الرئيسية » » زيارة إلى ملكة منسية | محمد عيد إبراهيم

زيارة إلى ملكة منسية | محمد عيد إبراهيم

Written By غير معرف on الأربعاء، 1 مايو 2013 | مايو 01, 2013



زيارة إلى ملكة منسية


فى صباح كهذا، وبطريقة التناسخ،
سرت على مدق ريفيّ  
أستلهم امرأة
غابت عن عينيّ منذ 4327 سنة، 

حاذيت يمين المدق
أول التراب جنب الإسفلت،
أُفسح لروحي المجال
ترى ولو ذيل فستانها، فجأة...

طيفها صارخ فوق أشواقي،  
ودعني أهيم
على الطرقات: لا تأنس بظلي،  
فإني ذبيحة. قف!

مما أضفى على القصة
رونقاً لمحنتي. أعلنت
إن زيارتي لملكة منسية
وهاكم طعامي والنبيذ ـ

انتقم منى، أيها السيف
الذي قد بدر، واعقريني
أيتها الثيران التي جوعت
أياما حتى عميت، وعذبني في

يدي التي تمنت لقائها
يا تمساحها الناعم،
فإني أقترب ـ هذا الباب إلى الملكة،
وهذه قدمي تروح إليه،

وإنها روحي لفي غمدٍ من الحياة
تبتهل وهي تصعد...
طلعت معلّمة أمامي
إلى الشرفة، واستفتحتني بتلويح

كأنني أعرفه. ثمة صبيان على الباحة،
ونساء من الجسر
يقهرن خوف الموت. أصابني البكم،
إذ لم أر أثراً لمساعد آمون

بل رجل طيبٌ يكلّمها:
ـ هذا اتى من بعيد
يودّ لقاءكم، ويقول إن ملكة منسية
هنا، من قرون...

وكي لا نضحك، قرّرنا
أن يراك؟ ـ مهلاً، كفى! ما تريد؟
ـ أفتش عن ملكة منسية،
جاءت خطاً إلى صُلب عجوز

عاش في هذه القرية، أمها
الآن في الخمسين، أخوتها ثلاثة.
ثم أمسكتُ عن الكلام، أستروح
أنفاسي، وأُخرج من زكيبتي

شيئاً يدلّ عليها: هذه عصا الملك،
وهذا من شقفة التاج، أروني
كِتفها... وصرختُ: جوهرة العدل
هاكها في رقبة المعلمة،

عند عقدة الحجاب، ياه...
ارفعوا الكلفة، هذا يوم عظيم.
وانحنيتُ على التراب
في المدرسة، لأقضي طاعة وجبت

إلى ظلّ الإله ـ
الملكة تمنح سامعيها
كلمة، وكأنها طفلٌ: أنا
من أصل أسرات مهيضة، أُسرتُ

وانقلبتُ بعد الأسر
أطهو دموعي
على وهم ملكٍ يعود. الآن، أحفن
مبلغاً للفائف البردي

التي سأدوّن فيها قصتي...
همهمات. يروق لكِ الغريب؟
ـ أجل، كابن أمي، وأمي، ويكون
خدين أيامي

الذي أستطيب معاشرته.
اعقدوا اليوم عهداً
عليّ به، ألاّ يفارقني
مثل روحٍ عليها قرين،

سوغ نفتّش عن أهلنا، لا نريد
سوى أن تتركونا
إلى أبدٍ معلوم... وصار للمعلمة
رداءٌ طقوسيّ على قوامها،

استملحت فيه شعرها
بضفائر من ذهب قديم. نادت لي:
يا هذا، استدر، وتأدّب،
مكانكَ خلف الملكة،

فإلى الأقصر لنتزوّج، لا
لشيء سوى أن تموت
معي، خادماً روحي
في صعدتها. ولسوف تبتلّ

من أبهة الملك في حينه،
لا تطمع. ليس لي أن أنام
معكَ، ولو مرة ـ
تستحيل لتمثال خشب!

... ولم يبق في المخطوط
شيء، إذ أحرقته العثّة. أما أنا،
فقد صار لي قدمان من خشب
وروح مبهمة! 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads