أحدهم أحبّه يحتضر، ولذا | |
حين أدير مفتاح السيارة | |
وأرجعها من مكانها في المرآب | |
تحت الأرض، وينطلق الراديو، | |
عالياً فجأة بموسيقى ما | |
لهايدن تتكرّر لازمتها متضاءلة | |
وأنا أناور السيارة عبر الأنفاق المعتمة | |
خفيضة السقوف، تابعة السهام الصفر | |
المخطوطة تباعاً على الجدران الاسمنتية الرمادية، | |
أفكّر فيه، ماضياً ببطء في | |
أيام حياته الأخيرة القاسية ولا يسعني التوقف عن البكاء. | |
حين أصل إلى كشك دفع الرسوم أجدني مضطرة | |
إلى التوقف عن التفكير فيما أبحث في جيوبي | |
عن آخر قطعي المعدنية، محوّلة نظري إلى الموظّف | |
غير المبالي في بذلته الزرقاء، الملتف شعره الأبيض | |
كالدخان حول عنقه السمراء، وأشكره | |
كالبلهاء، وأقود سيارتي إلى ضوء منتصف النهار المعمي. | |
كل شيء رمزي بشكل شنيع | |
وكل شيء يذكّرني بالسرطان: | |
شاحنة (الشفرون) وهيكلها الدائري | |
الملطخ برمل الطريق ورشح | |
مطر الليلة الفائتة، مستوعب | |
النفايات خارج محل الزهور، غطاؤه | |
المنبجس المنضغط على باقات أعراس ميتة.. | |
حتى رائحة شيء بسيط كالقهوة | |
تنسحب من الباب المفتوح لمقهى وعينيّ | |
تترقرقان، تنوجعان في محجريهما. | |
لم أرد شيئاً منذ أشهر سوى | |
نعمة الغفلة، أن أتنقّل ببطء من غرفة إلى غرفة | |
في منزلي الصغير مخدّرة بالنسيان. | |
أن آكل صحن ذرة ولا أتصوّره، صديقي، | |
وقد بات هزيلاً وشاحباً، وغير قادر على الهضم. | |
كي لا أتخيّل الأورام | |
تنضج تحت جلده، الجلد | |
الذي قبّلته، ومسّدته بأناملي، | |
وضغطت عليه ببطني ونهديّ، وفي بعض الليالي | |
حسبت بقوة أنه يمكنني دخوله، أن أفتح | |
ظهره عند العمود الفقري كباب أو ستارة | |
وأنزلق كسمكة صغيرة بين أضلاعه، | |
أن أمسّ بشفتي دماغه، | |
وبحرير ذيلي المحزّز | |
أحشاءه الزرقاء. | |
الموت ليس رومنسياً. إنه يحتضر، | |
ولا تهمّ نظرتي إلى الأمر | |
ولا ما أعتقده، هذه الحقيقة مطلقة، | |
أحادية البعد، لا تقاس، | |
نوتة سوداء على مدوّنة فارغة. | |
قدماي باردتان، لكن ليس بقدر قدميه، | |
وأمقت هذه الموسيقى التي تغمر | |
الزوايا الضيقة داخل سيارتي، ورأسي، | |
مبطئة سير العالم | |
بعظمتها المتوهّجة، محوّلة كل ما أراه | |
نصباً تذكارياً للحياة، | |
أياً يكن بشعاً أو بلا حسّ.. | |
حتى سيارة الفورد القديمة قبالتي، | |
مؤخرتها المنحدرة التي ترفع حتى تصير نتوءات صدئة، | |
ضاخّة غيوماً سوداء كلاسيكية من النفث الدخاني | |
إلى الهواء الوامض - حتى أزهار (أبو خنجر) | |
المتسلقة السياج، تزهر | |
وتعترش بالتفاهة، الموسيقى تنسكب | |
من براعمها المفتوحة، ملتفّة صعوداً، | |
عابرة آخر حواف الأزرق إلى البركة الساكنة | |
لمجرّة أخرى، كما لو أن كل ذاك الفراغ | |
مكان من الكرم، وجهة، | |
سلام يمكننا الصعود إليه. | |
____________ | |
عنوان سيمغونية لهايدان | |
* | |
ترجمة:سامر أبوهواش |
الرئيسية »
دوريان لوكس
» سيمفونية الوداع (*) | دوريان لوكس
سيمفونية الوداع (*) | دوريان لوكس
Written By Lyly on الاثنين، 26 يناير 2015 | يناير 26, 2015
0 التعليقات