الرئيسية » , , , , , » جوش إيمونز: الكتابة وفق مبدأ المتعة ترجمة: أروى وليد | مراجعة: بثينة العيسى

جوش إيمونز: الكتابة وفق مبدأ المتعة ترجمة: أروى وليد | مراجعة: بثينة العيسى

Written By تروس on الأحد، 7 فبراير 2016 | فبراير 07, 2016

جوش إيمونز: الكتابة وفق مبدأ المتعة
ترجمة: أروى وليد
مراجعة: بثينة العيسى

إذا استمتع القارئ بكتابتك سيتبعها إلى أيّ مكان

يتعرّض الكتاب أحياناً للاكتئاب، أو يقرؤون السيرة الذاتية لغاندي، أو يتأملون مصير الكوكب، ثم يسألون أنفسهم، لماذا نكتب الخيال؟ قد يكون السؤال في غاية الصعوبة، فهو أشبه بمحاولة  التوفيق بين النظرية النسبية وميكانيكا الكم. ومع ذلك، امنح الكتّاب بضعة ثوانٍ وسيمنحونك جواباً أو عدة أجوبها؛ كالكتابة بهدف الإمتاع، التثقيف، لخلق الجمال، للتخفيف من شعور الوحدة عند البعض، لتقديم تجربة عاطفية للقرّاء، لتبسيط ما يبدو معقدًا، لتعقيد ما يبدو بسيطًا. هناك ألف سبب لكتابة الخيال، العديد من تلك الأسباب يبقى ظاهراً حتى لو خفي علينا بعضها.

يستحق العامل الأول (الكتابة بهدف الإمتاع) في القائمة أعلاه لحظةً أو عمراً من التأمل. لأن القارئ إذا استمتع بكتابتك سيتبعها إلى أي مكان، وإذا لم ترُق له فإنه على الأرجح سيهجرها في مقبرة الروايات التي بالكاد ابتدأ قراءتها، أو قرأها جزئيًا، وهو ما يملأ الكتّاب بالرعب.

إن كتابتك تشبه، بشكلٍ ما، أسلوب شهرزاد في سرد ألف ليله وليلة، والقرّاء يشبهون السلطان (شهريار). يجبُ إدخالهم في تكشّفات السرد، وجذبهم إلى النهاية رغم كل مصادر التشتيت التي يحاصرهم بها العالم. وكما أن السلطان قد وجد بأن التواصل كل ليلة مع امرأة مختلفة، أسهل من الإخلاص لشخصٍ واحد، فإن القارئ يجد في المتعة السطحية من حوله، متمثلة في مشاهدة التلفاز والتسوق عبر الانترنت، مصدرًا جاذبًا، فيجب على روايتك أن تمارس جذبًا أشد.

هذا لا يعني أن يكون التشويق هدفك الأساسي عند الكتابة، أو أن تعتبر نفسك فاشلاً إذا تمكّن القارئ من تخمين الحدث القادم في الرواية. من الممكن قول العكس تماماً، كما فعلت فلانري أوكونور عندما صرّحت بأنه من الجيد استخدام الخيال كما في الدراما اليونانية: “يجب أن نعرف ما سيحدث وعليه فإنّ أيّ عنصر من عناصر المفاجأة سينتقل من السطح إلى الباطن”.

في نهاية المطاف، فإنَّ الكثير من الاكتشافات والإيضاحات تتم من خلال اللغة، كما تنمو الشخصية من خلال الحبكة. وفي الخيال الأدبي خصوصًا، يعرف القرّاء الجيدون بأن الرحلة أهم من الوجهة، وبأنّه في حال جعلتهم القصة يعيدون التفكير في لون، أو منظر طبيعي، أو في مشاعر أو مجموعة من الأوضاع النفسية الواقعة بين شخصيات الرواية، فإنَّ الرواية قد كافأتهم على جهودهم.

أن تمتع القارئ لا يعني بالضرورة أن تفاجئه. ولا يعني ذلك أيضًا اتباع أساليب سردية ناجحة بعينها، لأنه، للأسف الشديد، لا وجود لشيءٍ كهذا. نابوكوف يعتقد بأن رواية “دون كيخوته” سادية وقاسية. هنري جيمس وصف “الحرب والسلم” بأنّها فضفاضة وغير مشذّبة. والحقيقة المرّة أن ما تكتبه، بغض النظر عن ماهيّته، لن يحظى بإعجاب الجميع. ولكن إذا كنت تستمتع بما تكتب، فإن هناك قابلية عالية لأن يستمتع بنصّك الكثير من القرّاء. و”الكثير من القراء” في حياتنا هذه، وفي عالمنا هذا، أمرٌ يستحقُّ الاحتفاء.

وعليه، فإنّ مهمتك دائمًا هي أن تكتب ما تستمتع بقراءته. (يتفاوت ذلك بحسب حبّك أو كراهيّتك لكتاباتك). سواء كانت القصص المصوّرة، الروايات السياسية المثيرة، أو حتى عن شخصٍ كثير الارتياب يروي بالصوت الأوّل حكاية الغرير الذي يخفي جحره عن الأعداء (لقد نجح ذلك مع كافكا). تذكّر فقط بأنه في مقدورك أنت فقط أن تعرف قصّتك، وأن تعرف كيف تكتبها.

مع تلك الحرية المعطاة لك لتصوير وتنفيذ قصتك، وضعنا التمرين التالي لتعزيز قدراتك الكتابية بجعلها أكثر حقيقية في المنطق المتخيّل، أكثر إقناعًا، أكثر أصالة، وبمعنى آخر: أكثر متعة.

التمرين

الجزء الأول:

 فكر في أكثر تجربة مخيفة تعرّض لها أحد من معارفك؛ (سرقة سيارة، وحيد قرنٍ هائج، حفلة مهرجين.. على سبيل المثال)، ثم خصّص من 5 إلى 10 دقائق في تخيّل فيما لو كنت متورّطًا بالأمر شخصيًا. عندما تحصل على  فكرة واضحة لمسار السرد، وعندما تكون رعشة الخوف المتولدة لديك قد ألهمتك؛ اكتب عن الحادث بما لا يتجاوز 1500 كلمة بالصوت الثالث (الراوي العليم).

الجزء الثاني:

انتظر يومًا أو يومين، ثم ألقِ نظرة على قصتك. وبناءً على قاعدة الانتظار لـ 24 ساعة:

احذف أية عبارة مطروقة استخدمتها (كيليشيه)؛ ربما رأيت أشياء مثل “فكّي الخطر”، أو “شاحب من الخوف” أو “دويّ الرعد”.
اشطب كل سردٍ فائض (مثل التوثيق الحرفي للحياة الواقعية؛ رن جرس المنبه، أطفأه، تمطط وفرك عينيه قبل أن ينزع عنه غطاءه، جلس وتحسّس الأرض بقدميه بحثاً عن خُفيه حيث وضعهما بالأمس – قد تكون هذه الأحداث حقيقية ولكنها مملة).
امسح أي ظرف لا يقوم بتحسين الحبكة أو توضيح الشخصية.
تفحّص طول العبارات وهيكلتها: (لو أن كل الجمل قصيرة وتقريرية، ضمّن أو أضف بعض الجمل المُساندة. لو أنها مُلتوية ومتعددة الاتجاهات فلتقسمها إلى أجزاء) واضعاً بعين الاعتبار أن النثر السليم يتم تعريفه بصورة نحوية.
أضف تفاصيل مُفاجئة لأية شخصية تشعر بأنها نمطية أو مُجهزة سابقاً (الشرطي الصارم قد يكتحل، أو يكون للسارق كلب صغير تحت ذراعه).
استخدم دائما كلمة “قال” في حوار الشخصيات، لا تستخدم أبدا “هتف” و “لفظ” ..الخ.
استبدل الصفات المُحددة بتلك العامة (كالأزرق بدلا من اللازوردي، الصوف بدل الكشمير) وقم بإدراج تشابهات مُبتكرة.
تحقّق من استخدامك لاستعارات واضحة وغير مشوّشة.
ما لم تكن قد كتبت “تلالًا مثل الفيلة البيضاء” فإن ما يلزمك هو شرحٌ أكثر من المحادثة.
 

الجزء الثالث:

قارن بين ما هو موجود على الصفحة وبين ما كانت عليه في الأصل. الخبر السيء هو أن عليك أن تكرر هذه العملية من التأليف والإزالة والاستبدال لما لا يقل عن عشر مرّات  للقصة الواحدة (وأكثر من ذلك للروايات). الخبر الجيّد هو أنك، بمرور الوقت، وفيما يشبه السحر، ستجد نفسك تستخدم الصور المطروقة والجمل التجريدية بشكل أقل، وتستخدم جملًا ذات خصوصية بشكلٍ أكثر. ستحقّق قفزة أدبية كبيرة وتشعر بالارتياح والرضا لكونك عملت على هذا النحو القادر على إجابة ذلك السؤال: لماذا الخيال؟

المصدر: تكوين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads