أرى فساداً وشراً ضاع بينهما
أرى فساداً وشراً ضاع بينهما | أمر العباد فلا دينٌ ولا خلق |
سيل تدافع بالآثام زاخره | ما قلت أمسك إلا انساب يندفق |
نال النفوس فمبتلٌ يقال له | ناجٍ وآخر في لجاته غرق |
الدهر مغتسلٌ من ذنبه بدمٍ | والأرض بالنار ذات الهول تحترق |
قومٌ إذا ما دعا داعي الهدى نكصوا | فإن أهاب بهم داعي العمى استبقوا |
لم يبق من محكم التنزيل بينهمو | إلا المداد تراه العين والورق |
ضاقت بهم طرق المعروف واتسعت | ما بين أظهرهم للمنكر الطرق |
ضج الصباح لما لاقت طلائعه | من سوء أعمالهم واستعبر الغسق |
لم يفسق القوم غالتهم خبائثهم | في الذاهبين من الأقوام ما فسقوا |
ماتوا من الجبن واشتدت إغارتهم | على الإله فلا جبن ولا فرق |
هم حاربوه وما خافوا عقوبته | حتى رماهم فأمسى القوم قد صعقوا |
أذاقهم مضض البلوى وجرعهم | من الهوان ذنوباً ماؤه دفق |
يأتي الحصاد فيمضي الغاصبون بما | عاف الجراد وأبقى الدود والعلق |
راحوا بطاناً وباتت مصر طاوية ً | غرثى تشد على أحشائها النطق |
لم يبق منها وإن ظنوا الظنون بها | إلا الذماء يعاني الموت والرمق |
عجبت للقوت يعيي القوم تحملهم | أرضٌ تدفق فيها النيل والعرق |
ما يهدأون وما ينفك كادحهم | مشرداً في طلاب العيش ينطلق |
فرعون أكرم عهداً في سياسته | من مستبدين لولا الظلم ما خلقوا |
قالوا غويتم فجئناكم لنرشدكم | ثم الجلاء فما بروا ولا صدقوا |
صوت الأباطيل في أفياء دولتهم | عالٍ يصيح وصوت الحق مختنق |
رث الجديدان واسترخى لهم طولٌ | من المظالم لا رث ولا خلق |
ما ينقضي نسق من سوء رعيتهم | إلا تجدد فينا بعده نسق |
طال المقام فإن بتنا على قلقٍ | فالدهر مضطربٌ من ظلمهم قلق |
ظنوا القلوب تواليهم وغرهمو | رضى الذليل وقول الزور والملق |
ما كنت أخشى لأهل الظلم غائلة ً | لو اتفقنا ولكن كيف نتفق |
متى أرى الأمر بعد الصدع ملتئماً | والقوم لا شيعٌ شتى ولا فرق |
ويح الكنانة أمست من تفرقهم | حيرى الرجاء فما تدري بمن تثق |
كل له مذهب يرجو الفلاح به | والحق يعرفه ذو الفطنة اللبق |
سيعلم القوم عقبى الخائنين وما | جنى الغرور وجر الجهل والخرق |