غذائي الحب يا من فيه حرمان
غذائي الحب يا من فيه حرمان | منى له أبدا ماعشت نشدان |
وهل غذائي إلا أن أراك وأن | يمر بالسمع لفظٌ منك فتان |
وما أقل الذي أبغى وأيسره | لو كنت تنصف إن الحق عريان |
ذنبي إليك هوى ينفك يعلنه | شعري وإحسانكم صدّق وحرمان |
يا ليت أن ذنوب الناس قاطبةً | شعرٌ عفيف وأشواق وتحنان |
عجبت ممن براه الحب كيف غدا | يقلي الهوى والهوى والحسن أخدان |
لأي أمرٍ طويت الكشح عن رجل | عف الأديم لفضل فيه برهان |
أخفت أن تأخذ العينان منقصةً | في حسنك الغض والإنسان إنسان |
فقلت أعشى مآقيه بأدمعها | حتى أبيت وكل النقض رجحان |
كذلك الشمس يعشى طرفها أبداً | والكون جهمٌ ووجه الجو غيمان |
كلا لعمري لقد جلت محاسنه | من أن يكون بها عيبٌ ونقصان |
أرق من دمعة التوديع طلعته | وقد تحمل للتوديع خلصان |
وما ابتسامة ولهانين لفهما | بعد النوى وانصداع الشمل لقيان |
يوماً بأعذب من حسن نسربله | عليه منه على الأيام ريعان |
عبدت فيه آلها كنت أكفره | دهراً فأعقب نكرانيه عرفان |
هذا نبيي ولم يبعث وليس له | إلّا الجمال وآي الحسن قرآن |
آمن بالعين عن طوعٍ وفي سعةٍ | وآمنت من نفوس الناس آذان |
لو أنه كان في وسعي ومقدرتي | أن ترسم اللحظ ألفاظٌ لها شان |
وأن أصور في القرطاس فتنته | لقالت الناس هذا منك بهتان |
سحرٌ لعمرك لم يمنحه من أحد | إلّا الملائك لا أنسٌ ولا جان |
وشاعرق لبق التصوير يحكمه | أحكامه وخيال الفحل معوان |
يكسوه من شعره ثوباً يخلده | وليس يبلى جديد الشعر أزمان |
فما يعطل شيءٌ من محاسنه | إلّا غدا وهو بالأشعار حليان |
ورب مسود سطرٍ أنت تحقره | تألق الحسن فيه فهو ضيحان |
وعاش فيه جمالٌ طاح لابسه | وماس فيه ورب الحسن ذبلان |
والشعر حصنٌ عزيز ليس تقهره | هذي الليالي وغير الشعر وهنان |
كم قلت لما رأيت الدهر أيديه | مطاعناتس وللأيام تطعان |
مقوضاتٍ خصوناً وهي من ضرعٍ | لها على ذلة التقويض إذعان |
يوي تعاقبها الغصن الرطيب ولا | يبقى على الغصن أن الغصن قينان |
وجائع اليم لا ينفك من سغبٍ | له من الأرض عدوان وطغيان |
كلاهما أبداً ربحٌ لصاحبه | لاغنم فيه وبعض الربح خسران |
يا ليت شعري إلّا شيءٌ نصون به | هذا الجمال فلا يعروه نقصان |
أما يثقل هذا الدهر أرجله | أليس في الدهر أروادٌ وإمعان |
وكيف نصرف عنه لحظ طالبه | أني ونائم هذا الدهر يقظان |
وهل تغالب هوج الريح نرجةٌ | ما إن لها غير فرط الحسن إمكان |
إلّا تكن هذه الأشعار خالدةً | فلن يدوم لهذا الحسن ريعان |
يبلى من الحسن عشق العاشقيه ولا | يبلى جمال فتىً بالشعر يزدان |
لا بد من هرمٍ للمرء غير فتى | يصونه الشعر إن الشعر صوان |
وإنما الناس كالأمواج بعضهم | في بعضهم غائبٌ والعيش ميدان |
إذا الفتى أئتلفت ألوان رونقه | وراح وهو بماء الحسن ريان |
عدت على حسنه الأيام فاختلفت | بعد التناسب أصباغٌ وألوان |
ما يسمن الدهر إنساناً ليشبعه | لكن ليعفه والدهر سغبان |
وكل ما تزرع الأيام تحصده | وللجمال كما للزرع إبان |
أظافر الذئب أحرى أن يقلمها | لو كان في الدهر أنصافٌ وعرفان |
لكن شعري برغم الدهر يكلؤه | وهل لذي الحسن غير الشعر أكنان |
ما ضر ذا الحسن أن الحسن عاريةٌ | تبقى له الروخ أما رث جثمان |
كالورد أما ذوت يوماً غلائله | ذكى فصار به عنهن غنيان |
أراه في الزهر مخضلّاً وأسمعه | في هادل الطير هاجتهن أشجان |
وأجتلي نفسه في الماء حف به | على الجوانب ريحانٌ وحوذان |
لكنني كسجينٍ مرهقٍ تعبٍ | نسك مسمعه في السجن ألحان |
تضيئه الشمس من قضبان محبسه | ودون أن يجتليها الدهر قضبان |
يا ليت شعري وهل في ليت من فرجٍ | من أزم ما أنا عانٍ منه أسوان |
ماذا أراد بنا حتى نأى ودنى | طيف يخادع في طرفي وهو وسنان |
أخال أني إذا استوحشت آنسني | على النوى منه أشباهٌ وأقران |
يبدي ودادي ويحمي العين رؤيته | لو كان ينصف ساوى ذاك ميزان |
عجبت من مائلٍ عنا وأن لنا | شعراً كما سجعت في الروض مرنان |
لكل روضٍ نضيرٍ طائرٌ غرد | كذاك نحن حماماتٌ وبستان |
أما يرى غايتي في الشعر واحدةً | وإن تباين أوزانٌ وأوزان |
فما أحوك على الأيام قافيةً | إلّا وفيها على جبيه عنوان |
أكسو قديمي أفوافاً تجدده | وبعض ما تكتسي الأشعار أكفان |
كالشمس غاربةً طوراً وطالعة | عوداً لبدء وما للشمس أيهان |
مسبحاً باسمه في كل آونةٍ | كما يسبح باسم اللَه رهبان |
كأن ذكريه آياتٌ أرتلها | كما يرتل إنجيلٌ وفرقان |
لي من ملاحته وحيٌ يساعفني | إذا أعان على الأشعار شيطان |
قليل ذكريه في شعري يزينه | كأنما ذكره در ومرجان |
أراك تجرحني باللفظ تبعثه | يا ليتني جرحتني منك أجفان |
قتلت بعضي فأتمم ما بدأت به | فالقتل أما استحال البرء إحسان |
وكن كما أنت قاسٍ كيساً فطناً | فللجفاء كما للرفق أحيان |
أذقتني النار في الدنيا فأحر بأن | يذيقني منك طعم الخلد رضوان |
آمنت بالحب فاجز المؤمنين كما | يجزي على طاعة المخلوق ديان |
ضننت باسمك حتى لا تدنسه | أفواه ذي الناس أن الناس ديدان |
من ذا كرهت فلم أنبذ مودته | حتى كأن لم يكن ود وتحنان |
أما تراني إذا هاجرت من غضب | يقتص مني لكم وجدٌ وأشجان |
إني أعيذك من ظلمي وأنت فتىً | يحميه أن يفعل الأسواء وجدان |
لا تحسب البعد يسليني فتهجرني | فليس في البعد للمشغوف سلوان |
هل ينفع الصبر ملتاحاً تدافعه | عن الورود فيروي وهو غلان |
ما لذة القلب خلواً من دخيل هوىً | ما الليل إن لم يكن بالصبح إيقان |
هل تمرع الأرض لم تنسج مناسجها | فيها سوارٍ لها سح وتهتان |
ما لي بغير الهوى في العيش من أرب | ولا بقلبي أحقاد وأضغان |
محا الهوى من فؤادي كل مقليةٍ | فاعجب لقلبٍ خلى وهو ملآن |
كأنما ليس في الدنيا سواه فتى | أحبه وكأن الناس ما كانوا |
أنساني الحب ما قد كنت أحمله | على الليالي فلي بالذكر نسيان |
فعدت أطلب أن أحيا له أبدا | وكان للموت مني الدهر نشدان |
أحيا وأزهق آمالاً شقيت بها | فالحال واحدةٌ والطعم ألوان |
يا ليت لي والأماني إن تكن خدعاً | لكنهن على الأشجان أعوان |
غاراً على جبلٍ تجري الرياح به | حيرى يزافرها حيران لهفان |
والبحر مصطفق المواج تحسبه | يهيجه طربٌ مثلى وأشجان |
إذا تلفت في خضرائه اعتلجت | آذيه فلسرى منه إعلان |
خل القصور لخالي الذرع يسكنها | وخير ما سكن المعمود عيران |
حسبي إذا استوحشت نفسي لبعدكم | بالبحر أنسٌ وبالأرواح جيران |
لا كالرياح سميرٌ حين ثورتها | إذ ما لأسرارها في الصدر أجنان |
تفضي إليك بنجواها زمازمها | نم الصباح بما يطويه أجان |
إذا الفتى كان ذا شجوٍ يميد به | معذباً بالمنى من معشر خانوا |
فنعم مسكنه غراٌ له أبداً | من السحاب قلاداتٌ وتيجان |
ونعم أقرانه بحرٌ له زجلٌ | وسافياتٌ لها سجعٌ وأرنان |
وما أبالي وقد أصبحت مطرحاً | إذا خلت لي من الإنسان أوطان |
ما بي إلى النسا أطرابٌ فأفقدهم | إذا اتعزلت وهل للداء فقدان |
بيني وبين الورى بونٌ فأحج بأن | يكون بيني وبين الناس وديان |
أني شغلت بمعراضٍ أخي مللٍ | فلست أدري أفوق الأرض سكان |
سيان عندي إذا ما ازور عن نظري | وأظلم الجو إنسانق وعيران |
وما علي وليس الناس من أربي | إن قطعت بيننا بيندٌ وغدران |
هيهات آنس بالإنسان ثانيةً | من يألف الكأس يألم وهو صديان |
خل الرياح تناجيني وتعزف لي | فللرياح كما للناس ألحان |
إن يستخف بما ألقى أخو عنفٍ | لا رفق فيه فإن البحر حنان |
تسليك منه وإن أشجتك روعته | وقد تسري من الأشجان أشجان |
والبحر للنفس مرآةٌ ترى صرراً | منها بها ولعجم الموج تبيان |
يا حبذا الغار والأرواح نائحةٌ | والبحر مصطخب والليل طخيان |
ومرحباً بهمومٍ لا ارتحال لها | وجون ليلٍ له كالهم أيطان |
وأنت بين أبابيلٍ مغردةٍ | كأنهن على الأغصان قنوان |
حمائمٌ في نواحي الروض هادلةً | وأقحوانق على الحافات نعسان |
ونرجس كاسف والعين ضاحكةٌ | يا حبذا نرجس لهفان جذلان |
والماء كالفضة البيضاء سائلةً | طوراً وطوراً تراه وهو عقيان |
بمعزلس عن هموم أنت موقدها | أرعى وأنت على الأيام غفلان |
لك الرياض عليها الدهر أوشيةٌ | خضر يضاحك فيها الورد ريحان |
إن شئت حياك فيها النور مبتسماً | أو شئت ألهاك مسجاع ومرتان |
أو شئت في ظل أغصان موسوسة | تنأى وتدنو كما يختال نشوان |
جريت في حلبة السراء منتصفاً | من الزمان كمن ضرته أزمان |
ولي الجبال عرايا غير كاسيةٍ | والبحر والريح سمار وندمان |
إن فاتني من ذكي الورد نفحته | فلى بذكرك ريحان وسوسان |
وإنما حبب الأجبال أنكم | كنتم تحبونها والوصل فينان |
هل أنس ليلتنا والغيث منسكبٌ | وللبروق بقلب السحب أثخان |
وقوله لي من لي أن تظللني | من السحاب على الأطواد غيران |
ربح تهب لنا من كل ناحيةٍ | وديمة كحلها نور ونيران |
يلفنا الليل في طيات حندسه | كما يغيب سر المرء كتمان |
نكاد نلمس بالأيدي السماء ونج | تلي بها الرعد يطغى وهو غضبان |
وللصدى حولنا حال مروعةٍ | كأنما تسكن الغيران جنان |
لكل صوتٍ صدى من كل منعطف | كما تجاوب عساسٌ وأعيان |
يطير كل صدىً عن كل شاهقةٍ | كما تطير عن العقبان عقبان |
تبدو لأعيننا البلدان كالحةً | كالوجه غضنه سنٌّ وحدثان |
حاشا لمثلي أن ينسى وإن بعدت | مسافة الذكر إن الذكر ديدان |
هيهات ما تطفئ الأيام حر جوى | وقد يسعر نار الذكر هجران |
كالنهر عمق مجراه تحدره | والنار ألعجها ريح وعيدان |
لنا بما قد مضى عن غيره شغلٌ | كأنما عطل الأفلاك خطبان |
وصرت لا أنا من ضراء مبتئسٌ | يوماً ولا أنا بالسراء فرحان |
أعطيتك العهد أن أحيا لكم أبدا | فهل ترى أني للعهد خوان |
ما لي سوى طيف أيامي التي غبرت | خدنٌ إذا شئت وافى وهو مذعان |
كأن حين أدعوه وأنشره | عيسى بن مريم يحيى معشراً حانوا |
هذا نديمي أناجيه ويترع لي | كؤوس ذكرٍ لمن لي منه نسيان |
كم ليلةٍ بات يحييها معي سهراً | يا حبذا هو سميرٌ وملسان |
يطوف بي بين أطلالي ويطرفني | فيها بأيامنا والعيش زهران |
عاد الربيع فهل في ظل بردته | ألفى مقيلاً لقلبي وهو حران |
واخضرت الأرض واستحيا الموات فهل | يخضر لي بربيع الوصل موتان |
حتى الطيور لضم اللَه ألفتها | فهل لنا بعد طول النأي لقيان |
وهل أقول له والسن ضاحكةٌ | والعين باكيةٌ والقلب هيمان |
يا مرحباً بربيعي جنةٍ وهوى | وحبذا من شهور الحول نيسان |
قد كانت السحب تبكي عند فرقتنا | فالآن تبسم للقيان قيعان |
وكان يؤنسي ربحٌ مزفزفةٌ | فالآن لي بالنسيم الغض قنعان |
أرمي بظني وأخلق أن يطيش وفي | عيني ضبابٌ وفي الآفاق أدجان |
طامن رجاءك لا الآمال نافعةٌ | يوماً ولا لربيع الحب غشيان |
وقل لمسود يأسٍ كنت تألفه | عمر الزمان لنحن العمر أخوان |
أنا عشيراً مصافاةٍ مصفقة | قد وشجت بيننا قربي وألبان |
لو أن ما بيننا رثت مرائره | لكان خير أو بعض الغوث خذلان |
لكنني سأرد النفس كرهةً | على الذي تتقي واللَه معوان |
يا بأس فاجعل بساط الروض مرقدنا | والسرو كلتنا فالسرو محزان |
واجعل ذراعي أما نمت أو سدة | واعذر إذا لام فقر الحر ضيفان |
إلّا يكن وجد حرٍّ ملء همته | فقد يمد وعاءٌ وهو نصفان |
يا من به اصفر لون العيش وانفمصت | عرى الرجاء ودكت منه أحصان |
ومن توسط محلي الأفق فاحتجبت | به البدور وضلت ثم شهبان |
ومن أسالمه والنفس عالمةٌ | بأنه حربان إن طاش حسبان |
ومن بكرهي جعلت القلب مسكنه | كما توارى نصال البيض غمدان |
إني لأهوى على ذا أن تلابسني | عسى تبرد قلبي وهو هيمان |
عسى إذا ما تلابسنا تغيبني | بعض الظلال لها في البعض أجنان |
عسى ترنق في قلبي فتقصده | فطالما نام جفني وهو سهران |
أتى اجتوييت مذاق العيش وانتفخت | مساحري منه إن العيش ذيفان |
وحن قلبي إلى نومٍ تخادعني | أضغاث أحلامه والليل نعسان |
حتى أخال بأني في بلهنيةٍ | وأن عيني لم يدمع لها شان |
وأني لست من ليعت جوانحه | وبات فيها من الأشجان جولان |
حتى إذا دب بعد النوم صاحبه | فالجفن من سكرات الموت سكران |
وشارف الحين واستروحت نشقته | والعين شاخصةٌ والوجه بدران |
وكل ذهني حتى ما يحركه | شيءٌ وأعيا لساني وهو سحبان |
والتف حولي خلّاني وآصرتي | وكلهم شرقٌ بالدمع غصان |
مصغين حتى كأن الموت يخطبهم | فالكل حولي آذان وأعيان |
طوراً وطوراً يهى بالخطب صبرهم | فيعولون كأن القوم غيلان |
وأضمرتني أرضٌ لست أعذرها | إن عاودتني تحت الترب أديان |
وغيبوني بملحودٍ ينادمني | به من السحب هطال وهتان |
نضوت عني هموماً كنت ألبسها | مع الحياة فلي بالموت سلوان |
واستروح القلب من شوق يلده | ومن دموعٍ لها في العين عينان |
في ظلمة القبر للثاوي به فرجٌ | وفي التراب تواف الهم أحيان |
من لم يسع نفسه الدنيا بما رحبت | فلن تضيق بها في القبر أعطان |
دينٌ على سأقضيه إلى زمن | في دينه لي تسويفٌ وليان |
يا ليت شعري إذا بوئت في جدثي | هل يرهق القلب ضرّاً منه عدوان |
لسوف أسخر منه وهو يطلبني | ودون ذاك صفاحٌ وكثبان |
ما كان ذلك ظني بالحياة ولا | قدرت أن تجلب الآفات أذهان |
ولا تخيلت أن النانس كلهم | في السر والجهر غيلان وذؤبان |
ولا توهمت أن الكون وأحر بي | حلمٌ يراه من الأرباب سكران |
وأنني موجةٌ في زاخرٍ لجبٍ | من الورى ماله كالبحر شطآن |
بحرٌ كما شائت الأقدار مصطخب | أصم ليس له باللين إيذان |
ما كنت آمل أن أحيا بمنتزح | عن الهموم وهل عنهن حيدان |
أعددت للدهر درعاً كنت أحسبها | متينةً فإذا بالدرع كتان |
وكنت أنظر في قلبي وأحسب في | بطنانه لقلوب الناس ظهران |
فشد ما موهت نفسي وجوههم | حتى تشابه عقيان وصيدان |
وإنما النفس مرآة إذا كرمت | فكل ما تبصر العينان حسان |
بين الرجاء وبين اليأس يا أسفي | عليك يا قلب أنت الدهر حيران |
لا بل علي وصدري موكنٌ خرع | كبرت يا طير عنه فهو ثعبان |
إني وإن أطلقت نفسي معتقةٌ | حيناً وسرى من الأشجان إخوان |
ففي فؤادي ظلامٌ لا يزحزحه | فجر يزوره كأسٌ وخلان |
هيهات يؤنسني قومٌ نكرتهم | لا هم عداةٌ ولا صحبٌ وخلصان |
تضمناً صدفٌ قد كنت أحمدها | لو فرقتنا وبعض المنع إحسان |
مخاوف القلب شتى غير واحدةٍ | كأنما مالها إلّاه إيوان |
حتى السحاب وحتى الريح تفزعني | والنبت إن مرحت منه أغيصان |
قسا علي رفيق القلب لينه | فكل شيءٍ تراه العين صوان |
رفقاً بنا أننا طيف سيخلجنا | عنكم وإن طالت الأيام موتان |
ما طال عمري ولكن طال ما حملت | نفسي فسنى وإن لم تعل أسنان |
كأنني عشت أدهاراً وأزمنةً | ولم أعش غير أيام لها شان |
وأكبر الظن أن الحين يعجلني | فإن مر الرياح الهوج عجلان |
طول البقاء لكم أنا على سفر | يريغنا آكلٌ للناس مبطان |
أصاب حبك منا شبعه أبدا | وسوف تأكل ما أبقاه ديدان |
أعزز علينا بان يشجيك مصرعنا | وأن تروح بجفن وهو عبران |
قد كنت أشفق حيّاً إن يصيبكم | سوء واحذر أن يهمى لكم شان |