الرئيسية » » إغواء ُ الأطفال إبراهيم الحجري

إغواء ُ الأطفال إبراهيم الحجري

Written By غير معرف on الأربعاء، 20 فبراير 2013 | فبراير 20, 2013

إغواء ُ الأطفال


إبراهيم الحجري
(عمان)

ستأتي تلك َ اللحظة ُ التي تضج ُّ الماء َ في الأسماء
سيأتي اللامع المضيء الذي يجعل ُ الماء َ يُطحلب ُ الأماكن
لتجد َ الشمس ُ فعلا ً حتى في الصحاري .

الشاعرُ خرج َ من مكمنه ِ
ليسَ معلما ً ولا قائدا ً
بل خرج َ ليرى أكثر َ فأكثر
تعدُّد َ الندى والضباب
ورحلة َ الشمس
وهندسة َ القمر
خرج َ لكي يضُخ َّ الماء َ في النهار ِ وفي الليل
جاء َ الشاعر ُ ليُغاير
حتى يتحرق َ المتشوفون َ
والناظرون والملامسون
لمرح ٍ كسعادته ِ
لسخرية ٍ كعيونه ِ الوقحة ،
الشاعر ُ ينزع ُ بإصبعيه ِ
وشاح َ الرخاوة
ويُشعل ُ الشرار َ في الأماكن ِ المظلمة ِ من القبور ،
ليس َ معلما ً ولا فيلسوفا ً أقول ُ لكم
فليس الفيلسوف ُ من يخبـِـط ُ الجنون َ في الجنون
إنه ُ الشاعر ُ
من يغري الطفل َ بالمشاغبة ِ
أكثر َ يغريه ِ بالجنون ِ
باكتساب ِ غضب ِ الوالدين ِ على هذا الذي يجعلهم يتراقصون َ في الشوارع ِ والحدائق ِ لدرءهم . . لإحاطتهم . . للسيطرة عليهم وتنظيمهم
الأطفال ُ عينـُـهم الضاحكون َ بصخب ٍ عال ٍ في وجه ِ الأم ِّ والأب
يبدلون لهم غضبهم وتقطيب جباههم فرحا ً مرِحا ً ،
الأطفال ُ المعلمون َ
مزعجو الرتابة ِ
مُبَدِّدو الهدوء ِ والفراغ
الأطفال ُ المشاغبون َ الذين يحيون َ بكثير ٍ من التحطيم ِ والتكسير
وعدم ِ (التهذيب)
وعدم الرضوخ ِ للسبابات ِ المشرعة ِ في وجوههم
الصبيان ُ المردة ُ الوحشيون الشياطين
مخالفو القواعد ِ
المنعمون َ بالنوم ِ الهانئ ِ
وبالعافية ِ الناضحة ِ من حولهم
في جنونهم تصطخب ُ الحياة ُ ،
شدِّدوا على نغمة ِ الحياة ِ يقول لهم الشاعر ُ ويفهمونه
دلـِّـهوا الشيوخ َ والعجائز َ بحبكم ، بالولع فيكم ، باحتضانكم ، من الصناديق ِ التي تريدُ تعبئتكم ،
إجعلوا لعاب َ الكبار ِ يسيل ُ لرؤية ِ العرق ِ البسيط اللامع ِ في جباهكم
حرِّكوا الفقاعات ِ في الكؤوس بما تستحق ُّ من حركة ٍ حَريَّة ٍ بالهواء ِ المنعش
إركلوا النعوش َ من البدء أيها الأقوياء ُ الصغار
فركلها مؤلم إن تأخر ،
عكـِّروا مزاج َ المنطوين على جدرانهم
الزاحفين خلف َ الظـِّـل كلما أدركتهم الشمس ،
صيِّروا في الأعشاب ِ النضرة ِ التوق َ في الكون ،
حافظوا على جذوة ِ النار ِ قبل َ انطفائها
أشعلوها بالماء يا معلميها ألا تنطفئ ،
أكثروا من المطر ِ في البحر
ومن هواء الأنهار ِ في البيوت ِ المهجورة
بقوة ِ مرح ٍ خرافي يجد واقعه ُ في العيون ،
واكبروا هكذا
بجنون ٍ متضاعف
يُخجل ُ الأمهات أمام َ الضيوف
بجنون ٍ يُنصِف ُ العمات والخالات العوانس
يذهب ُ بهن َّ ويعيدهن َّ راقصات ٍ ،
وهكذا وهكذا بما يزرع ُ الحب َّ في قلب
أعيدوا الكيان َ في الكائن ِ ،
قدِّسوا فيما بعد ُ مثلا ً
إرباكَ النخلة ِ الغضَّة ِ الزوج َ خلف زوجته
إمنحوها ضحِكا ً متضاعفا ً تكتمه ُ بصعوبة
أكسبوها الثقة َ التي تحتاجها لتمضي واثقة ً وسط َ العاصف ِ
بالقدرة ِ التي تريق ُ خمرة ً على كرمة ٍ
حتى يشتاق الزمن ُ محطة ً كل َّ مرة ٍ ليلتقط َ أنفاسه ُ الذاهلة َ
من تزاحم ِ الأفعال ِ الناضجة ِ على اللحظة ِ الواحدة ،
أيها المجانين ُ الصِغار يكره ُ الهلاكيون أن لا تكونوهم
أن تحيد َ طريقهم فلا تلتقطكم
يلعنونكم كثيرا ً بعدها
وسيصبُّون َ الغضب التام َّ على صبواتكم
أشعلوهم بحسدِهم إذن حتى يَـفنوا في رماد ِ إحتراقهم ،
وهكذا وهكذا أن تـُفهـِـموا الأمل َ الأمل
والمسرَّة المسرة
بل أيضا ً الضحِك َ البكاء َ
والإيمان َ الكفر َ
وأن تعـلـِّموا الجيوش َ المتقابلة َ
عدم َ اضطدادها
بل ِ الحياة ،
وأن تديروا عيون َ المتضامنين لاختلافهم َ
الحياة َ ،
الحكمة ُ ليست ِ الحكمة َ
والأخلاق ُ ليست ِ الأخلاق َ
واليوم ُ ليس َ البارحة َ
وليس " كل ُّ ما هو آت ٍ آت ْ "
بل نذهب ُ إليه ِ
نأتي به ِ
بالبليل ِ المحيي في العطور
إيقاظا ً لنشوة ِ الكائن ِ
من تحت ِ جبال ِ البَلادة ِ ،

أواه ٍ للحياة ِ الصاعدة ِ الآتية َ بجلال ٍ
والمجد ُ للملح ِ حافظ اللـُّـب ِّ ،
وسيبقى في الهواء ِ أكثر من الأكسجين ِ والنفاذيَّة ِ
فاعمة ٌ الأرض ُ بالرحابة ِ الفتانة ِ
ومؤاخاة َ التنافر ِ القصيِّ بالقصيِّ
حتى إصابة َ كامل ِ الوجود ِ بقشعريرة ٍ
تصطفي لنا متعة َ تائين حلوتين ،
اللبُّ الأخضر ُ سيُفجِّر ُ قِشرة َ اللِحاء والجِلد َ الميت ،
وما يبهج ُ في الألوان ِ أنها في التحول ِ
أبقوها فيه
وفي النغمات ِ أنها في الحركة
أكملوها هكذا ،
عبئوا الفرح َ في الأثير ِ
أثقلوا الأغنية َ بالجَمال حتى تخفَّ .



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads