الرئيسية » , , , , » ملف | شعراء ما بعد الطوفان | إعداد/ علي رياض

ملف | شعراء ما بعد الطوفان | إعداد/ علي رياض

Written By كتاب الشعر on الخميس، 30 أكتوبر 2014 | أكتوبر 30, 2014


شعراء ما بعد الطوفان

توطئة

إعداد/ علي رياض


كان التغيير نفقا مجهولا ننتظر الضوء في آخره، وكنا نياما في المركب لا نعلم بأمر الطوفان، الطوفان في نهاية النفق. خرج لنا جيل ما بعد التغيير بصورة لامعة ومتفردة، مزج ألم الماضي بأمل المستقبل واضعين جسرا من التساؤلات بينهما. فتحت جفوننا الشعرية بعدهم على الطوفان، على الفاجعة والدم، طوفان الدم لنصبح شعراء ما بعد الطوفان. لكن الصورة ضبابية والسطح الأزرق للطوفان حاكاه سطحا افتراضيا يماثله باللون ويخالفه بالعزاء. قال لي الشاعر أحمد عبد الحسين ذات يوم "العدم أورثنا خلاصة الألم، لكنه أورثنا الشعر كذلك فهل في ذلك عزاء؟".
قبل عقدين من الآن كان نشر قصيدة في إحدى الصحف العراقية تجعل كاتبها شاعرا يتداول اسمه المثقفون في المقاهي والملتقيات ويبحثون عنه في قصائد أخرى، لكن الأمر اختلف اليوم لما ظهر العالم الافتراضي الازرق (فيسبوك) امتلأت الصفحات بالشعراء الجيدين والسيئين واصبح الحصر مستحيلا، في هذه اللحظة التي أكتب بها الآن ثمة عشرات بل ربما مئات من الشواعر والشعراء يكتبون أجمل القصائد دون أن نعرفهم. رغم هذا من يتابع بعين متفحصة سيرى البريق، بريق القصيدة التي تسمو عاليا بين عشرات النصوص الطافية على السطح الأزرق.
كان عليَّ أن أضع علاقاتي الشخصية على جنب وأبحث عن البريق، هذا الذي يندهني إليه بهمس واضح، حيث الصوت الشعري المتفرد والبنية المتماسكة والصورة الخافتة بعيدا عن الصخب. يقول هنري ميلر في كتابه رامبو في زمن القتلة "وفي دوامة العتمة والفوضى القادمتين، ينسحب الشعراء اليوم، واشمين انفسهم بلغة خفية ، تغدو أكثر فأكثر، غير ممكنة الفهم. وبينما ينطفئون الواحد تلو الآخر، تنحدر البلدان التي انجبتهم، نحو قدرهم ومصيرهم" في هؤلاء الستة لغة ممكنة الفهم تعلمت الدرس من ميلر، أزالت الغموض ما بين الألم والألم وصورت الطوفان بمشاهد شعرية تراها العين لتخبر بالشعر ماذا يجري في العالم.
هذه الأسماء الواردة هنا اتفق على بريقها كثير من القراء والكتاب الشباب وغير الشباب لذا صار من المنصف أن يعد ملف من أجلهم يحمل نماذج مما كتبوا ليقرأ المهتمون ويتعرفوا على هذه الأسماء ويتابعوهم مستقبلا.
ما عدا علي رياض وعلي عبد الزهرة اللذين تجرآ على نشر مجموعتيهما الشعريتين الأوليين، لم ينشر حسين البندر أو رنيم العامري أو كرار حسن أو علي الحمزة الكثير من كتاباتهم في الصحف ولم يشاركوا إلا مرة أو أثنتين بمهرجان شعري، تفرغوا للجمال وانشغلوا بكتابة قصائدهم بعيدا عن الاضواء التي تضع أحيانا من لا يستحق تحت بقعتها. أقول هذا وأذكِّر أن أسماء أخرى لم ترد هنا لا تقل شعرية عنهم لكننا لن نستطيع أن نذكر الجميع بملف واحد.
القصائد

علي الحمزة

لاتقل لم نفعل شيئاً

كنّا صغاراً ندحر النّمل في معاقله
نفتح الخراطيم ماءً والافواه ضحكاً 
فتطفو الجثث وتغرق مؤنة الشّتاء    
ونلاحق الأحياء بطرف سبّابة وبصمة إبهام
-كأنّنا لانريد لبساً في الجريمة -
نترك الأصابع تتساقط على الظهور
نستمتع بفرقعة الرّوح والجسد
ثم ننقل القتلى لمحارقٍ تعمل بالورق
نحرق ولا نعرف لماذا
ربّما لتدفأ الغريزة   
او لنمحو فكرة الدّفن والعزاء
نحن نعلم انّ النّمل لايملك مقابراً او نحيباً
لكن نريد ان تكون الجريمة تليق بإسم اللاهين
لاتقل لم نفعل شيئاً
الكارثة ليستْ بحجم الجثث
الكارثة بوقعها على الضّحايا

ثم نمضي للعبة أخرى
نسرق الأزهار من حديقة أنيقة
حديقة كأنّها صبيّة
نسرق الاحمر كلّه
-ولانعلم لماذا الاحمر فقط،
ربما لانّنا نفتقد الخجل-
فتصبح سيقانها دون رأس
اعواداً هامدة


نلمُّ التّويج بالكأس بكؤوس كثيرة مصنوعة من لدائن لاتليق بالنّبات
نريدها ان تكون ملكاً لنا
وان تحيا فقط لنا
نملأ الكؤوس ماءً
دون طين او فَراش
نتركها عرضة للشمس
- وهذه ليستْ المرّة الاولى تشارك الشّمس في خطيئة -
يتيبّس اللون والعطر معاً
وتلين القضية
وتذوب القضية
لاتقل لم نفعل شيئاً
القضية ليستْ بنيّة الجاني
القضية بخسائر المجني عليه

رسالة مابعد العشرين

إلى الذّئب الذي إلتقيته صدفة في السّوق قبل ستّة وعشرين عاماً وكان يعمل بالبطّارية.
لا أعرف مكانكَ الآن تحديداً
ربّما تسكن علبة كارتونيّة في خزانة ما
او تجلس فوق طاولة خشبيّة بمحاذاة تلفاز
او قد طُمرتَ في أحد حقول النّفايات
كلّ هذا لايهم
مايهمّني هو إبلاغكَ بأنّي الآن أملكُ ثمن كلبينِ حقيقيينِ بمقدورهما ان ينهشا جسدكَ بإشارة واحدة منّي
الآن أملكُ ثمن بندقيةِ صيدٍ مع حزمة خراطيش أفجرُ بها رأسكَ الأرقط
أملكُ ثلاثين سنة وأكثر من خمسمائة كلمة إنجليزيّة أستطيع بها ان أترجم اليافطة المعلّقة برقبتكَ وانتَ تنود دون ان أفقد تركيزي وأصدّق العبارة
"Don't touch me I'm hungry wolf"
انتَ لاتعض
انتَ لاتملكَ اسناناً حتّى
كلّ مافي الأمر انّي كنتُ لا أملكُ ثمن التّجربة .

كرار حسن

-1-
ثم أنك لما احترقت
ومضيت الى حيث الابد
أعتذرنا للبحر
ونثرنا رمادك على من يؤبنون غيابك .

-2-
قد أكون مذنباً ايها القدر
لكنه شخصك
من تمثل ألهةً للخبز
ولم يكن ذنبي
انني دعوت الفقراء
كي يكفوا انفسهم
عن الجوع .


-3-
جبانٌ جداً
ذلك  انني
حين اقسم لكم
بالدم
فأنني اختزل قسمي
بقطرة ماء .

-4-

اصابعكم
ألتي تؤمِّن لأذانكم الان
صمتها
كانت تثقبُ جباه الاخرين
على الجبهات

-5-
كانت افواهنا فاغرة
واجسادنا تغرقُ رويداً رويدا
ولأننا في ما مضى
تعودنا القيود
بقيت ايدينا مكبلة بالفكرة .

فانتبهوا للقاع
وانتم تتحدثون عن غرقى المدينة
كثيرون منا
هشَّم وجوههم
ما القيتموه
خلفنا
من ذكرياتكم الماضية .

الان عرفتم
لـمَ يؤلمنا
دائماً
ان نلوَّح بأيدينا
للأشياء الطافية
او
ان نبتسم لها
من اعماقنا
على الاقل ..

-6-
إبتسم
اذا ما رموك
برداءةِ ما ترتديه
ان الحياة
غانيةٌ
لا تكترث
للدفءِ في أحضان الرجال .

-7-
مثل أنشوطةٍ
أتلوى حول رأس الحياة
من وجعي
وأستريحُ ..
حين يمضي بي ثقلها
الى الاسفل .

حسين البندر


صوت القلق

بصوتٍ لا يكادُ يُسمع
يمكن أن تسمعه بصورة همس فقط
صوتٌ كأنه صوتي
كما الشاعر ريلكه يقول
لعوالم شاسعة يتدحرج .
******************
كنتُ قِلقاً
وأنا أنجو من الأنفجار
تلمستُ شفتكِ التي هي
زهرةٌ في فم الربيع .
في ليلةٍ كنتِ فيها
طفلةٌ ترتب فرحها بإنتظار الغيم .
لقد هُزم صوتُ القلق الآن
بكتابة هذه القصيدة
قصيدتكِ .

هنا سقط الملاك 

وبعد زمنٍ
أراكِ في لوحة لـبيكاسو
أيام ما قلتُ لكِ : هنا سقط الملاك .
نائمة في فم العالم المضطرب 
في حالة أنتِ فيها
تدخلين حياة الآخر .

كنتِ فجأة
تربكين حياتي القديمة
التي تركتها هناك
وكانت قوارب في رياح عاتية
تنزلق لمصير مجهول
حياتي التي أكلتها جدتي في مدينة الثورة .  

كنتُ أرتبك
وأنا أقرأ لكِ قصيدة
وشعركِ يسقط على كتفي

ترسمينني على ورق مقوى
بداية الشتاء في الكلية
تقولين أن ضحكتي حياة كاملة
تقولين ايضاً بانني سأعثر على اللوحة
و أنادي خلفكِ  : هنا سقط الملاك ، هنا تركنا وجوهنا شجرة واحدة .

مشي خلف الأيام

نحن نمشي خلف الأيام
الأيام - تسمية ثقيلة للغاية -
أكلتنا عند النهر
أيضاً
وسط الأحراش نمشي
لكننا نهرب أحياناً
كـ لصّ من النافذة .

علي رياض المستيقظ ميتاً
كما وجدناه في المجموعة
يدخلُ بين حشد الملائكة الكبير
على حافة العالم
أو في فمه الأدرد
لا أدري في الحقيقة !
يقرأ معهم بخمول
جسرٌ شّيده أجدادنا من سومر وآكاد
تركنا الله فيه جافاً
كذكرى قديمة .

اليوم صباحاً
لم أكن ميتاً
-كما كنت أنت -
في فيّينا الجميلة
الليلة الماضية أيضاً
هناك
ندّرب الموسيقى تدفعُ جدران الروح
يخبرني : أنا أهاجر إلى وجهي الآخر
وأنسى أن أغلق الباب . !
أُجيب : أتركه مفتوح ، إنه يقودك إلى باب أخر ، الإغلاق يعني أنك ستعبر دون عودة .

سنوات كثيرة تسقط من فمه
غبار من حطام العالم
على شَعره ينمو
حبيبته تلّوح من بعيد
ربما لتقول له
لم نخسر كثيراً
ليس كثيراً جداً
حبنا يكفي
لمداواة حياة جريحة .

هادئين كقبر
وسط الأحراش نمشي
أيضاً
على حافة العالم
فؤادنا المعطوب
ينفثُ الدخان .

رنيم العامري


-1-
المنزلُ المضاءُ دوماً
لم يعد يحتَمِلني
ومن آبائي لم يعد ثمّة من أحد.
منسيّون الاّ من صلةِ الدم
التي تتمددُ وتنقبضُ.
وعندما يقوى الآخرُ ننفد
نصيرُ أكثرَ اعتدالاً
نمارسُ عاداتٍ بالكادِ تعلّمناها
لا نعطي أشياءَ حميمةً
مثل الزهور ،الحشرات، سواعدَنا.
كنتُ منذ البدءِ أقفُ في مكانٍ
معدٍّ تماماً للخيبةِ.
بهذهِ القدرةِ على الاستسلامِ
عرفتُ في أوقاتٍ جدّ يسيرةٍ
العجز.

-2-
في مدينةٍ مأهولةٍ بالبهتان
المجدُ
ان تحمل وردة!
متحكّمين بأنفسهم
متخمين باليقين سينامون
هانئين على الاغلب
فيما ستنمو فوقَ النوافذ المشرعة الطحالب.
ونحن منتشون باللّذةِ ذاتِها
عارفون بالحدسِ
سنمضي حينما تثمرُ أوجاعُنا
بسيطين وحيدين
دون أن يندبنا احد.

-3-
في العشرين
وجهُك نيّرٌ
الأرضُ أكثرُ خضرةً من أيّ وقتٍ مضى
والنجومُ، دوماً، ستمنحُكِ أفضلَ طالع
لكن، حذارِ سنواتِكِ العشرين!
الرغباتُ.. لكِ وحدكِ تتفتّح
سهلةً ناعمةً
ثمّ بلا ذكرى ستندثر
حيث تنتحبُ الأشياء
من دون أن نراها
حيث الموتُ أقل حدّة.

-4-
جيداً يعرف
أن تفكيره بالغيوم لا يروي
حقلا ً
وأنّ التغريد كدوريّ
لا يجعل منه حرّا.
في الليل يعود
يجرّ نهاره اليابس
يرسم في خياله وليمةً وخمرا
وامرأة في الفراش تنتظر.
لكنه، لسبب ما، في الصباح
يستيقظ بعينين تتّقدان من اللذة.

-5-
من حيث تنتهي الاشجار
سير خبيئة تخبر
عن جميلة بلا جدوى
كانت على الرائين تطل نافذة
تكشف خفة الوجوه.
ولتمنح نفسها صفة الحياة
كان كافيا ان تترصد، في المخادع، تقطّع الحسرات
أو الرنين المتأخر للقبل.
لقد كان سكونها يثير الحسد
لكن قلبها يبلى.
هذه الليلة
ونحن نراقب
الاشياء تسير، تماما، كما هي الآن
ثمّة امرأةٌ، وحيدةٌ وخضراء
مثل بُزّاقة،
تبدّد ، بجلالٍ ، آخر هجعة.

علي رياض

الجميلة النائمة

في طواف العاشق، في صلاة ليله الشاقة، على هاوية سريره يجلس خائفا من السقوط، ويقرأها فوق الحرير كتابا مقدسا. "لك أتضرع أيتها المسهبة في التنهد نوما، يا آهة السماء الشبقة، أدخليني إلى حلمك يقظا، زهرة في بستان واسع تمرين فيه، أو حصى على جرف نهر تقطعين فوقه الجسر. بعد أن تصلب الليل في قدمي طوفانا أنتظر اشراقة الفجر تلمع على نهديك, قرمزية تخلط الذهب بالزمرد، فتكونين حلية من شعاع ونهد. يا اشتهائي المأسور تحت جفنين مغلقين, ماذا أفعل؟ وقد تكثف العالم قطرة عرق على جبينك كانت كافية لتغرقني, ماذا أفعل؟ وقد بدد تقلبك كالغصن قواي, فلم أحضَ بنوم ولم أذق الفاكهة المتأرجحة، حسب أني كنت أشرب هذا العذاب الشهيَّ كلما تقوس ردف أو تسطحت معدة، فأمني النفس بمرض يطرحني مكانك, ليدنو الغصن إلى صدري حتى يمس ما تفصد على جلده، وتسير ثمالة العذاب المعتق في دمي طويلا.

الغريب

(1)
يقول صديقي الغريب: ما كان مأهولا بالراحة لن يعرف الفرح، كان اللص يهدد ماستي السوداء، فيمر بريقها روحي وتجعلني نبيا. لكنني أطوف بها العالم المأهول بالراحة الآن ولا أحد يراها أو يتمنى لفرط جمالها سلبها مني, راح البريق وصارت الروح معتمة.
أقول: ما تراه وحدك تفردت به. وأنا أسير في نومي تلاحقني هذه الروح، تخطف فوق الأفق المرئي، فلا أرى منها سوى غبار حفيفها يصفع أذنيَّ صداه. ثمينة ماستك السوداء، وهذه الروح التي تشاركني السكينة فيقتلها زحامنا ثمينة أيضا.

(2)
اهلكني العوام، شيدت بيني وبينهم جسرا يتفصد كل ربيع بعطر الفراق, وعلى ضفته أمسكت القارورة فارغة. الروح تشم الزوال, أهديها القارورة فتوحي إليَّ : العطر حمامة، كلاهما يطير بنفس الهواء, لقد اطلقت حرية العطر واسرت نفسك بقارورة فارغة، كن أسيرا ولا تشاركني أسرك.
وحيدا تعددت الأسوار عليَّ، أخاطب صديقي الغريب: لك في التوحد نعمة، تذوق حزنها وأنظر إلى الدمعة كيف دافئة تسيل في شتائك الأمريكي. خذ من نفسك حتى ترى في أي موضع صنع المشرط جرحه الأول, رتبها جميعا, ستكون إلهاً للألم.


أغنية الشتاء

(1)
لا لحن لأغنية الشتاء.
يتحد الغيم الذي كان متفرقا في الأمس ليروي قصة النوم
أجر لحافي وأصغي؛
امتلأت الزرقة بالبياض، وكأن عين السماء أصابها عمى
لا لحن لأغنية الشتاء ولا عطر لزهرته..

(2)
لا لحن لهذه الأغنية البائسة
أحدق بجرائد قديمة مصفرة يحملها الهواء
وداعا ايها الخريف، جريدة الغد فارغة

(3)
الشمس الخجولة تؤلق الدموع على وجه الشارع
يتوهج الشارع بسعادة قصيرة قبل عودته للبكاء
السماء تؤكد بالصورة كذبتها
في الحديقة الندية تيبست شفاه التويجات، تشققت
لا طعم للقبلة المتشققة، ولا عطر لزهرة الشتاء اليابسة

(4)
أكتب أغنية الشتاء بلا لحن
فالعازف إن لم يكن نائما الآن من المؤكد إنه مصاب بالزكام أوالحمى
علي عبد الزهرة

الوسائد الجديدة ... لن تصل

الوسائدُ الجديدة لم تصلْ بعد
حديقتُنا الصغيرة فقدتْ آخر أورِاقها قبلَ قليلْ
برودةُ هذا الفجرِ تنبيء بشتاءٍ طويلْ
بقايا القمرِ تتسربُ من النافذة
مانحة وسادتي القديمة بريقاً  باهتاً
وظلالاً متداخلة لأغراضي المبعثرة ..
على الجدارِ العاري
لا شيء سوى السكون العميق
وربما بين الفينة والفينة
صوتُ بكاءٍ وأنين
من الغرفةِ المجاورة – غرفة أمي –
وصوتُ عواءٍ بعيد
ربما
لذئبٍ وحيدْ ...

الدمية المسحورة

 لبرهةٍ
نظرتْ اليها
عندما أحضرَها أبوها
في عيدِ ميلادها الخامس
لم تعجبها...كثيراً
فقد كانت تحلم بأخرى أكبر
تتكلمُ وترتدي ثوباً أحمر
بينما بدت تلك الدميةُ بثوبِها الذي فقدَ لونَهُ
وعينيها الصغيرتين
متيبسةً ؛
وضئيلةً جداً حتى لا تكادُ تلحظها
لذا رمتها في صندوق في غرفتها
الى جانبِ أشياء أخرى كثيرة نصف عاطلة..ومضت.
وها هي اليوم تعودُ الى غرفتها
بعد أن غادرتها منذ خمس عشرة سنة
ولا شئ يحتلُ تفكيرَها
سوى تلك النظرة

للدميةِ الضئيلة !
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads