الرئيسية » , , » الروائي الفرنسي الجزائري ياسمينة خضرا: كانت تجربة الكتابة مع القذافي بدنية وحسية بشكل لا يصدق باريس ـ من فلورنس فلو

الروائي الفرنسي الجزائري ياسمينة خضرا: كانت تجربة الكتابة مع القذافي بدنية وحسية بشكل لا يصدق باريس ـ من فلورنس فلو

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015 | أكتوبر 27, 2015

تعريب: عبد العزيز جدير**
يحتل الروائي ياسمينة خضرا (محمد مولسهول) مكانة مضيئة بين غيره من الكتاب المغاربيين المبدعين باللغة الفرنسية. وحظيت ثلاثيته «سنونوات كابل»، و»الاعتداء»، و»وصفارات إنذار بغداد» بموجات تلق عبر العالم، ولا يستريح من الكتابة إلا بالخلود إلى الكتابة. وصدرت له نهاية شهر أغسطس/آب (2015)، «الليلة الأخيرة للريس»، عن دار جيليار. 
وصدرت في الآن ذاته، كما بالنسبة لكبار الكتاب، بلغات عدة في أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبولونيا والبرتغال وتركيا والجزائر. 
وتمثل الرواية حدثا ضمن الدخول الأدبي الفرنسي، لمهارة الكاتب ورؤيته التي تقبض على العصا من الوسط وتحا ول الإحاطة بكل شيء، والإطاحة بكثير من المسلمات، وأهمية شخصيته الروائية، فالراحل القدافي شغل السياسيين والحكام والشعوب العربية، وأثار جدلا متواصلا، بل إن خضرا قال إن القذافي قد يثير فضول اهتمام كتاب كهوميروس، وتولستوي وشكسبير… وتقنية الكتابة المعتمدة على البوح والاسترجاع لحظة الحصار والمطاردة… ثم حدث الربيع العربي نفسه، وعقابيله. وقد عرف عن ياسمينة خضرا اقترابه من المواضيع الملتهبة في معظم رواياته السابقة.
أجرت الحوار فلورنس فلو..

■ لِمَ اخترت معمر القذافي كشخصية؟ ولِمَ لمْ تختر ديكتاتورا آخر، صدام حسين مثلا؟
□ القدافي شخصية متعددة، مزعجة، يصعب فهمه، هو يمثل تحديا حقيقيا للروائي.. كان هذا الملك يجمع بين التذلل والشطط بمهارة نادرة. كان حلم نفسه وهذيانها، كان معجزة نفسه ورهينتها، هو مثال السخاء والقساوة المتسرعة. كان حالة تسحرني وتسائلني منذ سنوات. كان القذافي يحمل في ذاته مبررا روائيا مدهشا بكل ألوان طيشه وخرجاته المذهلة، وتخريفاته ولممه، وهو بهذا يختلف عن صدام، الذي كان طاغية عديم الأهمية، وحشي الطبع جدا، وكان تأثير شخصه الرئيسي يقوم أساسا على الرعب الذي كان يجسده. 
■ لم اخترت أن تكتب بضمير المتكلم؟
□ أختار في الغالب ضمير «أنا» في رواياتي. إنه طريقتي في الذوبان في الشخصية، أن أسكنها وأعيشها من الداخل تماما. ومع القذافي، فقد كانت هذه التجربة بدنية وحسية بشكل لا يصدق. فقد كنت أشعر بمخاوفه وشكوكه وغضبه، وكنت أعتقد مثله، على الرغم من المخرج الذي يعرفه الجميع، أنه سينجو بجلده في الأخير. والغريب في الأمر، أنني كنت أعتقد أنه بمستطاعي أن أغير مجرى التاريخ، كما لو تعلق الأمر بعمل تخييلي. لقد عشت لحظات غريبة خلال كتابة هذه الرواية. ولم أشعر بمثل هذا الانطباع مع رواياتي الأخرى. 
■ كيف تطبعت بطباع القذافي؟
□ القذافي شخص رمزي في العالم العربي. كان يثير من التساؤلات بقدر ما يثير من الحماس، وكان يشغل جزءا مهما من النقاش السياسي في المغرب [العربي]. وبمعنى من المعاني فقد كان أليفا بالنسبة إليّ تقريبا، ولم تعترضني أي صعوبة في «وضع اليد» على حالات مزاجه.
■ كيف حصلت على المادة الوثائقية الخاصة بحياته؟
□ ظللت أتابعها منذ ثلاثين سنة. وقد حصلت على بعض الحكايات الواردة في الرواية من أحد المساعدين المقربين من القذافي. وقد قمت أيضا بأبحاث.
■ هل استعرت، مثل مُمَثل تجارب/مشاعر شخصية؟
□ أقف على طرف نقيض من القذافي، لكنني أتوفر على معرفة معينة بالعامل البشري لأحيط بشخصياتي وأحل محلها. وقد كتبت «نيويورك تايمز» أنني «قادر على أن أكتب عن الإنسان أينما وُجِد». وأنا أحاول أن أكون جديرا بهذا الاستعداد المُطري والمُلزم. في الآن ذاته. 
■ لقد جعلت من القذافي شخصية روائية. ومع ذلك فقد استعرت كثيرا من الاصطلاحات من التراجيديا. ما السبب؟
□ حتى نبقى ضمن ما هو جوهري في التراجيديا وتعليمي. وقد كان بإمكان القذافي أن يلهم سوفوكل. 
■ يرى القذافي شريط حياته يتوالى خلال الساعات الأخيرة من حياته. ونلمح جراحه العميقة. وكما في رواية «الاعتداء»، يبدو أنك ترغب في العودة إلى جذور الشر… لتوضحه وتفسره بشكل أكثر أو لفهمه؟ 
□ صحيح، لكن التفسير لا يعني الدعم أو الموافقة، فلا شيء يبرر القتل ولا شيء يُشرعِن المس بالحريات.
■ ألا تعتقد أن الإنسان يولد وحشي الطبع؟ بل يصبح كذلك بحكم الضرورة في نظرك؟ ولو كان من طينة طاغية دموي مثل القذافي؟
□ أنا عاجز عن الإجابة على هذا السؤال. ولربما لهذا السبب أكتب: لفهم الإنسان، معجزة الطبيعة هذا القادر على كل المعجزات باستثناء تحقيق السعادة النهائية.
■ هل تشتغل على كتاب جديد في الوقت الراهن؟
□ إنني أهتم خاصة بالسينما. لقد أنهيت كتابة سيناريو لفوريست ويتاكر، ممثل ومخرج ومنتج أمريكي، وأشتغل على مشروع طموح لفائدة التلفزيون الفرنسي.

** أكاديمي ومترجم مغربي
صحافية فرنسية

الروائي الفرنسي الجزائري ياسمينة خضرا: كانت تجربة الكتابة مع القذافي بدنية وحسية بشكل لا يصدق

باريس ـ من فلورنس فلو


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads