الرئيسية » » تجر أضلاعها وتبكي (ثأر الخنفساء) | فتحي عبد السميع

تجر أضلاعها وتبكي (ثأر الخنفساء) | فتحي عبد السميع

Written By هشام الصباحي on الأحد، 20 أغسطس 2017 | أغسطس 20, 2017


تجر أضلاعها وتبكي
(ثأر الخنفساء) 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتحي عبد السميع

أبي أمامَ البيت 
يَستندُ على شومَتِه
بِقلْبٍ مُنقبِضٍ يَنظرُ للبعيد .

يَدُه الحانيةُ 
لم توقِفْ صَرْخَتي
مِن حَجَرٍ شريرٍ  يَعدو نحْوِي .

قال : إنَّها خُنْفُسَاء، ولم أهْدَأ .
لوَّحَ بالشومةِ في الهواء 
وحَلفَ بجلالِ اللهِ
أن لا يترُكَني حتى أسحقَها .

حين انفجرتْ تحتَ حذائي
ارتجفتْ أسناني .
كأنني أمضغُ قِشرَتَها السوداءَ
وأبتلعُ بطنَها اللزجْ
ارتجفتْ أسناني
وأنا أسهرُ في انتظارِ انتقامِها
تَجُرُّ أضلاعِها المهشَّمَةَ
وتُشيرُ إلىَّ ببطنِها المسكوب
وقد بَنى له قشرةً مِن التراب .

أَفحَصُ الشقوقَ وأُقَلِّبُ الحجارة
بحْثَا عن الخَنِافِسِ الغافلةِ
الأولادُ يقشعرونَ مِن حذائي
كلما خطوتُ في مشاجرة .

صِرْتُ رَجُلا يا أبي
أرفَعُ مِطوَاتي وألاعِبُ العالَم
دُسْتُ عليه كما علَّمْتَني
لكنَّهُ كان أثقَلَ مِن أن يَشعُرَ بي
كلما جَرحتُه سالَ دَمِي .

لي أصدقاءُ يَضحكون 
كلما تَذكَّروا حِذائيَ القديم .
لي قهقهةٌ مَريرة
كلما تذكرتُ مِطوَاتي
ونَصْلَهَا الحالم .
لي أطفالٌ يَصرخُ أحدُهم
فترتَجِفُ أسناني
وحين أجِدُ السببَ تافِهَا
أظَلُّ ملتَفَّا لساعاتٍ طويلةٍ
في ظِلِّ مصيبةٍ 
قُمْتُ للترحيبِ بها ولم أجِدْهَا .

الخنفساءُ التي سَحَقْتُهَا
لأنكَ كنتَ قلِقَا عليَّ مِن العالَم
تَعرِفُ أنك لم تَكُنْ تَقصِدُها 
تَجُرُّ أضلاعَها المهشَّمَةَ
وتَبكي على رجالٍ
عاشوا واقفينَ أمامَ بيوتِهم 
يودِّعونَ  مصيبةً ويَنتظِرونَ  أخرى.

تَجُرُّ أضلاعِها وتَبكي 
على حَجَرٍ بِحَجْمِ الأرضِ 
سَينفَجِرُ مِن تلقاءِ نفسِه
ويُغرِقُ كلَّ شيءٍ 
في بطنِهِ المسكوب .


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads