الرئيسية » , , , » من ادباء المهجر الروس: الكسي ريميزوف ترجمة وتقديم د . فالح الحُمراني

من ادباء المهجر الروس: الكسي ريميزوف ترجمة وتقديم د . فالح الحُمراني

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015 | أكتوبر 27, 2015

من ادباء المهجر الروس: الكسي ريميزوف
 

ترجمة وتقديم د . فالح الحُمراني

يعد الكسي ريميزوف (1877ـ1957) واحد من الشخصيات التي تتسم بالغرابة بين ادباء روسيا في القرن العشرين. ونال شهرته قبل ثورة اكتوبر 1917. وفي عام 1910 جرى الحديث عنه كواحد من الرسامين الطليعيين الكبار.

بيد ان عبقريته الادبية التي تميزت بتنوع الابداعات،اكدت حضورها بالكامل في بلاد الهجرة التي توجه لها عشرات الادباء والفلاسفة الروس هربا من النظام السوفياتي السابق.

ولد الكسي ميخايلوفيتش ريميزوف في24 يونيو( حزيران) 1877 في موسكو في عائلة غنية تمارس التجارة. وبعد فترة قصيرة من لادته تركت والدته ابيه لتذهب مع اولادها للعيش عند اخوتها، وقد تركت الحياة في احضان ” غرباء” تاثيرها على شخصية ريميزوف. الى ذلك فان ضعف بصره، وخياله الذي تطور في مقتبل العمر، غيرت حياته مبكرا.

ودرس ريميزوف في “جيمنازيا” موسكو ومن ثم في مدرسة التجارة. وفي 1895 التحق بكلية الفيزياء في جامعة موسكو.ودرس بموازاة ذلك الرسم والموسيقى. وجرى نفيه الى مناطق روسية نائية مرتين في العهد القيصري، بسبب نشاطه الثوري، ولكنه ترك العمل الثوري نهائيا عان 1902 ليكرس حياته للادب. وتعرف خلال منفاه على كبار رجال الثقافة، الذين لعبوا دورا هاما في الثقافة الروسية، من بينهم نيقولاي بردياييف وبوريس سافينكوف ولونتشتارسكي وغيرهم. وتعرف خلال تنقله في روسيا بالمخرج الكبير ميرخولد. وسُمح له بالعودة الى بطرسبورغ عام 1905 حيث انخرط في الحركة الادبية، وتعرف مع كبار الادباء والرسامين بما في ذلك الكسندر بلوك واندريه بيلي وفاسيلي روزانوف، وساهم بتحرير مجلة “قضايا الحياة”.
وحتى عام 1917 نشر ريميزوف الكثير من الاعمال القصصية والقصة القصيرة والحكايات والمسرحيات، اضافة الى المقطوعات الصغيرة التي اندرجت في الشعر المنثور. وعانى ريميزوف خلال 1017 ـ 1920 سنوات الثورة البلشفية والحرب الاهلية، من الفقر والاضطهاد والملاحقة، وفي اغسطسس عام 1921 رحل ريميزوف، وعقيلته من الاتحاد السوفياتي. وعاش في البداية الى برلين ومن ثم انتقل الى باريس حتى موته عام 1957. ونشر ريميزف في المهجر الكثير من الاعمال الادبية متنوعة النوع والاسلوب.

وتباينت مواقف معاصريه في تقدير ادبه ومكانته في تاريخ الادب الروسي، ففيما قال فيه الشاعر الكبير الكسندر بلوك “ان ريميزوف واحد من اكثر الادباء جدية وعمقا في عصرنا”، جاء تقييم فلاديمير نابوكوف لادبه متحفظا. واشتهر ريميزوف في كتابة المقاطع الشعرية النثرية الصغيرة التي تخلط بين الحلم والواقع، وتاتي مشحونه بعوالم الحكايات والاساطير، انه عالمه الخاص الذي عاش فيه واقامه لنفسه وصنعه بخاليه. وهنا نماذج من شعره المنثور من كتابه الشهير “نار

الاشياء. الاحلام والرؤى”.

                                          قصائد

صورتي

حُفِرت صورتي على اسطوانة معدنية في شجرة في حديقة : غول ما قبل الطوفان ذو قرون، والعيون ليست في محلها. امضاء: اسمي ولقب الرسام.
” فكرتُ، كيف زوقني، يروم التبرير”.
وها هو الرسام قادم، عرفته بالصورة: تدلى الكمثرى من امامه ومن خلفه ومن جيوبه.

ولبدتًُ خلف الصورة، اختلس النظر: هل يعرف عمله ام سيمر بمحاذاته؟
ورماني بغتة بكمثرة اصابت عيوني” ” برَرَ”.



مظلة

اخترقتني شرارة بيضاء ضاربة الى الزرقة. رايت: انها متشحة بالسواد، في يدها مظلة حريرية، ذو مقبض طويل ودقيق. وطعنتني بقدمي بالمظلة. فتسمرت في الارض
وتسائَل ْ ما معنى الشفاة الحمراء .
“لاارى جيدا، قلتُ، بيد اني سمعتُ، ان الحمراء عند مصاصي الدماء وحينما…”
وفي هذه اللحظة جاء احدا ما من الشارع، مسك بالمظلة، وراح يسحبها مني.
” لا، وانا اصده، الان هو لي”.
وحينما، لاحَظَتْ كيف اسهر على حراسة المظلة” تحولتْ الى مشجبٍ. فعلقتُ المظلة عليه.

ضفادع بقفازات

لبدتُ في قمرة السفينية، بينما راح من اختفيت منه ،يبحث عني بحاسة شم، كالتي عند الكلاب. كلهم بوجوه بشرية، وابدان ضفادع ترتدي قفقازات.
كانوا مؤدبين ولطفاء، لالصوص عاديين، وضغطوا عليٌََ ببطونهم الضفدعية الليًٌنة،
اندسوا بلطف تحت قميصي، وكانهم يمسدوني، بضغطهم على قلبي باصابعهم.
وعلى النافذة جلس غراب زرع، ينعق.
اعرف انه حطَ الان على كتفي، وليس بمقدوري حفظ عيوني. وفي الوقت الذي ادافع فيه عن نفسي من الضفادع، تضرعتُ لضيفي الاسود:
” ارحمْ عيوني، قلتُ لهُ، وساحوكَ على رقبتك شريطا لؤلؤيا، اعطيك يديٌ، اليسرى واليمنى وقفازات”.

الذئب

ارسلوا بي الى الغابة لاجمع جوز.
اذهبْ، قالوا لي” اجمع اكثر ما تستطيع من الجوز”.
ولة اتنقلت من شجرة الى اخرى ـ وانا اشعر في الغابة، كاني غارق في الظلام ـ وليس هناك شجرة جوز.

وهكذا اخيرا، وجدتها. بيد ان ليس هناك اية جوزة ناضجة، كلها خضراء.
” لافرق، فكرت، سآخذ خضراء، اذا جاء هكذا صيد”.
اثنيتُ الغصنَ، غير انه وفي اللحظة التي عزمت فيها قطف الجوز، باغتني ذئب من الاحراش، لقد تصورت الذئاب في الحكايات، على هذه الشاكلة.
” ماتريد ايها الذئب، اقول له، ياترى هل تعتزم اكلي “.
لاذ الذئب بالصمت، وقد فغرَ فاهه.
وتذكرت ثانية:
” لاتاكلني، ايها الاغبر، ربما ساكون نافع لك”
وفكرت بدخيلتي ” ما نفعي له”.
وحينما كنت غارقا في التفكير، اكلني الذئب.
واستقيظت يحدوني شعور تأدية الواجب.

طائر

ارى من الاريكة : ان طائرا يحوم قرب رفوف الكتب. سررت به وقلت:
” مرحبا، ايها الطائر الصغير” ومددت يدى لاصطياده.
وقبضت عليه: ساخن، ويقوم بحركات حادة بمنقاره، كما وانه يبحث عن شئ ما، وشعرت كيف راحت نبضات قبله تدق : خاف. طر، واذا هو في النافذة.
هرعتُ نحو النافذة. وهنا بالضبط وكأن احدا ما دفعني: استدرت، فكان هناك على الاريكة حيث اضطجعت، شقٌ يحلك اكثر فاكثر. نظرتُ في الشق، واخذت بالانحناء، فهويت الى الاسفل على راسي



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads