الرئيسية » » ذوو الهالات الباهتة | نجيب جورج عوض

ذوو الهالات الباهتة | نجيب جورج عوض

Written By غير معرف on الخميس، 23 مايو 2013 | مايو 23, 2013


ذوو الهالات الباهتة
                        (وسط بيروت، ساحة النجمة)













                                       
ينزل الملائكة إلى الأرض
متبرمين،
يهشون ذباب نعاسهم،
بسراويلهم التحتية
وهم ينتعلون صنادلهم على عجل.

ينزل الملائكة
ليتسكعوا في الأسواق
ويحتسوا الشاي على النواصي.

يزاحمون المشاة
في جنون الازدحام،
فتسحلهم أقدام العابرين
عن بكرة من أرسلهم.

ينزل الملائكة
إلى ساحة النجمة... ليطفئوها.

 يتكئون على أعمدة النور،
يصفرون مع الريح خلف الشوادر والخيام،
يرشفون نرجيلة الملل،
يداعبون أصابع أرجلهم،
ويزفرون الدخان
في وجه ساحة الشهداء.

يتجمع الملائكة كالذباب
حول رأس بردى الميت.
يبصقون ما علمهم الله من أدعية
وهم يندبون كالنساء.
ينظرون وجوه الصامتين
- ذوي "العيون الموحلة"*-
فتحشو فتحاتهم
فوهات المسدسات
وتُصادَر منهم أجنحتهم
بحجة وهن العزائم.

يصعد الملائكة إلى مخادعهم
فيتوهون في تـشابه
البيوت والشوارع
والسجون والخمارات
ومقاهي الأرصفة
وخرائط الوصول إلى الرغيف
وخطوط سير الموت
وضحكات الاستهزاء بالأمل
وجنون اسمه الوطن
وجدران مكتوب عليها:
"يا حمار لا تـتبول هنا."

يستغيث الملائكة بالسماء،
فلا يرد عليهم حارس الهيكل:
نزل الله في غيابهم
إلى قعر قلوبنا ليشرب
فلم يجد سوى التراب.
أثـناء خروجه،
اعترضته دورية
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
حلـقت له لحيته
واتهمته بالمروق في الدين.
وأولاده ذوو الهالات الباهتة
مازالوا يحاولون الرجوع إلى  
إلى مخادعهم الضيقة.




*  عبارة من قصيدة الشاعر منذر مصري "يرافق إصغاءهم تغريد حشرات"، من مجموعة "خرائط للعميان، ديوان الشاي ليس بطيئاً، بيروت: رياض الريس، 2006.  
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads