الرئيسية » , » قصائد - للشاعر الفنلندي بو كاربيلان / ترجمة نزار سرطاوي Poems - Bo Carpelan / Translated by Nizara Sartawi

قصائد - للشاعر الفنلندي بو كاربيلان / ترجمة نزار سرطاوي Poems - Bo Carpelan / Translated by Nizara Sartawi

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 24 يونيو 2015 | يونيو 24, 2015

قصائد - للشاعر الفنلندي بو كاربيلان / ترجمة نزار سرطاوي Poems - Bo Carpelan / Translated by Nizara Sartawi




قصائد
للشاعر الفنلندي بو كاربيلان
ترجمة نزار سرطاوي

مقدمة

بو كاربيلان هو واحد من ابرز شعراء فنلندا في العصر الحديث. وهو أيضاً روائي وكاتب مسرحي وكاتب مقالات وناقد ومترجم. كتب باللغة السويدية التي هي اللغة الرسمية الثانية لفنلندا إلى جانب الفنلندية.

ولد كاربيلان في العاصمة الفنلندية هلسنكي في 25 تشرين الأول / أكتوبر عام 1926. تلقى تعليمه المدرسي في أقدم مدرسة في هلسنكي. بعد ذلك التحق بجامعة هلسنكي ودرس ألأدب وتخرج بدرجة الماجستير عام 1948. كما حصل على الدكتوراه في عام 1960. عمل من عام 1946 إلى عام 1980 موظفاً في مكتبة بلدية هلسنكي، ليصبح لاحقاً مساعداً لمديرها.

تأثر كاربيلان في بداياته بمدرسة الحداثة السويدية والوجودبة الفرنسية. فسادت في قصائده صور الظلام والحزن والسكون. لكنه فيما بعد التفت إلى الآداب الكلاسيكية الإغريقية والرومانية فكانت بالنسبة له مصدر إلهام كبير.

ظهرت مجموعته الشعرية الأولى في عام 1946. ومنذ ذلك الحين أصدر 14 ديواناً شعرياً.  وفي عام 1977 حصل على جائزة الأكاديمية السويدية لدول الشمال (اسكندنافيا)، التي تُعرف بجائزة "نوبل الصغرى." كما نال جائزة فنلنديا مرتين (1993 و 2005). وفي عام 2006 حاز على الجائزة الأوروبية للأدب.

ترجمت أعماله إلى اللغات الإنجليزية، الفنلندية، الدانماركية، النرويجية، الألمانية، البولندية، السلوفاكية، والفرنسية وسواها.

توفي كاربيلان بمرض السرطان في 11 شباط /فبراير عام 1911.



  1. 1.          أشجار صامتة

هل ستمتد يَدٌ مجهولة وترفع القارّات
وتصيبُ الأغنيةُ الطائرَ بالشلل،
ويهجر المدّ الشواطئَ
أم يغسلها بضياء تدوم طويلاً؟
وأنا الذي أُشَكِّل الظِّل
الذي تلقيه روحي على الأشياء،
هل سأظل موجوداً في هذه القصيدة
أم  لن يقرأَني أحد؟
ها هو منتصفُ الليل يوشك أن يحلّ،
الأشجار تقف صامتة.


  1. 2.          العشب الأبكم 

القلب لا ينسجم مع حدوده،
ولا القصيدة مع الواقع،
ولا الواقع مع حلم الله.
أي نوع من الحوار ذاك الذي يُحوّلك
دون أن يحدُث أي تحوّل في ذاتك؟
لا تبحث بين العشب الأبكم، بل ابحث عن العشب الأبكم.



  1. 3.          خلال المساء  

النجوم تلمع من خلال المساء،
طائر يراقب ما يجري.
الأشجار تتحرك في عيون طفل،
الطائر يراقب ما يجري
إلى أن تصمت الرياح.



  1. 4.          صباح، مساء 

بارداً يستريح العشب،
إنه الصباح، المساء
في حياتك.
على مقربة من دروبك
يمضي اليوم الأخير
لعله مختبئ في أوراق الشجر
أو في تلك المدن الصامتة
حيث لا يسمع صراخك أحد.


  1. 5.          نزهة خريفية

رجل يسير عبر الغابة
ذات يومٍ يتقلب فيه الضوء.
يقابل عدداً قليلاً من الناس،
يتوقف، يُقَلّب وجهَه متفكراً في السماء الخريفية.
هو ذا يتجه نحو المقبرة
ولا أحد يتبعه.


  1. 6.          ثلوج آذار

الثلوج تحت الضياء المتراقصة لسماء آذار –
تلقي فوق حياتك  بندفها الذي له نكهة التلاشي.
بالنسبة إليك فإنّ همهمة أيام الربيع قد أمست شيئاً من الماضي.
تصيخ السمع، كأنما قد ندت 
كلمةٌ عن الموت، عن القباب السماوية العالية
ولم يمسها الثلج.  


  1. 7.          الصبي الذي كان يعدو  من خلال المياه الدافقة

الصبي الذي كان يعدو من خلال المياه الدافقة
اختفى في الجبل. لم يعد يصرخ أبداً.
لعلك ترى نفسك، لكن لا يمكنك أن تسمع صوته.
ولعلك أيضاً لا تستطيع أن تراه في ظلام الصيف.
أمه تناديه بصوتٍ عالٍ.
الزهور الآن تنتصب واقفة وقد أوهنها الصقيع.
إنها ثلوج الشتاء التي تتساقط على الجانب الآخر للجبل
وإنسان ينتظر أن تظهر صورته مطبوعةً في سفح الجبل.
إنها في ظل المشهد الذي لا يتغيّر أبداً
حيث تغني طيور الموت أغنيتها البهيجة
فتُذَكّرُنا بصوته.


  1. 8.          السحابة الهائلة

السحابة الهائلة على شكل جناح
تنحدر رويداً رويداً أمام الشمس
مثل ورقةٍ حمراءَ كالدمِ تسقط من شجرة الموت.
وعلى سطح البحر ينساب طائر المساء،
يلامس وجه المياه بجناحيه،
فيتغير، كما لو لم تكن هناك أيّة حركة
ولا أيّ شيء سوى الأغنيةِ المعجزة: الصمت.


  1. 9.   خبّريني

خبّريني قبل أن ترحلي عني إليك
عن التعب الذي كابدتُه حتى في الليل
عن الدنيا التي لا تنام  أبداً، عن الخطوات
التي تمضي نحو نفس الهدف –
خبّريني قبل أن ترحلي
إن كان هناك شيء قد قيل أو لم يقل،
أنت يا من تعرفين كل شيء ولا تجيبين عن الأسئلة
وتتحركين فوق الحقول مثل طائر من طيور شعار النبالة


  1. 10.       ليل طويل

ذات يوم حين يمسي الحد ما بين اليوم الذي مضى واليوم الذي سيأتي
تحوّلاً في الضوء لا يكاد يحس به أحد
وتنتصب الأشجار كالحرس خارج النافذة،
ذات مساءٍ حين تكون قد بلغت سِنّ النضج تتخللّك موجة باردة وتغسلك على مهل.
لا تعرف شيئاً عن تلك الظلمة التي حطت رحالها؛
إنه الربّ الذي يراقبك وينصرف في ضوء القمر،
وتكون الحياة التي تعيشها قصيرة بالقياس إلى هذا الليل


  1. 11.       الشجرة الخضراء، البحر الأزرق

الشجرة الخضراء تحمل فوق الطفل
أذرعَها الهادئة
البحر الأزرق يخلد إلى الصمت، تختلط أنفاسه
بأنفاس الطفل.
كان هذا من سِنين. لاحظ
أنّ الشجرة، البحر يظلّان
الخضراء،
الأزرق.


  1. 12.       طائر النورس

لا بد للمشهد الطبيعي أن يتحول،
أن يتحول القمر إلى دمٍ وسط سماءٍ سوداء
وأن تصبح أوراق الأشجار برونزية اللون.
فعيناكَ هما اللتان تتعذبان،
تموتان وتولدان من جديد في تلك الهاوية
التي تفصل عالمَك عن الدنيا.
إنّك تُلقي بنفسك فوفها مثل إنسان يائس.
حينما تسقطُ، فإن مشاهدك هذه
قد تُنتزَعُ من عينيك
وتكون أنتَ أنت ولا شيء معك سوى النورس في السماء السوداء
ومعه صوت الموت.



  1. 13.    قاسياً  كان الشتاء

"لم يكن هناك الكثير لإطعام البط.
قلبت أمي سلة الخبز رأسا على عقب.
راحت طيور البط تزعق وبدا عليها عدم الرضا.
كان الماء أسود وسرعان ما تجمد.

قاسياً  كان الشتاء. قاسياً  كان الشتاء.
حتى الأموال في المصرف تجمدت.
الاحتفال مساء السبت لم يعد ممكناً
إلا بالتناوب مرةً دون الأخرى.

  1. 14.    مساء

سريعاً يمرّ الفجر، سريعاً يمرّ النهار، لكن المساء اللطيف
يجلب معه الشفق، يمضي مثل مياه الخليج
ما بين الأشجار الداكنة حيث تقف بلا حراك.
من بين الأمواج على بعد أميال تصلنا رويداً رويداً
أصوات جافّة، شظايا كلمات تغرق من خلال الهواء –
سريعاً سريعاً يمر نهارنا لكن المساء يتلبث في الدفء الصيفي،
الدفء الصيفي اللطيف يظل متلبثاً في الدماء التي سوف تصبح داكنةً هنا
تحت تيجان الأشجار، تحت تحديق عين السماء المفتوحة، المفتوحة بلا حدود.  


  1. 15.    سأل العجوز...

سأل العجوز: "أما زالت أشجار البلوط هناك؟
كانت هناك غابات في أيامي. أما زالت موجودة؟"
كان يجلس في منزل صغير في مونتيري،
ما عاد يتذكر اللغة السويدية، يقول بضع كلمات بالروسية.
كان يجلس هناك مثل ظلِّه، بعينين
لا تبصران راح يراقب الحديقة المحروقة –
نادراً ما كانت أمواج البحر تصل إلى هنا، لم تجلب معها جواً لطيفاً  
" الأولاد من المَزارع كانوا يرقصون يوم السبت." 
تنحنح، كانت يداه قلقتان
"مزامير القِرَب؟ أو شيء من هذا القبيل، لا أذكر،
الأشجار، أذكرها جيداً، أشجار البلوط الضخمة، الغابات،
يبدو كأنما كانت تقدر على أن تمنحنا جواً لطيفاً –"
رمقتي بنظرة يكاد يملأها الغضب  
كأنما كان يرتاب بالحقيقة. أجبته كما يتمنى:
"ما زالت هناك، وما أروع أن نستريح تحتها."
مرّت لحظة سكون. ثم ما لبث أن قال وقد سرح بعيداً:
حين يتحرك الريح خلال غابة البلوط، تظلّ دائماً تذكر ذلك.     


  1. 16.    في فجر يوم من أيام حزيران

باكراً  في فجر يوم من أيام حزيران راح يُجَدف
بكامل ملابسه، تحبسه ربطة عنق، وقد شمر عن ساقيه
فوق مياه الخليج الساكن، تريث قليلاً، نظر إلى الوراء
هناك تقبع الجزيرة، هناك تنام زوجته وطفله،
هناك الأشجار، الرياح تستريح هناك،
هبت أولى نسائم الصباح وكسرت انعكاسات الماء.


  1. 17.    أغانٍ بسيطة

أغانٍ بسيطة ، صباحٌ صافٍ –
كم من حياةٍ وأفكار غابت
من أجل أن تشرق هذه:
العشب والزهور والنهار والفناء.


  1. 18.    تحت نفس الغيوم

الظلالُ تمتزجُ بالظلال،
العشب يمتزجُ مع شعرها،
أحدهم يرقد ميتاً، أحدهم قد توفي
تحت نفس الغيوم.


  1. 19.       الخيول

وقفت الخيول وقد حَنَتْ أعناقَها. حين مَدَّتْها
رأى حركةَ إهابِها تحت أضواء الصيف.
السواد في عيونها كان قد تشرب اخضرار حزيران.
وقف يراقبها. وفجأةً
أحست بريحِهِ، فاندفعت نحو الأفق،
ذلك الفضاءِ الرقيقِ تحت ضوءِ قمرٍ شاحبٍ بعيد،
كما لو أنه روّعها بوجوده اليقيني.


  1. 20.       الجيش

يمر الجيش، وقد انعكست صورته
على زجاج النافذة المكسور، ثم يختفي
في الجرح لا يلتئم أبداً.


  1. 21.    عالم آخر

عالم آخر؟ أشعة الشمس أخرى؟
سكون آخر؟
أحب ما ليس فيه مجال للاختيار.
حياتان لم تختاراني،
المساء وانبلاج النهار.


  1. 22.       الخريف

طيور السنونو التي اجتمعت في موجة البرد الأولى
ترحل بصمت عن المشهد أمامي.
إنه الزمن، ذلك الذي يُمسي أكثر هشاشةً ويتكسّر على درجات بيتي،
جليدٌ خريفيّ لطيف.
في الصباح ذهَبَتِ الحُمّى عنيّ، أرى:
منضدةً، جبلاً، شجرةً.
هكذا تمضي الأيام، خاليةً بلا عزاء.


  1. 23.    المساء

المساء على مقربة من العشب،
الرياحُ تُحرّك الخليجَ بلطف.
الشمسُ تُغرِق نارَها
في السحابة.
صافيةٌ هي السماء، بلا نجوم.


  1. 24.    يبدأ النهار

يبدأ النهار
الطيور تحوم فوق الماء
تمرّ سحابة 
وأعود إلى عملي ثانيةً
المساء وانبلاج النهار.
لأفوز بكلمة واحدة من بين كلمتين.


  1. 25.    ضوء غريب 

هل أذكر كيف ولدْتُ؟ 
هل أذكر كيف مِتُّ؟ 
ثمّة ضوء غريب انبعث من النافذة
 أذكر أنني فتحتُ عينيّ
وأغمضتهما ثانيةً.


  1. 26.    ذكرى  

إذا منحتني وقتاً  
فلن أزِنَهُ في يدي:
إنه بالغ الخفة، بالغ الشفّافية
وثقيل كما الظُلمة
الكثيفة اللامعة
في البوابة الساحة الخلفية
للذاكرة


  1. 27.    الظلام

لم ينقضِ الصيف بعد 
لكن الظلام يسود 
حين تطفئ المصباح
يغدو الظلام حالكاً
كأنما كان دائماً هناك
في الخارج، في الداخل.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads