الرئيسية » » مختارات (2) من ديوان العشوائي | أسامة الحداد

مختارات (2) من ديوان العشوائي | أسامة الحداد

Written By هشام الصباحي on الأحد، 24 أبريل 2016 | أبريل 24, 2016


نعم أنا متورطٌ  فى الجنون ... أحياناً ما أرى قاتلاً فى المرآة ، لم أكن مصارع ثيران،
أو بطلاً فى سباق الدراجات البخارية ، فشلت مرارًا – ككل السوداويين -
فى اختبارات الرماية ،  أظنني كنت متعمدًا، أو نتيجة لخشونٍة فى فقرات
الرقبة تصاحبني منذ سنوات.. نستضيف معًا نوبة برد ، ونحتفظ بمسكناتٍ
تركها طبيبٌ - ينكر أمراضه-  على الطاولة ، وجلس مبتسماً بعد فشله
 فى اختلاس كُليتي ، وتأمل ثلاجة يخفى ضحاياه داخلها، أعود لصورة
 قاتلٍ أراه أمامى أعزل غالبًا بملامح طيبةٍ ينتظر هفوةً ليتشكل فجأة فى
 صورٍ عديدةٍ، لا علاقة لها بكائناتٍ خرافيةٍ ، أو حفريات لديناصورات،
أتذكر أننى رأيت سحابةً تشبهه فى ليلة صيفٍ بعيدةٍ.....، كنت أصرخ
هذا الرجل يشبهنى تماماً لماذا يسكن السماء، و يطلّ من بعيدٍ؟
نعم احتفظ بصورته الهلامية، ورائحة غيمة يختفى وراءها،
ويراقب علاقتى بامرآة أظنها كانت زوجته......
 أليست هذه عشوائية قد تتسبب فى اغتيال مسنٍ  يشرب الشاى فى شرفته ،
أو اجهاض حبلى تنتظر طفلاً لا تعرف أباه، وتنام وحيدةً فى الحظيرة ،
 قبل أن تتبادل المتسولات طفلها، وهن يطفن فى الأعياد،
ويمارسن الجنس مع مغامرين يسرقون أثدائهن  ...







أريد أشياء تافهة، أن أكون بدائيًا يصطاد غزالةً من شاشة التلفاز،
 أو يختطف سمكةً من حوض زجاجىٍّ يظنه بحرًا ، 
ويرسم صورةً هائلةً له على الجدران الداخلية لكهفٍ سكنه الصيادون القدامى ....


أنا عشوائي، متناقضٌ مع ذاتي اختلق مشكلات مع شجرةٍ أو حافلةٍ ،
 واتابع عدّ الدراجات البخارية التى تمر جواري، متغافلًا عن راكبيها...

 حكيت مرةً عن أمسياتٍ لى وحيداً فوق شجرةٍ، لم أكنْ هارباً من الدائنين والضرائب،
 أو خائفاً من تتبع شرطيٍّ لظّلٍ تركته متعمدًا فوق منضدةٍ أمام مقهى ، 
وتلك ذكريات مزيفة،لا أريد بها أكثر من مراوغة شخصٍ يشبهني فقدته فى ظروفٍ عادية جدًا، 
ونسيت الأيام التى صاحبته خلالها .....



أعترف أنني كثيرًا ما أمتلك قسوةً غير مبررة -على الإطلاق -، 
وأنصب الفخاخ لطوفان هارب ، 
ولأصدقاء  ينزفون أحزانهم، وأوزع الغيبوبة على القطط،
والشجيرات ، أعتقد أن هيجل فعل أكثر من ذلك، ونيتشه أحب العنف،
 وخطط لمؤامرة ضد أسلافه، قبل أن يترك العرش مجبراً لجنرالٍ....

ذات ليلة وضعت عاصفتين فى حقيبتى، وتركت عنوان طوفان تائة على هامش مفكرة ممزقة،
 كنت أبحث عن وسيلة لاستبدل التماثيل بصوري، 
والمشاركة فى رواية  لنجيب محفوظ من أجل إنقاذ قاتل، نعم أنا متعاطف مع اللصوص، 
وقطاع الطرق أصادق أشباحًا لا أعرفها،وانتظر غيمةً على أول الشارع تتأبط  ذراعي ، 
أخسر كثيرًا فى مغامراتٍ تافهةٍ ، وأفقد ذاكرتي تحت تأثير تقلصات عضلية.....
 واترقب أخبارًا سعيدة بمقتل الملايين نتيجة فيرس صنعه طبيبٌ مهووسٌ، كان يحاول أحياء الموتى،
 ويحلم بقيادة حماره فوق المحيط وصولًا لقارةٍ غارقةٍ  ...
أليس من الممكن أن أكون مجنونًا؟....
 أم أن هذه هى الحقيقة التى تؤكدها سخرية الأخرين، وتنطق بها الأقنعة التى ارتديتها ،
 سأعترف بهزائمي .. بخيباتي الصغيرة ، 
برعبي الخاص جدًا من الكوابيس ، وظلال الجنرال، من ملك فوق لوحة الشطرنج يتحرك برتابٍةٍ مزعجةٍ،
 ويلقى بحراسه من سور قلعته الشاهقة ،
ويكتب مؤرخٌ أسطورة المنقذ ، 
وأجد دمًا على أصابعي حين أتصفح كتابه،وصدى صرخات الصغار على جدران البيوت تكتب عبارات مثل:
ارتعاشة أعمدة الإنارة فى الليل ...
انكماش الصور داخل البروايز ...
تبخر أطفالٌ يلعبون فوق الأرصفة...
 الجنود يعيدون طلاء المدن...
 سحابة تلتقط صورًة لوجوٍه تتطاير فى الهواء،
 ولا علاقة لذلك بالجدلية المادية، أو إعادة اكتشاف التاريخ الشخصي لمجهولٍ انتحر تحت قطار سريع،
 ولم يعثروا على حدقتىً عينيه،
 وتضاربت الروايات حول ذلك خاصة بعد ضبط مخبر لهاتفه، لدى مومس تعمل أحيانًا فى عيادة طبيب ، 
و فى أيام الآحاد لدى متجر شهير فى بيع الفوط الصحية ووجود ساعة يده فى الخزانة السرية لمسئولٍ سابقٍ، 
لم يكنْ ذلك أهم ما حدث فقد أعلن شرطيٌ العثور على حذائه فى قدم متسولٍ، 
وفى النهاية قُيد الحادثُ انتحار مجنون حاول نسف قطار فى ليلةٍ مقمرةٍ، 
أظنّ ذلك الشخص كان زميلًا فى مدرسة قديمة، أو تكرر لقائي به فى بار بشارع جانبي،
 لا تزعجكم هذه الحكايات ، فأنا من جديدٍ أواصل لعبتي العبثية، فشلت فى الانتحار كثيرًا،
والطائرات التى أغارت على أحلامى لم تكن مزعجةً ، صحوت على أنين ودماء تتجول حولى...
 متورطٌ بالتأكيد فى اخفاقاتي المتكررة ، وأكاذيبي لا نهاية لها، مصاب بفصام حاد، 
انتظر أصدقاء ماتوا فى حوادث وحروب، وأترك نافذتي مفتوحةً من أجل عاصفةٍ ضائعةٍ، 
أو سحابةٍ تريد أن تستريح قليلاً، وابحث فى صور العائلة، 
والمرايا عن عدوٍ يشبهنى تمامًا – فقط- من أجل التخلص من وجوده الأبدى معي، 
وأحاول اكتشاف فجوًة بين النهار و الكوابيس ،وأنا اتأبط ذراع صديقةٍ ماتت نتيجة خطأ طبي، 
كان ثدياها يرتعشان جانبي ،وموسيقى هادئة تنساب بوداعةٍ، وكان شجرٌ يستيقظ من سباته،  
وطيور تطلق أغنيتي الصامتة للعالم، بانتظار ترديدها على ألسنة المهووسين والحمقى ...


أنا العشوائي استمع للعالم بأذنٍ مصابةٍ بسعالٍ حادْ، وأعيد ترتيب كلمات ضائعة بلا مبرراتٍ لذلك، أسلافى تركوا أغنياتهم على حوائط متهدمة، 
وتناسوا أشباحهم فى الطرقات، تحاول العزف فوق أوتارٍ ممزقة، ومن جديدٍ ابحث عن سيدة من الشيكولاتة غادرت حديقتي، 
و تركت رنين صوتها على هاتفي، وابتسامتها فى زحام الأرصفة، منذ سافرت أبحث عن وسيلة لإزاحة الجغرافيا،
 لوضع مئات الكيلومترات فى لفافة و إلقائها بعيدًا، أنا – دائماً- أفعل الأشياء فى غير أوقاتها ، وأجلس فى مواجهة العاصفة حيث تهتز الأسوار، 
وترتجف الحوائط دون مساميرٍ، أبادل الهواء المشاهدة، وأضرب بأصابع أصابها الوهن على الفراغ   ...

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads