الرئيسية » » العدد السابع والعشرون | أنشودة الحياة | الجزء الأوّل | صبري يوسف | كتاب الشعر

العدد السابع والعشرون | أنشودة الحياة | الجزء الأوّل | صبري يوسف | كتاب الشعر

Written By غير معرف on الأربعاء، 3 أبريل 2013 | أبريل 03, 2013


 العدد السابع والعشرون | أنشودة الحياة | الجزء الأوّل | صبري يوسف | كتاب الشعر 


أنشودة الحياة





الجزء الأوّل



نصّ مفتوح



صبري يوسف          شعر
      



اسم المؤلِّف: صبري يوسف
عنوان الكتاب: أنشودة الحياة
الجزء الأوَّل
نصّ مفتوح ـ شعر 
الطَّبعة الأولى: ستوكهولم 2012
الإخراج والتَّصميم ولوحة الغلاف (المؤلِّف)
حقوق الطَّبع والنَّشر محفوظة للمؤلِّف




دار نشـر صبري يوسف
sabriyousef1@hotmail.com
www.sabriyousef.com
صدر للأديب والشَّاعر

1 ـ "احتراق حافّات الروح"  مجموعة قصصية، ستوكهولم 1997
2 ـ "روحي شراعٌ مسافر"، شعر، بالعربيّة والسويدية ـ ستوكهولم 1998  (ترجمة الكاتب نفسه).
3 ـ "حصار الأطفال .. قباحات آخر زمان!" ـ شعر ـ ستوكهولم 1999            
4 ـ "ذاكرتي مفروشة بالبكاء" ـ قصائد ـ ستوكهولم  2000  
5 ـ "السلام أعمق من البحار" ـ شعر ـ  ستوكهولم  2000  
6 ـ "طقوس فرحي"، قصائد ـ بالعربيّة والسويديّة ـ ستوكهولم 2000  (ترجمة الكاتب نفسه).
7 ـ "الإنسان ـ الأرض، جنون الصولجان" ـ شعر ـ ستوكهولم 2000 
8 ـ مائة لوحة تشكيلية ومائة قصيدة، تشكيل وشعر ـ ستوكهولم 2012
9 ـ  أنشودة الحياة ـ الجزء الأوَّل، نصّ مفتوح ـ ستوكهولم 2012
10 ـ ترتيلة الرَّحيل ـ مجموعة قصصيّة، ستوكهولم 2012 
أنشودة الحياة
[الجزء الأوّل]
( نصّ مفتوح )

إلى روح الشَّاعر المبدع 
الأب الدَّكتور يوسف سعيد

فقدَ الزمنُ بياضَهُ
   فقدَ الجبلُ شموخَهُ
فقدَ الرجلُ ارتفاعَهُ .. كلامَهُ
فقدَ الزَّهرُ عبقَهُ..
فقدَ اللَّيلُ ظلامَهُ
فقدَ البلبلُ تغريدَهُ
فقدَ الماءُ زلالَهُ
فقدَ الهواءُ تموُّجات نسيمه
فقدَ الجمالُ بهاءَهُ
فقدَ العلمُ بهجةَ الارتقاء
فقدَ الإنسانُ خصالَهُ!

اعوجاجٌ لا يخطرُ على بال ..
انزلاقٌ في كهوفِ الذِّئابِ
مراراتٌ مستشرية فوقَ جسدِ الكونِ
لعبةٌ تناسبُ عصورَ الحجرِ

أحتاجُ فرحاً يبدِّدُ سماكاتِ الضَّجرِ
     القابعِ فوقَ شفافيةِ الرُّوح؟!

جاءَ حمقى
هاطلينَ شرورهم على النَّوارسِ
     على طيورِ البطِّ 
      على الأسماكِ الصَّغيرةِ 
محملقينَ في زرقةِ السَّماءِ
يُغيظُهُم أنْ تكونَ السَّماءُ زرقاءَ
بغمضةِ عينٍ يحوِّلونَ صفاءَ السَّماءِ
     إلى ضبابٍ كثيفِ الاحمرارِ

وُلِدوا في زمن ٍ متأخِّرينَ جدّاً
هكذا ولادات
هكذا قباحات تناسبُ عصورَ العناكبِ
     عصورَ الكهوفِ المكتظّةِ بالثَّعالبِ
     عصورَ الفقاعاتِ!
الآنَ تأكّدْتُ 
لماذا تفورُ البراكين؟
لماذا تثورُ البحارُ 
     وتجحظُ عيونُ المحيطات؟

آهٍ .. اعوجاجٌ لا يطاقُ 
عبورٌ في دهاليزِ الفسادِ
هلْ غضبَتِ الآلهة؟ 
متى ستغضبُ الآلهة؟
سباتٌ عميق!

وجعٌ وجعٌ وجع!
اضمحلَّ لونُ الشَّفقِ 
وتعفَّرَ لونُ الغسقِ
لم تعُدْ بينَ ثنايا الحلمِ 
     شهوةُ الحياةِ!

ضجرٌ من لونِ الموتِ
ضجرٌ أشبهُ ما يكونُ 
انسلاخُ الذَّاتِ عن الذَّاتِ
أخلاقُ قرونٍ في طريقِهِا إلى الزَّوالِ
تراخَتْ زرقةُ السَّماءِ
حتّى البياضُ فقدَ لونَهُ..
           ظلالَهُ!

هروبُ الضَّفادعِ إلى قاعِ الأنهارِ
جنونُ البقرِ ردٌّ على جنونِ البشرِ ..
     إمتعاضٌ حتّى النِّخاعِ!

لماذا تخبِّئُ رأسَهَا القيمُ؟
كثيرٌ مِنَ الأخلاقِ 
     لَمْ يَعُدْ لها قِيَمُ 

قلبٌ يتلظّى بينَ ضجرِ هذا الزَّمان
انزلاقٌ نحوَ عوالمِ القحطِ
تغلي قصائدي التي لَمْ أكتبْهَا بَعْدُ 
     هائجةً كالبركانِ!

آهٍ ..
كمْ مِنَ العمرِ أحتاجُ 
     لأكتبَ قصائدي الهائجة؟!

اجتثَّ الغولُ نباتاتٍ برّية
اقتلعَهَا من جذورِهِا
لاحَقَ الجنادبَ 
     في أوكارِهَا الصَّغيرة
استأصلَهَا مِنْ جحورِها 

الفراخُ ما تزالُ يرقات
والرِّيحُ حُبلى بالآهات
لَم يعُدْ لنسيمِ الصَّباحِ نكهةً
اصفرارٌ غير طبيعي يزدادُ اندلاقاً 
     على وَجْهِ الغابات!

ترتمي الشَّمسُ بينَ أحضانِ الغسَقِ
هاربةً مِنْ أوجاعِ النَّهارِ ..
تاركةً خلفَهَا المروج ممتدّة
     حتّى شواطئِ الذَّاكرة البعيدة

الغيومُ داكنةٌ 
تغمرُهَا الكآبة 
كأنّها منبثقة 
     من هضابِ الصَّحارى
تأخَّر المطرُ هذا العام
هل تبخَّرّتْ قطراتُهُ
وهطلَتْ 
     فوقَ كوكبٍ آخر؟

تخنقُني هذهِ  الصَّباحات ..
نهاراتُ الصَّقيعِ 
ليالٍ طويلة حافلة بالرَّمادِ ..
ضجرٌ من لونِ الكبرياءِ!

حاولَ كثيرونَ الانتحار
مرّاتٍ ومرّات ..
فشلوا ..
أنْ تنتحرَ ليسَ سهلاً 
عليكَ أنْ تلمَّ 
     بأطرافِ اللُّعبةِ ..
لعبةُ الخلاصِ!




ما نملكُهُ حياتُنا القصيرة
حياتُنا المنهكة
الباهتة ..
الخالية مِنْ أيّةِ نكهةٍ 
ربَّما نكهة العذاب
     نكهة الغربة 
غربةُ الإنسان 
ابتداءً من وقائعِ الصَّباح ..
وقائعُ الحزنِ العميق!

دهاليزُ هذا الزَّمان ملولبة للغاية 

اللَّيلُ يئنُّ مِنْ وقائعِ الانشطارِ ..
انشطارُ قبّةِ السَّماءِ 
     عن إيقاعِ الفرحِ
تشاطرُنَا السَّماءُ 
     أحزانَ المسافاتِ 
     أحزانَ اللَّيلِ والنَّهار


يتغلغلُ وميضُ الشِّعرِ 
     في تجاويفِ روحي 
يطهِّرني من آثامِ قرونٍ مِنَ الزَّمانِ 
يبهرني بألقِهِ الدَّائمِ 
يبدِّدُ قحطي النَّابت بينَ الهشيمِ
يكسرُ جبهةَ الأحزانِ
زارعاً فوقَ شاطئِ القلبِ وردة!

وحدُهُ الشِّعرُ قادرٌ 
        على منحي ألقَ البقاءِ
قادرٌ على إغداقِ الفرحِ 
     فوقَ تضاريسِ الحلمِ 

وحدُه الشِّعرُ يجابِهُ جبروتَ الأوباشِ
أريدُ أنْ اخترقَ شراراتِ العيونِ الجاحظة 
     بكلماتٍ مرتَّقةٍ بالذَّهبِ ..
أريدُ أنْ أكتبَ قصائدي 
     بمنجلي الصَّغير 
حِبْرِي مِنَ الحِنْطَة 
     وأوراقي أشجارُ نخيل ..

أريدُ أنْ أحضنَ النِّساءَ الثّكالى 
المبعثرة 
     في أنحاءِ الدُّنيا، احتضانَ الإنسان ..
أريدُ أنْ أمسَحَ دموعَ الأطفالِ اليتامى 
     أنْ أكفكفَ دموعَ فقراء هذا العالم ..

أريدُ أنْ أبكي بطريقةٍ 
     خارجة عَنِ المألوف 
مللتُ مِنَ البكاءِ العاديِّ 
أحتاجُ بكاءً يخترقُ الظِّلالَ البعيدة 

مَنْ بعثرَ أوراقي 
     أقلامي؟!..
صحفٌ تحملُ بين ثناياها أرشيفي 
أرشيفي! ..
عبارةٌ يتندَّرون عليها 
ضحكةٌ صاخبة عبرَتْ هدوءَ اللَّيلِ 
كسرَتْ صَمْتِي ..
أخبارٌ تفتقرُ لغةَ التَّحليلِ
.. ومكرّرةٌ لغةُ التَّركيبِ 

حواراتٌ عقيمةٌ تفوحُ مِنْ قمّةٍ 
     تسمِّمُ مسائي 
تقتلُ وردةَ الصَّباحِ 
أهدافٌ تصبُّ في قاعِ الأقبية 
     في قاعِ البراميلِ ..

مؤتمراتٌ ..
طائراتٌ تحملُ سموماً من لونِ الجنونِ 
حواراتٌ مطلسمة ..
لا تستطيعُ أنْ تخفِّفَ 
     مِنْ زمهريرِ اللَّيالي 
     من آفاتِ الحروبِ 
أَلَمْ يشبعْ عباقرةُ العصرِ
     مجانينُ العصرِ 
     من موبقاتِ الحروبِ؟!

حروبٌ في بداياتِ القرنِ  
     في نهاياتِ القرنِ 
     في خاصراتِ القرنِ 
حروبٌ من لونِ الاصفرارِ 
اصفرارُ العقاربِ
حروبٌ طائشة 
كثيرةُ الإنتشارِ 
تزرعُ خلفها أوبئةً قميئةً ..

أمراضٌ في طورِ اليرقةِ 
خسائرٌ أكبر من مساحاتِ الحلمِ

خارَتْ مفاصلُ الجبالِ ..
خارَتْ أجنحةُ السَّماءِ
لم يَعُدْ للربيعِ نكهةٌ ..
ولا للصيفِ بهجةٌ 

تحوَّلَتْ شهقةُ الاشتياقِ
     إلى رماد!
إلى ضبابٍ مغلَّفٍ بالسُّمومِ
     إلى حالةِ اختناقٍ
دوراتٌ حلزونيّة 
دوَّخَتْ خيالَ المبدعين 
حوَّلَتْ أجملَ الأشياءِ 
     إلى سرابٍ!
زمنٌ تهربُ مِنْهُ الفراشات
أينَ تلاشَتْ وداعات الحمام؟

جداولُ الرُّوحِ عطشى 
ماتَت فراخُ العصافيرِ 
     فراخُ طيورٍ برّية
ماتَت كائنات بحريّة 
     قَبْلَ أنْ ترى السَّواد..

نورٌ كثيفُ الغبارِ
يحملُ بينَ ثناياه
     طبقاتٍ سميكة من دخانِ العصرِ
عصرٌ حافلٌ بالمراراتِ
حافلٌ بكنوزٍ مخبوءة في فوّهاتِ المدافعِ
حافلٌ بموتِ المبادئِ 
بتضخُّمِ جموحِ الصَّولجان

زمنٌ مبرقعٌ بالفقاقيعِ
يذهلُكَ بنموِّهِ
بانزلاقِهِ في آبارِ الجنونِ ..

لماذا وجهُكِ متصدِّعٌ أيّتُها الحرّية؟
آلافُ السَّلاحفِ ماتَت 
     على 
          شواطئِ 
                   البحار!ِ

صديقتي ..
لماذا وجهُكِ مضرَّجٌ بالكآبةِ
وخدّاكِ الحنونانِ باهتان؟

هل نضحَتْ كآبتُكِ 
     من لوعةِ الاشتياقِ،
أمْ تفاقمَتْ 
     من أوجاعِ هذا الزَّمان؟ 

تاهتِ الجِمالُ بعيداً
هربَتْ مِنْ هطولِ الشَّظايا
من تراكماتِ تدفُّقِ الحنظلِ
     فوقَ جباهِ المدائنِ
     فوقَ شفاهِ الأريافِ

الحزنُ حائمٌ حولَ حدباتِها
لَمْ يفارقْ شفاهَهَا المتدلّية عطشاً
يزدادُ قلقُهَا بازديادِ 
     مساحاتِ الاصفرارِ

عَبَرَتْ من غيظِهِا 
     أعماقَ الصَّحارى
     تجترُ أوجاعَ السِّنين!


فَقَدَ الهواءُ نقاءَهُ
والرِّيحُ تراخَتْ أوصالَهَا
ارتطمَتْ في وجْهِ الوطاويطِ
وطاويطُ هذا العالم 
     تتحدّى عنفوانَ الرِّيحِ
تريدُ أنْ تكسرَ أعناقَ الرِّيحِ
ترشرشُ وساوسَها بَيْنَ أجنحةِ الرِّيحِ!

الشَّارعُ يبكي دماً
مَنْ أجَّجَ هذِهِ النِّيران الملتفَّة 
     حولَ خاصرةِ الصَّباحِ؟
من خلخلَ كلّ هذِهِ الأغصانِ؟

ضجرٌ من طعمِ الحنظلِ 
يلتفُّ حولَ أوتارِ الرُّوحِ
تَحَشْرَجَ الكلامُ في سماءِ الْحَلَْقِ
ولم يَعُدْ للشهيقِ شهقةُ الاشتياقِ
مَنْ رمى تلكَ الوردة 
     على قارعةِ البكاءِ؟

آهٍ ..
فرَّتِ العصافيرُ 
خوفاً من الضَّجرِ!
ما هذا النَّسيمُ الصاعدُ 
     نحوَ قبّةِ السَّماءِ؟
تفاقمَ حصارُ المجانينِ جنوناً
     فتبخَّرَ الماءُ الزُّلال!

رصيفُ بيتِنَا العتيق مازالَ عتيقاً..
هلْ ما تزالُ أكوامُ الطِّينِ 
تتناثرُ كاللآلئِ حولَ بيتيَ العتيقِ؟

لا تلمسوا طيني ..
إيّاكم أن تعفِّروا وجهَهُ بالاسفلتِ!
الطِّينُ أفضلُ عطاءً
هطلَ علينا من فوق..
الطِّينُ محرّكُ الكائناتِ 
تَبَرْعَمَ مِنْهُ جَسَدُ الكائناتِ..
هل نحنُ البشر 
     فعلاً من الطِّينِ؟!
أهلاً بكَ يا طين ..

شحوبٌ طاغٍ فوقَ جبهةِ المنازلِ
فوقَ أعناقِ المدائنِ
فوقَ أشجارِ التُّوتِ 
     في حوشِنَا الفسيحِ!

شحوبٌ ينخرُ جذوعَ الدَّالياتِ
يتشرشرُ في جداولِ المياهِ
أنينٌ متواصلٌ في قاعِ الزَّنازينِ
هرَّ وبرُ الأرانبِ
     وبرُ السَّناجبِ
هرَّ العمرُ كأوراقِ الخريفِ 
وقفَ الموتُ على قارعةِ الحياةِ
مهلّلاً لأطفالٍ 
     من لونِ البراعمِ

زمنٌ مِنْ لونِ الكآبةِ ..
مَنْ يستطيعُ أنْ يهدِّئَ 
     ضجرَ الرُّوحِ؟!

البارحة طوالَ اللَّيلِ
لم يتوقَّفْ
     صهيلُ الأحصنة  
صهيلٌ مبحوحٌ من الأوجاعِ

أريدْ أنْ أغسلَ روحي 
     بندى الياسمين
أريدُ أنْ أنامَ تحتَ العرزالِ
هناكَ على ضفافِ الذَّاكرة البعيدة
     على ضفافِ دجلة
هلْ ثمّةَ عرزال على ضفافِ دجلاي؟
عَجَبٌ!.. 
ِلمَ لا نبني عرزالاً هناك؟!
عندما تضيقُ بكَ الدُّنيا لا تيأْس
إبقَ واقفاً كأشجارِ السّنديانِ
كُنْ شامخاً كأشجارِ النَّخيلِ
تحدَّ جبابرةَ الكونِ
لا تنسَ أنَّكَ ضيفٌ عابرٌ في الدُّنيا!
ابتسمْ  قبلَ أن تموتَ واقفاً كالسّنديان!  
    
ارتعدَتْ أوصالُ النُّمورِ
واغبرَّتْ جبهةُ الأرضِ.. 
عجباً أرى ..  
ظلمةُ اللَّيلِ غير حالكة!

فئرانُ الخرائبِ القديمة
فرَّتْ بعيداً
عبرَتْ في أعماقِ جحورِهَا
هل هربَتْ 
     من وهجِ النِّيرانِ
أمْ انّها لاذت بالفرارِ 
     من جمرِ الشَّظايا؟!


إسودادٌ يغمرُ حتّى الشَّفقِ
مطرٌ كثيفُ الغبارِ
خفَتَ بريقُ نجمةَ الصَّباحِ
حزنٌ مكوَّرٌ 
     بينَ 
          خريرِ 
                المياهِ ..
أسطورةٌ مخرومةٌ تسطو
     على أولى الحضاراتِ
     على أبجدياتِ الكونِ!

أسطورةٌ مغموسةٌ بالدمِ
     مغموسةٌ بدموعِ الأطفالِ 
     مغموسةٌ بدموعِ العشَّاقِ
     المترقرقةِ فوقَ شاهداتِ القبورِ

أسطورةٌ من لونِ الجنونِ
مِنْ لونِ الهلوساتِ..
هلوساتٌ  داسَتْ في جوفِ الحيتانِ
     في جوفِ مافياتِ 
               هذا الزَّمان!
أسطورةٌ تسطعُ شروراً
تفرِّخُ سموماً 
أكثرَ أذىً 
     من سمِّ العنكبوتِ!

تاهَتِ الوردةُ في أوكارِ الثَّعالبِ
ماتَ الرَّضيعُ مرَّتين
والشَّبابُ تقعَّرَتْ أحلامَهُم
آهٍ ..
شاخَتِ الدُّنيا
       قبلَ الأوانِ!

ماتَ نسيمُ الصَّباحِ
فبكَت فراخُ البلابلِ
ما هذا الصُّراخ في وجهِ بابل؟
لماذا تضاءلَ برجُ الحضارة؟
أينَ يهبطُ ذلكَ النَّيزكُ الكبير؟
كيفَ تتحمَّلُ أشجارُ النَّخيلِ
كلّ هذا الإشتعال؟


البحرُ أعلنَ حزنَهُ الأبدي
والنَّوارسُ المحلِّقة فوقَ شواطئه
أعلَنَتِ الحدادَ ..
هل ثمّةَ خلاص من ضجرِ الأيام؟  
إلى أينَ يقودُنَا هذا الجموح
     جموحُ الحضارة؟
تقشعرُّ روحي 
     من شظايا الأخبارِ
مَنْ يستطيعُ أن يبدِّدَ هذِهِ الكآبة 
المستشرية 
     تحتَ عباءةِ اللَّيلِ؟

أريدُ أنْ أرقصَ 
أنْ أخرجَ من جلدي
أنْ أشتِّتَ ولو جزءاً يسيراً 
     من ضجري 
     من وجعي
     من غربةٍ مهروسةٍ
          تحتَ عجلاتِ صباحاتي!


رسَمَ طفلٌ 
     لوحةً 
          مكثَّفةً 
               بالاحمرارِ ..
حتّى دموعه تحوَّلَت إلى لونٍ 
     ضاربٍ إلى الاحمرارِ!

جنازاتٌ تسيرُ
زغاريدُ النِّساءِ تسربِلُهَا شهقةً
     غارقةً في الأنينِ ..
وحشيةٌ بغيضةٌ تتدحرجُ
من فوقِ قممِ الجبالِ
تهبطُ دونَ وجلٍ 
     فوقَ رقابِ الكائناتِ

لماذا فجأةً استفحلَ جنونُ البقرِ؟
.. تفاقمَ الأمرُ حتّى الجنون
 لم يَعُدْ في الأمرِ سرَّاً ..



كنّا نقرأ في الأساطيرِ القديمة
عن الطُّوفانِ
عن زلازلٍ من قيرٍ ونار
ها قد داسَت هلوسات هذا الزَّمان
     في جوفِ الأساطيرِ
أينَ أنتَ يا هابيل 
كي تشهدَ ميلادَ ملايين الهابيلات
هابيلُ هذا الزَّمان 
داسَ في جوفِ أعتى المهابيل!

سقطَتْ قطةٌ بيضاء 
     في كهفٍ منسيِّ
لم يَعُدْ للبكاءِ وقتٌ ولا نكهةٌ
ها قَدْ آنَ الرَّحيلُ
رحيلُ الشَّهيقِ العميقِ 
رحيلُ الزَّفيِر
لم يَعُدْ للفرحِ 
     مساحةٌ نستظلُّ فيها
حتّى الدُّنيا ضاقَتْ ذرعاً 
من هطولِ زخّاتِ الجفاءِ!

أخاطبُ هذا العالم
هلْ تقحَّطَ الكونُ 
وخلَتْ مِنْ بَين جوانِحِهِ 
حكمةُ الأيّام
حكمةُ الإنسان؟

يا أيُّها الإنسان
أيُّها المراوغ على ذاتِكَ 
أيُّها القابع في دياجيرِ الظَّلامِ
لماذا لا تستمدُّ
من خدودِ الأطفالِ منهجاً
من نكهةِ الورودِ رؤىً 
من رحيلِ البشرِ مرفأً؟

وجعٌ مزنّرٌ بالشَّوكِ
يهيمنُ على خدودِ اللَّيلِ
     على مرافئِ الرُّوحِ

آهٍ .. يا روح
غريبةٌ أنتِ يا روح
     في دنيا مِنْ حَجَر!
برقٌ من نوعٍ مريبٍ
يهطلُ فوقَ مرافئِ المساءِ
مَنْ كسرَ أعناقَ دالياتي الخضراء؟
سفرٌ في أعماقِ المسافاتِ
ليالي مهجورة خالية من الدّفء
حولي صقيعٌ مترامي الأطراف ..
جفلَ عجوزٌ طحنَتْهُ الأيام
عندما سمعَ هديرَ السَّماءِ
ماتَتِ الكائناتُ الصَّغيرة
والكبيرة في طريقِهَا إلى الهلاكِ

آهٍ ..
نعيشُ اليومَ مقمَّطينَ بحضارةٍ 
مِنْ لَوْنِ البراكينِ

ارتبكَتْ قِطَّّةٌ جائعة 
عندما اندلقَت عليهَا شظايا
     من أعماقِ اللَّيل

كيفَ تتحمَّلُ السَّماءُ 
     ضبابَ الشَّظايا؟
تقعّرَتْ رُوْحُ الأشجارِ 
لكنَّها ما تزالُ شامخةً كالجبالِ

ماتَتْ طفلةٌ مِنَ الحزنِ
     في زهرةِ العمرِ!
أمٌّ محتارة 
تبحثُ عَنْ خِرْقَةٍ مُمَزَّقة
تقمِّطُ رضيعَهَا

حلمٌ ينمو بينَ جنباتِهِ الكوابيس

رؤى مهروسة .. 
     غارقة في البكاءِ
حزنٌ من لونِ قتامةِ القبورِ
حزنٌ يضاهي حجمَ المجرّات

كيفَ تتحمَّلُ أيها الإنسان
كلّ هذا الاحتراق؟
غرقَت خشبة الخلاص
احترقَت وجنة الصَّباح
     قبّة اللَّيلِ والنَّهارِ
احترقَتْ أجنحة الهواءِ
     في عزِّ الحضارة
هل ثمَّة حضارة؟
تَبّاً لكِ يا حضارة!

لماذا لا يلملمُ الإنسانُ حبيباتِ الفرحِ
ويرشرشُهَا فوقَ رؤوسِ الحمامِ؟
هلْ ما زالَ تحتَ قبّةِ السَّماءِ حمام؟
آهٍ .. من حلاوةِ الرُّوحِ تاهَ الحمام.

جَفَلَتِ القنافذُ هاربةً
من خفافيشِ الأرضِ
من غدرِ الثَّعالبِ
من رجْرَجَاتِ الصُّخورِ المنجرفةِ
     فوقَ أجنحةِ الفراشاتِ

كيفَ تقاومُ أجنحةَ الفراشات
     الشَّرارات المندلقة 
     من حلقِ طيشِ الطَّائراتِ؟


ثمّةَ أسئلة عديدة
منبثقة من واحاتِ المخيّلة
تُجِْفلُ أسرابَ العصافيرِ! 
ترتعدُ خوفاً قممُ الجبال ِ
حتّى أعماقِ الصَّحارى 
لم تنجُ من جموحِ الشَّظايا

آهٍ .. أينَ أنتَ يا أمان؟!
لَمْ يبقَ على أجنحةِ 
     فراخِ الطِّيورِ زغبٌ
فرّتِ القبَّراتُ بعيداً

الرُّوح عطشى ..
فسحةٌ ضئيلةٌ مِنَ الْفَرَحِ
فسحةٌ صغيرةٌ لأسرابِ الهداهدِ
أينَ المفرُّ مِنْ وَمْضَاتِ البكاءِ؟

ثمّةَ خيطٌ حارقٌ
يتغلغلُ في تجاعيدِ الحلمِ
يريدُ العبورَ 
     في غاباتِ الذَّاكرة البعيدة
خيطٌ مشتعلٌ بالجمرِ
يعصرُ ظلالَ القلبِ
غير مبالٍ بدموعِ الرُّوحِ 
     المنسابة فوقَ خدودِ اللَّيلِ
خيطٌ غير مرئي 
يعبرُ جنباتِ اللَّيلِ
خيطٌ كثيفُ الشَّراراتِ
يحرقُ دونَ رحمةٍ 
     قرونَ غزالةٍ برّية!

سقطَ غرابٌ من قمّةِ الجبلِ
لَمْ يكنْ معتاداً على القممِ

عندما نهضَتْ مِنْ نومِهَا 
رأَتْ أفواجَ الجرادِ
      تلتهمُ مؤونةَ الشِّتاءِ
مِنْ أينَ جاءَ كلّ هذا الجراد؟
قحطٌ مخيفٌ يغلّفُ أعماقَ الوديانِ
عابراً السُّهول الفسيحة
     المتاخمة لمرافئِ الأنهارِ!    

هذيانٌ لا يخطرُ على بال
رؤى حالكة
داسَتْ فِي جوفِ عَتْمِ اللَّيلِ
حضارةٌ حُبلى بالهلوساتِ
هلوساتُ آخر زمن

رحلةُ الإنسانِ على كفِّ عفريت
نسى الأطفالُ عبقَ الياسمينِ
حضارةٌ تعتاشُ على أنقاضِ الأساطيرِ
حضارةٌ مملوءةٌ بالوطاويطِ!

ذكورةٌ طائشة 
بعيدةٌ عن لجّةِ الإبحارِ 
     في دنيا الفرحِ
سطوةٌ قامعةٌ 
ساطعةٌ بالوباءِ
جموحٌ نحوَ ساحاتِ الوغى
     نحوَ حقولِ الألغامِ
     نحوَ هدرِ الدِّماءِ


دمارٌ معشَّشٌ في مخيخِ الذُّكورةِ
أخلاقٌ منـزلقةٌ نحوَ الهاوية
عالمٌ مزنّرٌ بالشَّوكِ
 خفتَتِ المعاييرُ
     أمامَ نكهةِ الشَّامبانيا
تغيّرَتْ مذاقاتُ الحياةِ

ذكورةٌ مسربلةٌ بالضّياعِ
قامعةٌ حميميّاتِ البشرِ
ضحالةٌ ما بعدَهَا ضحالة

علاقاتٌ نافرةٌ 
     بينَ شُعَيْعَاتِ الحضارةِ
هَلْ مازالَ يَلوحُ في الأفقِ
     نفحات بقايا الحضارةِ؟
خفوتٌ مفزعٌ في ألقِ الحضارةِ!

عاطفةٌ من لونِ الصَّقيعِ
هَرَبَ الوئامُ بعيداً
مختبئاً بينَ مخالبِ هذا الزَّمان

جمودٌ من لونِ الزَّمهريرِ 
     يغلّفُ تعاريجَ الجسدِ
فشلٌ في برجِ القيادةِ
فرَّ فلاسفةُ هذه الأيام
من ضجرِ الإشتعالِ
متوارينَ من تفاقمِ قحطِ الحياةِ

هلْ لاذَ المبدعونَ  بالفرارِ
     أمْ أخذَهُم النُّعاسُ   
     تحتَ ظلالِ الصَّحارى؟
لستُ أدري بلْ أدري وأدري!

راقصةٌ ناعمة لها عبورُها
     في أعماقِ الجماهيرِ

تتكاثرُ يوميّاً مساحاتُ الرِّياضة 
على حسابِ الواحاتِ الثَّقافية
أسعارُ الرِّياضيين 
داسَتْ 
      في جوفِ   
          مبدعي هذا العالم!
أرقامٌ وأسعارٌ بالملايين
يبتسمُ المبدعُ 
     وهو يقبض ُالملاليم!
يقبضُ الرِّياضي عن هدفٍ واحدٍ  
ما يعادلُ أربعين رواية 
     يكتبهُا أيّ مبدعٍ 
     في دنيانا 
          المرصرصة سلاسلها 
     فوقَ شهيقِ البشر!

مفارقاتٌ غريبة
في ليلةِ رأس السَّنة 
ضجرٌ ينمو في قبّةِ الرُّوحِ
موسيقى صاخبة 
تودِّعُ عاماً آخر من الإرهاصِ
عاماً من التّيهِ 
     بين أقبيةِ هذا الزَّمان
عاماً من الغورِ 
     في أعماقِ الدَّهاليزِ
عاماً ولا كلَّ الأعوامِ!

آهٍ .. ينهمرُ من صدري
     بحرٌ من الشَّوقِ إلى ذاتي 
     إلى روحي التي تتلظّى 
     من وجعِ الأيامِ 
     من غبشِ الشُّهورِ 
     من جراحِ السّنينِ ..

ينهمرُ من روحي ينبوعٌ مِنَ الحنينِ
     إلى فرحٍ تلاشى 
          بين ضجيجِ النَّهارِ
     بين صقيعِ الصَّباحاتِ
     بينَ روتينٍ مكثَّفٍ بالأحزانِ

أريدُ أن أتمرَّدَ على ذاتي 
     من أجلِ ذاتي 
أيَّتها الذَّات التَّائهة 
     بين متاهاتِ الشَّوقِ 
لماذا لا تضَعِي حدَّاً 
     لكلّ هذهِ المتاهاتِ ..
لهذهِ الترَّهاتِ القابعةِ 
     فوقَ شهيقِ الرُّوحِ؟
أيُّها الشَّاعر المشلوح من كوكبٍ بعيد
     فوقَ تعاريجِ  الغربةِ
          فوقَ زبدِ البحارِ 
               فوقَ ضجرِ الأيامِ!

أيُّها القلب المضرَّج 
     بأنينِ المسافات
المحاصر بسراديبٍ 
     لا تخطرُ على بال!

متى سترتِّلُ أغانيكَ المفهرسة بالجراحِ؟
أغانيكَ المنبعثة من ثقلِ اللَّيالي ..
     المندلقة من برودةِ الصَّباحاتِ ..
     الهائجة من إنشطاراتِ الحنين
          إلى مرابعِ الطُّفولةِ

آهٍ .. يا طفولة 
أيَّتها المكتنـزة بالسَّنابل
     بخصوبةِ اللَّيالي
أيَّتها المتفتِّحة في أزقّةِ ديريك العتيقة
المبرعمة بين أكوامِ الطِّينِ
طفولةٌ شقيّة 
مطرَّزةٌ بالخطميةِ والنِّعناعِ
مقمَّطةٌ بأكوامِ الحنطة
طفولةٌ جامحة نحوَ البراري 
آهٍ يا براري الرُّوحِ 
يا مهجةَ انتعاشِ الذَّاكرة

أعوامٌ موحشة 
موغلة في هضابِ المللِ
يتدفَّقُ من جنباتِها زمهريرُ العزلةِ 
زمهريرٌ مرتَّقٌ بكآباتِ 
     قرونٍ مِنَ الزَّمانِ
مَنْ  يستطيعُ أن يزيحَ غشاوةَ الأيامِ 
     المرصَّعة بكلّ أنواعِ المراراتِ؟!
مَنْ يستطيعُ أن يخفِّفَ شطحاتِ الأحزانِ 
     المتراكمة فوقَ منعطفاتِ الحلمِ؟!

ثمَّةَ برعم يتنامى في قعرِ الذَّاكرة 
تتراءى أزقَّتي أمامي 
     رغمَ ضجيجِ اللَّيلِ
     رغمَ ضجيجِ المسافاتِ
تذرفُ شجرةُ التُّوتِ دمعةَ الفراقِ 
     دمعةَ الطُّفولة فوقَ تلكَ التِّلالِ
          فوقَ الذَّاكرةِ البعيدةِ

آهاتٌ تشطحُ 
    صوبَ براري الرُّوحِ

أشجارُ الكرمةِ احترقَتْ 
     من وقائعِ الإنشطارِ 
     من وقائعِ البكاءِ
     عندَ بوَّاباتِ المدائنِ 
آهٍ .. يا مدائن
وألف آهٍ  
أيَّتها المسافات المطويّة 
     بينَ تلالِ الذَّاكرة!

ضجرٌ ينمو في قبّةِ الرُّوحِ 
موسيقى صاخبة تودِّعُ 
     عاماً من الأحزانِ 
     عاماً مرصَّعاً بالتلظِّي

يتطايرُ الفرحُ من حولي كريشٍ ملوَّن
     كعناقِ المحبِّين 
... وأنا تائهٌ بينَ أعاصيرِ هذا الزَّمان 
تائهٌ بينَ الشَّوشراتِ المنبثقةِ 
     من  أفواهِ الضَّجرِ!

معادلاتٌ تشرخُ وجنةَ الصَّباحِ 
معادلاتٌ مخرومة 
مقلوبة رأساً على عقبِ 
مفهرسة بكلِّ أنواعِ البكاءِ

غريبٌ أنتَ أيُّها الشَّاعر 
أيُّها المرميّ فوقَ قارعةِ الأحزانِ!

أينَ أنتِ أيّتها الأنثى؟
لماذا تواريتِ بين شقوقِ اللَّيلِ 
أتوقُ إليكِ أكثر من توقي إلى ذاتي 
أنتِ ذاتي المنشطرة
أيَّتها التَّائهة بين تعرُّجاتِ الحلمِ 
لماذا تتفهرسُ على مساحاتِ الذَّاكرة 
     أنثى من لونِ البكاءِ؟
يا أنشودةَ المساءِ
تعالي قبلَ أنْ يرحلَ هذا الزَّمان 
تَبَّاً لكَ يا زمان 
أيُّها المغبرّ 
    بكلّ أنواعِ الغبارِ

أريدُ أنْ أتوغَّلَ في ذواتِ الآخرين
أريدُ أن أكحِّلَ وجهَ الدُّنيا بالفرحِ
أريدُ أنْ أعانقَ ذاتي المنشطرة 
     عناقاً عميقاً ..

قلبٌ قابعٌ في سماءِ الغربةِ 
.. وقالٌ وقيل يتنامى خلفَ البحارِ
تفورُ غربتي يوماً بعدَ يوم 
     من غليانِ الصِّراعاتِ هناك

تتناطحُ أمخاخاً ملساء 
     خاليةً مِنَ التَّجاعيدِ
تصارعُ الهواءَ والمتاهات
تصارعُ الضَّبابَ الملاصقَ 
   لبوّاباتِ روحي
غربتي عميقةُ الأوجاعِ 
تحنُّ إلى حميميّاتِ الذَّاكرة البعيدة 
تتوارى بعيداً بهجةُ الحياةِ

ذاكرتي منبثقة 
     من أكوامِ الحنطةِ 
     من نكهةِ الخصوبةِ 
     من اخضرارِ الكرومِ

أينَ توارى بريقُ الحنطةِ
     بريقُ المحبّةِ 
     بريقُ الوئامِ؟

معادلاتٌ خرساء نبتَتْ 
     بينَ أكوامِ الحنطةِ

معادلاتٌ لا يقبلُهَا 
     حتى مجانين هذا الزَّمان

معادلاتٌ أفسدَتِ الماءَ الزُّلال

قَبْلَ أنْ أعْبرَ المسافات 
كنَّا مقمَّطينَ بالخيرِ
     باخضرارِ الأرضِ
غيرَ مبالينَ بترّهاتِ الحياةِ
نرقصُ 
نغنِّي على إيقاعِ المناجلِ! ..

آهٍ .. يا مناجل 
أينَ أنتِ يا أكوامَ الحنطةِ 
كَمْ أحنُّ إليكِ 
كَمْ أرغبُ أنْ أرتمي بينَ ظلالِكِ الخيّرة 
     في عزِّ الظَّهيرةِ الحارقة 
من هنا أرى توهُّجات 
     شمس تموز الدَّافئة ..

عبرْتُ المسافات 
تنامَتْ من بعدي الشَّوشرات ..
شوشراتٌ تجفِّفُ رحيقَ الحلقِ
حواراتٌ مشنفرة بالحزنِ
تتدفَّقُ بقسوةٍ مخيفةٍ 
     فوقَ غاباتِ الحلمِ 
حواراتٌ حُبلى بالوباءِ
صراعاتٌ من أجلِ الجفاءِ 
     من أجلِ الشَّقاءِ 
من أجلِ ديمومةِ البلاهةِ

لا خلود في أروقةِ هذا الزَّمان 
صراعاتٌ مجنونة تحاصرُ غربتي
تفترسُ صباحي ومسائي
كلّ كائنٍ على وجهِ الدُّنيا 
     إلى زوال

إطلاقاً 
لا تروقُ لي يا زمان 
أينَ موقعنا من دنيا المكان؟

ارتجاجٌ في أعلى الجبينِ 
قرفٌ يوخزُ ظلالَ الرُّوحِ
وجعٌ يلامسُ سهوبَ الخيالِ
     يحرقُ خيوطَ الحنينِ
وجعٌ ممتدٌّ من فروةِ الحلمِ
     حتّى أخمصِ الذَّاكرة
أيّها البحر 
يا صديقَ النَّوارس
يا صديقَ الغربةِ والغرباءِ

أريدُ أن أمتطي السّحابَ 
     أن أمتطي رعونةَ هذا الزَّمان

أريدُ أنْ أروِّضَ خشونةَ الأوباشِ
خشونةَ الضَّجيجِ الهاطلِ
     فوقَ هضابِ الحلمِ

قلبي واحةٌ فسيحةٌ 
يتلألأ بحنينِ الطُّفولةِ 
يسطعُ بأحزانِ الشَّبابِ
     بأحزانِ الرَّحيلِ ..
     في تجاعيدِ غربةِ الأيّامِ 

غريبةٌ أنتِ عنّي أيَّتها الأيّام 
     أيَّتها الصَّباحات
أيَّتها اللَّيالي المكلَّلة بالنَّدى 

غريبةٌ أنتِ عنّي أيَّتها الأنثى 
أيَّتها اللَّائذة بين أهدابِ اللَّيلِ 
أينَ أنتِ أيَّتها الشَّامخة 
     في مويجاتِ الحلمِ 
أيَّتها الهاربة من جسدٍ 
     يتلظَّى ليلَ نهار
أيَّتها النَّابتة بينَ سفوحِ الرُّوحِ

أيَّتها الحلمُ المنسيّ 
أيَّتها القابعة 
     بينَ شهيقِ مساءاتي البعيدة
أينَ أنتِ يا نسغَ الحياةِ؟!

فرحٌ من لونِ العناقِ
يموجُ على أنغامِ اللَّيلِ
يحاولُ عبورَ البوّاباتِ الحزينة
سماكةُ الحزنِ تسدُّ أمواجَ الفرحِ
يرتدُّ الفرحُ على أعقابِهِ
وتنمو في القلبِ حسرةُ الشَّبابِ
     موتُ الأيّامِ والشُّهورِ
          والسّنين
هل يموتُ الزَّمنُ أم أنَّه يبقى معلَّقاً 
     في تجاعيدِ ذاكرةِ الرُّوحِ؟
هل للروحِ ذاكرة؟!

آهٍ .. عمرٌ مكلّلٌ بنكهاتِ العذابِ 
عمرٌ ولا كلَّ الأعمارِ
ضجرٌ ينمو في قبّةِ الرُّوحِ
يشطحُ نحوَ صباحاتي الباكرة
يعصرُ مساءاتي الطَّويلة
لم تفلَتْ منهُ أحلامَ اليقظة
يغزو خطواتي الثَّقيلة 
يعشِّشُ في شهيقي 
غير عابئ في غيظِ الزَّفيرِ 

آهٍ .. إلى مَنْ أشكي همّي؟
..منذ أمدٍ بعيد يتربَّصُني الحزنُ
     مخترقاً مفاصلَ الرُّوحِ
     غافياً على امتدادِ أمواجِ الحلمِ

لَمْ يَعُدْ للحلمِ مساحةُ فرحٍ شاغرة!

قلبي مقمَّطٌ بأحزانِ الدُّنيا
.. وجسدي يزدادُ اشتعالاً 
     بكاءً .. وجعاً 
انزلاقاً في أعماقِ الدَّهاليـزِ
تَبَّاً لكِ أيَّتها الدَّهاليز     

أيَّتها الأقبية العاجّة بالكراتين
تحضنين بحنانٍ خيوطَ العناكبِ 
حياةٌ محصَّنةٌ بالغبارِ
محصَّنةٌ بالصَّراصيرِ وأفواجِ النَّملِ!

لَمْ أجدْ نملةً تهجمُ على نملةٍ 
ولا صرصاراً يهجمُ على صرصارٍ
وحدُه الإنسانُ يهجمُ بافتراسٍ
     على أخيهِ الإنسان!
حياةٌ فائحة بالضَّجرِ
بكلِّ ألوانِ الاشتعالِ
بلوةُ البلواتِ أنْ آتي 
     في هذا الزَّمنِ 
زمنٌ معفَّرٌ بالرَّمادِ 
زمنٌ ولا كلَّ الأزمانِ!
لم أجدْ نفسي في يومٍ مِنَ الأيّامِ 
     متآلفاً معَ مَنْ يحيطُني 
دائماً يتربَّصُني الحزنُ 
يخترقُ مفاصلَ الرُّوحِ
يعبرُ صباحاتي 
مصدِّعاً تموُّجات حُلُمِي
انّي أبحثُ عَنْ وسادةٍ مريحة 
أسندُ عليها رأسي المبرعم بالهموم!

.. ويهرُّ عامٌ آخر مِنَ الضَّجرِ 
يقرِّبُني أكثرَ مِنْ حافّاتِ القبرِ 
تزدادُ همومي 
كلَّما تقتربُ ليلة رأس السَّنة 
أتألَّمُ 
أشعرُ أنّي أزدادُ اقتراباً نحوَ الفناءِ 
أراجعُ أوراقي 
الشُّهورُ المارقة على سككِ الانكسارِ
المتشرشرة كشهبٍ حارقةٍ 
     من تصدُّعاتِ هذا الزَّمان
محطّاتُ العمرِ مفهرسةٌ بالعذابِ

انّي أبحثُ عن فرحٍ 
أريدُ أن ألتقطَ ذبذباتِ الفرحِ
     اللَّائذة بينَ ظلالِ النُّجومِ 

أريدُ أنْ أبدِّدَ أوكارَ الحزنِ المتاخمِ 
     لسهوبِ الرُّوحِ
مَنْ يستَطيعُ أنْ ينجو 
     من شراراتِ هذا الزَّمان؟ 
شراراتٌ هاطلةٌ فوقَ شهقةِ الصَّباحِ
     فوقَ صمتِ اللَّيلِ    
تحرقُ أطيافَ النَّسيمِ 
     بالقيرِ والنَّارِ

الذَّاكرةُ البعيدة
     بعيدةٌ للغاية!

طفولةٌ طافحةٌ بالألعابِ 
طافحةٌ بالشَّقاءِ 
طفولةٌ ممزوجةٌ بالعشبِ البرّي
ملوَّنةٌ بألوانٍ 
     اضمحلَّتْ في هذا الزَّمان
أريدُ أن ألملمَ ما تبقّى 
     من نقاوةِ الطُّفولةِ 
     المعلَّقةِ بينَ تجاعيدِ الذَّاكرة 
أريدُ أنْ أفرشَ رحيقَ تلكَ النَّقاوات 
     على صباحاتِ غربتي
أريدُ أنْ أبدِّدَ أوجاعي 
أنْ أبنيَ جسراً مِنَ الفرحِ 
يمسحُ الأشواكَ العالقةَ 
     بينَ جنباتِ الرُّوحِ
يمتدُّ مِنْ وهجِ هذهِ الصَّباحات 
حتّى عناقات الطُّفولة المكتنـزة بالنَّقاءِ

تعالَي أيَّتها الذَّاكرة البعيدة 
أيَّتها الطُّفولة السَّاطعة 
     فوقَ جبهةِ الرُّوحِ
بَلْسِمي جراحَ القلبِ من غربةِ الأيامِ!
طهّري الغبارَ العالقَ 
     في أردانِ صباحاتي 
افرشي تحتَ أقدامي المتعبة 
بساطاً نديّاً من الأعشابِ البرّية 
بلابِلُكِ تطيرُ فرحاً فوقَ تلالِ الذَّاكرة
أيَّتها الطُّفولة 
يا صديقة غربتي 
أراكِ تتشبَّثينَ في قعرِ الذَّاكرة 
انهضي واشمخي 
     فوقَ جبينِ المسافاتِ 

أريدُ أن أنقشَ فوقَ صدرِكِ   
     نورساً مفروشَ الجناحينِ 
يفوحُ عبقُكِ في فمي 
     كعسلٍ برّي كلَّ صباح!
منكِ أستمدُّ خصوبةَ الحياةِ 
يتعطَّشُ إليكِ شراهةُ قلمي

أريدُ أنْ أفترشَكِ على مساحاتِ الخيالِ 
أن أرسمَ على خدِّكِ قبلةَ المحبَّةِ 
     قبلةَ الوداعةِ
أنْ أمنحَكِ وسامَ الحنينِ
أنْ أستمدَّ منكِ كنوزَ البراءةِ 
لأنثرهَا فوقَ البحار ِ
لعلَّهَا تصبُّ بركاتَهَا 
     في قلوبِ أطفالِ العالم!
أنتِ واحتي الظَّليلة 
أهربُ مِنْ غربتي 
كلَّما تجثمُ عليّ 
     لحافها الصَّقيعيّ السَّميك
أهرعُ إليكِ 
لأستريحَ تحتَ ظلالِكِ الخصبة 
لأنامَ بينَ أحضانِ النَّرجسِ البرّي     

مهروسةٌ محطّاتُ العمرِ 
    تحتَ ظلالِ الغربةِ
غربتي غربتان 
 غرباتٌ متفشّيةٌ على امتدادِ 
     مراحلِ العمرِ

أشتاقُ إلى دالياتي 
     إلى خصوبةِ السُّهولِ 
     إلى الرُّكوبِ فوقَ النَّوارجِ
     إلى الحمائمِ وهم يلتقطونَ 
          حبّاتِ القمحِ 


تستوطنُ في ذاكرتي
أشجارُ البيلسانِ 
أشجارُ الحنينِ 
انبلاجُ الشَّفقِ ..
النَّدى المتناثرُ 
     فوقَ شفاهِ الصَّباحِ

تتهدَّمُ
تتقوَّسُ أبراجُ الحضارةِ
تتراخى أغصانُ الرُّوحِ
رؤى من لونِ الإسفلتِ
تطحشُ فوقَ وريقاتِ العمرِ!ِ

الزمنُ يمضي
شهقةُ العشَّاقِ لم تَعُدْ تجدي
خارَتْ قوى الهلالِ
ضجرٌ أبكمٌ يهيمنُ 
     على أمواجِ البحارِ
خيالٌ تتبرعمُ فيه الأشواك
أحلامٌ متكسِّرة تصارعُ 
     خفافيشَ اللَّيلِ
مَنْ كسرَ مصباحي؟
صمتٌ مسربلٌ بهسيسِ الحشراتِ..
انّي أبحثُ عَنْ فرحٍ 
     عن زهرةٍ مكلَّلةٍ بالنَّدى
     عن جنّةِ الجنّاتِ!

أهربُ من ذاتي.. 
من حلمي
     من غربتي
          من وجعي ..

أهربُ من زمني 
     زمنُ الوطاويطِ ..
زمنُ العبورِ 
     في قاعِ الزَّنازين!

كنتُ في صحبةِ الأصدقاءِ
     فرحينَ ..
شعورٌ غريبٌ راودني
اختراقُ المسافاتِ
على إيقاعِ ذبذباتِ اللَّيلِ
والدي 
آهٍ ..يا والدي
أقبيةُ هذا الزَّمانِ قارسة ..
سهرةٌ عامرة بالودادِ
أصدقائي ومضةُ فرحٍ

فجأةً رفعتُ كأس والدي
قُشَعْرِيرةٌ غريـبةٌ 
    تغلغلَتْ أعصابي 
عفواً أصدقائي 
كأس روح والدي!

جحظَتْ عينا والد صديقي
لماذا ترفعُ كأس روح والدكَ!
هل ماتَ والدكَ؟
صمتٌ ..
دمعةٌ غير مرئيّة 
     خرَّت فوقَ شغافِ القلبِ ..
أصدقائي .. لديّ شعورٌ عميق
والدي يسلِّم أمانته الليلة ..

بحارٌ ومسافات 
ذُهِلَ أحبّائي عندما سمعوا
     ذبذبات شعوري
لا تَقُلْ هكذا، قالَ والدُ صديقي
هذهِ مشاعري ..
هذهِ ذبذباتُ روحي
تتواصلُ عبرَ البحارِ
     معَ شفافيةِ روحِ والدي
تتعانقُ الرُّوحان قبلَ أنْ تصعدَ قبّةَ السَّماءِ
قبلَ أن تودِّعَ زمناً مِنْ رماد
لا تحزنوا يا أصدقائي 
تذكَّروا أنَّني سعيد 
     لو يرحل والدي اليوم
أهلاً بكَ يا موت ..
بيني وبين والدي بحارٌ ومسافات 
من قطبِ الشِّمالِ 
رغمَ زمهريرِ الغربةِ 
تتعانقُ روحي معَ روحِ والدي 
نقيّةً كالنَّدى 
      ..كنسيمِ الصَّباحِ!

تناثرَ الأرجوانُ حولَ الضَّريحِ 
طفلٌ يحملُ غصنَ الزَّيتونِ  
     زهرَ البيلسانِ
انطفأت شمعةُ العمرِ
ارتعشَتِ السَّنابلُ
عندما تناهى إلى مسامِعِهَا 
     أجراسُ الرَّحيلِ
تندملُ الجراحُ من نعمةِ النّسيانِ
ويرحلُ الإنسانُ 
كما ترحلُ البلابلُ والزُّهورُ
يعلو إلى فوق 
     كما تعلو قطراتُ النَّدى

لماذا لم تسقوا الياسمين؟
جفّتْ أغصانُ التُّوتِ
سقطَتْ ثمارُهَا الصَّغيرةِ
     على أهدابِ اللَّيلِ

مآتمٌ لا تُحصى
.. وتخرُّ المياهُ عبر الميازيبِ
أشجارُ التِّينِ تحني رأسَهَا ..
هجرَتْ سفينةُ العمرِ بعيداً
أرائكٌ من القشِّ مرميّةٌ 
     بينَ أركانِ الصَّقيعِ
وداعاً يا زمهريرَ اللَّيالي
     أزيزَ الرَّعدِ ..  

انبلجَتْ مآسٍ قبلَ فجرٍ ضاحكٍ
تكسَّرَتْ أُصُصُ الرَّياحينِ

خبزٌ يابسٌ أصبحَ حسرةُ الحسراتِ 
تناثرَتْ على امتدادِ الشَّاطئِ 
     أجسادُ طيورٍ برّية 
اختنقَتْ بغازِ ثاني أكسيدِ الجنونِ 

طافَتْ أبقارُ البحرِ 
     فوقَ وجهِ المياهِ
اصطدَمَتْ بمقدِّماتِ السُّفُنِ 
حامَتْ فوقَهَا النُّسورُ 
تنهشُ أجسادَها المنتفخة
شعاعُ الشَّمسِ 
يزيدُ الأجسادَ انتفاخاً 
حطامُ الرُّوحِ توارَى بينَ الضَّبابِ
الريحُ تزيدُ مِنْ وَهجِ الاحتراقِ
هربَتِ الأسماكُ 
     إلى أعماقِ القاعِ

انزاحَ الأفُقُ مِنَ الآفاقِ 
ارتجاجٌ مخيفٌ في صدغِ كوكَبِنَا 
ذبُلَ الأقحوانُ قبلَ الأوانِ 

نكهةُ الشمّامِ تخفِّفُ 
     مِنْ تعبِ النَّهارِ
يبسَتْ أغصانُ الزَّيتونِ 

رؤى شاقوليّة تهرسُ الطُّفولةَ 
لا تبالي بآهاتِ الشَّبابِ 
رؤى طافحة بالرَّمادِ 
تكسرُ أياطيلَ* الجبالِ                       
مغطاةٌ ببَرْدَعاتِ الحميرِ 
آمالٌ منهارةٌ 
تجرحُ أحلامَ المساءِ 

ربّما يهطلُ نيزكٌ
     فوقَ جبهةِ الحياةِ
     فوق لُجينِ العمرِ  
مَنْ يستَطيعُ أنْ ينقذَ كوكبَنا 
     مِنْ هجومِ النَّيازكِ 
عبثٌ أنْ يفكِّرَ الإنسانُ في الحروبِ 
ضَرْبٌ من الجنونِ!

أَجرامُ السَّماءِ مستاءَةٌ
     مِنْ جرائم البشرِ
أينَ المفرُّ من غضبِ النَّيازكِ؟

 حضارةُ الإنسانِ على كفِّ عفريتٍ
داسَ الإنسانُ 
     في جوفِ العفاريتِ
ولّى عهدُ الأماناتِ 
     عهدُ المؤانسةِ 
     عهدُ الوفاءِ
تراخَتْ عزّةُ النَّفسِ 
تهدَّلَتْ أغصانُ الرُّوحِ 
     في رحابِ الصَّفاءِ
صراعٌ مريرٌ 
     بينَ الصُّقورِ والنَّعاماتِ

بعوضةٌ واحدة تتحدَّى أحصنةً 
بعوضةٌ واحدة 
تعكِّرُ مزاجَ فِيلٍ ..
زمنٌ يزدادُ انحداراً 
     يزدادُ بؤساً 
زمنُ الإنهيارِ 
انهيارُ القيمِ في أغوارِ القاعِ 

حواراتٌ مشنفرة بجرعاتِ العقمِ
مدبَّقةٌ بقذاراتِ بقايا الصَّمغِ 
تفرزُ طيفاً مِنَ الأوجاعِ
أكثرَ اشتعالاً مِنَ الجمرِ ..

آهٍ .. فقدَتِ اللغة حميميّاتها 
تصدَّعَ الوئامُ
خوفٌ متجَذِّرٌ في أرخبيلِ العمرِ 
     في إشراقاتِ الصَّباحِ
     على امتدادِ الأوقيانوسِ ..
تقشَّرَتْ أشجارُ الكينا 
     مِنْ تفشِّي السَّحايا 
     مِنْ تفاقمِ الغبارِ 

سقطَتْ أيقوناتُ العمرِ 
     المعلَّقةِ على صدرِ الحياةِ  
تهشَّمَتْ قبلَ أنْ تصلَ مجالَ الضَّجرِ 
مسحةٌ مِنَ الحزنِ ارتسمَتْ 
     فوقَ خدودِ الهلالِ ..
هربَ دبيبُ اللَّيلِ 
     مختبئاً بينَ الحطامِ 
لَمْ يجدْ ابن آوى مكاناً لَهُ 
     بينَ الحطامِ

يبحثُ العاشقُ عَنْ شمعةٍ 
     عَنْ فُسْحَةِ أملٍ 
سرابٌ طافحٌ 
     فوقَ كاهلِ الأيامِ
أشواكٌ تنمو في ظلالِ الحلمِ ..


تدحْرجَتْ صبيّةٌ 
     مِنْ لونِ الكرومِ 
     قبلَ أنْ تصلَ إلى قمّةِ هضبةٍ 
انكسرَ بابوجُهَا 
     قبلَ أنْ تلقيَ نظرةَ الوداعِ 
          على ضريحِ الحبيبِ ..

دمعةٌ ساخنةٌ انسابَتْ 
     فوقَ هالةِ البدرِ 
انطفأ الموقدُ ..
قُشَعْريرةٌ باردةٌ .. 
     باردةٌ للغايةِ
تتصالبُ معَ أوصالِ اللَّيلِ

تزدادُ يوميّاً مساحاتُ صحارى الرُّوحِ
يباسٌ منبعثٌ مِنْ أحشاءِ السّنينِ 
خرَّتْ مِنْ كَبَدِ السَّماءِ نجمتان 
     فوقَ أرضِ شنعار ..
بابل برجُ الحضاراتِ 
حضارةُ هذهِ الأيّام تمطرُ باروداً 
     فوقَ برجِ الحضاراتِ 
الإنسانُ ومضةُ فرحٍ 
     ومضةُ حزنٍ ..
     ومضةُ ضجرٍ 
رحلةُ حِيْرَةٍ شائكةٍ
     تهرسُ خصوبةَ الرُّوحِ! 

سفينةُ اللَّيلِ ضلَّتْ طريقَهَا 
تاهَتْ بينَ الغمامِ ..
ريحٌ تزلزلُ قاماتِ السّنديانِ 
صريرُ الأبوابِ .. 
نوافذٌ ترحِّبُ بالرِّيحِ
تزدادُ خشخشاتُ الفئرانِ 
     مِنْ رُكْنِ الإيوانِ ..

استنفرَتْ كائناتُ الدُّنيا 
     مِنْ شدّةِ الأوجاعِ 
قلوبٌ مرتعشةٌ 
أحلامٌ مهشّمةٌ كالفخارِ

ابتسامةُ وليدٍ تخترقُ الكآباتِ
تزرعُ في القلبِ وردةً
فاحَتْ رَائحةُ البابونجِ
     مِنْ صوبِ الجيرانِ

شحَّتْ مَؤونةُ الشِّتاءِ
حنَنْتُ كثيراً إلى أيامِ البازِرْكانِ 
     أيام زمان
     أنتقي وأنتقي ..
آهٍ .. أين ولّت تلكَ الأيام؟

حياةٌ مكتنفةٌ بالكوابيسِ
 غبارٌ كثيفٌ بلعَ ضوءَ المصابيحِ!

مُبارزاتٌ مؤكسدة 
     بتفسُّخاتِ الرؤى 
          المجوَّفة بالخرابِ 
اللاهثة خلفَ الرياءِ!

مبارزاتٌ مريبةٌ 
     معَفَّرةٌ بالجنونِ 
طاحشةٌ على خصوبةِ الوجدانِ 
غير آبهة ببراكينِ الدمّ 
سقطَتْ مركبةٌ 
     مِنْ أقصى الأعالي
هلْ ارتطمَتْ بأوجاعِ السَّماءِ 
أمْ تقيَّأَتها الكواكبُ مِنْ غيظِهَا 
     مِنْ تراكماتِ الوباءِ 
     المستشرية فوقَ جبهةِ الأرضِ
     فوقَ ساحاتِ الوغى!

السَّماءُ العالية لا تبدو عالية 
تقتربُ رويداً رويداً
     نحوَ شفاهِ الأرضِ
تكادُ أنْ تخنِقَ الشَّهيقَ المنبعثَ
     مِنْ أحشاءِ الأرضِ

صراعٌ أجوفٌ 
     يشبهُ لغةَ الأساطيِر!

تطايرَتْ أشلاءُ الحمامِ 
     نحوَ الأعالي


عجباً أرى جراحاً فائرة ..
ارتطَمَتْ بِخيوطِ الشَّمسِ 
فتناهى صداها إلى مسامع الرِّيحانِ 
     إلى الكائناتِ المتناحرةِ 
     تحتَ عباءاتِ السَّماءِ 
     فوقَ قممِ الجبالِ المتهالكة 
     في قاعِ البحارِ!

زمجرَ الهلالُ 
وانبثقَتْ مِنْ فاهِ النَّيزكِ صرخةٌ
زلْزلَتْ أمواجَ المحيطِ

ارتجفَتِ الكائناتُ
عندما رأَتْ وجْهَ الأرضِ 
     تزدادُ تصدُّعاً ..

النيازكُ غضبى 
الشَّمسُ عطشى
تريدُ أنْ تبلِّلَ ريقَهَا  بمياهِ المحيطِ
     كي تخفِّفَ مِنْ وَهجِ الإشتعالِ
العمرُ يتدَحْرَجُ فوقَ أكوامِ  القفارِ!
الموتُ عدالةُ الفقراءِ
عدالةُ العدالاتِ 
انتصارُ الحقِّ في وجهِ الطغاةِ!

نعمةٌ هاطلة علينا من الأعالي
بابُ خلاصٍ 
     من جلاوزةِ العصرِ 
     من مناطحاتِ أصحابِ النَّياشينِ

الموتُ واحةٌ مريحةٌ 
     وَضْعُ حَدٍّ لعذاباتِ السّنينِ
الموتُ عدالةٌ لا تطيلُهَا عدالات 
جبابرةُ العصرِ تحني رقابَها 
     تحتَ أبَّهةِ الموتِ ..
لا مفرّ مِنَ العبورِ 
     في ميزانِ شهقةِ الموتِ 
          شهقةِ العدالةِ!

عبورٌ ولا كلَّ المعابرِ ..
بوَّابةٌ عادلةٌ 
     يعبُرُهَا كلَّ البشرِ! 
خرقَ نفوذُكَ مدارَ النُّجومِ 
     على حسابِ شهيقِ الرَّعيّةِ 
     على حسابِ دماءِ الغنائمِ
نفوذٌ مدبَّقٌ بالاسودادِ
     مشنفرٌ بالضغينةِ

قممُ الجبالِ مرتكزةٌ 
     على صخورٍ متراصّة 
هشاشةُ الأرضيّة 
تجرفُ أعلى القممِ إلى القاعِ

تتباهى متبختراً 
     كطاؤوسٍ مجوَّفٍ بالقشِّ 
تزرعُ الأرضَ باروداً 
غير مكترث لأحزانِ العصافيرِ 
     لأحزانِ البحارِ
     لأحزانِ المسافاتِ
المرشرشةِ 
     فوقَ أعناقِ المدائنِ ..


وجعٌ مكتنـزُ الأشواكِ
يقبعُ فوقَ صحارى الرُّوحِ!
جرحَت لغةُ التآمراتِ خدودَ اللَّيلِ
لغةٌ من لونِ التَّماسيحِ 
     من لونِ الفقاعاتِ 
تُفَتِّتُ هضابَ العمرِ 
تشرخُ هدوءَ الشَّفقِ سهولَ الرُّوحِ
غير آبهة بأخطبوطِ الألمِ المفروشِ 
    على مساحاتِ الجسدِ!

لغةٌ من لونِ الزَّمهريرِ 
أكثرَ قتامةً من سوادِ اللَّيلِ 
     من مغائر القبورِ ..
لغةٌ مفهرسةٌ من وقائع الجنونِ
بعيدةٌ عن خصوبةِ الرُّوحِ
     عن خفقةِ القلبِ 
بعيدةٌ عن نسمةِ الصَّباحِ
معفَّرةٌ بأشلاءِ العناكبِ 
تقتلُ بهجةَ العيدِ 
خارجةٌ عن جموحِ الشَّوقِ
     عن تضاريسِ المكانِ!
ها قد تغَلْغَلَتِ الغرغرينة
     في مخِّ العظامِ 
تحاولُ الإنتحارَ ..
لا تتحمَّلُ أنْ ترى ذاتكَ 
     مبتورةَ الأطرافِ 
كيفَ تريدُ من الآخرين 
     أن تتحَمَّلَ بتْرَ أطرافِهِم 
     أوْ قَصَّ الرِّقابِ؟

الزَّمنُ البعيدُ 
لَمْ يَعُدْ بعيداً 
لا تفرحْ كثيراً 
     لو حقَّقْتَ انتصاراً 
     على حسابِ الرَّعيّةِ
تذكَّرْ أن رحلةَ العمرِ 
     فُسحةٌ قصيرةٌ 
أقصر من هبوبِ النَّسيمِ
     في أوائل الرَّبيعِ
أقصر من مسافاتِ خيوطِ الشَّمسِ
أقصر من جداول الدُّموعِ المترقرقةِ
     من عيونِ الفقراءِ!
تسامى أرخبيلُ الرُّوحِ
فاتحاً صدره لأغصانِ الطُّفولةِ 
     لأحضانِ المساءِ
ناثراً بساتين المحبّة 
     فوقَ وجنةِ المسافاتِ!

وقفَ الفرحُ 
فاتحاً ذراعيهِ لخصوبةِ الفكرِ 
     لتواصلِ الطُّفولةِ 
         معَ وقائعِ العمرِ ..
ثمّة برعم تفوحُ منه 
     نكهةَ النَّارنجِ
يستقبلُ افتتاحياتِ الحلمِ
برعمٌ من لونِ الإخضرارِ 
انبثقَ خلسةً 
     من ظلالِ الفراديسِ
راغباً أن يمسحَ جبالَ الأحزانِ
المستشرية 
     فوقَ قبابِ العمرِ 


برعمٌ من لونِ النَّدى 
تتطايرُ شذاهُ 
     من أغصانِ الياسمين 

لماذا لا يتعلّمُ الإنسانُ 
     من كنوزِ الطُّفولةِ
     دروساً 
          في 
               انتشارِ 
                    العبقِ؟

عندما يشتدُّ الشَّوقُ 
     إلى خدودِ الأهلِ 
تغدقُ الدموعُ لآلئاً 
     على أمواجِ المسافاتِ!

بعدَ غيابٍ طويل 
ذُهِلَ الأطفالُ 
عندما رأوا دموعَ آبائِهِم 
تنفجرُ مِنْ مآقيِهِم 
     أثناءَ العناقِ!
أنْ تشهقَ باندهاشٍ 
عندما تلتقي بأحبّائِكَ 
     بعدَ غيابٍ طويلٍ
أنْ تبكي فرحاً 
أنْ تشعرَ أنَّكَ خفيفٌ كالفراشةِ 
     ككلماتِ العشّاقِ 
نسيمٌ عليلٌ يبلسمُ وجهَ الشَّفقِ ..
يعني أنَّكَ تحملُ بينَ جناحيكَ 
شفافيّةَ طفولةٍ مكلَّلةٍ بخصوبةِ الرُّوحِ 
     بنكهةِ الحياةِ!

الجنازةُ تسيرُ
شقيقٌ لا يستطيعُ 
حضورَ تشييعِ جنازةِ أخيْهِ
إنَّهُ زمنُ الإنشطارِ 
إنشطارُ الأخوّةِ 
     إلى دماءٍ متنافرة
صراعُ الأبراجِ العاجيّةِ 
صراعٌ يقودُكَ إلى أقصى المتاهاتِ
     إلى سماكةِ الضَّبابِ 
     على بؤبؤِ العينِ!
أحزانٌ محشوّة 
     في كيسِ الذَّاكرةِ 
يهدرُ دمَ حفيدِهِ 
     كأنّهُ مولود نعجة جرباء ..
يستأصلُ دماً 
يتوهَّم أنَّهُ فاسدٌ 
هلْ ثمَّةَ فساد 
أكبرَ مِنْ أنْ يهدرَ إنسانٌ 
     دمَ حفيدِهِ؟!
إنّه زمنُ تحوُّل الحضارةِ إلى رمادٍ!

رسالةٌ مفتوحةٌ غير منقَّحة 
وصلَتْ خطأً إلى شقيقٍ مهمومٍ 
          غير مهيَّأٍ للبكاءِ!

رماحٌ غارقةٌ في السُّمومِ 
تهطلُ فوقَ جفونِ المدائنِ ..
متاريسُ العالمِ لا تقي نقاوةَ الرُّوحِ
     من سُمومِ الرِّماحِ!


خفَّفَتِ الأغاني جزءاً غيرَ يسيرٍ 
     مِنْ أحزانِ المساءِ 
وتوهُّجاتِ خيطِ القصيدة 
مسحَتْ أحزانَ اللَّيلِ والنَّهارِ!

جلسَ كئيباً بجانبِ النَّهرِ 
     كمالكِ الحزينِ 
ينتظرُ خصوبةَ النَّهرِ 
خصوبةَ أنثاه قادمة إليه 
تحملُ باقةَ عشبٍ 
تقبِّلهُ .. 
تفرشُ على صدرِهِ طراوةَ العشبِ!

عمّي ينحتُ الحجرَ 
يبني بيوتاً مِنَ الطِّينِ 
     مِنَ الحجرِ 
عمّي مِنْ لونِ الأرضِ 
     مِنْ لونِ البكاءِ
مِنْ لونِ صعودِ الرُّوحِ 
     إلى قممِ الجبالِ!

يذكِّرني خبزُ التنّورِ بأمّي 
برغيفِ أمّي ..
بباقاتِ الحنطة 
بالجَرْجَرِ* .. 
بأيامِ الحصادِ
يذكِّرني بطفولتي المتلألئة 
     بالسَّنابلِ!

يزدادُ الجليدُ سماكةً 
     في غاباتِ الحلمِ 
يعبرُ دونَ استئذانٍ 
لكن سنبلة دافئة 
تتبرعمُ شامخةً 
     من بيَن سماكةِ الجليدِ!

هَلْ ثمَّةَ شطآنٍ مكثَّفةٍ بالحبِّ 
تستطيعُ أنْ تقتلعَ هذهِ الكآبة 
     النابتة حولَ ظلالِ القلبِ 
     المفروشة على امتدادِ شهيقِ الرُّوحِ!


مللٌ منذُ بزوغِ الفجرِ 
ضجرٌ مِنْ تراكماتِ الإنتظارِ 
     من اجترارِ القهرِ 
تزمجرُ دائماً شاشاتُ التلفازِ
تزوِّدني بأخبارِ المهابيلِ 
     بأخبارِ الغدرِ 
إلى متى ستبقى رؤى هؤلاء 
مغلَّفة بالغبارِ .. 
بالعقمِ
     بكلّ أنواعِ الترَّهاتِ!

يريدونَ أنْ يصلوا 
     إلى قمَّةِ القممِ 
وهم سائرونَ 
     في مستنقعاتٍ ضحلةٍ 
          حُبلى بالأوبئة!

أنْ تختلفَ معَ مُحاورِكَ 
لا يعني أنْ تبقى ضدَّهُ 
أن تحجظَ عيناكَ في وجهِهِ 
أنْ تزجَّهُ في غياهبِ السُّجونِ
أيُّ قانونٍ هذا
يتحدَّثون عنهُ ليلَ نهار    
وزنازينهم 
تزدادُ ارتفاعاً وانخفاضاً 
تكتظُّ فيها
    كقطيعِ الجواميسِ 
          أجسادُ الأبرياءِ؟!

بعدَ سنواتٍ من العذابِ             
أطلقوا سراحَه          
     ضمنَ احتفالٍ مهيبٍ   
كأنَّه فاتح الأندلس ..

كيفَ سيقنعُ أصدقاءَهُ 
     زوجَتَهُ .. 
     ابنَتَهُ 
أنّه ليسَ من الفاتحين
إنَّه فعلاً مِنَ المنـزلقين 
     في قاعِ الزَّنازينِ!


نهضَتْ 
تحاولُ لملمةَ بقايا حلمٍ
لكنَّ الحلمَ 
توارى بعيداً
     في عتمِ اللَّيلِ!

انتظرَتْهُ سنيناً 
عندما شاهَدَتْهُ 
     عبرَ الممرِّ الطَّويلِ
ركضَتْ بتلهُّفٍ نحوهِ 
انزلقَتْ قدماها 
سقطَتْ ..
نهضَتْ
غير مكترثة لنـزيفٍ 
     في أعلى الجبينِ ..
حضنَتْهُ بشوقٍ عميقٍ 
ترقرقَتْ عيناهُ متمتماً 
مجنونٌ أنا
وضَعْتُ ابنتي 
     في مشفى المجانين!

ماذا تنفعُ عباراتُ الأسفِ 
     أو تأنيبِ الضَّميرِ 
بعدَ اختناقِ ملايينِ الأطفالِ 
بعد تورُّمِ صدورِ الجبالِ  
بعد أنْ تحوَّلَ اخضرارَ الجبالِ
     إلى يباسٍ 
بعدَ أنْ ضاقَتِ الدُّنيا 
     في وجْهِ الكهولةِ 
     في وجْهِ النِّساءِ 
     في وجْهِ الرُّجولةِ 
     في وجْهِ الهواءِ!

دولٌ غنيّة للغايةِ 
     تبربرُ كثيراً 
مقعَّرةٌ مِنَ الدَّاخلِ
تنحو نحوَ البلاءِ 
مرتكزةٌ على أسسٍ بوهيميّة 
مترهِّلةُ الرُّؤى 
تبحثُ بشغفٍ 
     عن مفرقعاتِ جديدة 
     تفرقعُ عوالمَ الفقراءِ!
  يطحنُ
هؤلاء القاطنين 
     في الأبراجِ الشَّاهقة 
          شهيقي!
غير عابئينَ بتدفُّقاتِ دمي 
     على قارعةِ الأحزانِ!

جراحاتٌ ثخينة 
     على امتدادِ هضابِ الجسدِ!
ألمٌ مخبوءٌ بينَ خيوطِ الشَّفقِ
حوارٌ مدبَّقٌ بالنِّفاقِ
لا يختلفُ عن ترياقٍ أصفر
رؤى تنضحُ بالكآبةِ .. 
     بالضَّجرِ 
     بكلِّ أنواعِ الوقاحةِ!

تألَّمَ العاشقُ عندما هجرَتْهُ الحبيبة 
لَمْ يتْرُكْ قرّاءَ الكفِّ أو قرَّاءَ المناديلِ
إلا وهو يغدقُ عليهم هداياه 
لم تعُدْ حبيبَتَهُ إليهِ 
تمائمٌ عديدة معلَّقة على الجدارِ!
أينعَتْ خُصُلات الفرحِ
المتدلِّية فوقَ قِبابِ اللَّيلِ
فأزهرَتْ عطراً 
     من نكهةِ السَّماءِ!

تعالَ أيُّها الأملُ
     قبلَ حلولِ الظَّلامِ 
     بعدَ حلولِ الظَّلامِ

تعالَ 
عندما يعانقُ الغمامُ 
     نافذتي

شمعةٌ واحدة 
     تبدِّدُ دكنةَ اللَّيلِ.. 
 انّي أنتظرُ قبلةَ الصَّباحِ!

نازعَتِ الحياةَ طويلاً 
ماتَتْ دونَ أن تراهُ
لكنَّها أسلمَتِ الرُّوحَ 
     بعد أنْ قبَّلَتْ صورتَهُ!
الأمُّ بحيرةُ حنانٍ 
محبّةٌ متدفِّقةٌ كشلالِ فرحٍ 
خصوبةُ الحياةِ
نكهةٌ منعشةٌ 
     كعناقيد العنبِ 
الأمُّ ياسمينُ الرُّوحِ 
شهقةُ ابتهاجٍ 
     في دنيا الحزنِ!

تناهى من بُعدِ آلافِ الأميالِ
     إلى مسامعي 
شهيقُ الأحبّةِ 
     شوقُ الأحبّةِ 
          ضجيجُ الأحبّةِ 
فهرولَتْ دموعي 
تسقي أشجارَ الحنينِ!

 أحلامٌ متكسِّرة 
لا وطني ولا أوطان الدُّنيا 
تستطيعُ أن تهدِّئَ 
     من غربةِ الرُّوحِ!
فجأةً ترحلُ أيُّها الإنسان 
     عبرَ أمواجِ القدرِ 
آهٍ .. لماذا لا ترتدي هدوءَ اللَّيلِ
قبلَ أنْ تحلَّ ضيفاً أبديّاً 
    بينَ أحشاءِ التُّرابِ؟!

كلّما تكبرُ غربتي 
يزدادُ شوقي إلى مسقطِ حزني
     إلى انكساراتِ حلمي
     إلى طفولتي المبلورة بالعذابِ
     إلى شبابي المهدورِ 
بحثاً عن كلمةٍ 
أرتِّقُ بها 
     خاصراتِ النُّجومِ!

أيّتها المتاخمة لنشوةِ القصائدِ
ترينَ عبرَ توهُّجاتِ قلبكِ 
     أكثرَ من الآخرين
فجأةً
عَبَرْتِ ذبذباتِ القصائد 
يا أنتِ .. مَنْ أنتِ؟
مَنْ قالَ لكِ 
أنَّكِ عاجزة عن الرُّؤيةِ؟
قلبُكِ مضيءٌ
     يرى أكثر ممَّا ترى 
          عيونَ الآخرين!

من بين عشراتِ 
     عشراتِ الحاضراتِ
تسألينني عن لبِّ القصائدِ
نشربُ نخبَ صحتنا 
نناجي سماواتِ الفرحِ
مهيّأين لمعانقةِ همهماتِ اللَّيلِ
     لسموِّ الرُّوحِ ..
ينتشلُنا شاطئُ البحرِ 
     من ضجيجِ المدينةِ
فرحٌ غير طبيعي 
يبلسمُ أمواجَ الحزنِ 
     المرفرفِ فوقَ تجاعيدِ الحلمِ
تشبهينَ كثيراً 
     خيوطَ الشَّفقِ!

موسيقى صاخبة كأمواجِ البحرِ 
نساءٌ تفوحُ من جوانحهنَّ 
     نكهةُ التفّاحِ
هل أرقصُ على إيقاعاتِ 
     صخبِ الرُّوحِ
أمْ على تنهُّداتِ هذه الأنثى 
     التائهة في دنيا الفرحِ؟!

عندما تسألُكَ أنثى من لونِ النَّدى
     من لونِ هدوءِ الليل ..
عن انبثاقِ القصائدِ 
     وسطَ ضجيجِ الموسيقى 
عندئذٍ لا تخذلُها بطغيانِ 
     هيجانِ القصائد 
على موجاتِ صخبِ الحياةِ!
أنْ تفرحَ
أنْ ترقصَ شجيراتُ الرُّوحِ
أنْ تهجرَ الكآبةَ 
أن تخترقَ جدرانَ الحزنِ 
وتزرعَ البيلسانَ 
     حولَ سفوحِ القلبِ
أن تعبرَ المسافاتِ 
     مرتمياً بين أحضانِ المحبّةِ 

أن يتلألأَ أرخبيلُ الجسدِ
     شوقاً إلى رحابِ الأنثى 

أنْ تترعرعَ ومضاتُ الحنانِ 
     في وهجِ الرُّوحِ 

أن تلقي أحزانَ المساءِ 
     فوقَ غبشِ البحارِ 

أن تعيشَ حالةَ وئامٍ معَ النَّفسِ
     معَ خيوطِ الشَّمسِ
     مع اخضرارِ المروجِ 
     معَ زرقةِ السَّماءِ 

يعني أنَّكَ مبرعمٌ بالندى 
     مقمَّطٌ بخصوبةِ الحياةِ!


لا تقبعْ بينَ ضجرِ الحياةِ 
لا تيأسْ من مراراتِ السِّنينِ
لا تخَفْ من غدرِ الزَّمانِ 
كُنْ شامخاً كجبالِ طوروس
مهيئاً لاحتضانِ الفرحِ 
     على أضواءِ نجيماتِ الصَّباحِ
لا تخشَ كثافةَ الضَّبابِ 
غداً أو بعدَ غدٍ 
سينجلي من فوق ينابيعِ القلبِ 
     غشاوةُ الغمامِ!

وحدُها الأنثى قادرة 
          على خلخلةِ كآبتي 
     على بَلْسَمَةِ تقعُّراتِ مللي 
على افتتاحِ شهيَّتي في الحياةِ!

رأيتُكِ 
فانقشعَ هَمٌّ ملاصقٌ ضجري
اخضرَّ برعمٌ بين ضجري
لَمْ تَعُدْ للحزنِ مساحةٌ محرزةٌ 
     بينَ لُجينِ العمرِ!
وطأتِ الحربُ أقدامَها 
     على براري الحلمِِ 
     على خطميّةِ الحقولِ 
     على بساتينِ اللَّوزِ 
كسرَتْ أغصانَ الرُّوحِ 
طارَتِ الهداهدُ بعيداً 
بكى أطفالُ الحيِّ 
تاهَتْ قطَّتُنا البيضاءَ بين الأزقّةِ 
ثمَّةَ جرحٌ بليغٌ لا يفارقُ شفيرَ الصَّباحِ 
ثمَّةَ تساؤلات أطرحُها 
     على كلابِ هذا العالم 
أيُّهما أفضل لكم يا كلاب العالم
     الحربُ أم السِّلمُ؟!

لا يفضِّلُ كلبٌ واحدٌ 
     الحربَ عن السِّلمِ ..
لماذا يجنحُ الإنسانُ 
     إلى عوالم الحروبِ
     عوالم الجنونِ؟!
لماذا لا يتَّعظُ من حكمةِ الكلابِ؟

آهٍ يا نجمةَ الصَّباحِ.. 
أحلامٌ مبقَّعة بالدمِ 
مرشوشةٌ على خارطةِ الجسدِ!
مهما سلَّطوا سيوفَهُم 
     على رقابِ الكلماتِ
فلَنْ تُطالَ سيوفُهُم 
     شراسةَ الكلماتِ
     ليونةَ الكلماتِ 
     وهجَ الكلماتِ
     عمرَ الكلماتِ
     مجدَ الكلماتِ
لَنْ تُهزِمَ الكلمات!

وحدُهَا الكلمات ساطعةٌ ..
     شامخةٌ فوقَ جبهةِ الزَّمنِ 
     فوقَ جبهةِ الحياة!

موجةٌ تعانقُ موجة
نغماتٌ ساطعةٌ تتوالدُ من بهجةِ الجسدِ 
تعلو كجبلٍ شامخٍ 
كعاشقةٍ متوهِّجةٍ بنكهةِ اللَّيلِ!
أنْ يرقصَ قلبُكَ فرحاً 
أنْ تغرقَ في بحارِ البهجةِ 
تحتاجُ إلى أنثى عطشى للحنانِ
     عابقة بالقرنفلِ
     مكلّلة بالنَّدى!

تعالي أيّتها العابقة بالقرنفلِ
ايَّتها المضرّجة بنسغِ الحياةِ
لا تخفَي حنانَكِ 
     بين شقوقِ اللَّيلِ!

أريدُ أنْ أفترشَ 
     فوقَ جناحيكِ 
          ينابيعَ حناني!

وحدُهَا أكوامُ الطِّينِ
تتلألأُ 
     في أعماقِ الذَّاكرة
تمنحني صبراً نقيّاً 
     نقاءَ الحياةِ! 

أنْ تبكي بكاءً منافساً 
     طعمَ الحنظلِ
لعلَّكَ تعيدُ توازنَ الرُّوحِ
جموحٌ غير طبيعي نحوَ النَّقاءِ!

تفرشُ عجلاتُ القطارِ ضجيجها 
     على شواطئِ الذَّاكرة كلَّ صباحٍ!
تنامُ النَّوارجُ برفقٍ 
     على منحدراتِ أفراحِ الطُّفولةِ 
لماذا كلّ هذا الشَّوق 
     إلى دهاليزِ الذَّاكرة البعيدة؟
مطحونٌ أنا في دنيا من صقيعٍ 
غربةٌ متغلغلةٌ في باكورةِ الحلمِ
غربةٌ حارقةٌ كوهجِ الجمرِ 
أينَ المفرُّ من صقيعِ قطبِ الشِّمالِ
هل غضبَتِ الآلهةُ عليّ 
     فرمتني بين تلالِ الجليدِ؟
ثمَّةَ أَلَمٌ أكثرَ مرارةً من الحنظلِ 
     يجتاحُ برزخَ الرُّوحِ
ثمَّةَ شوقٌ إلى ذاتي المنشطرة 
    إلى ذواتٍ لا تخطرُ على بالٍ!
لَمْ يَعُدْ لحزني مساحةٌ ..
حزني أخطبوطٌ  
يناطحُ شموخَ الجبالِ
انِّي أبحثُ عن وردةٍ 
     مكثَّفةٍ بعبقِ الحياةِ

غداً سأرقصُ 
     على إيقاعاتِ 
          طبُولِ الغجرِ 
               رقصةَ الرَّحيلِ! 

آثرَتِ العصافيرُ أنْ تبقى 
     فوقَ أغصانِ الخميلةِ 
لا تريدُ أنْ تدهسَها أقدامُ الفِيَلة 
طُرُقاتٌ ملأى بدماءٍ مخثَّرة 
تطايَرَتْ ريشُ البلابلِ
آخذةً مساحةً  
     غير مهدِّئة للأعصابِ 
كُنْ يَقِظَاً 
     من جموحِ الأمواجِ!

قاعاتٌ تتماوجُ احتراباً 
حواراتٌ ساخنة
ملوكٌ ورؤساء ..
مؤتمراتٌ لا تُحصى 
تفرِّخُ فقاعات ..
مناهجٌ تولدُ بين أحشائها 
     مجاعاتٌ

تهلهلَتِ القاعاتُ
دخانٌ كثيفُ الضَّبابِ ..
مفارقاتٌ مذهلة 
وصلَ التَّصفيقُ 
     إلى أقاصي المجرَّاتِ

تزلزلَتِ الدُّنيا 
عجباً أرى 
ما يزالُ رهانهم 
قائمٌ على ضخامةِ الفقاعاتِ!
فقاعاتٌ 
     فقاعاتٌ
          فقاعاتْ!
تبلَّلَ وجهُ الضُّحى بالياسمين
فتوافدَتْ أسرابُ الحجلِ
     من أعالي الجبالِ
قاصدةً ندى الصَّباحِ
فارشةً أجنحتها 
     على تموُّجاتِ الفرحِ 
تراقَصَتِ الفراشاتُ 
     على إيقاعِ حفيفِ الأشجارِ 
مشكِّلةً تدرُّجاتِ 
     ألوانِ قوس قزح ..

خصوبةُ الأرضِ تنضَحُ بهجةً 
تناولَتِ الحجلُ عسلاً برّياً 
وانزلقَتْ فراخها 
     بأقراصِ العسلِ!

مَنْ يستَطيعُ أن يبدِّدَ ضجري؟
مَنْ يستَطيعُ أنْ يقهرَ ألمي؟
مَنْ يستَطيعُ أنْ يفْهَمَ 
     حُبِّي المذهل للحياةِ؟

 نحتاجُ قروناً
     كي نفهمَكِ يا حياة؟

يحبو الإنسانُ نحو الارتخاءِ 
     نحوَ التَّلاشي 
هل يستوعبُ الشُّعراءُ 
     وجعَ  الانطفاءِ
أمْ أنَّهمْ لا يبالونَ 
     من عتمِ اللَّيلِ 
     ولا من حشرجاتِ الانطفاءِ؟
إيماناً منهم أنَّ قاماتِهم شامخة 
     عبرَ كلماتٍ كتبوها
          على صدرِ الحياةِ
عبرَ كلماتٍ 
مشبَّعةٍ برحيقِ العمرِ
متوهِّجةٍ في أركانِ الكونِ
متصالبةٍ معَ خيوطِ الشَّمسِ
عبرَ كلماتٍ ستبقى 
     شامخةً بعدَ زمهريرِ العمرِ 
     غير قابلة للانطفاءِ! 
             
ذرفَتْ أمٌّ عجوزٌ دمعتين ليلةَ العيدِ
لم يكُنْ لدى الأطفالِ الصِّغارِ  دُمَىً
لا حلوى ولا عناقيد!
حُزانى بينَ الأصدقاءِ
لباسٌ رثٌ 
مسحةٌ مِنَ الحزنِ
انبثقَتْ من شغافِ القلبِ
وجعٌ غير مرئي تطايرَ 
     من فروةِ الرأسِ 

إحدى علامات بؤسِ الحضارةِ
طفولةٌ في قمّةِ الأفراحِ 
وطفولةٌ أخرى 
     في قمّةِ الأوجاعِ!    

لماذا لا نعقدُ 
     قمّةً مشتركةً بينهما 
ونمنحُ قلوبَ الحزانى 
     فرحاً وابتهالاً؟


مفارقاتٌ تدمي تشعُّبات حُلُمي 
      في صباحِ العيدِ
اندلقَتْ محبرةٌ
ارتشَفتْهَا مساحةُ خيالٍ منقوشٍ 
     على امتدادِ ذاكرةٍ من حجرٍ!

عندما تعبرُ سفينتُكِ عبابَ البحارِ
شوقاً إلى نجمةِ الصَّباحِ
تذكَّريني ..
واعلمي أنَّ جموحَ الرُّوحِ 
يزهو في قبّةِ السَّماءِ!

ثمَّةَ فرحٌ يهيمنُ على تضاريسِ الجسدِ
يتبرعمُ حولَ أغصانِ المساءِ 
ثمّةَ أنثى من لونِ الحنانِ
معبَّقة برائحةِ الكرومِ
تتواصلُ أمواجها الهائجة 
     معَ انتشاءِ الرُّوحِ
تتصالبُ بانتعاشٍ عميقٍ
     معَ ذبذباتِ الشَّهيقِ 
مبدِّدةً بثقةٍ مبهرةٍ ضجرَ المكانِ!
تمرُّ السُّنونُ 
تفرُّ من بينَ جفونِ الشُّهورِ 
الأسابيعُ محطّاتٌ يتيمةٌ
     غائرةٌ في بحيراتِ الضَّجرِ 
يقصُّ الزمنُ من جسدِ العمرِ 
     أغصانَ الخصوبةِ
يمتصُّ جموحَ الشَّوقِ إلى براري الطُّفولةِ 
العمرُ قصيدةٌ عصماء
فسحةٌ قصيرةٌ للغايةِ 
متى سأكتبُ عن رحلةِ ضجري في الحياةِ؟

وجعٌ موشومٌ في سفوحِ العمرِ
     في غديرِ الذَّاكرة
وجعٌ يخلخلُ شراعَ العمرِ
تعالَي .. اقتحمي أوجاعي
بدِّديها تحتَ قبابِ المحبّةِ
وحدُهَا المحبّة قادرة 
 على انتشالِ العمرِ من لظى الأوجاعِ!
اقفزْ ببسالةٍ فوقَ خفافيشِ هذا الزَّمان
اذهَبْ بعيداً في براري الرُّوحِ
وارمِ كلَّ المنغِّصاتِ في ثنايا الرمادِ!
اصعَدْ بهمّةِ الصَّناضيدِ إلى قممِ الجبالِ
عندما تصلُ إلى مرحلةِ 
أنْ تضحكَ دونَ تحفُّظٍ من هيبةِ الصَّولجانِ
آنذاك 
اِعلَمْ أنَّكَ عبرْتَ دونَ وجلٍ 
     إلى تضاريسِ المكانِ!

تمعَّنْ طويلاً في سقفِ الزِّنزانةِ
تأَمَّلْ طويلاً ينابيعَ الطُّفولةِ 
حاولْ أن تثقبَ رعونةَ الزَّمهريرِ 
محلِّقاً في فضاءِ الكتابةِ 
     بحثاً عن نشوةِ الإبداعِ! 
  ... .... .... يُتبَعْ بأجزاءٍ أخرى!


* أنشودة الحياة: نصّ مفتوح، قصيدة شعريّة ذات نَفَس ملحمي، تتألّف من عدّة أجزاء، كلّ جزء (مائة صفحة) بمثابة ديوان مستقل، ومرتبط  مع الأجزاء اللاحقة، أنجزتُ المجلِّد الأوَّل، (عشرة أجزاء). يتناول النَّص قضايا إنسانيِّة وحياتيّة عديدة، مركِّزاً على علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، مع الطَّبيعة، مع الكائنات، مع الأرضِ والسَّماء كمحور لبناء هذا النصّ ـ الأنشودة المرفرفة فوقَ وجنةِ الحياة.

*هوامش:
الجَرْجَرْ: كلمة عاميّة يستعملها الفلاحون ( الهلآزخ)  بمعنى: النَّورج
أياطيل: خواصر.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads