الرئيسية » , » كل شيء أسود في حديقة الشيطان.. | مختارات من صلاح حسن.. | مختارات وتقديم نصيف الناصري

كل شيء أسود في حديقة الشيطان.. | مختارات من صلاح حسن.. | مختارات وتقديم نصيف الناصري

Written By هشام الصباحي on السبت، 6 يونيو 2015 | يونيو 06, 2015

كل شيء أسود في حديقة الشيطان..
مختارات من صلاح حسن..

الشاعر في سطور..
من مواليد بابل ــ العراق عام 1960.
خريج أكاديمية الفنون الجميلة ـ بغداد عام 1984.
نال جائزة الشعر العراقي عام 1992.
نال جائزة الشعر الهولندي عامي 1996 و 1998.
ترجمت دواوينه الي الانجليزية والالمانية والهولندية.
في الشعر والمسرح صدر له:
المحذوف في عدم اتضاح العبارة
خارج ببوصلة عاطلة
بقايا الطوفان الأخير
أوهام
حب في أوروك
الصفعة
السر
النوم في اللغة الأجنبية
جزع بابلي..
1
تحاول لغة صلاح حسن بانتهاكها للأعراف البلاغية ومنظوماتها في {التناقض المنسق للغة والكلام } التعارض دائماً مع اللغة المعيارية { لغة النثر } من أجل خلق شعر ينأى عن الشعرية القديمة والراهنة . ولا يعني التوازي عنده ، التشابه في فاعلية الكتابة . لا نستطيع أن نضع التوازيات عند صلاح ونصنفها ضمن أنساق ومتواليات معينة ، ولا تتحدد الخصائص الأسلوبية في نصوصه عبر التقنيات والقوانين والتعادلات التي تختزل ثيمات وشفرات النصوص في لحظاتها المتوترة دائماً عبر الدلالات واشاراتها التقليدية ، ذلك لأنه يسعى دائماً الى زحزحة قوانين اللغة من أجل استخدامات أكثر حرية وتجريبية في خلق نصوصه . واذا كانت الوظيفة الأولى للشعر عند ياكوبسون هي : { اسقاط مبدأ التماثل الخاص بمحور الاختيار على التأليف } فأنها عند صلاح مع تعسفنا في تأطيرها ضمن اطار معين عنده . لا تهتم بالإرث الشعري وفي ما أنجز من قبل ، وترسخت أنماطه وأساليبه وأنساقه ، بل تسعى بدأب الى ازاحة هذا الإرث ومحاولة خلق نص مغاير يسعى الى أن يؤسس له شعرية مغايرة لما هو سائد في الشعرية العربية الآن .
{ مقدم النشرة الجوية كذاب
غداً الطقس مشرق وجميل }
ولكنها دائماً تمطر كالشتائم .
لذلك قررت أن أتابع الطقس
كل يوم بنفسي .
انها العاشرة صباحاً
والستائر مسدلة .
فتحت الكومبيوتر
وطلبت منه أن يقدم لي
حالة الطقس .
ظهرت بعض الغيوم على الشاشة .
طلبت منه أن يزيل الغيوم
وأن يضع بدلاً منها شمساً صغيرة
بمجرد أن ظهرت الشمس
وضعت ملابس السباحة
في كيس نايلون
وانطلقت بأقصى ما أستطيع
الى البحر .
قصيدة : { صيف هولندي }.
2
لا يلغي صلاح الوظيفة الاشارية للغة ، بل يضخمها من أجل إيصال اللحظة الشعرية في النص الى الذروة ، وهنا ينبغي القول أن اللغة عنده ليست لغة اشارية فقط وانما هي { لغة شعرية عالية } .
3
ما الذي يمكن أن يقدمه لنا نص صلاح ونحن نعيش الآن في عصر تهيمن عليه التقنية بشكل كبير ؟ ليس بوسعه سوى الامساك بجوهر وسر الفعل الشعري الأصلي وإيصال الكينونة ولحظتها المتوترة الى العلو دائماً ، عبر المخيلة وإزاحة الدلالات والشفرات والأنساق المتوارثة حتى يتسع المجال للتأويلات والتفسيرات المتعددة داخل النص . الميزة الرئيسية لنصوص صلاح وهي تتحدث عن ماضي حياته وانكساراته وتجليات لحظات سروره وتوتراته وأشياء أخرى ومن ضمنها مناخات وذكريات الحروب التي تهيمن على مزاجه وتفكيره في الكثير من النصوص ، ويعالجها عبر التداعيات النفسية والمونولوج بمهارة عالية . هذه الميزة تكمن أهميتها في انها تقدم لنا النصوص في احتدامها وتضادها في لغة حرّة وقوية ، لا تتكئ على لغة الوقائع واليوميات والسيرة ، وهي في مسعاها الأصيل لكشف حضور الأشياء في العالم ، فأن اشاراتها وشفراتها ودلالاتها . لا تتوارى خلف الأنماط والأنساق البلاغية الموروثة وانما تحاول دائماً ازاحتها بقوة من أجل تثويرها واعادة استخدامها من جديد .
4
لا يمكنني هنا في هذه المقدمة الموجزة ، اعطاء فكرة محددة عن كل عمل صلاح حسن الشعري المستمر باخلاص وحنو منذ سنوات طويلة ، وهو عمل بالغ التعقيد وشديد الكثافة عبر تنوع أساليبه ومناخاته التي تستوحي الكثير من الدراما التي درسها صلاح في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ، ومن التاريخ وقراءاته الأخرى ، ومن تقلبات ومتاهات حياته في الحب والموت والنفي والأحلام . في عالم تدمر حروبه ومفاهيمه وتقنياته حياة الانسان المعاصر في كل آنٍ .
المختارات..
الكائن مع مخطوطته..
الى سعدي يوسف..
بأبجدية لا تشبه الأقفاص
يأسر البرق .
بقواميسه اللاهبة
يقول للجهات أنا اسطرلابك .
بشباكه التي تشبه النسيان
يلم الظلال المنهوبة
ويتكدر خلف بياض زنجي .
بهبوبه وقبائل أمواجه
بطيلساناته وهمهمات أباريقه
يرشق البداهة فتتبعه .
يأخذ الريح رهينة من سعادتها
وينسى أسلابه على شجر متواطئ .
لا ينابيع في قلبه
ولكنه أخضر
لا يقبل القسمة
ولا يتراجع .
سادر وطليق
كأنه لا أحد .
بمرآته التي لا تشبه الكلام
يعلن النهار أبجدية للوقت .
بأسراره وأحابيله
بوحدانيته التي هي الدفء
يدخل الماء الى البداية
ويخرج من نهايته
كأنه الماء في البداية
والنهاية في الماء
ولكنه لا يشبه الماء
وليس البداية
ولا النهاية .
لا ينابيع في قلبه
ولكنه أخضر
لا يقبل القسمة
ولا يتراجع
سادر وطليق
كأنه لا أحد .
بمهاميزه وصولجاناته
بمهرجيه وأفاعيه
بسلحفاته وسفرجلته
بزمرداته وجواريه
يحتل المطر
ويأمر الغابة بالمخاض .
يده لا تصدق أحلامه
يقود خرافاته من زنانيرها
ويطلق الكهنة والمهرجين لنهبها
والمصورون بآلاتهم وأحجيتهم
يلّمعون فخاخه وقممه .
في عيد رعوي . بلا أبوات . بلا أمومات .
يوم لا ينابيع في قلبه
ولكنه أخضر
لا يقبل القسمة
ولا يتراجع
سادر وطليق
كأنه لا أحد .
بنواميسه وشرائعه وهيمناته
التي هي مخطوطاته وأطماره
التي هي الأول الذي لا ينتهي .
يمهر الشرارة والموسيقى
ويقول لها أيتها الانسكلوبيديا
يا هباتي وولولاتي .
الشمعدان لا الكركدن
المخطوطة لا الكنز
أهبك أيها الكائن .
أهبط الخرائط والحبال
أهبك البروج والفلزات
أيها الكائن . يا كائناً
لا ينابيع في قلبه
لكنه أخضر
لا يقبل القسمة
ولا يتراجع
سادر وطليق
كأنه لا أحد .
Second hand حياة ..
هذا هو حاضري
شاغر وللايجار .
هذا فجري العبد
هذه صورتي الأجنبية
وهذا تابوت وضعت فيه بلادي
ولم يمتلئ .
أريد أن أصل الى حياتي
ولكنني كلما تذكرته
يزداد نسياني وضوحاً
كمن يفكر بامراة ويرسم شرطياً .
دائماً أقدم المتأخر
ولكنه لا يصل الى كيميائه
كالله لا يساوي معناه .
أريد أن أصل الى حياتي
ولكن حبالي لا تملأ الماضي
فأنقش فيزياء مستورة
لأن الحبر لا يمحو الخيانة
ووجهي لا يغنيني ولا هاء الكنايات .
أريد أن أصل لى حياتي
- أتهجرني وكنت في رفرف أعلى .... ؟
لقد كسروا رباعيتي
لقد أعدوا لي تابوتاً
وفاء بين الكاف والنون
ولأن الجنون انقلاب على الذات
أنا مذنب أسرق من صلاتي .
أأنت عابر الرؤيا ؟
أأنت سيره الوهم ؟
تتمرغ في الساكسفون
وتهلوس في البرق .
كيف تكون مجنوناً ولا تعرفك المدينة ؟
أكتمل بموتك .
لماذا تركت الكاف مكسورة ؟
لا تدخل بين – باء – أكبر ورائه ألفاً
فالبدء مع الألف
والهيبة مع اللام .
هذا كلي وأنا بعضه
أنا منه وليس مني .
أريد أن أصل الى حياتي .
منذ أزل قبل منذ
أجرّ ورائي بلاداً
لا تركبها العبارة
والاشارة لا تصلها
تموت ولا تكتمل
وحين تجوع
تأكل أحلامها
كعاهرة تتفل على فرجها .
أريد أن أصل الى حياتي
ولو ميتاً
لأعرف كم عنكبوتاً تدلى فوق قبري ؟
ولكي أبالغ في ضم هاء الله .
توكلت ولم أر وجهك
في صورتي الأجنبية
فعرفت
انني أخون نفسي .
أي هاملت
اعطني نصفك المعذب
وخذ نصفي المشوش
تصرف بنصفي كما لو كنت قديساً
لا تشعل حرباً
ولا تتزوج
ولا تقترب من الشعراء
والآن
دعني أمضي الى الجحيم .
قابيل..
إيه قابيل
اطعن هذا الزمن بمعناه
انتف ريش العنقاء
ولا تحلم بجناحين قويين
افترض الله ولا تتقلب في الليل
فأنا مثلك هذبت الشوكة وفتحت التابوت .
أيتها الفكرة
انتحلي اسمي .
يا وجهي المتكسر في الريح
انكسرت مرآة الوردة .
انكسري .
في جسدي جرس يتكسر .
انكسري يا عربات .
- هكذا أيها الغامض
نتحد ........
- لنفرق أشكالنا
يا ظلي المترهل
- لنراهن :
الشهوة لي وضلالك لك
ولنطمر هذي الشمس بلطخة طين
هي ذي أحلام الخفّاش .
إيه قابيل
اسحق أنثاس الوردة
وارفق بالقدم الرثة
فأنا مثلك بيدي
هدمت نهاري .
إيه قابيل
- اخلط المعادن النبيلة بالكروموسومات
والضمير الفذ وشيئاً من أوكسيد
الجمال
وانفخ الخليط في أشيائك المنتقاة
فأنا مثلك خرجت أبحث عن الله
فوجدت نفسي .
إيه قابيل
يا ظلي .
فلنتكسر رغم الايقاع
اذ تغني الطبيعة
نحشو عيونها بالرماد
ونخشخش ونعربد
فأنا مثبك بيدي
هذبت الشوكة وفتحت التابوت .
من مجموعة { جزع بابلي }..
الهروب من العائلة..
لم تكن فكرة سيئة
حين حلمت ببيت وسكنته
لم تكن فكرة سيئة
حين حلمت بأمرأة وتزوجتها
لم تكن فكرة سيئة
حين رسمت أربعة أطفال وأنجبتهم
لم تكن أيضاً فكرة سيئة
حين رسمت باباً خلفياً للبيت
وهربت منه .
لاهاي 1999..
تمثال الشاعر..
إني أنا
تفرجت على الملائكة
ورأيتهم يرقصون
حول تمثالي .
رأيت الحمائم
ينقرن في فتحة في القميص
ويبنين عشاً قرب قلبي
سمعت المجانين يقولون ..
الشاعر كائن هارب الى يقينه
ويضيفون :
الجنون قفزة ناقصة الى المستحيل .
رأيت النساء الأرامل
يبحثن في وجهي
عن رجال ذهبوا الى الحرب
ولم يرجعوا منها
رأيت رجالاً
يبحثون في التراب عن نجمة بددوها
أنا رأيتهم
يطوفون حولي بلا أجنحة أو غناء
رأيت المصورين
بآلاتهم التي تؤرق المكان
يفتشون عن سبب الحزن
في ضحكتي
أني أنا
في آخر الليل
تفرجت على السكارى
ورأيتهم يبولون
على تمثالي .
لاهاي 1998..
جغرافيا مؤجلة..
تقدمي أيتها الانثى
يا روح الغابة .
جسدك الرطب
بروائحه وطراوته
يوقظ في دمي
حشداً من الطرائد
ويدعوني لنصب الشراك
وتحسس أسلحتي .
تقدمي أيتها الانثى
جسدك بأقواسه وانحناءاته
يوقظ في مخيلتي
آباء بدائيين
مشدودين الى ضراواتهم
ومهيأين الى الانقضاض .
آباء وحشيين
يصطادون العواصف
ويصنعون منها وشاحاً
لفرائسهم .
تقدمي أيتها الأنثى
جسدك
بثماره التي أنضجتها
شموس البراري
وضوء النجوم البعيدة
يوقظ في ذاكرتي
طوطماً
ينبغي أن أرقص حوله
كل يوم
كي لا أموت .
تقدمي أيتها الأنثى
يا مرح العافية
كيف تحزن هذه الجغرافيا
وجسدك قارب فيها ؟!
لاهاي 2000 ..
بغداد...
بغداد
أأنت وطن أم ساحة للرماية ؟
أأنت مشهد ينبغي تحطيمه
أم سلم لاضاحٍ
لاتشبع من حتفها ؟
بغداد
أأنت سلة تغرق
ولا تمتلئ
بغير الحياة ؟
أهذا عيدك
أم موتك ؟
أهذه الحلوى من النار
لأطفالك الميتين
أم لحفل ذبحك
هذا الاخير ؟
اذن لتموتي
ولنعد من حيث جئنا
للصحارى واللازمان
بأنتظار نبي جديد .
لاهاي 1998..
العاب نارية من أجل الرجل الحزين..
احضروا الرجل الحزين
الى البحر
دون أن تزعجوه
هيأنا له كرسياً على الشاطئ
والعاباً نارية
سيهبط الظلام بعد قليل .
الرجل الحزين ظل صامتاً .
وصل الماء الى قدميه
ولم يتحرك .
توهجت الألعاب النارية
فوق رأسه
ولم يبتسم .
غنى له السيد بوجل
أغنية عن الضوء
ولم يلتفت .
فجأة نهض الرجل الحزبن
وقال :
شكراً لكل الذي فعلتموه
والآن أرجو أن تتركوني وحيداً .
لاهاي 2001 ..
حفل استقبال..
بمكياج قديم أعرفه
كشخصية شكسبيرية
يتعقبني موتي مضطرباً .
رغم مظهره الصارم
واعتنائه بالتفاصيل
تبدو خطوته قلقة
لسبب غامض
ربما بسبب الحذاء الجديد
مؤلم أن أراه مرتبكاً
هكذا .
ولكي أجعله يستريح
سوف أدعوه هذه الليلة
كي يشرب معي .
سوف أغمض عيني
كي أدعه يضع السم
في كأسي .
سوف أتذرع بالذهاب
الى الحمام
لااريد رؤية يده المرتجفة –
لكي أدعه يتم مهمته .
لقد فشلت حياتي
لا أريد لموتي أن يفشل .
أنا أعرف موتي
في الحرب .
كان يتبعني مثل ظلي
كمتطوع في فرق الاعدام .
في السجن .
كان يعلق في زنزانتي
صوراً لخيول البراري القصية .
وهنا في المنافي
صار كهلاً .
سوف أدعوه هذه الليلة
شيء لا مفر منه
وأرجو أن يتم مهمته
بأسرع ما يستطيع .
أريده أن ينتصر على ضعفه
وينقذني من حياتي
التي فشلت .
هذه المرة
لا أريد له أن يتراجع .
لاهاي 1999.
بطل حياتي..
أحب جنونك ياعقلي لك ما تريد
سأهجر نفسي سأعبر قبل أن يصل المطر الى ظله
قبل أن يفصح الألم عن صوته النحاسي لكي أرى حياتي
وأسقط في شراكك جسداً باسلا
كضحية تعانق حتفها أو أراك تجسد ظلي
لأعرف اننا مختلفان في قسمة الواحد الذي يتكرر
دون أن نتكرر كعادة محلية
مثل حروف اسمائنا كحقيقة تزينها الشبهات
أنا بطل حياتك وأنت بطل حياتي
أعيرك يدي كي تشير الى موتي أستعير يدك كي تشير الى حياتي
أنت سجني وأنا أحلامك
أنا قارب فيك أيها الأطلس
أبصرك ولكنني لا أراك كظل يشير الى صورته .
لاهاي 1997 ..
ملاحظة : هناك اربعة مستويات لقراءة هذا النص ..
1. يقرأ العمود الايمن كنص منفرد . 2- يقرأ العمود الايسر كنص منفرد.
2. يقرأ العمودان أفقيا كنص . 4- يقرأ العمودان بالتتابع كنص.
صيف هولندي..
مقدم النشرة الجوية كذاب
{ غداً الطقس مشرق وجميل }
ولكنها دائماً تمطر كالشتائم .
لذلك قررت أن أتابع الطقس
كل يوم بنفسي .
انها العاشرة صباحاً
والستائر مسدلة .
فتحت الكومبيوتر
وطلبت منه أن يقدم لي
حالة الطقس .
ظهرت بعض الغيوم على الشاشة .
طلبت منه أن يزيل الغيوم
وأن يضع بدلاً منها شمساً صغيرة
بمجرد أن ظهرت الشمس
وضعت ملابس السباحة
في كيس نايلون
وانطلقت بأقصى ما أستطيع
الى البحر .
لاهاي 2000 ..
اميرة اليقظة..
نم ياحبيبي
ستحرسك زهرة الليل
وضوء النجوم البعيدة .
الظلام سرير الريح
سيأخذك الى الفجر
على قارب الدقائق
التي لا تعرف النعاس
وسيمد الجبل يده
الى شمس عينيك
لتقول للصباح
استيقظ أيها الفرح .
نم ياحبيبي
لا فرق بين الليل والنهار
سوى اللون
ولون عينيك أعمق منهما .
نم ياحبيبي
المطر الذي ينقر
على نافذة الغرفة
بهذا النبل .
في هذه الساعة المتأخرة
يوصيك بالفراشات الهائمة .
اترك لها قمرك الأزرق
على الشرفة
الوحدة تقتل الرفيف .
نم ياحبيبي
النهار الذي سيطلع
بعد حلم وقبلتين
أعد لك قدحاً من الحليب
وحبة من الشوكولاته
ولكنه يرفض أن يغادر الغرفة .
لاهاي 2001..
شموع..
ابتعدي عني أيتها المرأة
أنا لست عاشقاً
لست شاعراً أو فارساً
ما أنا سوى صيحة .
ما انا سوى شمعة .
***
واصلي النوم أيتها المرأة
لم تتحطم النافذة
ولا آنية النرجس
انها أجراس جسدي
التي بدأت تتكسر
لان شمعتك بدأت تذبل .
لاتقبليني ايتها المرأة
***
لست حبيبك .
انا شمعته .
***
أريد أن أقبلك أيتها الشمعة
ولكن أين هو فمك ؟
***
أين شمعتك أيها العاشق ؟
***
أيتها المرأة
الامومة شمعة
وليست كيساً من اللبن .
***
لايهمني عدد الأخوة
ما يهمني هو
كم شمعة فيهم .
***
حقاً أنت مدهشة وجميلة
وتستحقين المديح
ولكن أين هي شمعتك ؟
***
أترين ذلك الرجل الكهل .
منذ خمسين عاماً وهو شمعة
انه معلم الأبجدية .
لاهاي 2000..
الليل....
الليل .
يجيء بلا موعد
نجمة بعد نجمة
وبشباكه الرصاصية
يصطاد النعاس
ويدس الأحلام والكوابيس
في نومي .
الليل .
يلبس الريح حذاء
ويتنفس الدقائق
لكنه لا يعرف الشيخوخة
وحين يغادر على قوارب الضوء
نجمة بعد نجمة
لايقول وداعاً
يعيش بأسطورته التي هي الظلام .
الليل .
فراغ أسود
لاتملأه العواصف ولا الحكمة المضيئة
الليل .
لون نائم
لا توقظه الصلوات ولا الموسيقى النبيلة .
كل يوم يجيء
بهوائه المعتم الثقيل
ويقودني من يدي
الى سرير الوحدة البارد
يدس الأحلام والكوابيس
في نومي
ثم يتركني وهو يمضي
نجمة بعد نجمة
جسداً بلا ذاكرة .
امستردام 2001..
تيه..
بملابسنا الرثة
وصلنا متأخرين الى المدن النظيفة .
هل أشرقت شمس
حين كنا في الغابة ؟
وهذه الأيدي البيضاء
التي تقودنا من معاصمنا
هل فكرت بالعتمة ؟
يا إلهي كم وصلنا متأخرين .
هل كنا مرتبكين أمام الثلج
بأصواتنا الغريبة
وذكرياتنا الصحراوية ؟
يا إلهي لقد وصلنا
ولكننا مازلنا تائهين .
لاهاي 2002..
بيت الابرة..
بأنتظار الخروج الثالث
بيني وبيني حرب أهلية
* * *
انها حربي وحدي
سوف أغسل الكلام
وأعبر الحاجز اللغوي
سوف أستقيل من الوظيفة
الشفوية
وأكتب اسمي في مخطوطة الفناء.
سوف أصفك أيتها الحرب
يا حربي .
من سماء القحط واللامبالاة
سوف ألقي على أطلس الدم
نظرة طائر
كصقر يتنفس العواصف
لأن الأحمر الحار
يغمر الخارطة.
صحتي شمعة
ولكن الرياح
هي التي أنجبتني .
ليست الحقيقة حرة
ولا الخطأ عبداً
سوف أخرج من بيت الابرة
لأحرر الأفق من شبابيكه
واترك الرعد يثرثر
حتى يفيض الفرات
ويغرق الزقورة والآلهة .
هذا هو شعبي
ليس من العالم
ولكنه عابر فيه
ذاكرته مقبرة .
غريب عن سعادته .
لا يحلم
لأنه لا ينام
واذا نام
ففي تابوت .
سوف أصفك أيتها الحرب
يا حربي .
سوف أكتبك .
سوف أرسمك .
سوف أحنطك .
سوف أترجمك .
سوف أغري بك التجار . المغامرين .
العصابيين . الاوديبيين . السايكوباثيين .
لكي تكتملي .
أريدك أن تخرجي من لغتي
كي أستطيع أن أكتب نصاً
خالياً من الرعب .
* * *
انه المضارع المستمر .
ملوك يتسلقون الزقورة
ويسرقون اسطورة الخلق
واللغة السومرية .
جنود يرشقون الغيب بخوذاتهم .
انه المضارع المستمر .
برق يرشد الطوفان
الى مواكب منهوكة .
ظلام راكض يتعقب
الجسد المر والذاكرة .
سوف أصفك أيتها الحرب
يا حربي .
بالكتابة السوداء
أو بالكتابة البنفسجية .
سوف أحرث حقول الغامك
بالحروف المسمارية
أو بعظام قتلاك .
هذة رقمي الطينية
كلها مثلومة .
لا آلهتك .
لا ملوكك .
لا كهنتك .
لا طوفاناتك استطاعت
أن تمحو الدم عنها .
انها لغة مهدومة
ولكنها تتنفس من جرحها .
* * *
نموت ولا تقف الحرب
ويمشي أبناؤنا
فتقف على ظلالهم .
يموت أبناؤنا
ولا تقف الحرب
ويمشي أبناؤهم
ولا تقف
ويمشي أبناؤهم
ولا تقف
ويمشي أبناؤهم
ولا تقف ….
لاهاي 1997.
صيرورة..
أبدأ الآن
اكنس البلاد التي علمتها كيف تنحني
أخيّط ثوباً
وأنام عارياً تحت قوسي
الشمس جرح في جبهتي
اكشطه وأطرز الريح
في عباءة الريح
الله نهر أردمه
ولا أردم النهر
أسلخ جلد الفصول
وأبصق في لحمها العاصفة
أعقد النار بالهاوية
هذا أنا ليس لي لون
ولكنكم تعرفونني
أدحرج الأرض تفاحة في تخومي
أذيب الصفات الوراثية
والكائنات الضعيفة في حامضي
وأنفخ في الحجارة
جيلاً بحجم الحقيقة
بضوئي تستحم الينابيع
لخطوي تصلي المسافة
وفي قشوري تنام النجوم
هذا أنا ليس لي لون
في كل خطو صلاة
أعلّم الظلال كيف تخطو الى حتفها
وأترك نفسي تتعثر بالخليقة
هل ستعثر ؟
قد تعثر
ولكنني أدحرج الأرض تفاحة
واكشط الشمس جرحاً في جبيني
لم أذق طعم الهزيمة
ولم أعرف الانتصار .
القمر قوسي . أكسره
لأحرر الطرائد من ندمها
هذا أنا ليس لي لون
بذرية المطر وكهوف الحريق أكون
بحشرجة الضوء وابتهال الرعد أكون
من أخطائي
أحرر أبجدية
لكل المجانين
من أفاعي الرؤى
أبعثر للمبتلين الفاليوم
شمعة من رقاد
من جراثيم البراءة
والسماء المهدمة
أبعث رمحاً من الماس فراشة
لكل الواقفين على أبواب أحزانهم صامتين
من إرضة القوى وقانون التآكل
أبني سجناً لحريتي
وأقول لها : أيتها النكرة .
من تجبر الموت وسلطان التفسخ
لكل الخليقة
أضع الله في المقصلة
وأقول له أيها المقصلة
هذا أنا ليس لي لون
لم أكن واحداً ولن أكون اثنين
بحجم أسراركم أنا .
قد تعثر الروح
هل ستعثر ؟
قد تعثر
ولكنها رمح من الماس شاسع
أتزوج الأرض
فتنجب قاتلي
هذا أنا ليس لي لون
ولكنكم
كل شيء خرزة في رقاب الخفافيش
كل عنكبوت مصباح على أوهامنا
فلتمصي أيتها الكلمة
الشبق الذي يعوي كالقطارات
في كرياتنا المحكمة
وأنت أيتها الأم
لا تلدي ذكوراً
فقد يرثون أسرة آبائهم .
بعيد هو البحر
وأبعد منه عنقاؤنا المقبلة
تمر الفجائع من تحت البيوت
وتترك فضلاتها على براميلنا.
هو البحر خاتم
والأرض تفاحة
والشمس جرح في الجبين .
بغداد 1984 ...
لم نكن قليلين
إلاّ سائق العربة
دمه أصفر ويداه باردتان .
لم نكن قليلين
رجل ينحني لليسار
وامرأة لها رائحة العشب
علامتنا في المساء البطيء .
لم ينغص سعادتنا
سوى شخصين
قال : لم تلمس يدي ثديها
ولكن مت ذات يوم
بدأت أفكر .
ماذا سأفعل بأصابعي الان ؟
كان أولهم وهو ثرثار .
علامتنا في المساء البطيء
كان ثانيهما :
لم أكن أنحني لليسار
عندما كان دمي أصفر
ويداي باردتين
هذا الذي ينبغي أن تعرفوه
اننا الآن صامتون
فأسمحوا لي أن أطيل
قبل أن يبددنا سائق العربة
في المشهد البارد .
هكذا تذكرت
انني لم أكن وحدي في الظلمة
منذ عشرة أيام
أو ربما عشرة أعوام
لم يظهر القمر
ولم تظهر الشمس
هل أنا مخطئ ؟
أنت يا صاحبي .
هل رأيت من قبل الطريق ؟
من معه ساعة يخبرنا بالمكان
منذ عشرة أيام
أو ربما عشرة أعوام
لم تكن لي رغبة في أي شيء
حتى التي ترقد الى جانبي
لم أفكر في مداعبتها .
من معه ساعة ليفكر في صمتنا
لماذا لا أرى غيمة أو شجرة
لماذا لا أسمع صوت الرصاص .
أنت الذي ينحني لليسار
قل لنا من ذا الذي قادنا الى مشهد بارد
ولماذا لا تحرك أغصاننا الريح
أين اختفى سائق العربة
دمه أصفر ويداه باردتان .
امرأة لها رائحة العشب .
المساء البطيء
منذ عشرة أيام
أو ربما عشرة أعوام
لم ينغص سعادتنا سوى ثلاثة
كيف لا يسقط السقف المعلق من حولنا ؟ قلت .
لم نكن قليلين
غير أن الذي يجمع ما بيننا
السقف وأحذية ثقيلة
وأصدقاء لهم علامات لامعة
مثل عيون الذبيحة
ومكان اليف .
من أين يخرج هذا الصوت ؟
يداي الى جنبي
قلبي في حذائي
قدماي ممدودتان
من أين يخرج هذا الصوت ؟
ألم تسمعوا شيئا ؟
بلى كل يوم نسمع صوت الفأس
في التراب
ولكن لا نرى أحداً .
في المساء البطيء
لم يكن يفكر بامرأة لها رائحة العشب
ولم تكن امرأة لها رائحة العشب
تفكر في المساء
ولم يفكر رجل كان ينحني لليسار
بالسقف والأحذية الثقيلة
لم نكن نفكر بالأشياء
لم تكن لنا رغبات
منذ عشرة أيام
أو ربما عشرة أعوام
كنا نفكر بأحد يجيء .
جاءنا رجل
دمه أصفر ويداه باردتان .
هكذا تذكرت
أن البذور كانت تسقط من فمي
وكنت أحسبها أسناني
وتذكرت بعد موتي
أن الذي زجني في الفراغ
نسي أن يقص جناحي
فسقطت على جهة لا أراها
وتذكرت بعد موتي
أن الذي سرق الكمنجة من قلبي
لم يسرقها
ولذا أئن
منذ عشرة أيام
أو ربما عشرة أعوام .
من أين يخرج هذا الصوت ؟
ألم تسمعوا ما أفكر فيه ؟
من معه ساعة ليفكر في الفروقات
بين البذور وأسناننا
بين اليمامة والسقف
بين اليوم والفأس
بين العام والصمت
من يفكر . دمه أصفر ويداه باردتان
من لا يفكر يسمع ما أفكر فيه .
رجل ينحني لليسار
وامرأة لها رائحة العشب
من معه ساعة ليذكرنا بالماء
من معه . ليعيد لنا الذكريات
من معه … ليحرك أغصاننا
من معه… ليخبرنا بالمكان
منذ عشرة أيام
أو ربما عشرة أعوام
كنا نسمع صوت الفأس في التراب
وكنا ننتظر أحداً يجيء
كثيرون جاءوا
ولم يجئ أحد غريب .
السليمانية 1987..
أعبر قوس الظلام وأومئ للنهار بعكازي...
الى سامر حدادين...
من حاضر معاد
وفي لحظة مجرمة
أعبر قوس الظلام
الى مستقبل أحدب .
أومئ للنهار بعكازي
وأكسر قنديله بالنعاس
ثم أمحو السماء بنسيانها
لكي أتذكر تلك الشموس
التي تسرق الليل من حنجرة الكلاب .
هي ذكرى :
الغد السكران بأحلامه المستعملة .
ذكرى .
موتي الذي سينجز بعد عامين .
ذكرى .
لتمتحني أيتها البداهة
حياتنا التي تقف على أصابعها .
كل ما أريده
أن أؤجل كل شيء
الى أجل لا يسمى .
1. البارحة ؟ : أرملة تتسلى بالغياب .
2. اليوم ؟ : زجاجة في مستنقع البارحة .
3. الغد ؟ : نسيان يرعى الخديعة
في شرفة اليوم .
ولي كل هذا الظلام
أبيعه
واشتري ما يروق لغيري .
ضيق هذا الحذاء
ولكنني أرتديه .
كظل يقود يدي الى سعادة ليست لها .
كما تفعل الحرب بفراغ ناقص .
كغريق بملابس رسمية .
كرجل يستمني على زوجته النائمة الى جواره .
أبيع الظلام
وأمنح تابوتي فرصة
كي ينام الى ساعة متأخرة
من أجل نزهة في مقبرة جماعية
قرب سريري .
أبيع الظلام
من أجل فزاعة
تشتهي أمسي المعلب بالعناكب .
أيها الوهم لقد فسدت .
هي ذي حياتنا تمتحن المخيلة .
كيف لا نتعفن حين ننام ؟
وكيف سنجد الأرض اذا غابت الشمس ؟
أبهذه الحواس المعطلة
كيد ثالثة .
أرمم حاضراً رهينة ؟!
كيف سأحيي الشجرة
بهذه الكف المقطوعة .
بماذا الّوح للغيمة .
وتلك المرأة لن تقبّل جبهتي
بعد الآن
لأنني لص .
أيتها الخرافة
براميلنا مملوءة
أبحثي عن زبائن آخرين
في الخرائب المجاورة .
من أين أجلب عنقاء لشمسك يا بلادي ؟
هكذا يكسرون الهواء
في ضمير الشجرة
كسهم يشخر في مخيلة الطريدة
يسرقون القمر من الحكاية
كأرملة تنتظر القيامة في الاسطبل .
مريرون كميت يتذكر أخطاءه
في القصف .
صف لنا أيها القاتل
كيف تكون الشظية
عذراء بين الجنود ؟
بنصف رغيف
أوزع نصف رغيف
على عشرة غائبين
وأشكر الله
على حضوره الدائم في المقبرة
وأقول لأمي لقد رأيته
فتقول : بالعين أم بالعقل ؟
فأقول : رأيته بالفيديو
وهو يطلق النار على أبقارنا السود .
تستطيعين أيتها الأم المصابة بالروماتزم
أن تسألي هاملت
ذاك الذي توقف عن الضحك .
جوليانه :
ماذا تفعلين في السليمانية ؟
تطردين الذباب عن الله .
حسنا . قولي له
نحن الموقعون أدناه – حطب القيامة –
ننتظره في متنزه الكارثة .
تلفاكس : وحده . وحده . لا شريك له .
وحده . أحد . أحد . وحده .
مقابل الأرض المعذبة .
جوليانه : انتبهي .
هنالك شيء يحترق
على الشاشة .
لا تخافي .
انها أعصابي
كطفل يطفئ مصباحاً .
ابتعد عني أيها القديس
عد الى صليبك قبل أن يسرقوه
ودعهم يثقبون خيالي
بمستقبل القسوة
لست محتاجاً الى معجزة
أنا بحاجة الى سكين
لأقتل حبي .
دعني أيها القديس
لا أريد سلاحاً أو صلاة
أريد سيجارة وكاميرا
السيجارة لي
والكاميرا لك
دعني أيها القديس
لانهم سيدنسون الهامك .
أيها القديس
ابق من أجلي
سأعبر قوس الظلام
وأومىء للنهار بعكازي .
عمان 1994
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads