الرئيسية » , , , , » روي بيتر كلارك: انتبه إلى الأسماء! ترجمة: رحاب علي

روي بيتر كلارك: انتبه إلى الأسماء! ترجمة: رحاب علي

Written By تروس on السبت، 6 فبراير 2016 | فبراير 06, 2016

روي بيتر كلارك: انتبه إلى الأسماء!
ترجمة: رحاب علي

الأسماء المُثيرة للانتباه تجذبُ الكاتب والقارئ على حدٍ سواء.

الولعُ بالأسماء المُثيرة للانتباه ليسَ مجرّد أداةٍ بالمعنى الدقيق للكلمة، بل شرطًا وإدمانًا أدبيًّا عذبًا. كتبتُ قصّة ذات مرّة عن اسم ز. زيزور، وكان الاسم الأخير مُدرجًا في دليل هاتف مدينة سانت بطرسبرغ. اتضحّ أن الاسم كان وهميًا، فقد ابتكره عمّال البريد منذ فترةٍ طويلة لتتمكن أُسرهم من الاتصال بهم في الحالات الطارئة، حدث هذا بمجرد النظر إلى الاسم الأخير في دليل الهاتف.

 كان الاسم هو ما استولى على كلّ انتباهي. كنت أتساءل إلى ماذا يرمزُ حرف ال (ز): زيلدا زيزور؟ زورو زيزور؟ وما كان الحال عليه حين يضطرّ المرء لخوض حياته وهو الأخير في الصفّ دائمًا؟

يملكُ كُتّاب أدب الخيال الفرصة لابتكار أسماء شخوصهم، تلك الأسماء المألوفة الّتي تصبح جُزءًا من خيالاتنا الثقافيّة فيما بعد مثل: ريب فان وينكل، إيخابود كرين، هستر برين، الكابتن إيهاب، إسماعيل، هوكل بيري فن، جو مارتش، سكارليت أوهارا، هولدن كولفيلد، فورست غامب.

نجد أن الرياضة والموادّ الترفيهية توفرّ لنا موردًا لا ينضبُ من الأسماء المثيرة للانتباه والاهتمام: بيب روث، جاكي روبنسون، ميكي مانتل، جوني يونيتا، زولا بود، شاكيل أونيل، فينوس ويليامز، تينا تيرنر، سبايك لي، مارلين مونرو، أوبرا وينفري، إلفيس بريسلي.

ونجد أن الكُتّاب ينجذبون إلى القصص الّتي تحدثُ في مدنٍ ذات أسماء مُثيرةً للاهتمام: أورلاندو، فلوريدا، باونتيفول ، يوتاه، إنتركورس، بنسلفانيا، موس جو، ساسكاتشوان، فورت دودج، أيوا، أوب، ألاباما.

لكنّ أفضل الأسماء تبدو كما لو كانت مرتبطةً بفعل السحر بأشخاص حقيقيّين انتهى بهم الأمر بصناعة الأحداث. فأفضل الصحفيين يلاحظون المُصادفات التي تجمع الأسماء والوقائع ويتسغلّونها.

فقد كشفت قصّة حدثت في بالتيمور تفاصيل حزينة عن امرأة قادها حبّها الخالص لرجُلها إلى مقتل ابنتيها الشابتين. كانت الأمّ سييرا سوان والّتي بالرغم من اسمها الغنائيّ كقيثارة تستحضرُ جمالًا فِطريًا فقد تداعى في بيئة مُحبطة، “حيث الهيروين والكوكايين مُتاحان على الرصيف تحت أنظار النوافذ المُغلقة بإحكام”. تتبّع الكاتبُ تداعيها، لا على الأدوية ولكن على إدمان رفقتها لناثانيل برودواي”. سييرا سوان، وناثانيل برودواي، لا يمكن لكاتب الأدب المتخيّل أن يبتكر أسماء أكثر عرضة للانتباه وإثارة للاهتمام.

فتحت دليل الهاتف الذي يخصّني بشكلٍ عشوائيّ واكتشفتُ هذه الأسماء على صفحتين متتاليتين: دانييل مول، تشارلي ماليتي، هوليس ماليكوت، إلير مالكيزي، إيفا مالو، ماري معلوف، جون ماماغونا، لاكميكا ماناودو، خاي مانغ، لودويج مان جولد.

يمكن للأسماء أن توفّر خلفيةً دراميّة، وتاريخًا مُقترحًا، عرقًا وجيلًا وشخصيّة. (اللاهوتيّ الأمريكي الرائع والمرح مارتن مارتي يُشير إلى نفسه بأنّه “مارتي مارتي”.)


يمكن للأسماء أن توفّر خلفيةً دراميّة، وتاريخًا مُقترحًا، عرقًا وجيلًا وشخصيّة.

يتجاوزُ اهتمام الكاتب بالأسماء، الأشخاص، والأماكن إلى اهتمامه بالأشياء. رولد دال والذي اكتسب الشهرة لكتابته رواية تشارلي ومصنع الشوكولاتة، يتذكّر طفولته في محالّ الحلوى بتوقٍ شديد لتلك المسرّات مثل “حلوى على هيئة أعين الثور وهراء قديمة الطراز، وبونبون الفراولة والنعناع الجليديّ والقطرات الحامضة وقطرات الكمثرى والليمون” كانت مصاصّة الشربيت وعرق السوس هي المفضلّة بالنسبة إليّ. ناهيك عن “جوبستوببيرز وتونسل تيكلرز”.

بالنسبة للشاعر دونالد هول، فلذّة الأسماء ليست في الحلوى بل لذّة من نوعٍ آخر تأسر مخيّلته، نجد قصيدته الغنائيّة المرحة “أيّها الجبن”

“في مخزن الجُبن الغنيّ العزيز، الشيدر واللانكشرز القاسية، جورجونزولا مع وضعيّتها المُتسامحة، الخطبة المقصوصة للروكفور، والرأس. ستيلتون الذي يتحدث بحساسيّة ممتطيًا اللسان مثل كهنة درويد”.

يصعبُ التفكير في كاتب يملك الكثير من الأسماء المثيرة للاهتمام أكثر من فلاديمير نابوكوف. ربما لأنّه كتب بالروسيّة والإنجليزيّة أيضًا، وكان يملك اهتمامًا علميًا بالفراشات.

كان نابوكوف يشرّح الكلمات والصور، يبحث عن مستويات أعمق للمعنى. أعظم جبنائه “هامبرت هامبرت” حين يبدأ سرد لوليتا في هذا المقطع الذي لا يُنسى:

لوليتا: يا ضوء حياتي، ونار رُوحي المتوقدة، يا خطيئتي الكُبرى.
لو-لي-تا: تتخذّ مقدمة لساني ثلاث خطواتٍ إلى أسفل حلقي، تنبضُ لثلاث مرّات على أسناني. لو.لي.تا. 

كانت لو جليّة في الصباح، تقفُ بأربعة أرجل داخل جوربٍ واحد. كانت لولا ببنطالها الواسع. كانت دولي على مقاعد الدراسة. كانت دولوريس على خط مُرقطّ، ولكنها لوليتا فحسب وهي مُرتميةٌ بين ذراعيّ.

في روايته العظيمة والفاضحة، يُدرج نابوكوف الترتيب الأبجديّ لزملاء لوليتا في الصفّ، بدءًا من غريس الملاك وختامًا بلويس ويندمولر. تُصبح الرواية معجمًا جُغرافيًا عمليًا لأسماء الأماكن الأمريكية، من الطريقة الّتي نسمّي فيها فنادقنا: “كلّ فنادق الغُروب، الأكواخ المُضيئة، ملاعب هيلكرست، الملاعب المُطلّة على الصنوبر، والملاعب المطلّة على الجبل، والملاعب على خطّ السماء، ملاعب البارك بلازا، والفدادين الخضراء، وملاعب ماك”. وإلى كلّ تلك الأسماء المُضحكة المُرتبطة بالمراحيض على جانب الطريق: “رجال-نساء، جون-جين، وحتى ميلووكي-دو”.

ما الذي قد يوجد في الاسم؟ بالنسبة إلى كاتب يقظ وقارئ حريص فيمكن للإجابة أن تكون ممتعة، ساحرة ولها هالة خاصة وذات بصيرة عالية ولها طابع وإرث خاصّ وهوية مميزة، بها من الكمال واللياقة والطيش ورباطة الجأش ما يكفي. فنجد أنّه في بعض الثقافات إن كنت قد عرفت اسمك واستطعت نطقه فقد امتلكت رُوحك.

 

ورشة عمل:

1- في النسخة اليهودية-المسيحية لقصّة الخلق، منح الله البشريّة قوة خاصّة ميّزتها عن سواها من المخلوقات: “حينما خلق الله الأرض جمع الله وحوش الحقل وطيور السماء وجلبهم أمام الإنسان ليرى بماذا سيخاطب كلًا منهم، هذا من شأنه أن يكون اسمهم”. أجرِ محادثة حول أكبر الآثار الدينية والثقافية في التسمية، بما في ذلك مراسم التسمية مثل الولادة والمعموديّة والتحويل والزواج، ولا ننسى الألقاب، أسماء الشوارع، أسماء المراحل، وأسماء الأقلام. ما هي الآثار العملية المترتبة على التسمية بالنسبة للكُتّاب؟

2-جي.كي.رولينج المؤلفة الشهيرة لسلسلة هاري بوتر تمتلك موهبة خاصّة في التسمية، فكّر في أبطالها: ألباس دمبلدور، سيريوس بلاك، هيرميون جرانجر. وأبطالها الأشرار: دراكو مالفوي ورجاله كراب وجويلي. اقرأ أحد روايات هاري بوتر والتفت بشكل خاصّ للكون الخاصّ الذي صنعته رولينج من الأسماء فحسب.

3- في مفكّرة يومياتك، احتفظ بسجلّ لأسماء شخصيّات وأماكن مثيرة للاهتمام اكتشفتها من مجتمعك.

4- في المرّة القادمة حين تعمل على نصّ مكتوب، التقِ بخبير يكشف لك عن أسماء أشياء كنت تجهلها: كأسماء الأزهار في الحديقة، أجزاء من المحرّك، فروع من شجرة العائلة، أو سلالات من القطط. وتخيّل طرقًا لاستخدام مثل هذه الأسماء في قصتك.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads