جارتي هل رأيتِ مثلي جارا
مصطفى صادق الرافعي
مصطفى صادق الرافعي
جارتي هل رأيتِ مثلي جارا | كلما جنهُ الظلامُ استجارا |
ينثني مرةً على الكبدِ الحرّا | ويبكي على الفؤادِ مرارا |
فأعيني على الأسى اليومَ وارعي | بيننا الودَ والهوى والجوارا |
كيفَ تنأينَ والقلوبُ بكفيكِ | ولما تفكي هذهِ الأسارى |
كلُ يومٍ تبلو العذابَ جديداً | وهي ليستْ تحبُ إلا اضطرارا |
وإذا ما عذبت ذي العين بالما | ءِ فكيفَ استحقَّ ذا القلبُ نارا |
أمهليني أذرُّ المدامعَ حيناً | إن في أعيني دموعاً غزارا |
وبنفسي على الحبيبةِ عتبٌ | مثلَ هزِّ النسائم الأزهارا |
ليتها حينما تجنَّتْ ولا ذنبٌ | جنيناهُ تقبل الأعذارا |
كيفَ هامَ القطارُ حينَ رآها | أترى حسنُها استهامَ القطارا |
ليسَ في قلبهِ سوى الشوقِ لكنْ | كتم الدمعَ فاستحالَ بخارا |
وإذ صاحَ صيحةَ الببنِ فينا | تركَ العاشقينَ طرّاً حيارى |
سارَ يطوي جوانبَ الأرضِ طياً | ولو اسطاعَ أن يطيرَ لطارا |
كزمانِ الصبا وونومي إذا نم | تُ وطيفِ الحبيبِ ليلةَ زارا |
أو كمعنىً يمرُّ بالفكرِ لا ينقا | دُ أو مثلِ خاطري لا يُجارى |
وكأنَّ البلادَ أرسلنَ منهُ | مثلاً راحَ بينها سيَّارا |
يا شبيهَ الدجى إذا غابتِ الشم | سُ انطلق سالماً وقيتَ العشارا |
لو درى الأفقُ أنها فيكَ ما أط | لعَ شمسُ الضحى لئلا تغارا |
سوفَ تأسى كما أسيتِ إذا ما | آنستَ أهلها وتلكَ الديارا |
وسرورُ الفتى غرورٌ إذا كا | نَ يرى ما يسرُّهُ مستعارا |
ليتَ شعري أنافعي اليومَ أني | لا أرى كالذي ترى أشعارا |
تحسبُ الناسُ أن تلوها سكارى | قد حسوها وما همْ بسكارى |
وإذا ما أشدتَها الفجرَ يوماً | سحرَ الفجرَ حسنُها فاستطارا |
ورأيتُ النجومَ غارتْ حياءً | وسمعتُ الهزارَ يُشجيْ الهزارا |
إن عدمنا الناس من يسعدُ النا | سَ فإنا لم نعدم الأطيارا |
يا ليالي الفراقِ كوني طوالاً | داجياتٍ أو مشرقاتٍ قصارا |
ما لمنْ فارقَ الحبيب جفونٌ | تعرفُ الليلَ بعدهُ والنهارا |
والذي يعشقُ الحسانَ إذا سرَّ | تْهُ دهراً أسأْنهُ أدهارا |
والأماني يسعى لها الناسُ لكنْ | أنهكَ الحظُ دونها الأغمارا |