الرئيسية » » الوردةُ .. والصديق

الوردةُ .. والصديق

Written By غير معرف on الجمعة، 8 مارس 2013 | مارس 08, 2013

الوردةُ .. والصديق

أشرف البولاقى


(1)
أيتها الوردةُ سامحيني
فقدْ تأخرتُ عشرين عامًا
كنتُ مُعتقَلاً
في زنزانةٍ ضيقةٍ
أجلس فيها إلى ناقة
وأحدِّقُ في حصاةٍ
وحبّةِ رَمل ..
وأبكي على هودجٍ لم أرَه !
عشرون عامًا
من الخيل والليل
والخيبة والبيداء والمرارةِ
كيف لم ألتفت إلى فراشةٍ
تزورني ؟
أو قطةٍ تموء دائمًا
عند جارتي الأرملة ؟
كيف لم أنتبه إلى وحشة الآخرين ؟
وشهوتي وانطفائي ؟
كيف لم أكن كما ينبغي أن أكون ؟
سامحيني أيتها الوردةُ
فقد جئتُ متأخرًا
وفاتني أن أغيّرَ العالَم ..


(2)






بابُ حديقته مُغلَق
لا يزورُهُ أحد
ولا يقرأُ قصائدَه الناسُ
يجلسُ فى شرفته كل مساءٍ
يتأمّلُ أربعين عامًا
ويقول لنفسه بعد تنهيدةٍ طويلةٍ
إيهٍ ..
كم كنتُ مغفَّلاً ..!
قلتُ له غيرَ مرةٍ
غيِّرْ عتبةَ بيتِك
أنا شخصياً غيَّرتُ عتبةَ بيتي
سبعَ مرَّاتٍ من قبلُ
في كل مرَّةٍ كنتُ أستقبلُ أصدقاءَ جُدداً
يقرأون قصائدى
ويصفقون لها
ويتركون بابَ الحديقةِ مواربا
حينما يرحلون !




(3)



قلتُ له غيرَ مرَّةٍ
أنتَ زوجٌ صالحٌ
وأبٌ رائعٌ يا صديقي
تقبِّلُ زوجَتَك
وتداعبُ أطفالَك
وتحمل لهم الخبزَ ،
والبهجةَ ،
والحلوى
أنا أعرفُ أنَّك تتمتَّع
بسيرةٍ حسنةٍ بين الناس
لأنك تخرجُ من بيتك إلى عملكَ
ومن عملك إلى بيتك
لهذا فأنا أتوقَّع لك
مستقبلاً كبيراً
وحياةً طيبةً
أفضلَ ، وأطيبَ من حياة هؤلاء
الذين صدَّعوا رؤوسَنا
بمشكلاتِ السياسةِ والثقافةِ والفلسفةِ
أتوقَّع لك أن تزورَ البيتَ العتيقَ
مرَّةً أو مرَّتين في حياتِكَ
وأن تقفَ على قبرِ النبيِّ
الذي تحبُهُ كثيراً
على فكرةٍ :
يُمكنُ لك أن تشيِّدَ كعبةً صغيرةً
في فناء بيتكَ الواسعِ العريضِ


ويُمكنُ أن تكون شيخاً ،
أو صاحبَ طريقةٍ
أو واحداً من هؤلاء
الذين يُطلِّون علينا كل مساءٍ
ويحدِّثوننا عن الصالحين ،
وعن مرتكبي الكبيرةِ
وعذابِ الآخرةِ والدنيا
ولا أستبعدُ
أن تدخلَ البرلمانَ في دورةٍ قادمةٍ
وليس ببعيدٍ أن تقومَ برحلةٍ طويلةٍ
إلى آخرِ العالمِ
لن يضُرَّكَ
ولن يضُرَّني
أن تفكِّرَ في كُلِّ هذا
لأنه واردٌ جداً
لكن إيَّاكَ يا صديقي
أن تفكِّرَ لحظةً واحدةً
في الاقترابِ من حديقةِ الشعراء ..!


أشرف البولاقي
قنا
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads