الرئيسية » » كَيْ أكُونَ جَدِيرًا بِكِ | أحمد الشهاوي

كَيْ أكُونَ جَدِيرًا بِكِ | أحمد الشهاوي

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 15 ديسمبر 2014 | ديسمبر 15, 2014

كَيْ أكُونَ جَدِيرًا بِكِ

كيْ أكُونَ جديرًا بكِ
عليَّ أن أقطعَ أذنَ السَّمَاء
وأعلِّقَهَا على شَجرِ السَّنْط ؛
لأعذِّبَ قِطَطَ الشَّوَارِع .

أنْ أرُشَّ أسَديْنِ بالمَاء
وأحْرِمَهُما مِنَ النَّومِ معَ اللَّبُؤات ؛
لأنَّهُمَا أفشَيَا سِرَّ صنْعَتِي كسَاحرٍ .

أنْ أشطُبَ مُفْرَدَةَ الحُزْنِ مِنَ القَامُوس ؛
لأنَّهَا لم تعُد تُبْكِي منْ فرْطِ الرَتَابةِ
وجَفَافِ النُونِ فيهَا .

عليَّ أنْ أحشُوَ جُمْجُمةَ هُدْهُدٍ
بتارِيخِ بَلْقيسَ ؛
لأنَّهُ عَرَّى سَاقيْهَا منَ السرِّ
وأعلِّقَها على شَجَرَةِ "سُليْمانَ"
التي نبَتَتْ في يمِينِي .

كيْ أكُونَ جدِيرًا بِكِ
عليَّ أن أشْرَبَ البحْرَ فِي جرْعَةٍ واحِدَة
وأنْ أزرَعَ النِّيلَ بِالوَرْد
وأنْ ألَخِّصَ كُتبَ اللهِ في جُملةٍ واحِدة
هيَ أنتِ .

أنْ لا أكُونَ كفلاحٍ لمْ يتعلَّم كيفَ يُلاعِبُ ثدْييةً
في النهَارِ أو الليْل .

أنْ أقطفَ نجْمَةً بنظرةٍ منْ يديَّ .
أنْ لا أمزجَ الألوانَ حِينَ
ألبَسُ جِلدِي فِي الصَّباح .

أنْ لا أكُونَ كلاعِبِ سِيركٍ
مَهمَّتُهُ تزوِيجُ قرْديْنِ في ليلةٍ واحدَة ؛
كيْ يفرَحَ الجالسُونَ على مقَاعدَ منْ مسَامِيرَ .

أنْ أعبِّىءَ جيْبِي بأجْوِلةٍ من لُغَة ؛
كيْ لا أكُونَ مُفْلِسًا ولا أفشَلَ فِي التعبيرِ عنِ الحُبِّ
كُلَّمَا جلسْتُ بيْنَ يديْكِ أقرَأ الزَّهْرَ .

أنْ لا أكُونَ مَدِينًا للطَّريقِ بالسَّيْرِ حَافيًا
ولا للسَّمَاءِ بيديَّ المرْفُوعتيْنِ تطلُبَانِ المَدَد
ولا للمَوْتِ حِينَ يُؤجِّلُ موْعِدَهُ مَعِي .

أنْ لا أكُونَ مَدِينًا لطِينٍ يُعَايرُنِي
كُلَّمَا خُضْتُ فِيه ،
أو صَنَعْتُ تَمْثَالا منْ مَسَّهُ
صَارَ رَبَّا .

كَيْ أكُونَ جَدِيرًا بكِ
عليَّ أنْ أزْرَعَ قمَرًا فِي الزُجَاج
لا يأفُلُ ولا تُخفِيهِ سَتائِرُ غُرَفِ النَّوْمِ
بل يُطِلُّ علينا حينَ أقطفُ لِسَانيْكِ
الخَارِجَيْنِ توًّا منْ فُرْنِ الآلِهَة .

وعليَّ أنْ أنسَى أنَّ في الجنَّةِ حُورياتٍ ينتَظِرنَنِي
إذْ أنَا - الآنَ - في جِنَانٍ لم ترِدْ فِي الكُتُبِ
وغابتْ عن أعيُنِ الآلِهة
من فرْطِ فتْنَتِكِ .

وعلَيَّ أن أبْلِغَ غُرَاب البيْن
أنَّ الطُّيُورَ التي ربَّيْتُها لنْ تدفَعَ لهُ إتَاوَةً
كَيْ يَحلَّ عنْ سَمَاها دُونَ شُؤْمٍ .

أنْ لا أكُونَ مَدِينًا للزَّمَنِ بالنسْيَان
وَأنْ أحفَظَ خَرَائطَ السَّوَادِ فِي قِمْصَانِ نوْمِ الإلهَاتِ فِيك .

وأنْ يكُونَ بحْرُكِ الأبيضُ أبيضَ
مهْمَا تكُنْ عَصَبيَّةُ الشَّمْسِ فِي وَرِيدِ انفعَالِك
سَاعةَ قبْضِ التُوَيْجِ على فيْضِ نَارِي .

أنْ لا أكَرِّرَ ما فعَلتْهُ يَدِي فِي الطُّفُولَةِ
من سَحْقِ صَدَفَاتِ الغِيطَانِ
حينَ لا تُخْرِجُ شَوَارِبَهَا لإنَاثِهَا قبلَ أنْ تَمُوتْ .

أنْ أفرِّقَ بيْنَ أسْمَاكٍ تُغَنِي
وأخْرَى أصَابهَا صَمَمُ المِيَاه
حينَ تَهْدِرُ بالأغَانِي فِي السَّوَاحِل .

أنْ لَا أكُونَ حَارِسًا ليْليًّا لِبَابِ الكَهْف
بل لابُدَّ منْ دُخُولٍ يَهُزُّ العَرْشَ
ويجعلُ السَّمَاءَ تَغَارُ مِن ابنتِهَا
تقفُ حَائِرَةً على سُلَّم الإلَهْ .

أنْ لا أحُطَّ الأبَارِيقَ علَى الرَّفِّ كَزِينةٍ للمَكَان
بل لابُدَّ منْ حيَاةٍ فِي الثُّغُور
كيْ ينفُخَ الإلهُ صُورَتِي
ويحْمِلَنِي مِنْ سُرَّتِي إلى شَجَرِ المَعَارِفْ .

أنْ أُفرِّقَ بين ظِلاَلِ الدُّوُدِ والدُّوُدِ فِي اللَّيْل
كيْ لا يحْدِفَنِي مَارِدٌ مِنْ عَلٍ
وأنْ أغَادِرَ الطَّيْرَ حِينَ ترْسُمُ
خِطَّتَهَا للإيقاعِ بِي بعدمَا كَشَفْتُ مَنْطِقَهَا .

وَأنْ أعْتَرِفَ للجَمِيعِ أنَّ العُرُوُقَ التِي فِي يدِي سَرَقتُهَا ذَاتَ ليْلٍ
مِنْ شَجَرٍ زَرَعْتُهُ فِي الغِيطَان
وصَارَ يَسْرِقُنِي مُتكَلِّمًا بِلِسَانِي .

كَيْ أكُونَ جَدِيرًا بِكِ
لَابُدَّ مِنْ رَمَادٍ
وَمِنْ رِيحٍ تَكْنُسُ
وَمِنْ نَارٍ تَغْسِلُ المَاءَ

ومِن سَمَكٍ حَامِلٍ بَالذَّهَب
ومِنْ فَجْرٍ ينامُ تائهًا فِي الشَّوَارِع
ومِنْ حِكْمَةٍ تَغِيبُ فِي الخَزَائِن
ومِنْ عَنْكبُوتٍ وَاهِنٍ يَغْزِلُ السِّرَّ
ومِنْ فَلاسِفَةٍ يَنَامُونَ في الحُرُوف
ومِنْ قَسْوَةٍ في انْتِزَاعِ الشِّعْرِ مِنَ الشَّعْر
ومنْ صَحْوِ الزُّمُرُّدِ فِي خَاتَمِي
ومِنْ مَاءٍ يُعلِّمُ الحَجَرَ الكَلَام
ومِنْ غُيُومٍ نَثْقُبُهَا فِي اللَّيَالِي
كَيْ تَفِيضَ علَى نَهْديْكِ عُقْدًا

وَأَنْ أبْقَى أنَا فِي الظِلِّ
كَيْ يَكْبُرَ الضَّوْءُ فِيك .

كَيْ أكُونَ جَدِيرًا بِكِ
لابُدَّ من دَفْنِ رُبَّما ، وسَوْفَ فِي مَقَابِرِ اللُّغَات
وأنْ أفردَ جَنَاحَيَّ بِحَجْمِ سَمَاءَيْن

وأقُولَ للحُبِّ :
مَكَانَكَ اجْلسْ
أنَا قادِمٌ بلا صَخَبٍ
لكنَّ لِي جُذُورًا وَرَائِي سَتَأتِي
ولِي أكثرُ منْ سَاحِلٍ فِي يَدَيَّ
ولِي مَا لا يَتَحمَّلُ المَوْجُ منْ فَرَحٍ
حينَ يضربُ لحظةَ "الأورْجَازْم" فِي غَضَبٍ
مِنْ رُوحٍ تَشُدُّ شَعْرَ جبَليْنِ فِي سَهْوٍ مِنَ الوَقْت .

سان خُوسيه – كُوستَارِيكا
5 و6 من نوفمبر 2014 ميلادية .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads