الرئيسية » , » آني ديلارد: أنت تكتشف ما تكتب بعد كتابته! | ترجمة: رحاب علي

آني ديلارد: أنت تكتشف ما تكتب بعد كتابته! | ترجمة: رحاب علي

Written By تروس on السبت، 2 يناير 2016 | يناير 02, 2016

آني ديلارد: أنت تكتشف ما تكتب بعد كتابته!
ترجمة: رحاب علي

ما تكتبه يضيء لك الطريق

تكتب كل شيء، وتكتشف ماهيّته بعد أن ينتهي السطر المكتظّ بالكلمات. يبدو هذا السطر مثل ليفٍ مضيء، مرنٍ مثل سلكٍ كهربيّ، و يُضيء لك الطريق قبل حتى أن تصل إلى نهايته الهشّة. تسبرُ غور الأشياء معه، ويبدو بالغ الرقة والكياسة كدودة.

* * *

مشاهد قليلة تبدو سخيفة كما العثة الهندسية التي تقود حياتها الغبية، العثة الهندسية هي يرقة تصبح دودة عثّ أو فراشة. على سبيل المثال فالكابيج لوبير تعدّ أحد أنواع العثث الهندسية. غالبًا ما أرى العثة الهندسية، نحيلةً وخضراء ساطعة، شاحبةً ورقيقة مثل وريدٍ مُزرقّ في معصم، لا تتجاوز شبرًا واحدًا في طُولها، وعلى ما يبدو فهي غير صالحة البتة للعيش في عالمنا هذا. وستجدها دائمًا ما تقضي أيّامها في ذعرٍ دائم. كل عثّة هندسيّة رأيتها كانت عالقة في أعشاب طويلة. كل عثّة هندسية هي تعيسة الحظّ تتعلّق بحافّة العشب الجانبية وتُلقي برأسها حولها من جانب لآخر، كما لو أنّها تنتحب.

ماذا! ليس ثمّة شيء آخر؟ تقبضُ على العشب بزوج أقدامها الخلفيّة، ولها ثلاثة أزواج أمامية من النتوءات التي ترتفع إلى الوراء ثمّ ترتفع عاليًا في الهواء، بحثًا على ما يبدو عن موطيء لقدميها. ماذا! لاشيء آخر سوى ذلك؟

تجدها تبحث في كل مكان في هذا العالم الواسع عمّا تبقى من العشب، وهو الذي يتواجد تحت أنظارها. لحظّها التعيس تقوم بلمس العشب. تعلق أقدامها الأمامية، وترفع وتثني البوصة الخضراء وتضع قدميها الخلفيتين وراء الأماميتين. يصنع جسمها حلقة، كعقدةٍ في حبل. كلّ ما عليها فعله الآن هو أن تنزلق ساقاها الأماميتان فوق جذع العشب وبدلًا من ذلك تضيع. تُلقي برأسها وبقدميها الأماميتين إلى الأعلى، وتقذف جسمها العلوي للخروج إلى الفراغ، وتُصاب بالذعر مجددًا.

ماذا؟ لا شيء آخر سوى ذلك؟ هل هذه هي نهاية العالم؟ وهكذا دواليك، حتى تصل لطرف قمّة العشب. وبحلول ذلك الوقت قد تؤدي ضآلة ثقلها لانحناء العشب بجوار بقيّة الحشائش الأخرى. تلاوتها للصلوات، صلواتها الرهيبة تلك تُأرجح قمة العشب وتزيحه إلى شيء ما. لقد رأيت ذلك مرّات عدة. العمياء والمُهتاجة التي لا تشعر بشيء تفعل ذلك على ورق العشب بعضها فوق بعض، وهو ما ستقفز عليه في الواقع في هيستيريا لعدة ساعات.

كل خطوة تجلبها إلى حافّة الكون. والآن، ماذا؟ لاشيء آخر سوى ذلك؟ هل هذه هي نهاية العالم؟
آه، هنا أرض الواقع. ماذا؟ لا شيء آخر سوى ذلك؟ يا للهول!
“لماذا لا تقفزين إذن؟”. أقولها بتقزز

“خلّصي نفسك من كل هذا البؤس”

* * *

أنا معجبة بأولئك اليهود الأرثدوكسيين الذين فهموا خطورة الصلاة. حاخام ستيرلسك أوري يترك منزله محزونًا كلّ صباح لأنّه كان يتوجّه إلى صلاته، وأخبر أسرته كيف لهم أن يتخلّصوا من مخطوطاته إن كانت صلواته ستقتله. كان يقوم بطقوس الذبح، بشكلٍ متكررّ كلّ صباح، ويودع زوجته وأبناءه ويبكون كما لو أنّه لن يراهم مرة أخرى.

سأله صديقٌ له ذات مرّة لماذا يفعل ذلك. وأجاب: لأنني حين أبدأ أنادي الربّ. ثم أصلّي “ارحمنا” من يدري ما الذي يمكن أن تفعله بي القوة الربانية في تلك اللحظة بعد أن استدعيتها وقبل أن أستجدي الرحمة؟

* من كتاب The Writing Life.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads