الرئيسية » , , , » بشير عاني..حوذي الجهات الشهيد

بشير عاني..حوذي الجهات الشهيد

Written By تروس on الأحد، 13 مارس 2016 | مارس 13, 2016

ذبحوه تحت وقع بصر ابنه الوحيد أم ذبحوا ابنه أمام عينيه المغلقتين؟ لم يعُد مهمّاً هذا التفصيل بالنسبة إلى شاعر أمضى الأربعين الأخيرة من حياته مشغولاً بتفاصيل مدينته الصغيرة كلها... دير الزور.

لم يكن بشير العاني ليعجب الخليفة وأتباعه المؤمنين ففيه ثلاث صفات ترفعه عندهم من مرتبة الزنديق لمرتبة الكافر المحض، هو سوري وشاعر وعلماني قبل أن يجثو مع ابنه تحت سكاكين جلاديه في «الأرض اليباب».

قبل ذلك كله بأربعين عاماً، بدأ بشير العاني بكتابة الشعر النثري مع عدد من أصدقائه متأثرين بقراءاتهم لرامبو أولاً والماغوط ثانياً؛ فهم أبناء الماغوط الشرقيون الذين أسسوا ما عُرف وقتها بـ «بيت الشعر»، وكشبّان ثائرين على القوافي والأوزان لاقوا تهميشاً وعِداءً من أنصار الفراهيدي وصل حدوده القصوى.

بشير العاني كان محارباً ولم يكن شاعراً فقط. إصراره العجيب على أن «الشعر هو المرأة التي تنام عندما تستيقظ أنت»، جعل منه علامة استفهام تمشي على ساقين في مدينة تكره علامات الاستفهام والتعجب. كان يقول: «كي تكون شاعراً عليك أن تظلّ نائماً». فهو الحالم من الطراز الأول ولكن أحلامه وقتها كانت محظورة في التسعينيات؛ إذ تمكن أبناء الماغوط وعلى رأسهم بشير من كسر القمقم والخروج منه، فالحياة نفسها كانت حليفة لهم؛ فأصدر ديوانه «وردة الفضيحة» وأصدر النثريون دواوينهم تباعاً وقلبوا المشهد الثقافي في دير الزور رأساً على عقب.

بعد ذلك بسنوات كان الخمسيني الضاحك قد أصبح «الدينامو الثقافي» للمدينة؛ فقد أسس أول الصحف الالكترونية في الدير باسم «آزورا» وشكّل أول تجمع لأدباء دير الزور والرقة والحسكة تحت اسم «التجمع الفراتي للثقافة والفنون»، ولكن هذا لم يشبع المرأة التي تنام عندما يستيقظ هو؛ فجال في المنطقة الشرقية؛ ديرها وحسكتها ورقتها وهو يحاول لملمة المساءات ليخبزها في رغيف واحد هو الشعر.

لا يمكن اختزال شاعر بكلمات يا بشير. هذا هو الكفر وليس الكفر مَن ذبحك أنت وابنك بسببه. عندما علمت أن (داعش) ذبحك مع ابنك الوحيد وتركت ابنتيك الصغيرتين «لونار وليمار» يتيمتين كنت أنت لهما الأب والأم؛ وقف الهواء أمام فمي وأنفي ثم تذكّرت أنهم يكرهون الذي يحلم، يحقدون فيه، يشتهون أن يعضّوا لحمه بأنياب عقولهم النابتة من الكوكائين، سامحك الله ايها (الأحلامجي) لماذا كنت تحلم!! يقتلون مؤلف «حوذي الجهات» بدم بارد وهو يهزمهم بدمه الحار، ويبصق من عنقه المقطوع عليهم ويقول: «الحياة أكبر من أن نعيشها في جسد واحد».. سلام الله عليك يا بشير العاني وعلى طفلك الشهيد.

بشير العاني من مواليد دير الزور 1960، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية، كتب وعمل في صحيفة الفرات في دير الزور لفترة طويلة، عمل مدير مكتب لصحف ومجلات عديدة منها النور وبقعة ضوء، هو رائد التجربة النثرية في المنطقة الشرقية، له ثلاث مجموعات هي وردة الفضيحة، رماد السيرة، وحوذي الجهات، له المئات من المقالات النقدية في الصحف السورية والعربية، هو عضو اتحاد الكتاب العرب وكان أمين سر الاتحاد في دير الزور، أسس التجمع الفراتي للثقافة والفنون الذي ضم معظم أدباء وفناني المنطقة الشرقية، اختطفه إرهابيو داعش منذ ستة أشهر مع ابنه الطالب الجامعي إياس ثم أعدموهما بتهمة الردة.

عقبة نظام الدين


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads