُ 
غائصاً في مقلةِ الضُّحى
لا يرتوي القلبُ من شَغَفِ الدُّفءِ
     من ظلالِ الأفانينِ!

تعبرينَ رحابَ الدُّنيا
تحطِّينَ على قلاعِهَا
     على نعومةِ الشَّواطئِ
تنمو في أحشائِكِ
     بشائرُ الرَّنينِ!

تهفو رنينُ القلوبِ
     إلى بيارقِ العلى
أنغامُ الرُّوحِ تتسامى
     نحوَ بسمةِ الشَّفقِ
     نحوَ أعماقِ الشَّرايينِ!

تكبرُ أحزاننا كلَّ صباحٍ
مَنْ يستطيعُ أن يخفِّفَ
     من رعونةِ الأبراجِ
     من كمِّ الأفواهِ
     من طيشِ السَّلاطينِ؟!
تفرِّخُ المآسي علقماً 
     فوقَ وسائدنا
تموتُ الأمَّهاتُ من هديرِ القمعِ
     من هولِ المجانينِ؟!

أين المفرُّ من لهيبِ السّياطِ
     من جورِ الحروبِ
يا وجهاً مقعّراً بالخباثةِ
     ملفّحاً بجلدِ الثَّعابينِ!

تعالي يا نجمةَ الرُّوحِ
يا قيثارةَ العمرِ
تعالي لعلّكِ تنقذينَ     
أميرةَ الحرفِ
     من ظلمةِ الزَّنازينِ؟!

لا ينجو ذكرٌ 
     من طراوةِ راحتيكِ
يغوصُ عميقاً 
     في يخضورِ مقلتيكِ 
     في تكويرةِ الطِّينِ!

يا قدراً مندلقاً
     فوقَ صدرِ آدم
أيّتها الغيمة الرَّاعشة
     فوقَ بهجةِ اللَّيلِ 
     فوقَ هضابِ اليقينِ!

أيَّتها الأنثى الحبلى
     من شهقةِ البرقِ
هل ثمّةَ ذكرٌ ينجو
     من لظى نهديكِ
     من لذائذِ التِّينِ؟!

أيّتها التِّينةُ اللَّذيذة
أيّتها المائدة الشَّهيّة
يا أنقى من العسلِ البرّي
     من العشقِ الدَّفينِ!

تعالي كي أبلِّلَ 
     خيوطَ التَّمرُّدِ
كي أخفِّفَ 
     من لجّةِ أحزاني
     من هولِ الأنينِ!
يا مطراً هاطلاً 
     من شهوةِ الغيومِ
يا زقزقةَ العصافيرِ
     في أوائلِ الرَّبيعِ
     في أحشاءِ الجنينِ!

تسطعينَ بهاءً 
     مثلَ خمائلِ الكرومِ 
     مثلَ أحلامِ النُّجومِ 
تزرعينَ اللَّيلَ دفئاً
     على أنغامِ البنينِ! 

أيّتها الرَّغبة الأبيّة
يا خصوبةَ الصّباحِ
يا جنّةَ الأرضِ
كيفَ تروّضينَ أنيابَ الثَّعابينِ؟!

تهفو إليكِ أحضانُ الطُّفولةِ
     أعشابُ القصيدةِ
منكِ تهطلُ الأجنّة
     فوقَ أحشاءِ المروجِ
     فوقَ دماءِ القرابينِ!
أيّتها الشَّجرة الوارفة 
     فوقَ أنهارِ الحياةِ
أيّتها الجمرة المنبعثة
     من ذهولِ الهلالِ
     من نقاءِ اللُّجَينِ!

يا صديقةَ البرِّ والقمرِ
يا حبيبةَ البحرِ والسَّماءِ
يا خميرةَ الكونِ
يا أشهى ما في العجينِ!

كم مِنَ الوصالِ
كم من البهجاتِ
وأنتِ ما تزالينَ أنتِ 
تبحثينَ عن أغصانِ الأماني 
     عن بدائعِ التَّكوينِ!

يا جبهةَ العصيانِ
يا أولى المرافئِ
تصارعينَ حيتانَ الأرضِ
يا مركبةً تطفو فوقَ وجهِ الغمرِ
تعلو هامتكِ فوقَ نيرانِ السّنينِ!
لا تخشينَ اهتياجَ الرِّيحِ
     لظى الجَّمرِ
تبحثينَ عن سفينةِ الخلاصِ
     عن أوجاعِ النّاسِ
      عن شهدِ العسلِ
     عن أسبابِ الطَّنينِ!

وجهٌ مكحَّلٌ 
     بشموخِ التَّحدّي
وجهٌ مظلَّلٌ بهدوءِ اللَّيلِ
لا يرتوي إلا 
     من رحيقِ الأقاحي
     من أريجِ الرّياحينِ!

تُزهرينَ في الرُّوحِ 
     أزاهيرَ المحبّة
مسترخيةً في ينابيعَ الوئامِ  
     في دوحةِ القلبِ   
فرحٌ كأسرابِ الزَّرازيرِ
يحلِّقُ فوقَ أرجوجةِ العمرِ 
     فوقَ أريجِ البساتينِ!  

ليليتْ أيّتها الرَّغبة المجنّحة
     في أعماقِ النّسيمِ 
يا غزالةَ الحلمِ 
ضياءٌ عينيكِ من ماءِ الغمامِ
في نهديكِ ينسابُ محارُ البحرِ 
تعبرينَ عتمةَ اللَّيلِ 
لا تهابينَ الضِّباعَ
ولا أنيابَ الثَّعابينِ!  

تموجُ فوقَ مآقي عينيكِ
أشرعةُ العشقِ 
شهقاتُ الحنينِ
ألقُ عناقِكِ ينبعُ من وهجِ الأمواجِ
     من حفاوةِ الرَّياحينِ!

على جبينِكِ يلمعُ قدري
أنتِ جنّةٌ وارفةٌ 
     رغمَ سأمِ العتمةِ
أنتِ شفيعةُ خطوتي
عنفوانُ الهديرِ
ألقُ يراعي ضياءُ غدي
بوحُ انبهاري على مدى السّنينِ!
تحنُّ الجِّبالُ 
     إلى اخضرارِ خدَّيكِ 
     إلى وميضِ شوقٍ في مقلتيكِ!
صراعٌ منذُ الأزلِ
بينَ شموخِ ليليت
وخضوعِ أنثى إلى سياطِ الذُّكورةِ
ليليت معيارُ تحدٍّ 
لا تنصاعُ إلى سلطةِ الأعالي
تزهو نحوَ شهوةِ المجدِ
ليليت معراجُ سموٍّ
نحوَ تجلِّياتِ العشقِ
     نحوَ مآقي البنينِ!

ليليت عاشقة من لهيبِ النَّارِ
صديقةٌ من حفاوةِ الصِّلصالِ 
حبرُ قصيدةٍ ممهورةٍ 
     على أسرارِ الجِّبالِ
حبَّاتُ حنطةٍ في جوفِ الأرضِ
أنثى مبلَّلة بالعطاءِ
معطَّرة ببخورِ الخيرِ
بسمةُ فرحٍ فوقَ ثغرِ الصَّباحِ 
بَلْسَمٌ شافٍ للجرحِ الدَّفينِ!
ليليت منارةُ فرحٍ
تنيرُ مسارَ العمرِ 
رسالةُ دفءٍ مِنَ الأعالي
بشارةُ سَعْدٍ لمناغاةِ الطُّفولةِ
لإنعاشِ صحارى الحياةِ 
لتخفيفِ ضجرِ الكهولةِ
صفاءُ دربٍ 
     في مسارِ اليقينِ!

ليليت أنيسةُ قلبي المدمى
قدرٌ لا مفرَّ منه
خميلةٌ مزدانةٌ 
     على قبَّةِ الرُّوحِ
تنسابُ بانتعاشٍ 
     على شراعِ الحنينِ!

قلبُكِ خميرةُ حبٍّ معرَّشٍ 
     في ينبوعِ الحياةِ
ابتهالُ الرُّوحِ لخصوبةِ المروجِ
لأحلامِ البحارِ
لتدفُّقاتِ شهوةِ الطِّينِ!

ليليتْ يا صوتَ الحياةِ
يا نبضَ قلبي
يا سرَّ السَّماءِ في رحابِ الأرضِ
يا كنوزَ حرفي في لُجيَنِ العينِ!!!
..... ...... ..... ....!
نهاية الجّزء السَّابع!
 يُتبَعْ الجّزء الثَّامن!

ستوكهولم: 2005 صياغة أولى، 2010 صياغة أخيرة

أنشودة الحياة ـ (الجّزء السَّابع): نصّ مفتوح، قصيدة شعريّة ذات نَفَس ملحمي، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء (مائة صفحة) بمثابة ديوان مستقل، ومرتبط مع الأجزاء اللاحقة. أنجزتُ المجلِّد الأوَّل، (عشرة أجزاء). يتناول النَّص قضايا إنسانيِّة وحياتيّة عديدة، مركِّزاً على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، مع الطَّبيعة، مع الكائنات، مع الأرضِ والسَّماء كمحور لبناء هذا النَّصّ ـ الأنشودة المرفرفة فوقَ وجنةِ الحياة. 
استلهمتُ فضاءات هذا الجِّزء من وحي قراءتي ديوان عودة ليليت، للشاعرة اللُّبنانيّة جمانة حدّاد، وبعد عدّة قراءات لهذا الدِّيوان، ولد هذا النَّصّ، كشرارة أولى، كومضة أولى من نصِّ عودة ليليت، لكنِّي التقطتُ الخيط الأول ثم كتبتُ النَّص من وحي تدفُّقاتي فلا يوجد أيّة محاكاة أو تماهي مع نصّ عودة ليليت، بل عوالم النَّص منبعثة من فضاءاتي، وقد حمل النّصّ عنواناً فرعياً: 
بخورُ الأساطيرِ القديمة

* ليليت: جاء ذكرها في الميثولوجيات السُّومريّة والبابليّة والآشوريّة والكنعانيّة كما في العهد القديم والتَّلمود. تروي الأسطورة أنّها المرأة الأولى، الَّتي خلقها الله من التُّراب على غرارِِ آدم، لكنَّ ليليت رفضت الخضوع الأعمى للرجل وسئمت الجَّنّة، فتمرَّدَتْ وهربَتْ ورفضَتْ العودة. آنذلك نفاها الربّ إلى ظلالِ الأرض المقفرة ثمَّ خلق من ضلعِ آدم المرأة الثانية، حوّاء. هذا التَّعقيب جاء في مقدّمة نصّ الشَّاعرة جمانة حدّاد، لذا أحببتُ التَّنويه!.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads