الرئيسية » » على نحو لا يليق بقاطع طريق عزمى عبد الوهاب

على نحو لا يليق بقاطع طريق عزمى عبد الوهاب

Written By غير معرف on الأربعاء، 20 فبراير 2013 | فبراير 20, 2013

على نحو لا يليق بقاطع طريق
عزمى عبد الوهاب

(لا شيء في الأفق)
قال
ثم مشى
في اتجاه خرابه الروحي،
وكأن أبا ينهض من حكمته
يملأ قميصه بالفراشات
ويعيده إلى الغيمة الأولى..
كان يمشى على نحو لا يليق
بقاطع طريق
مطفأ العينين
(أنت أبي)
قال
واستدار
يدوس أربعين عاما من البطالة
من أوهمه بأن محطته الأخيرة بئر
على حافته تنمو أشجار
ويرعى ماعزٌ؟
فمشى في اتجاه الحقول
يدخن في صمت
لا يريد العودة إلى محطات
تتكرر
(أنا وحدي)
صرخ
ومضى غريبا
قاطع الطريق العجوز
يصدق نفسه كثيرا
قطع المسافة
من سرير طفولته الريفي
إلى مقعد الوظيفة في المؤسسة الباردة
بغير ساقين
ولم يكن هذا كافيا
حتى يفهم
أن أربعين عاما تسربت من يديه
وهو يراوح مكانه بين القتلة الصغار
إنه الآن أمام مقبرة
أعدوها لرأسه بالضبط.
(أنت أمي)
قال
ودفعه ملاك رحيم من ظهره
لينشغل مؤقتا عن الجحيم
الذي يشوي دمه
يرفع يديه أمام وجهه.
(كانت له عينان هنا)
بكى
لم يعد يرى غير خطاياه
تتمدد في عروق كفيه..
يتذكر:
(لم أكن عادلا في محبة أصدقائي
كل شيء كان يفسد سريعا
كانوا سيئين حقا)
إنه يكذب
لم تكن الصورة على هذا النحو أبدا
فقد ظل هاربا بقسوة مبررة
يصحو من النوم إلى الوظيفة مكرها
ويعود إلى البيت بلا أصدقاء
أو حتى أعداء
فقط
كان مثقلا بكراهية رؤسائه في العمل
وكان لابد أن يدخل النار
لأنه ظل يكرههم بلا سبب
رغم أنهم كانوا أقرب إلى ملائكة العذاب
كانوا ملائكة على أية حال.
(لا فرق بيننا)
قال
ولم يتعلم من أخطائه
فهو يصر مثلا
على أن يتحدث عن أولئك الرؤساء الطيبين
بشكل رديء
وينسى دائما أَنه قاطع طريق
وأنهم ليسوا فاسدين تماما
أمامه بضع ساعات
قبل أن يذوب جلده
ليكتب:
(وفري دموعك يا حبيبتي الصغيرة
غدا تحتاجينها
عندما يغضبك الزوج)
إنه يصرخ الآن
على نحو يليق بقاطع طريق متقاعد:
يا إله المنسيين
افتح نافذة واحدة
في قلب الليل
حتى أراك
يغفو
ويصحو
يكتب
عن الأصدقاء القتلة
ورؤساء العمل الفاسدين فعلا
ثم يسقط
نوارةً ذابلة
ضمها الطين
كاقتراح أخير!



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads