الرئيسية » » لأن الصحراء بعد اللغة لا قبلها | عمرو كيلاني

لأن الصحراء بعد اللغة لا قبلها | عمرو كيلاني

Written By هشام الصباحي on الخميس، 4 يونيو 2015 | يونيو 04, 2015

تستطيع كي تهدّئ روع الوحدة، أن تغيّر لها ديكور الغرفة، تقرّب الطاولة من النافذة أكثر، تغيّر مكان الكنبة والكراسي، تضع خزانة الملابس موضع السرير، ثم تسرع حين تفرغُ نحو المرآة وتنظر لتعرف أن لا شيء تغيّر.
تستطيع أيضاً، حين يشتدّ جموحها، أن تنزل إلى الشارع معها وتسند ظهرك على مبنى ضخم في "الداون تاون"، وتجعلها تنشغل بمراقبة مارّة غير مكترثين علّها تنساك. تستطيع أن تأخذها إلى الشرفة وتجعلها تفكّر في معنى لنقوش دربزين الحديد نفسها، أو أن تجد فكرة جديدة في أصيص الورد ذاته. تستطيع أن تفسّحها ككلب ملول، يشمّ أعمدة الكهرباء وزوايا الأرصفة.
تستطيع أن تقرأ لها حكايات النوم، محاولاً إقناعها أن هناك ما هو أهم منك تنشغل به. تستطيع أن تصرخ في وجهها الصلب؛ كُفّي عن التحديق فيّ بعيون كعيون الإوز. تستطيع أن تحاورَها أيضاً؛ فلنتفق على الحياة كزوجين كهلين، أو مهادنتها وتذكير نفسك كي يهون الأمر؛ جبارة أنت لا لشيء سوى لأن الصحراء بعد اللغة لا قبلها.
ولكن إياك أن تطاوعها حين تنكأ فيك صديقاً بعيداً، أو حبيبة قَصيّة، لا تتصل بأحد، لا تُسمعها أصواتهم، فالبعيدون الذين كانوا يخمدونها مراراً، سيصيرون سدنة إذكائها.

* شاعر سوري مقيم في نيويورك


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads